-->

رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني - هدير دودو - الفصل الرابع

رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني 
بقلم الكاتبة هدير دودو



رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني 

الفصل الرابع

_ مشاعر حقيقية صادقة توجد داخل قلوبهم

وكأن كل منهم قلبه ينبض عشق.


❈-❈-❈


دلفت فريدة الغرفة بوجه مكهفر غاضب، توجهت نحو الفراش مباشرة من دون ان تتطلع نحو ذلك الذي دلف معها الغرفة، تحدث تامر بصوت مجهد بشدة مما حدث معه في اليومين اللذان مضوا 


:- فريدة قومي طلعيلي هدوم عقبال ما ادخل اخد دوش لأني تعبان أوي. 


هو مُحق في حديثه، فهو لن يذق النوم ولو وهلة واحدة في تلك الفترة، قلبه كان سيتوقف من فرط القلق على شقيقه، كانت ستنهض تحضر له ثيابه لكنها تراجعت وباغتته بردها عليه الغير المتوقع أطلاقا، فقد اعتدلت في جلستها وردت عليه ببرود 


:- لأ مش قادة أنا كمان تعبانة، قوم اعمل حاجتك لنفسك أو اقولك ابقي خلي اللي بتشتغل معاهم يعملولك حاجتك اللي أنتَ عاوزها. 


أدرك سريعا أنها لازالت غاضبة مما حدث بينهما؛ لذلك تنهد بصوت مسموع في محاولة منه ليبقي هادئًا معها ولا يزعجبها غمغم بهدوء 


:- سلامتك يا قلبي من التعب، خلاص خليكي أنا هقوم اعمل حاجتي لنفسي. 


لم تعير حديثه أي اهتمام بل تركته كأنه ليس معها في الغرفة، بينما هو ولج نحو المرحاض وهو يلعن بسملة في سرة عدة مرات، كان يشعر بالحيرة الشديدة، هو كان يخشى دائما أن ما يُقال على بسملة يكون صحيحًا، فهو قد عارض عمر ووالدته بكل الطرق الممكنة ليثبت عدم صحة حديثهما الدائم عنها.


لكنه الآن قد تأكد كبيرة من صحة نظرة الجميع فيها، هو قد حا'رب شقيقه  ووالدته في البداية ثم حا'رب قلبه وعقله من بعدها، لكي لا يتعلق بفريدة التي لم تفعل له شئ سئ، نعم لم تفعل شئ سوى أنها فتاة جيدة ورائعة بشدة الجميع يتمنى في حياته مثلها.. 


كان يمنع قلبه ويغلقه جيدًا؛ لكي لا يتعلق بها و ويحبها فهي ذات مزايا متعددة تجعله يعشقها رغما عنه، وقلبه يتيم في عشقها، كان يفعل ذلك مع عقله أيضًا؛ حتى لا يراها بصورة جيدة ويرى مزاياها العديدة التي لا تُعد، كم مرة وقفت بجانبه من دون أن يطلب منها ذلك، وفي النهاية كان كل مرة يجر'حها ويتهرب من وجوده معها،  يخبرها علنا بأفعاله أنه لا يطيقها ولا يريد وجودها معه، معترف أنه كان يتعامل معها بغباء. 


كل مرة يجرحها و يجرح قلبها، لا ينكر انه لأول مرة يكون قاسيا على أحد، فهو كان قاسي معها  هي بالتحديد بشدة،  لكنه وأخيرًا بعد كل ذلك فاق واستطاع أن يرى ما يحدث حوله بوضوح، لا يعلم إن كان فاق مبكرا أم بعد فوات الاوان، لكن ما يعلمه هو ان قلبه قد أحب فريدة وعقله يريدها بجانبه،  فقد اتفقا عقله وقلبه معا على حبها، قرر أن يعوضها عن كل ما كان يفعله معها، فهي مَن تستحق حبه، هي حقًا فريدة في كل شئ ونادرة لن يجد أحد مثلها في العالم بأكمله، أصبح مقتنع ومتأكد من أنه يحبها.. 


خرج من المرحاض بعدما عاري الصدر يرتدي شورت قصير من اللون أسود وتوجه نحو الفراش يجلس بجانبها لكنها كانت تتجاهله ولم تعيره أي اهتمام، فغمغم بصوت أجش وهو يتطلع نحوها ينظر إلى بنيتها التي تشبه القهوة عينيها المتيم هو بهما وملامح وجهها الخاطف له 


:- فـريـدة..


