-->

رواية زو جة ولد الأبا لسة - بقلم الكاتبة هدى زايد - الفصل الرابع

 

رواية زو جة ولد الأبا لسة 

بقلم الكاتبة هدى زايد





الفصل الرابع 

رواية

زو جة ولد الأبا لسة





ردت بإبتسامة صافية قائلة  بتصالح مع النفس 

لم يجده مع الآخرين الذي عاشرهم لسنوات 

- عندي تلاتين سنة و ماشية في الواحد و تلاتين 

- كام ؟!! 

-تلاتين !


تابعت بنبرة مختنقة استشعرها في نبرتها و هي تحاول إخفائها قدر المستطاع 

- أني قمان برچل و نص، رچلي مبتورة يعني  

من الواضح إن چدي مكانش صريح وياك من البداية  فـ حبيت أني اصارحك و القرار يرچع لك في النهاية رايد تكمل و لا تفضل مغصوب عليّ باجي حياتك ؟! 


لجمت الصدمة لسان خالد الذي شعر بـ ـنـ يران

تأجج صدره، كيف يحدث هذا؟ ألهذه الدرجة هو لا يحبه والده ؟ فتاة ثلا ثنية تكبرهُ بعامين و حاول أن يتقبل تلك الصدمة، أما ساقها التي بُترت كيف يتقبلها ؟! لم يشعر بحاله عندما وقف عن مقعده بهرجلة اسقطت المقعد من خلفه اعتذر قائلا:

- عن إذنك عنيدي شغل كاتير 


نظرت وجيدة لمقعده المُلقى أرضًا و كأنه قلبها الذي انشطر لنصفين و قالت بشبح إبتسامة 

- اتفضل يا أستاذ خالد ربنا يوفجك  إن شاء الله .


عبر خالد البوابة المؤدية لباب البيت ثم القى التحية على الجالسين و غادر المكان، كانت تحركاته سريعة سريعة لدرجة أنها لو بيده لركض قبل أن يقبض عليه أبيه و يعقد قرانه الآنه عليها معللًا بأن هناك الكثير من المصالح المشتركة بينهما تحتم على ذلك ! 


اعتذر فؤاد و غادر خلف ولده الذي حتمًا اصيب بالجنون، خطواته كانت خطوات متعثرة حاول أن لا يُظهرها أمام أفراد  العائلة 

حتى لا يسخرون منه.


وطأ الجد قدماه داخل الحديقة و هو يهتف بإسمها قبل أن يصل إليها، وقفت أمام جدها بكل ما اوتيت من قوة و تماسك في مثل هذا الظرف الذي تتعرض إليه بشكلٍ مستمر،  سألها بعصبية  فأجابته قائلة: 

- جلت له يا يچدي الصراحة،  كنت واضحة وياه كيف كيف اللي عمله عملته و خرچوا و مرچعوش تاني واصل 


رد الجد بعصبية قائلا: 

- جلت لك جبل سابج أني جلت له على كل حاچة بتتحددت أنتِ ليه ؟! 


هدرت وجيدة بعصبية و هي تبتلع مرارة حلقها قائلة: 

- بكفاية لحد كِده يا چدي، بكفاية بجى كل  مرة اجول بكرا يزهج و يشيل الحديت ديه من راسه لا بكرا بياچي و لا أنت بتشيله من راسك 


رد الجد بنبر اهدأ من ذي قبل ما أن استشعر نبرة حشرجة بدأت تظهر في حلقها 

- حجك عليّ يا بتي و الله ما كان حد جاصدي خلاص شوفي اللي يرضيكِ يا بتي و أني اعمله 


جلست على المقعد بعنف و هي توجه له حديثها بنرة آمرة و دموعها لا تنفك ابدًا و هي تقول:

- اللي يرضيني صُح إن أني اختار الراچل اللي ها تچوزه 


تابعت و جيدة و هي تبتلع مرارة حلقها قائلة:

- يرضى بيا كيف ما أني راضية بحالي لكن نضحكوا على الناس و بعد الچواز يتفاچأ يبجى لا و الف لا ما بُنيه على باطل فهو باطل 


جلس الجد حذائها يسترضيها و يمسد على ظهرها بحنانٍ بالغ و هو يقول:

- حاضر حاضر يا ست البنات و ستي و تاچ راسي 


ضمها لصدره و قال بعتذار مُبالغ فيه تمامًا كـ تصرفاته معه 

- خلاص حجك عليّ و الله ما عدت ازعلك واصل يا بتي ياچي العريس وجت ما ياچي و لا حتى ما يچيش مش مهم المهم رضاكِ عني 


تلك الكلمات و هذا الندم الشديد لا يتناسب تمامًا مع هذا الموقف، ما الذي جعل جدها يتغير بهذه السرعة،  الوضع بالنسبة لها بات غير مفهومًا تمام.


