رواية في غياهب القدر - للكاتبة بسمة بدران - الفصل الرابع
رواية في غياهب القدر
للكاتبة بسمة بدران
في غياهب القدر
الفصل الرابع
اشعر بالخوف
"وامّرُ مالقيتُ من ألم الهوى
قربُ الحبيبُ وما اليهِ وصولُ.
كالعَيسِ في البيداء يقتُلها الظما
والماءُ فَوقَ ظُهُورِها محمُولُ.
أشكو الغرامَ وأنتَ عني غافلُ
ويجدُّ بي وجدي وطرفكَ هازلُ"
الشاعر (طرفة بن العبد)
❈-❈-❈
قبل قليل
قرر ان يتجول بسيارته في الطرقات قليلا وبعدها سيعود الى منزله في حي الزمالك فهو لم يعتد المكوث في تلك الاماكن الشعبية.
استقل سيارته متجها الى الطريق الرئيسي وصورتها الجميلة تلوح امامه من وقت الى اخر.
اخذ يدندن بسعادة
جميل جمال ما لوش مثال.
وأثناء سيره ابصر احد الشوارع خالي من الانارة تقريبا.
فضرب المقود بعنف وهو يطلق بعض السبابات البذيئة فهو يكره العتمة جدا.
حاول ان يتجاهل ذلك الشارع لكن شيئا ما دفعه للمضي فيه.
اضاء مصابيح السيارة كي يتثنى له السير باريحية اكثر.
اتسعت عيناه في دهشة عندما ابصر تجمعا في تلك البقعة المظلمة.
فأوقف سيارته جانبا وترجل بسرعة ليرى ما الذي يحدث؟
بينما على الجانب الآخر أغمضت صَبا عينيها تنتظر مصيرها المحتوم.
لكنها سرعان ما فتحتهما على مصراعيهما عندما استمعت الى صوت احدى النساء: يا لهوي الحقي يا ام اسماعيل في حد جاي من هناك!
صرخت الاخرى بعنف: نهار اسود يلا نفلت بجلدنا قبل ما حد يشوفنا.
رمقتهما بحدة اخافتهما ومن ثم هتفت بغل: اسمعوني كويس احنا خدنا فلوس يلا بسرعة ننفذ اللي اتفقنا عليه.
راحت صَبا تبكي بحرقة وتهز رأسها بعنف.
فلم تجد ام اسماعيل بدا سوى ان تطعنها بقوة في بطنها وتهرول بسرعة تناسب وزنها السقيل تتبعانها باقي رفقائها.
شعرت صبا بالم كبير يمزق أحشائها حاولت أن تصرخ لكن صوتها أبى أن يخرج من حنجرتها.
شعرت بالضعف يتسلل إليها رويدا رويدا وقبل أن تسقط أرضا وتغمض عينيها أبصرته يقف أمامها بكامل وسامته يلتقطها بين أحضانه قبل ان تسقط أرضا.
❈-❈-❈
دلف من المرحاض بعد ان اغتسل وارتدى ثوبا بيتيا مريحا
عبارة عن بنطال قطني من اللون الاسود يتخلله خطين من اللون الابيض على الجانبين يعلوه قميص بيتيا ابيض ذو اكمام قصيرة.
رش عطره ومشط خصلاته واندفع للخارج باحثا عن زوجته التي تأخرت عليه كثيرا بعد ان تركها برفقة ابنته حتى تنام.
وقبل ان يضع يده فوق مقبض الباب ابصره ينفتح وتخرج هي بجمالها البسيط الذي يعشقه ترمقه بنظر ولها.
منحها ابتسامة عزبة ومن ثم انحنى قليلا ليحملها بين يديه كطفل صغير.
تشبثت بعنقه وهي ترمقه بنظرات مغوية ومن ثم استقامت بجزعها قليلا طابعة قبلة طويلة فوق ذقنه الغير حليق مما جعله يتأوه بانتشاء.
فاسرع بخطواته الى غرفتهما كي يسرقان وقتا جميلا قبل ان يستيقظ أحد أبنائهما.
❈-❈-❈
دلفت غزل من المطبخ وصوت لهاثها يملأ الأرجاء فهي استطاعت بصعوبة
القضاء على ذلك الفأر.