ردت عليه بجديه مقتضبة، من دون أن تطلع نحوه 


:- نعم يا تامر، عاوز ايه؟ 


اقترب منها أكثر وقام بمسك كفها بين يديه ثم تحدث بضعف شديد وهو لازال يتطلع داخل عينيها 


:- مش عاوز حاجة غيرك، أنا عارف إنك زعلانة ومعاكي حق أنا غلطان وكنت جاي عليكي جامد بس حقك عليا.


حاولت ألا تضعف من نبرة صوته وحديثه معها، اسرعت مخفضة بصرها ارضًا تتهرب من عينيه ونظراته المحيطة بها فتمتمت بانزعاج وهي تسحب يديها الممسك بها 


:- تامر مش وقت كلامك دة، لو سمحت اوعي ايدي وخلاص على كدة أنتَ راجع تعبان. 


ظل كما هو ممسكًا بيدها، واضعًا يده الأخرى فوق خصرها يجذبها نحوه ليقربها منه أكثر وتحدث ببطء أمام شفـ'تيها المرتعشتين نتيجة اقترابه لها بتلك الطريقة 


:- لأ وقته يا فريدة...أنا آسف على كل اللي عملته انا بس كنت بتصرف بغباء بلاش تبعدي عني. 


فركت بين يديه محاولة الفرار من حصاره لها بتلك الطريقة إلا أنها فشلت فتمتمت بضعف شديد بين يديه نتيجة لتأثيره عليها حاولت أن تخفيه لكنها لم تنجح


:- تـ...تامر اوعى كدة عشان خاطري...كفاية كدة شيل ايدك، وقولتلك دة مش وقت كلامك. 


مرر يده عليها بحنو شديد، وأردف يرد عليها وعينيه مثبتة على شفتيها بشدة 


:- فعلا مش وقت الكلام دة، بس اوعي إيه دة في كلام أهم.. 


قطبت ما بين حاجبيها بدهشة كادت تسأله عما يريده لكنه لم ينتظر سؤالها بل بادر يطبق شفـ'تيه على شفـ'ـتيها بشغف شديد واضعا يديه بين خصلات شعرها البنية، لم تستطع أن تبعده عنها فهي الأخرى تحتاج إلى اقترابه لها، تحتاج وجوده بجانبها، لأول مرة يتعامل معها بتلك الطريقة التي تشعرها بذاتها..


نعم لأول مرة تشعر بأنو'ثتها معه بتلك الطريقة، بدأت تبادله وتتجاوب معه بجريقة ترضيها هي أولًا، وشفتيها مبتسمة بسعادة مما يحدث معها.. 


 ❈-❈-❈


لم تستطع آلاء مواصلة حديثها، بعدما رأت هيئته الغاضبة بشدة، وأوداجه المنتفخة غضبا، كانت تطالع هيئته بحيرة تجهل عن تفسير سبب الغضب الذي يخرج من عيناه المشتعلان بنيران متأهبة.. 


 لكن المدهش الذي جعل حيرتها تزداد هو أن عينيه الغاضبة مثبتة عليها تخترق جسدها، وكأنها هي السبب في غضبه، وفعلت شي خاطئ. 


كل ذلك طاف بذهنها في أنٍ واحد، لكن لسانها يعجز عن التفوه بحرف واحد، لم تقوى على سؤاله وهو غاضب بشدة، لكن صمتها لم يدم طويلًا أمام نظراته التي لم تتحرك من عليها لوهلة واحدة. 


أردفت تسأله بتلعثم، ونبرة خافتة بالكاد تُستَمع


:- فـ... في إيه يـ.. يا عمر، مالك؟

 

شعرت أنها كالطفلة التي لازالت لم تتعلم كيف تتحدث؟ وتريد مَن يعلمها طريقة الحديث. 


نعم لا يوجد شيء خاطئ مما تشعر به، فمِن دون وجوده بجانبي واطمئنان قلبي بسببه اشعر كأني طفلة تحتاج وجوده، ووجود دعمه القويّ لها، دعمه الذي تستمد منه أمانها وحياتها بأكملها. 