❈-❈-❈


ليه يا خالد يا ولدي عملت في وچيدة كِده ؟ ليه احرچتها وسط أهلها حرام عليك كـ ـسر ت بخاطرها ليه كِده ؟!


أردفت والدة خالد تساؤلاتها التي هطلت فوق رأس ابنه كـ الامطار الغريزة، بينما هو كان يجوب المكان ذهابًا إيابًا، من فرط غضبه لو كان الأمر بيده لصرخ كالاطفال على ما رأته عيناه كيف يصل بوالده الأمر أن يزوجه من فتاة تكبرهُ بثلاثة أعوام تقريبًا، لم يكن الأمر هذا فحسب بل ما زاد الأمر سوءً أنها فاقدة لساقها اليُسر ى،  كانت خديجة تتابع ما يحدث في صمتٍ تام كلمات والدتها كانت معارضة تمام لردة فعل أخيها لذلك فضلت الصمت، أما هو فـ كان شخصًا آخر لا تعرفه أيًا منهما، صرخ و د مـ ـر كل ما طالته يـ ـده، غادر الردهة قبل أن يفقد عقله أكثر من ذلك،  ولج حجرته هوى على المقعد بعنف و هو يزفر بضيقٍ 

لا يعرف على من يثور أكثر والده الذي دائمًا يدعس عليه أم زوجة أبيه تلك الأفعى التي لن تهدأ حتى ينـ تـز ع روحها من صدرها، أو تلك مبتورة الساق كما نعتها، سرعان ما تمتم بكلمات الإستغفار عن هذا اللقب، رغم معرفته بهذه العائلة إلا أنهم مازالوا غامضون، لا يبحون بكل أسرارهم .


مد يده فك رابطة عنـ ـقه بتأفف،  تنهد من بين أنفاسه المسموعة، كيف يخرج من هذه الأزمة بأقل الخسائر، هل يوافق بالزواج من هذه الفتاة أم يرفض و يُضحي بمنصب رئيس مجلس الإدارة الذي وعده بهِ والده ؟! 

ذاك المنصب الذي سعى إليه كثيرًا حتى كاد أن يرفع رايا الإستسلام،  ليظهر من جديد ومضة الأمل في شكل وجيدة الدهشوري ؟! 

جلس يعيد حساباته من جميع الزوايا حتى قرر أن يوافق و يحاول الإنفصال عنها بعد ذلك 

كلما حاول أن يقتنع بالفكرة و يتقبلها يرفضها من جديد مع صدرو صرخة عالية  رافضًا هذا 

الهراء .


❈-❈-❈


بعد مرور عدة أسابيع 

داخل  غرفة عُمر كان هادئًا، شاردًا، و لم يحرك ساكنًا  ولجت والدته حاملة بين يدها قدحًا من القهوة وضعته على سطح المنضدة الزجاجي 

منذ تحديد موعد زفاف حُسنة، و هو على هذه الحالة كأنه يُدبر لـ شيئًا غاية في الخطورة.

تناول منها قدح القهوة  و قال دون أن يرفع بصره لها 

- متحاوليش ياما ماهايعرفش حاچة واصل 


سألته بإبتسامة حانية قائلة:

- هو مين ديه ياولدي ؟ 


أجابها بذات الإبتشامة و قال: 

-اللي باعتاه يستچوبه 


رفع بصره لها و قال:

- أنتِ ناسية مين علمني شغل العفاريت ديه 


كادت أن تتحدث لكنه رد بنبرة ساخرة 

-صُح أني داكتور بس برضك فاهم في شغل الچن ديه زين خليه يبعد عنه عشان ميتأذيش هو مش هايجول أزيد من اللي جاله 


ردت والدته و قالت بعصبية شديدة 

- يبجي أنت اللي جلت له يجول كِده عشان معرفش اللي بيدور في راسك  صُح مش كِده 


أجابها بما لم تتوقعه قائلا:

-ايوه صُح 

-يا ولدي اني خايفة عليكِ چدك واعر، واعر جوي سيبك من حُسنه هي مش ليك بكرا اچوزك ست ستها 


نظر لها عُمر نظرة تغلفها الإنـ كـ سار، لو كان الأمر بيده لبكى في حضن والدته، لكنه قرر التماسك و التظلهر بالقوة قدر المستطاع .


