رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني - هدير دودو - الفصل 5 - 2
رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني
بقلم الكاتبة هدير دودو
رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني
تابع قراءة الفصل الخامس
اومأت له براسها إلى الأمام بخجل شديد، وسارت مسرعة من أمامه تبدل الفستان إلى منامة بيتية مريحة من اللون الوردي.
حدق بها بسخرية، وتمتم بتهكم وغيظ
:- بصي لابسة إيه ليا انا، لكن للناس لابسالي حاجات قصيرة وضيقة.
ابتسمت ثم اقتربت منه وجلست فوق ساقيه بدلال شديد، وتمتمت بهدوء وهي تضع رأسها فوق كتفه
:- خلاص بقا يا عموري بلاش نزعل من بعض، ووعد مني مش هعمل حاجة تضايقك ولا تزعلك تاني.
وضع يده فوق خصـ'رها بحنو يضمها نحوه يقربها منه أكثر، وأردف بحنو واضح
:- خلاص يا قلب عمورك بس إيه التطور الي بيحصل دة أنا لو اعرف كدة كنت اخدت الرصاصة دي من زمـ...
قطعته بلهفة شديدة، وقد تحولت ملامح وجهها الهادئة الى أخرى غاضبة بضيق
:- بعد الشر عليك يا عمر والله بجد هزعل منك، أنا مش هقدر اسمع كلامك دة بجد انا كنت بمو'ت وقتها، و روحي كانت بتتسحب مني وأنتَ جاي تقولي كدة.
تحدث يرد عليها بمرح بعدما رأى عبوس ملامحهها
:- خلاص يا لولي متزعليش كدة، مبحبكيش تبقي زعلانة، اضحكي يا قلبي متزعليش وأنا هفضل جنبم على طول مش هسيبك خالص ربنا يديمك ليا يا احلى حاجة في حياتي.
انفجرت شفتيها باسمة بهدوء وسعادة، و تهللت اساريرها بسبب حديثه لها، تمتمت بعدها ترد عليه بسعادة حقيقية
:- مش زعلانة ومش هزعل ابدا طول ما أنتَ معايا وفي حياتي عمري ما هزعل، أنا متأكدة.
شدد من احتضانه لها كأنه يريد أن يدخلها بين ضلوعه وتظل مختبئة من العالم باكمله بين ضلوعه وقلبه، فهي روحه التي يعيش بها، نعم هي أهم شئ في حياته هي الشي الذي يدفعه دائما ليظل على قيد الحياة، كالنبض الذي ينبضه قلبه لحييا ويعيش، هي كل شئ في الحياة له من دون مبالغة..
❈-❈-❈
جلس تامر في المكتب الخاص به يشعر أنه كالتائه
فجأة شعر أن كل مخططاته خاطئة، جميع أفكاره وافعاله كانت خطأ.
كان يرى دائمًا بسملة كالملاك أمامه، كات يظن أنها ستقف بجانبه دائما من دون أن يتحدث ويخبرها انه يريدها، لكنها هدمت جميع افكاره وظنونه بها، صُدِم فيها بشدة، وجد كل ما يحتاجه في فريدة.
شعر كأنه كان لا يراها كما يراها الجميع، لا يرى حقيقتها، أغمض عينيه بتعب وأسند ظهره إلى الخلف ودار في عقله مقارنة بينها وبين فريدة وجميع افعالها التي فعلتها منذُ أن تزوجها، عدد المرات التي وقفت بجانبه فيها من دون أن يطلب منها، كم مرة تجلس وتحاول أن تخفف عنه عندما تراه مهموم وحزين.
كم مرة تحملته وتحملت قساوته وبروده في معاملته لها، على عكس بسملة التي دائما تريده يلبي طلباتها ويقدم لها ما تريد من دون أن تبوح عنه، لعن ذاته وعقله بانه يقارن فتاة مثل فريدة ببسملة فقد بدت له الرؤية الصحيحة، ظهرت له الحقيقة التي كان يراها الجميع ماعدا هو...هو الذي كان يعمى عنها.
صدر عنه تنهيدة حارة تعبر عن مدى اشتعال النيران المتأهبة بداخله، أعاد فتح عينيه مرة اخرى ونزل من المكتب ركب سيارته منطلقا بها بسرعة عالية نحو المنزل، ترجل من سيارته بعدما وصل وهو يشعر بالضيق يجتاح جميع خلاياه، تمنى لو أن لديه القدرة على مشاعره حتى يوجهها دائما للصحيح.
لفتت هي انتباهه خاصة عندما رآها تقف في الشرفة التابعة لغرفتهما وخصلات شعرها البنية تتطاير بسبب نسمات الهواء، تطلع حوله إلى عدد الحراس المنتشرين في جميع الانحاء حوله، قد ضاعف عمر عددهم، هرول سريعا يتوجه نحو غرفته وهو يتوعد لفعلتها الحمقاء.