رد عليها بنبرة حادة صارمة لم تعتاد عليها منه من قبل في حديثه معها 


:- مش عارفة عملتي إيه، هي آلاء هانم عشان تعبت شوية بقت تتصرف من دماغها وتعمل اللي يعجبها كمان. 


قطبت ما بين حاجبيها بدهشة حقيقية، وتمتمت تساله بعدم فهم، نعم هي حتى الآن لا تعلم سبب غضبه منها 


:- اتصرفت من دماغي في إيه، مالك يا عمر من ساعة ما قعدت مع الظابط و انا لقياك متعصب هو في إيه؟ 


رد يجيبها بعصبية وقد اعتلت نبرة صوته المجهدة،  فهو لازال لم يُشفَى بالكامل هو بالكاد استعاد وعيه وتحسن قليلًا


:- في إيه أنتِ بتسألي على اساس إنك مش عارفة، يعني إيه تروحي تقولي للظابط أن الز'فت عدي هو اللي عمل كدة، ازاي تتصرفي من دماغك، هو أنتِ كنتِ موجودة اصلا ولا شوفتي حاجة عشان تتكلمي كدة، وتتصرفي من دماغك،  بقى أقول للظابط أن معرفش مين عمل كدة، يقولي إنك قايلة له أن عدي اللي عمل كدة


تمتمت ترد عليه بتذمر وعدم رضا مما استمعت

 إليه للتو 


:- نعم لأ استنى أنتَ كدة يعني إيه تقوله متعرفش مين، هو ونهي اللي عملوا كدة، ليه تقول كدة أنتَ عاوز توصل لإيه يا عمر، هما بنفسهم قالولي أنهم هما اللي عملوا كدة لما شوفتهم. 


صاح بها بغضب وهو يتململ في الفراش بحدة شديدة 


:- عرفتي بقي ليه مكنتش عاوز اقولك على حاجة، عرفتي ليه ولا لـ.. 


قطع حديثه وضيق عينيه بتركيز لما تفوهت به ووصل إلى مسامعه للتو، تحدث يسألها بعدم فهم 


:- قالولك... هما قالولك ازاي هو أنتِ شوفتيهم فين؟ 


لعنت اندفاعها وتسرعها الذي دائمًا يضعها في تلك المواقف، تخشى رد فعله، فهو غضب منها بشدة عندما علم أنها أخبرت الضابط عن اسم عدي، فماذا سيفعل بها إذا علم بذهابها اليهما وما فعلته بهما؟!


 حمحمت بصوت مسموع مرتبك بشدة، و تمتمت بتلعثم وهي تتحدث بنبرة مغزية

:- اهدي يا عمر عشان متتعبش يا حبيبي خلاص محصلش حاجة مش هتصرف تاني أنا غلطانة. 


رمقها بنظراته الغاضبة المشتعلة بالغضب المصوبة إليها، طالعها من أعلاها إلى ادناها، يعلم جيدا ما تفعله وما تريد الوصول إليه، فصاح بأسمها بغضب وهو يشدد فوق أحرفه


:- آلااااء


صمتت مسرعة ولن يقوي لسانها على التفوه بحرف زائد، استرد حديثه مرة أخرى بحدة شديدة 


:- آلاء اتنيلي ردي على سؤالي وجاوبيني عشان متعصبش عليكي واقوم أهد الدنيا كلها ولا فاكراني عشان تعبان مش هقدر اعمل حاجة، أنا لسة ممو'تش عشان تتصرفيلي من دماغك للدرجة دي. 


تلعن ذاتها بالفعل، تتمنى لو أن بيدها التخلص من تسرعها الشديد الذي يضعها دائمًا في مأزق تخرج منه كل مرة بصعوبة. 


تمتمت ترد عليه بلهفة حقيقية منبعثة من قلبها 


:- بعد الشر عليك، يارب هما، بص أنا هفهمك للي عملته بس اوعدني الأول عشان خاطري إنك تبقي هادي عشان صحتك ماشي. 


انهت حديثها وهي ترمش بأهدابها عدة مرات متتالية ببراءة مزيفة، متمنية أن يمرئ الامر بهدوء ولكن هيهات اي أمر الذي سيمرء بهدوء؟! 