خرجت والدته من غرفته متجهة نحو مكتب الجد فرحة الجد اليوم ليس لها مثيل، فـ اليوم تقدم خالد لخطبة حفيدته لكن رفضته تلك العنيدة المتمردة على ظروفها لتخبر الجميع بأن لديها كامل الحق أن تما رس حريتها في الرفض  و القبول .

كان يستند بذقنه على ظهر يده المجعقدة و التي تحاوط تلك الجمجمة المخيفة و التي يشببهها البعض بأنها رأس الشيطان .


بَعد عن ولدي يا حسان بَعد عن عمر أني بجل لك اهو 


كن جلبك مش جاعد يا وهيبة بتجولي حسان كِده من غير خشى و لاحيا  طب راعي إني أني عمك يعني في مجام أبوكِ الله يرحمه 


أنت لا كنت و لا هتكون كيف ابوي أني ابوي كان شيخ چامع إنما انت واد إبليس كيف كيف بشار أني عايش في البيت ديه عشان ولدي  لكن لو ولدي چرا له حاچة الله في سماه ما ارحمك و هافتح عليك طاجة چهنم الحمرا يا أبو وچيدة فاكرها وچيدة يا حسان ؟! 


كانت مواجهة نا رية من الدرجة الأولى قررت من خلالها وهيبة أن تضرب بنصف أسرار الجد حسان  الوضع بات يزداد سوءً،  قررت أن تحذرهُ

هذه المرة و في المرة القادمة تتضرب بالأخضر و اليابس عرض الحائط 


لم يتوقع الجد أنها تجرأت لهذه الدرجة، لم يعرف أحد شيئًا عن ابنته وچيدة تلك التي راحت ضحيته ذكرته بأكثر الأشياء التي يريد أن ينساها بل و يمحيها من دفاتر الحياة .


وثب عن مقعده بغضبٍ جم نظراته تكاد تحر قها في مكانها لكنها لم تبالي،  بادلته نفس النظرات 

بل و الأكثر منها حدة .


دام الصمت لثوانٍ معدودة قبل أن تلقي في وجهه قنبلة جديدة كانت تتدخرها لوقتها المناسب و ها هو أتى وقتها المناسب، نظرت نظرة سريعة اخترقت ذاك الجدار القابع خلفه 

و قالت بإبتسامة واسعة .


لساك بتحن لأيام زمان يا حسان لساك رايد تروح لها چننتك بت الأبالسه مش كِده ؟ روح لها يا حسان يمكن لما تروح لها ترچع كيف ما كنت 


تابعت بتذكر ساخرة 

- ايوة ايوة صُح هتروح لها كيف و هي بجت كوم تراب معلاش يا حسان ربك رايد يحر ق جلبك على كل حاچة غالية عليك إلا وچيدة يا أبو وچيدة كانت الجهرة اللي على حج اتـكـ سـرت من بعيدها يا حسان بجيت كيف اللي ندهته النداهة معذور يا نضري ما هو الضنا غالي برضك 


ضغط حسان  على عكازه كاد أن ينـ فجـر في وجهها لكنه يعلم أن هذا الإنفجار لن يُجدي نفعًا مع تلك الأفعى على ما يبدو أنه اخطأ حين تركها على قيد الحياة  حسنًا يا وهيبة لن يحدث كثيرًا  لم يتجرأ أحد علي تهد يده و أنتِ فعلتيها لذالك لا مانع من ممارسة حق من حقوق البشر وهي حرية التعبير أما أنا حسان الدهشوري لن يكون علكة في فمك مدى الحياة سوف أنتهي أولًا من بشار وثم بعد ذلك اتفرغ لكِ  و لكن لا بأس أن نلهو سويًا كما كنا نفعلها منذ زمن 


انقلبت عيناه فجأة و هو ينظر لباب الحجرة 

الذي وصده بطرفة عين، ثم نظر لها و قال بصوتٍ مألوف تعرف صاحبه جيدًا،  و فجاة و بدون سابق إنذار قال 

- بكفايا لحد كِده يا وهيبة 


لم تهتز وهيبة والدة عُمر بتلك النبرة التي تُرعب أي بشر عدا هي انقلبت عيناها مختلطة باللون الأحمر القاتم ثم هدرت بصوتٍ يقشعر له البدن 

حدثته بنبرة آمرة بأن يتراجع عن وهيبة و إلا فصلت رأسه عن جسده .