ألقت بجسدها فوق أقرب مقعد هاتفة بصوت مجهد: نهار أسود أنا ما عدتش قادرة خلاص.
دنت منها رغد تحمل كوبا من الماء البارد تناولها إياه هاتفة بنعومة: إتفضلي إختي بتشكرك كتير على مساعدتك إلي.
التقطت منها كوب الماء وارتشفته دفعة واحدة ثم تفحصتها مليا مغمغمة بخفوت: يا لهوي! البت فاضلها اتنين ڤولت وتنور
يا بريتني سبت الفار يمكن كانت طفشت من هنا.
لكن على مين وديني لو طلعت كده ولا كده لاكون مسلطة عليها كل الحشرات المنزلية الأليفة عشان تعرف أن الله حق.
رفعت رغد حاجبيها المنمقين سائلة إياها باهتمام: شو عم تقولي حبيبتي؟
ولا حاجة يا أختي بقولك فتك بعافية واقفلي على نفسك كويس.
آه وما تنسيش تلبسي حاجة تغطيكي علشان بيقولوا الجو حيسقع بالليل.
رمقتها باندهاش مغمغمة ببراءة: أي ساقته الجو حر كتير .
صكت على أسنانها بغضب فتلك الحسناء ليست جميلة فحسب بل انها رقيقة وأنثى بما تحمل الكلمة من معنى
باستطاعتها أن توقع أعتا الرجال في حبها لكن يبدو أنها ليست من ذلك النوع من النساء فهيئتها توحي بالاحترام.
لكن الغيرة التي تكنها غزل على زوجها أكبر من كل هذا لذا عليها ألا تحتك بها مجددا وأن وتمنع زوجها من رؤيتها لو اضطرت إلى إيصاله يوميا إلى سيارته التي تقطن تحت البناية.
وتنتظره حتى يعود كي تلازمه دائما.
❈-❈-❈
تجلس أمام التلفاز بعقل شارد وعينين زائغتين فهي ملت الحياة مع ذلك البغيض الذي يضربها ويهينها ناهيك عن تعاطيه للمخدرات بشراهة.
دب الذعر في أوصالها عندما استمعت إلى صوت الباب فعلى الفور أدركت أنه قد أتى.
هبت واقفة تستقبله وهي ترسم ابتسامة خالية من الحياة على شفتيها.
بينما هو رمقها بلا مبالاة وولج بحذائه المتسخ فوق الفراش.
رمقته بسخط فهي تعبت كثيرا في التنظيف اليوم لكن لن تعقب للأسف خشية أن يضربها مرة أخرى أو يهينها.
أجفلت على صوته الحاد: عبير روحي حضريلي حاجة أكلها عشان أنا واقع من الجوع.
أطرقت برأسها أرضا فماذا ستقول له؟
أتقول إن منزلها لا يوجد به قطعة خبز واحدة
أم تقول ان ليس لديها مال حتى كي تنزل وتشتري النواقص التي تحتاجها.
رفعت رأسها سريعا عندما استمعت إلى صوته المرتفع: ما بترديش ليه؟
أنا مش بتنيل بكلمك.
أجابته بتلعثم ما فيش أكل.
احمرت عينيه من الغضب وهرولة بخطوات واسعة جاذبا إياها من خصلاتها يهزها بعنف صائحا بضراوة: بتقولي إيه يا روح أمك؟
ما فيش أكل آمال أنتي عايدة تفهميني أنك كنت صيمة طول النهار يعني!
طيب وديني يا عبير لاكون مربيكي من أول وجديد.
وكالعادة انهال عليها باللكمات والصفعات حتى فقدت وعيها.
أحيانا يكون الصمت على بعض الأشياء خطأ جسيما ليدفع ثمنه المرء طوال عمره.
فالصمت ربما لم يكون ميزة أحيانا بل إنه في بعض الأوقات يكون كارثة بكل المقاييس.
وعبير اختارت الصمت والصبر ظنا منها أنها من واجبها الوقوف بجانب زوجها.
لكن هذا ليس برجل كي يستحق منها كل هذه التضحية بل إنه من أشباه الرجال.