فهي بذاتها رأت رد فعله عندما علم انها اخبرت الضابط عن اسم عدي وأنه مَن فعل ذلك، فماذا سيفعل بها إذا علم بما فعلته بهما؟ 


طالعها بنظرات حادة اخترقتها وجعلتها تخاف أكثر، ثم تحدث بعدها بجدية تامة وهو يضغط فوق أحرف حديثه بنفاذ صبر


:- آلاء أنا قولت قولي أنتِ شوفتيهم ازاي، وتقولي من غير مقدمات وكلام كتير عشان انا متعصب. 


بدا التوجس على جميع ملامح وجهها، وتمتمت تجيبه بخفوت شديد متلعثمة في حديثها، عندما علمت أن لا مفر ولا بد من إجابتها على سؤاله


:- مـ..ما هو بص أنا.. ايوة، بص عمر هو خليك هادي عشان اعرف اتكلم، ه.. هو أنـ.. 


قطعت حديثها الغير مرتب أطلاقا قالطفل الصغير يتحدث افضل منها، وردت عليه باندفاع وتسرع وهي تفرك في يديها بتوتر شديد 


:- أنا روحتلهم و الصراحة لقيت ست نهى دي هناك و مقدرتش امسك نفسي وضربتهم ومخلية الحراس بتوعك دول واقفين هناك بأمر مني عشان ميهربوش و يستخبوا تاني مع بعض ويعملوا أي حاجة. 


:-روحتيلهم؟ 

سألها بدهشة تامة وعقله مازال لا يستوعب حديثها الذي استمع إليه للتو، تمنى لو أن اذنيه تكن كاذبة في النهاية وهي لم تفعل مثلما استمع.. 


أسرعت تعقب على حديثه بفخر وهي تشير بسبابتها نحو ذاتها 


:- يس كان معايا الحراسة وسامر كمان االي أنتَ بتثق فيه اوي و بتعتمد عليه وبهدلتـ.. 


طالعها بنظرات حادة اخرستها، جعلت الحديث يقف في حلقها لا تقوى على التفوه به، وتحدث بغضب عارم لا يأتي شئ مقارنة بغضبه الداخلي والنيران التي تتأهب وتزداد اشتعالا مع كل حرف يستمع إليه منها 


:- وتاخدي سامر والحراسة معاكي ليه تروحي ليه من الأساس قدري كان عمل حاجة فيكي ولا نهى عملت حاجة فيكي وحصلك حاجة، كنت هعمل إيه انا وقتها عشات كدة مكنش لازم خالص ولا ينفع أني اقولك عرفتي أن كان معايا حق. 


عقله اللعين يصور له مشاهد أخرى يخشى حدوثها، يخشى بشدة أن يحدث لها شئ على يد عدي، فهو يعلم نيته تجاهها. 


وقفت قبالته تتحدث بعدم رضا وهي تعقد زراعيها أمام صدرها بتذمر من معاملته لها كالطفلة الصغيرة الحمقاء التي لا تفقه شئ


:- والله هو أنتَ فاكر إني صغيرة، لا يا عمر انا اقدر اتصرف وعارفة كويس انا بعمل إيه، اللي مينفعش اصلا انك كنت تخبي عليا او تعاملني كأني عيلة صغيرة. 


ضرب بيدة فوق الفراش الذي يجلس فوقه بعصبية، وطالعها بحدة شديدة اخرستها، وغمغم بغضب عارم 


:- آلاء اطلعي برة من وشي دلوقتي. 


كادت أن تتحدث مرة أخرى، لكنه قطعها بعصبية شديدة والغضب بدا عليه بشدة 


:- آلاء برة قولت سمعتي. 


خرجت من الغرفة وهي تتأفأف عدة مرات ممتالية، تاركة إياه خلفها يشتعل من فرط الغضب الذي يشعر به.. 


 ❈-❈-❈


ظلت آلاء تجلس في الخارج لم تدلف إليه، لكنها تنهدت بصوت مسموع ثم دلفت الغرفة الخاصة به، رآها عمر لكنه ظل صامت كما هو لم يتحدث معها.. 