في غرفة بشار كان هادئًا باسمًا وقف عن مقعده متجهًا نحو الطابق الأرضي بخطواته الواثقة، اتجه نحو باب الحجرة الخاصة بجده وضع يده 

على المقبض الحديدي كاد أن يفتح باب الغرفة 

لكن منعه شخصًا يشوبهُ كثيرًا، لم يحدثه بشار اكتفى برمقة جعلته يتراجع معتذرًا له و هو ينحي قليلًا و قال 

- آسف يا سيدي 

 

فتح باب الحجرة ليجد وهيبة و حسان ينحازان بجانب بعضهما البعض، انحنى كلاهما 

احترامًا لبشار تفاجئ الجد بصفعة مدوية على خده جعلته يهوى على المقعد خلفه، نظر بشار لـ وهيبة وجدها تنحني مرةً أخرى و هي تعتذر منه مرارًا و تكرارا، لم يتقبل هذا الإعتذار، مد يـ ـده التي طالتها رغم ابتعاده عنها، ضغط على رقـ ـبتها حتى كادت أن تلفظ انفاسها الأخيرة بدأت عيناها تنقلب، كانت تخرج من فمها لعابها فجاة و بدون أي مقدمات ولج عُمر 

هدر بصوته الجهوري، منعه بشار بيده الأخرى 

استغل الجد إنشغال بشار في ضرب عُمر، تمتم بكلماتٍ جعلته يصرخ حتى كاد أن يتـ ـمزق جلده الوضع الذي آل إليه كان غاية في الصعوبة سقط أرضًا متكومًا حول نفسه عاريًا تمامًا يومًا كـ ولدته أمه .


بسم الله الرحمن الرحيم، خير اللهم اجعله خير 


أردفت خديجة كلماتها من بين أنفاسها المسموعة كانت تضع يدها فوق صـ ـدرها حاولت البحث عن كأس المياه، دقائق معدودة

 حتى بدأت أنفاسها في الإنتظام من جديد

مدت يدها تجاه هاتفها الذي صدح في ارجاء الغرفة ضغطت على زر الإجابة و قالت بنبرة حانية 

- الو، ايوة يا بشار عامل إيه يا حبيبي، بشار أنا عاوزة أشوفك، لأ دلوقت عشان خاطري يا بشار ايوة يا بشار نفس الحلم بيكرر معايا و مش عارفة ليه بشوفك كدا بشار ابوس إيدك صارحني أنت ليه بيقول عليك ابن ابالسه طيب عشر دقايق و نتقابل هناك سلام 



مكالمتها اليوم كادت تكون الأخيرة إن لم يمتثل لأمرها و يتقابل معها اليوم، كزت على 

شفتاها السُفلى، ترددت في بادئ الأمر لا تعرف ما فعلته صواب أم خطأ، تنهدت بعمق ثم غادرت الغرفة بعد أن بدلت ملا بـ ـسها .



بعد مرور نصف ساعة تقريبًا


صف بشار سيارته عند أحد المنازل المتهالكة

نظر لها و قال بهدوء 

- ادلي يا ديچا 


نظرت ديچا حولها و الرعب يسيطر عليها، ابتلعت لعابها ثم قالت بتساؤل:

- انزل فين يا بشار أنت مش شايف المكان عامل ازاي ؟ 


سألها باسمًا 

- خايفة ؟ 



اجابته بنبرة مرتجفة

- طبعًا خايفة 


سألها بشار قائلا بنبرة حانية

- كيف تخافي و أني چارك، أوعاكِ تخافي من أي حاچة و أني وياكِ 



تابع حديثه قائلا:

- لو رايدة تعرفي عني كل حاچة يبجى لازم تتدخلي الدار ديه، و مش بس كِده تجدمي لأهل الدار عهد الأمان 


سألته بنبرة متعجبة

- أهل الدار ؟ و عهد أمان ؟! 


ختمت سيل التساؤلات قائلة:

- دا البيت فاضي و تقريبًا قرب يقع ماظنش حد في أصلا 



فتح بشار الباب ثم اتجه نحوها، فتح لها و ساعدها في الترجل، نظرت للبيت، عادت ببصرها له حين قال بإبتسامة واسعة 

- أني بشار الدهشوري ولد الأبالسه 


ثم نظر لها مد يده ليعانق يدها، صعد ثلاثة درجات ظنت أنه سوف يضع المفتاح داخل المزلج لكنها تفاجأت بالباب يفتح له دون أدنى

مجهود منه. 