فالرجل الحقيقي لا يضرب امرأة لا يهينها لا يقف لها بالمرصاد كي يعاقبها على أقل خطأ تقترفه.
بل الرجل الحقيقي هو من يتقي الله في زوجته يعاملها برحمة يعاتبها ان أخطأت يعاقبها ان لزم الأمر لكن دون أن يقلل من كرامتها ويدهس كبريائها بحذائه.
فالرسول عليه الصلاة والسلام قال
استوصوا بالنساء خيرا.
ويجب علينا أن نتخذ رسولنا قدوة نعامل زوجاتنا كما كان يفعل هو -صلى الله عليه وسلم-.
لكن للأسف لقد أصبحنا في زمن اندثرت فيه الأخلاق وانعدمت القيم وأصبح السائد بيننا الكذب والخداع وكل الصفات السيئة.
والغريب أننا نتساءل لماذا يحدث معنا هكذا؟
لكن يا عزيزي إن نظرت في كتاب الله ستجده يقول -سبحانه وتعالى-
أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
❈-❈-❈
ذهابا وإيابا يقطع الردهة
ينتظر أن يخرج أحد من تلك الغرفة التي ولجت إليها صبا منذ قليل ويطمئنه عليها.
يا الله كم شعرة بالذعر عليها عندما أبصرها تسقط أرضا.
لم يكن يعرف أنه يحبها لكل هذا الحد.
لا هو لا يحبها بل مهووس بها يعشق كل تفاصيلها.
دب القلق في سائر أنحاء جسده. عندما تأخروا بالداخل فكاد أن يلج إليهم ويرى بنفسه ما الذي يحدث بداخل تلك الغرفة.
لكن قبل أن يتهور أبصر إحدى الممرضات تخرج إليه وعلى ثغرها ابتسامة بشوشة.
سألها بلهفة ظهرت جليا فوق قسمات وجهه الوسيم:
طمنيني هي عملة ايه دلوقتي؟
اتسعت ابتسامتها ثم غمزت بعينيها مغمغمة بهدوء: اطمني يا استاذ هي كويسة الجرح كان سطحي الحمد لله بس هي أغم عليها من كثر الخوف.
تنهد بارتياح ومن ثم اخرج من جيب بنطاله حفنة من النقود ووضعها بيد تلك الفتاة التي رفضت في بادئ الأمر لكن إصراره الشديد ونظراته الحادة جعلتها تنصاع لأوامره وتأخذ منه النقود مغمغمة بكلمات شكر ودعوات لصبا كي تكون أفضل.
ظفر بقوة ومن ثم اتجه إلى أحد المقاعد المقابلة للغرفة وجلس يلتقط أنفاسه الهاربة.
ثواني وأبصر حقيبتها تجاوره فتذكر على الفور أنه عليه أخبار عائلتها.
جذب حقيبتها الصغيرة وفتحها بهدوء ملتقطا هاتفها ولحسن حظه فقد كان الهاتف دون كلمة مرور.
أخذ يبحث في سجل المكالمات على رقم أحد أقربائها.
وبالفعل وجد رقم مسجل باسم بابا على الفور ضغط اتصال ووضعه على أذنه ينتظر الرد.
❈-❈-❈
بتقول إيه ياد يا جمعة انت متأكد من كلامك ده؟
أجابه بلهفة: أيوة يا معلمي أنا شيفهم بعيني الدكتور وليد المستأجر الجديد شالها وحطها في عربيته وطلع بسرعة حولت أوقفه عشان اسأله على أي حاجة بس هو مشى بسرعة.
اتسعت حدقتاه في دهشة فصبا محبوبا من الجميع فكيف لأحد أن يؤذيها وهي لم تسئ لأحد منذ كانت صغيرة سواء أكان بالقول أو بالفعل.
مصمص شفتيه هاتفا بحيرة: يا ترى مين اللي عمل فيها كده؟
وجه حديثه للمدعو جمعة هاتفا بأمر: انت ليه واقف مكانك يلة غور هات لي الشيشة الله يسد نفسك عكرت مزاجي باخبارك اللي زي وشك دي.