اقتربت منه هي وجلست فوق طرف الفراش بجانبه واضعة يدها فوق كتفه وتمتمت بصوت متحشرج شبه باكي، مازالت لم تنجح في تخطي افكارها بأنها كانت ستفتقده، على الرغم من انها اطمأنت على صحته، لكن لازال خوفها يسيطر عليها وعلى ذهنها مما أدي إلى إرهاق وقلق قلبها، تتمنى حضنه الدافئ الذي يشعرها بالأمان احتضانه لها الذي يجعلها تشعر انها مازالت على قيد الحياة وقلبها ينبض


:- عـ... عمر أنا كنت خايفة بجد لأ خايفة إيه، كنت مرعوبة صدقني لو كان حصلك حاجة كنت همو'ت قبلك والله، أنا مش عاوزة حاجة من الدنيا دي كلها غيرك أنتَ بقيت كل حاجة بقيالي ومش عاوزة غيرك، كنت عاوزني اسكت ازاي وأنا شايفاك هتبعد عني زي بابا وماما، دة أنا لو كنت اطول امو'تهم بإيدي مكنتش هتردد ثانية واحدة، عمر انا اكتشفت أني من غير وجودك جنبي ولا حاجة، أنتَ كل حاجة ليا الأمان والقوة والسند، والنفس اللي بتنفسه. 


من نبرة حديثها وعينيها التي تلتمع بها الدموع، علم ما تحتاجه الآن، اشار لها أن تقترب منه أكثر، فأسرعت نحوه تنتظر أن يتفوه بما يريد.


  لكنه فجأها بردة فعله عندما جذبها نحوه يحتضنها بعشق جارف، يحاول أن يجعلها تهدأ واطمئن، جسدها كان يرتجف تحت زراعيه بينما قلبها بداخلها كان يرتعش بشدة حتى شعرت أنه سيتوقف، لكنها استمعت إلى صوته الحاني الهادئ الذي جعلها تهدأ داخل حضنه موطنها الحقيقيّ الذي تنسى ذاتها به 


:- خلاص اهدي يا روح قلب عمر أنا كويس وهفضل معاكي على طول يا آلاء مش هسيبك خالص أنا اتعصبت بس عشان كنت خا'يف عليكي أحسن يحصلك حاجة مش عاوزك تقلقي خالص. 


اومأت له برأسها الى الأمام بهدوء شديد وهي تشعر بالارتياح داخل حضنه وضعت راسها فوق صدره بارتياح شديد، تنعم من اقترابه لها.


 بينما هو توعد لهما بشدة لن يصمت ابدا عن ذلك الخو'ف الذي شعرت به ووصلت إليه، سيجعلهم يندمون بشدة لأنهما كانوا سبب تلك الحالة التي هي بها الآن.. 


تابعت حديثها مرة أخرى بعشق جارف وصوت مبحوح 


:- عموري أنا بعشقك، ربنا يديمك في حياتي على طول. 


شدد من احتضانه عليها كأنه يريد أن يدخلها بين ضلوعه حتى تصل لقلبه موطنها الطبيعي، واستمعت إلي حديثه الهادئ الحاني عليها 


:- بعد كدة يا قلب عمورك متتصرفيش تاني من دماغك، أي حاجة تحصل ارجعيلي وأنا هتصرف لو متصرفتش أنا الأول ابقي اعملي اللي أنتِ عاوزاه ماشي يا روحي؟ 


يحدثها بهدوء شديد وكأنها طفلة صغيرة مُدللة، يعلم جيدًا أن العناد يم ينفعه معها، فإذا عاند وفرض رأيه عليها لن يصل لشئ سوى تمردها أمامه، هو يحفظها جيدًا ويعلم أدق التفاصيل التي تأتي على عقلها.. 


اومأت له برأسها إلى الأمام بينما لسانها قد انعقد و عجز عن الحديث والتفوه بحرف واحد بعدما استمع قلبها إلى حديثه الحاني العاشق لها، حديثه الذي يبرز مدى خو'فه وقلقه عليها، يخبرها بكاماته انها مسؤولة منه هو فقط.. 


 ❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع... 


خرج عمر من المستشفى بعدما تحسنت صحته نوعا ما، كان في طريقه إلى المنزل بصحبة آلاء التي رفضت أن تتركه لوهلة واحدة، وتامر شقيقه الذي كان في سيارته خلفه، وسامر رئيس الحراسة الخاص به معه بعض الحراس، وصلوا جميعا نحو المنزل، نزل عمر من السيارة ثم غمغم قائلا لـ آلاء بهدوء وصوت منخفض 


:- آلاء ادخلي أنتِ وأنا هتكلم مع سامر في كم حاجة وجاي وراكي على طول. 