تشبثت بذراعه و الرعب يملئ قلبها، نظراتٍ زائغة توزعها في المكان، نظر لها بشار و قال بإبتسامة واسعة 

- كيف زوجة ولد الأبالسه تخاف كِده ؟ 


نظرت له ديچا بنظرات داهشة، سألته بنبرة متعجبة قائلة:

- احنا مش متجوزين لسه يا بشار 


ابتسم لها و قال:

- أنتِ في عالمنا اتچوزتي و ديه عِش الزوچية


اقترب منها خطوة مقابل الخطوة التي تراجعتها خوفًا منه، حاول أن يحدثها لكنها رفضت أن تستمع له، تساقطت دموعها على خديها ما إن كشف عن صـ دره، لم تكن تعلم أنه يخفي كل هذا و أكثر، ليتها لم تطلب منه كشف الحقيقة، صرخت حتى شعرت أن أحبالها الصوتية تأذت، العجيب أن صوتها لم يغادر فاها هي تشعر فقط أنها تصرخ لكن أين ذاك الصوت لا تعلم .


ضمها بشار لحضنه مغمضًا عيناه و هو يتمم بكلماتٍ غير مفهومة بالنسبة لها، كانت تنفضت 

تحاول الفرار، لكن عناقه لها كان قويًا، قويًا لدرجة أنها تشعر بعظامها تئن، ارخت جفنيها اخيرًا و استسلمت له، غابت عن الوعي لبرهة 

تساقطت رأسها للخلف، لم تشعر بقدميها، حملها بين ذراعيه، غادر البيت متجهًا لمزرعته 

وضعها على فراش أزاح خصلات شعرها عن وجهها الملائكي، تركهازقبل أن يفقد صوابه مع تلك الجميلة الناعمة، سار تجاه النافذة يتابع الحركة بالخارج.



بـ شـ ار 



قالتها ديچا و هي تستعيد وعيها، التفت لها جلس مقابلتها نظر لعينها و قال بنبرة حانية 

- كيفك دلوجه ؟ 


اجهشت في البكاء ما أن تذكرت كل شئ، ضمها لحضـ ـنه، مربتًا على ظهرها بحنو و حب اخرجها من حضـ ـنه حين قالت:

- أنت مين و إيه اللي بيحصل دا و ازاي كنت كدا و بقيت كدا و أنا حصل لي إيه ؟!! 



جفف بشار دموعها و قال بهدوء 

- ها تعرفي كل حاچة أنتِ رايدة تعرفيها بس واحدة واحدة عشان مخك يستوعب، بس رايد منيكِ وعد واحد بس 

- وعود تاني يا بشار ؟! 

- هو وعد واحد و آخرهم و الله 

- وعد إيه ؟ 

- اللي ها جل لك عليه ديه يفضل سر بينتنا و محدش بعرفه مين ما كان يكون 

- حاضر ممكن بقى تقولي أنت مين بالظبط و إيه اللي أنا شفته دا ؟ 


سكت مليًا ثم قال:

- چدي كان رايد يأذيكِ 

- ازاي يعني؟! 

- چدي فتح لك الرؤية و كل اللي حُصُل ديه مكانش حلم و لا حتى كابوس ديه حجيجة بس چت لك كيف الحلم، و أني جفلت لك الرؤية ديه في البيت الجديم .

- جدك بيعمل معايا كدا ليه و أنا ذنبي إيه في كل دا ؟! 

- چدك بيضغط عليّ أني يا ديچا، رايدني ارچع كيف ما كنت و أني مرضيش عشان كِده فتح لك الرؤية رايدك تشوفيني كِده عشان تسبيني 

- أنت كنت بتعمل و جدك عاوزك ترجع له تاني ؟ 


لجمت الصدمة لسان بشار لم يكن يتوقع أنها سوف تسأله عن أكثر الأشياء التي يود أن ينساها إن سرد لها ن تغفر له و إن امتنع عن الكلام سيتحدث جده و هو لا يعرف مالذي سوف يتحدثه علي وجه التحديد، ابتلع لعابه و قال:

- أني كنت بشتغل في الموضوع و إني صغير مكنتش واعي إن ديه حرام بس چدي كان بيجول إنه حلال 


سألته ديچا بنفاذ صبر قائلة:

- اللي هو إيه ؟ 



أجابها بهدوء قائلا:

- كنت شغال مع الشيخ المرعي



اتسعت عيناها ما إن نطق ذاك الأخبر بإسم ذاك اللعين، سألته بصوتٍ مرتفع 

- أنت كنت شغال مع الشيخ المرعي في الجن و الاعمال ؟ كنت بتسحر للناس يا بشار ؟! 


سكتت برهة ثم قالت بصراخ و هي تنظر له بأعين دامعة 

- و لا كنت بتعاشر الستات اللي كانت بيجيوا عشان يخلفوا ؟! 



ابتلع بشار لعابه و قال بهدوء 

- التنين يا ديچا 



يتبع