أومأ جمعة وانطلقا للداخل وهو يغمغم بكلمات غير مسموعة: هو أنا مالي هو أنا يعني اللي كنت ضربتها ولا أنا اللي كنت ضربتها دي حاجة تقرف جاته نيله راجل يقطع الخميرة من البيت.
انتفض على صوته المرتفع: بتبرطم بتقول إيه ياض؟
ولا حاجة يا معلمي حالا الشيشة تكون قدامك.
ألقى بجسده فوق أحد المقاعد واخرج هاتفه عازما على التحدث مع الحاج سعد هنداوي ليعلم إن كان على دراية بما يحدث أم لا.
❈-❈-❈
بخطوات واسعة تناسب عمرها الذي تجاوز الخمسين تسير ودموعها تهطل دون توقف.
فبعد أن أتاهم الخبر المشؤوم ارتدت ثيابها على عجالة ووضعت حجابها بشكل عشوائي وانطلقت للخارج حافية القدمين.
توقفت عندما استمعت إلى صوت زوجها الذي يركض خلفها: استني بس يا حاجة سعاد.
انحنى أمامها يضع لها حذائها كي ترتديه وهو يدعو الله بداخله أن تكون ابنته بخير على الرغم من أن وليد طمأنهما على حالتها لكن هكذا يكون الأهل دائما في حالة قلق عندما يتعلق الأمر بأبنائهم وخاصة لو كانت فتاة مثل صبا بارة بوالديها حنونة وخلوقة أيضا.
أحاط السيد كامل كتف زوجته وسار باتجاه سيارة عمار وفتحها لتستقل المقعد الخلفي وجاورها ينتظران ريثما يأتي عمار.
بينما على الجانب الآخر سعادة عارمة اجتاحتها بعد أن استمعت إلى المكالمة الهاتفية المختصرة التي جاأت إلى زوجها منذ قليل يخبره زوج عمته بما حدث مع ابنته غريمتها المدعوة صبا.
شعرت بالحنق عندما أسر زوجها أن يرتدي ثوبه على عجالة وملامح الحزن ترتسم جليا فوق قسمات وجهه.
تعلم أن زوجها لا يكن لصبا أي مشاعر لكن يزعجها الاهتمام الذي يحاوطها به حتى لو كان تحت مسمى القرابة.
أجفلت على سؤاله المباغت: زينة أنت مش هتلبسي عشان تيجي معايا.
هزت رأسها نفيا وهي ترسم ملامح الحزن بحرفية فوق قسمات وجهها: معاش يا حبيبي مش هقدر أسيب الولادة لوحدهم وأنت عارف الوقت متأخر ما ينفعش واديهم لماما
روح أنت وأبقى كلمني وطمني عليها.
أومأ لها متفهما ومن ثم دنا مقبلا جبينها بعمق وانطلقا للخارج وهو يدعو الله بداخله أن تكون ابنة عمته بخير.
❈-❈-❈
استيقظت من إغمائها على ركلة قوية أسفل معدتها.
دمعت عينيها قهرا وألما ولم تعقب.
فخاطبها بأمر: يلة قومي يا أختي حطي لي طفح أنا نزلت جبت جبن وعلى الله تمدي أيدك فيهم يا عبير احسن وربنا لاكون قاطع لك أيدك.
رمقته بقهر ولم تعقب أيضا مما جعله يا شعور بالغضب لكن قبل أن يضربها رفعت كلتا يديها باستسلام هامسة بصوت يكاد يخرج: حاضر حاضر هقوم بس أبوس أيدك ما تضربنيش جسمي مافيهوش حتة سليمة.
ابتسم بظفر وغمغم وهو يربط بقوة فوق وجنتها: شطوره يا بيرو يلة يا قلبي قومي عشان أنا ميت من الجوع.
نهضت بصعوبة وهي تتمنى من الله أن يخلصها من تلك الزيجة التي لم تجلب لها سوى التعاسة والإهانة ناهيك عن قلة الاحترام والذل الأبدي.
❈-❈-❈
تجلس في ردهة منزلها تقدم أظافرها تارة وتصك على أسنانها تارة أخرى.