ضمت شفتيها إلى الأمام بتذمر، بحركة خطفت أنفاسه هو، ثم ردت عليه باعتراض

 

:- لأ يا عمر وارتاح شوية أنتَ لسة خارج من المستشفى، اهدى على نفسك عشان متتعبش. 


اومأ لها برأسه ثم أشار لها بيده نحو الداخل فتأفأفت عدة مرات بعدم رضا، اردفت تتحدث بشغف جارف

 

:- هدخل اهو هدخل، بس خلي بالك من نفسك ويلا بسرعة ماشي. 


اومأ لها برأسه إلى الأمام مرة أخرى، ولم يرد عليها مكتفي بتلك الايماءة البسيطة، فسارت متوجهة نحو الداخل، اقترب تامر منه يسأله باستغراب 


:-في إيه يا عمر مش هتدخل ولا إيه؟ 


رد يجيبه بلا مبالاه وهو يتوجه نحو سامر 

 

:- هدخل بس مش دلوقتي ادخل أنتَ. 


توجه تامر نخو الداخل، بينما عمر اقترب من سامر وتحدث بحدة شديدة وغضب بالغ 


:- أنتَ ازاي تسيب آلاء تروح لغاية عندهم وتجيب لها كمان عنوانهم، إيه بتتصرف من دماغك للدرجة دي. 


طأطأ رأسه إلى اسفل، وأخفض بصره ارضا، ثم رد عليه باحترام شارحا له الأمر

 

:- يا عمر بيه المدام كانت متعصبة جدا و ططلبت مني اجيبلها عنوانهم، وكانت بتزعق جامد وشرحتلها كتير أن مينفعش اتصرف من غير وجودك بس هي صممت فانا مقدرتش اعمل أي حاجة. 


علم أنه مُحق فـ آلاء عنيدة بشدة خاصة عندما تكون غاضبة، ولا احد يقدر أن يغير من رأيها الصارم؛ لذلك قرر ألا يعقب على حديثه، وسأله ببرود غاضب


:-عملت إيه لما روحتوا هناك؟ 


قصَّ عليه سامر كل ما حدث هناك، وانهى حديثه معقبا بهدوء 


:- بس يا عمر بيه وسايب كم واحد هناك عشان ميروحوش في أي حتة ويفضلوا كدة. 


اومأ له برأسه الى الامام باستحسان، وتمتم ينبهه بصرامة 


:- ماشي يا سامر بعد كدة مفيش أي تصرف يحصل غير لما اعرف أنا الأول وأوافق عليه مفهوم.


شدد على أحرف كلمته الأخيرة، فأومأ له سامر برأسه إلى الأمام باحترام شديد. 


توجه عمر نحو الداخل وجد سناء والدته في انتظاره، احتضنته بشدة وسعادة غارمة، وكأن الحياة قد عادت إليها مجددا،  كانت تخشى أن يصيبه شئ، فقلبها سوف يتوقف نهائيًا، هي لا تقوى أن تعيش حياتها من دون وجوده، تمتمت بنبرة حانية والدموع تلتمع داخل مقلتيها

 

:- حمد لله على سلامتك يا حبيبي، كنت خايفة عليك اوي. 


التقط عمر كفها بين يديه يربت فوقه بحنو ورد عليها بهدوء وهو يزيل دموعها بحنو 


:- متقلقيش يا ماما أنا كويس وزي الفل هو أنتِ مش عارفة ابنك ولا إيه، مش بتطمني عليا كل يوم و انتي بنفسك لاحظتي اني بقيت كويس متخافيش. 


اومأت له برأسها إلى الأمام، وهي تحمد ربها كثير بداخلها، واحتضنها عمر بحنان شديد، ثم جلسوا جميعا يتحدثون معه قبل أن يصعد صوب غرفته بصحبة آلاء التي كانت مرهقة بشدة. 


جلست بجانبه فوق الفراش، فتمتم هو قائلا لها بمرح 


:- ضربتي نهى جامد أنتِ الفرصة جاتلك. 


ضحكت بخفوت على حديثه، قبل أن تعتدل في جلستها وأجابته بحماس شديد


:- اه طبعا يا حبيبي ما صدقت الصراحة، الواحد كان عاوز يقـ'ـتلها اصلا. 


اعتدل في جلسته ثم جذبها نحوه يقربها منه أكثر، وتمتم بجدية يتخللها الحنو 


:- اعملي اللي يعجبك يا آلاء هانم بس طول مانا موجود وجانبك لكن غير كدة لأ متتصرفيش تاني من دماغك فاهماني؟ 


اومأت له برأسه إلى الأمام ثم تمتمت بنبرة مغزية مدللة وهي تقترب منه اكثر حتى اختلطت أنفاسهما سويا 


:- ماشي يا عموري بس متخافش عليا، خليك واثق فيا وفي قدراتي دة أنا تربيتك يا بيبي. 


انفجرت شفتيه بسبب حديثها وجملتها الأخيرة بالتحديد، ورد عليها بشغف شديد، وهو يتطلع نحو ملامح وجهها المحفورة في قلبه بتمعن يتأملها وكأنه يراها لأول مرة لن يمل أبدا منها وسيظل حبها يتجدد في كل ثانية تمر على قلبه 


:- مانا واثق يا قلب وروح وحياة عمورك، وعشان تربيتي فعلا بقولك متتصرفيش من دماغك اللي ممكن تد'مر العالم كفاية قلبي متد'مر من حبك. 


اكتسى لللون الأحمر وجنتيها بشدة، ودفنت وجهها في عنقه بخجل لم تشعر به سوى بوجوده هو فقط معها، بينما هو اسرع يوزع قبلات رقيقة هادئة فوق وجهها وعنقها، بينما هي مستسلمة تماما بين يديه تريد أن تنعم اكثر من اقترابه الدافئ لها.. 


قطع حديثهما صوت الطرقات التي اعتلت فوق باب الغرفة، فابتعدت عنه وهمهمت تسمح لمن يدق بالدلوف، لم يمر سوى بضع ثوانٍ حتى وكانت نغم تدلف الغرفة، تحدثت قائلة لعمر بهدوء وهي ترمق آلاء بغيظ وغيرة واضحة 


:- عمر في ناس تحت جايين عشان يشوفوك ويتطمنوا عليك. 


كان يعلم أنهم اصدقاءه، فهم قد اتصلوا عليه عدة مرات وهو في المستشغى، نهض من فوق الفراش و توجه نحو الخارج، جاءت آلاء ان تنزل معه لكنه تمتم معترضا بهدوء 


:- لا يا لولي خليكي أنتِ هنا هقعد معاهم لوحدي. 


همهمت ترد عليه بهدوء، ولم تعقب على حديثه، بينما نغم ابتسمت بخبث وأردفت قائلة لها بخبث وابتسامة ماكرة تزين ثغرها


:- بس عمر طلع ليه اصحاب قمر بجد، وفيهم بنات لابسين لبس قصير وعريان ليه حق يقعد لوحده، بس كويس أنهم جم يزوروه. 


القت كلماتها السامة وسارت نحو الخارج ببرود كأنها لم تقعل شئ للتو، بينما آلاء ظلت تفكر في حديثها شعرت بالغيرة ونيرانها تتأهب، وتشتعل بداخل قلبها تتاكله بالكامل. 


كانت ستنزل مسرعة نحوهم لكنها تذكرت حديث نغن وهي توضح فيه ما يرتدوه؛ لذلك توجهت نحو الداخل مرة أخرى، وجلبت فستان من اللون الزهري قصير بعض الشئ ذو أكمام ضيقة مثله يبرز بوضوح مفاتنها،  ارتدته واعدت ذاتها ثم نزلت متوجهة الى أسفل وهي غاضبة بشدة، وقد الغت عقلها تماما توجعت حيثُ يجلس عمر برفقة أصدقاءه.


  لكنها دُهشت عندما رأتهم جميعا رجال عن اي فتيات كانت تتحدث نغم، لكن ما جعلها تخاف أكثر هو نظرة عمر لها الحادة الغاضبة التي جعلت قلبها يتوقف عن النبض، نظراته كانت تعكس بوضوح مدى الغضب الذي يشعر به، هيأ لها عقلها أنه سيقـ'تلها من شدة الغضب الذي بدا عليه، بينما نغم فقد كانت تقف تشاهد كل ذلك وابتسمت بسعادة عما يحدث، تعلم حيدا كم هي مندفعة تلغي عقلها في تلك الأوقات وتتصرف كالطفلة التي لا تفقه الصواب من الخطأ..


يـُتبع...