فمنذ عودتها من عند جارتها وزوجها يحبس نفسه بداخل غرفتهما.
فكرت مرارا أن تلج وتعتذر منه عما بدر منها منذ قليل.
لكنها تراجعت في آخر لحزه خشية من ردة فعله.
لكن هي ليست معتادة على خصامه فهبت واقفة عازمة على التحدث معه وليحدث ما يحدث.
وها هي تقف أمام باب غرفتهما تنظم أنفاسها وبعدها فتح الباب وولجت بعد أن أغلقته من خلفها.
استدارت أبصرته نائما على الفراش واضعا إحدى يديه فوق عينيه والأخرى بجانبه.
دنت منه على حين غرة وصعدت تنضم إليه في الفراش.
رفعت يده وتوسدتها ثم أحاطت خسره بيدها هاتفة بنعومة أذابته كليا: آسفة يا رامي آسفة يا حبيبي والله ما كان قصدي ازعلك أنت عارف أنا بحبك قد إيه وبغير عليك من الهواء الطاير صدقني مش هعمل كده تاني.
كاد أن يعنفها وينهرها لكنه تراجع فمهما حدث ستظل معشوقته ورفيقة دربه التي عشقها منذ الوهلة الأولى عندما اصطدم بها في الجامعة وبات متيما بها.
لذا لم يجد بدا سوى أن يبادلها العناق ويجذبها إليه بقوة طابعا قبلة عميقة فوق جبينها مغمغما بصوته الرخيم: مجنونة بس بحبك اعمل إيه بقي قدري الأسود ولازم استحمله.
قهقهت بسعادة واعتلته هامسة أمام شفتيه: والمجنونة بتموت فيك يا رامي.
❈-❈-❈
في منزل المعلم فكري وبالتحديد شقة السيدة فتحية.
أمسكت حسناء بهاتفها تتصل بالمدعوة أم إسماعيل كي تطمئن على خطتهما بعد أن استمعت بما حدث لصبأ.
طلبت رقمها ووضعت الهاتف على أذنها تنتظر الرد لكن أوقفتها السيدة فتحية هاتفة بحزم: افتحي المكرفون ياختي خلينا نسمع معاكي.
وبالفعل إنصاعد حسناء لطلب السيدة فتحية وفتحت مكبر الصوت.
ثواني وصدح صوت أم أسماعيل البغيض في الهاتف: نعم ياختي عايدة إيه؟
بقول لك إيه الفلوس اللي اتفقنا عليها تجيلي أي نعم أنا ما لحقت اشوه البت بس ضربتها بالسكينة في بطنها.
ضربت السيدة نعمة صدرها بقوة.
بينما السيدة فتحية أطلقت شهقة عالية هاتفة بعويل: يا مصيبتي موتو البت يا أم إسماعيل.
ارتجفت يد السيدة حسناء التي تمسك بالهاتف هاتفة بتلعثم: بقول لك إيه يا أختي أنا ما قلتلكيش تموتيها أنا قلت لك عوريها في وشها بس.
أجفلت على صوت أم إسماعيل الغاضب: بقول لك إيه يا أختي منك لها ما حدش إتعرف علينا ولة انتو بتعملوا الليلة دي كلها عشان ما تدفعوش الفلوس لا وربنا ده أنا عليا وعلى أعدائي وأفضحكم كلكم في الحتة وأنتم عرفني أنا ما بتكسفش.
وإلا إللي كنت هعمله فصبا أعمل فيكي يا حسناء آه ما هو أنت اللي اتفقتي معايا ياختي.
قاطعتها حسناء بخوف: لا لا لا هديكي اللي انتي عيزاه يا أم إسماعيل بس أبوس أيدك طمنيني هي البت حالتها خطيرة؟
ما اعرفش بس متهيقلي أنها ما ماتتش احنا سايبينها واقفة على رجليها ها هتجيبيلي الفلوس أمتي؟
بكرة الصبح يا أختي الفلوس تكون عندك.
أغلقت الهاتف وهي تشعر بالخوف وكذلك باقي شركائها غافلات عن الذي يستمع إليهم في الخارج بفم مفتوح وعينين متسعتين.