و اخيرا وصل نحوها، جذبها من زراعها بقوة وتوجه بها صوب الداخل، ثم اردف بعدها بعصبية وصرامة
:- إيه دة ازاي تطلعي بشعرك كدة، مش شايفة كل الرجالة اللي واقفين برة ايه الحجاب اللي أنتِ لابساه دة زينة ولا قلعتيه وأنا مش عارف.
تأفأفت عدة مرات وهي تحاول أن تخلص زراعها من بين قبضته القوية التي تعتصره، وردت عليه ببرود وهي تتحاشى البصر نحوه
:- براحتي البسه اقلعه ملكش دعوة بيا لو سمحت، ولا هعمل أي حاجة أنتَ بتقولها.
رد عليها بتهكم ساخرًا، وهو يكبت غيظه من البرود الذي تتعامل به معه
:- دة مش كلامي ولا حاجة بقولها يا ست هانم، دة كلام ربنا أن مينفعش حد غريب يشوف شعرك ولا اول مرة تعرفي المعلومة دي.
اومأت له إلى الأمام جذبت الوشاح الخاص بها من جانبها وضعته فوق رأسها، ثم تمتمت بعدها بإستفزاز
:- آه صح ماشي، أنتَ معاك حق.
أسرع بسرعة البرق يجذب الوشاح الذي وضعته للتو، وتمتم بغيظ حاد وهو مصوب عينيه عليها
:- بقى واقفالي قدام الكل بشعرك اللي بيطير هنا و هناك، وجاية عندي أنا تلبسيلي الطرحة.
رفعت كتفيها إلى أعلى ببرود، وهي تحاول أن تتمسك بالوشاح الذي يجذبه، تمتمت بلا مبالاه وبساطة
:- اوعي ايدك كدة، أنا حرة اعمل اللي يعجبني واعتقد أنتَ فاكر اخر كلام بينا كويس قبل ما عمر يتعب، وطلبي اللي أنا لسة مصمة عليه، أنا بس ساكتة احتراما للموقف والظروف اللي بتمر بيها أنا مش ندلة ولا مبفهمش للدرجادي.
لعن ذاته على طريقته التي كان يعاملها بها من قبل فهي حتى الآن وعلى الرغم من كل ما حدث الا أنها مازالت تقف بحانبه و تدعمه، غمغم يحدثها بنبرة خافتة مترجية
:- فريدة عشان خاطري وخاطر ابننا أو بنتنا اللي الجايين بلاش، بلاش دلوقتي وبلاش بعدين.
لم تقوي على الرد والتفوه و لو بحرف واحد، لسانها لم يطاوعها على التحدث و هي ترى حالته، ليس ضعف منها كما يرى البعض ولكن شي اخر بداخلها كان يتمنى تمسكه بها الذي حدث الآن و لو ببضع الكلمات، نعم هي ليست ضعيفة ولكن كيف ستتحدث في ذلك الامر و هي ترى كم المصائب التي تحدث.
توجهت جالسة فوق الفراش ملتزمة الصمت التام، تاركة إياه يجلد ذاته وتفكيره.
حاول أن يفوق قليلا من الدوامة المحيطة به، وهتف متسائلًا هدوء بعدما تذكر ذلك الشئ
:- فريدة...بكرة معاد الدكتورة صح؟
على غير المتوقع منها، باغتته بردها الساخر المتهكم
:- والله بتسأل كمان مش عارف، حتى ابنك أو بنتك اللي بتتكلم عنهم مش فاكرهم، بس على العموم آه هو بكرة وكدة كدة، أنا هروح لوحدي مش عاوزاك معايا متجيش احسن.
جلس بجانبها واقترب منها ثم باغتها هو الآخر عندما جذبها إلى داخل حضنه بحنو، وتمتم بنبرة لينة حانية يتخللها شعور آخر لا يعلم عنه الشئ ومازال يجهل عن تفسيره
:- معلش الذاكرة عندي يدوبك الواحد معتمد عليكي يا ست ديدا في كل حاجة مش مراتي بقي، وبعدين مفيش مرواح لوحدك أنا هاجي معاكي وإلا مكنتش سألتك، تعالي يلا عشان ننزل نتعشى و لا تعبانة اخليهم يطلعوا الاكل الاوضة.
حركت رأسها نافية بخجل، وهي تحاول أن تخفي بسمتها عنه، وردت تجيبه بخفوت
:- لأ هنزل عادي مش تعبانة.
اومأ برأسه صوب الأمام وهو لازال يأخذها بين أحضانه ويدفن وجهه في عنقها يستنشق عبيرها الخلاب بصمت تام..
❈-❈-❈
نزلت آلاء متوجهة إلى أسفل بصحبة عمر الذي توجه جالسًا فوق المقعد الخاص به، فعقبت سناء بقلق
:- إيه اللي نزلك كدة يا عمر كنت فضلت فوق يا حبييي مرتاح شوية، أنت لسة تعبان.
ابتسم بهدوء على خوفها عليه، ثم رد يجيبها بثقة
:-متقلقيش يا حبيبتي قولتلك أنا كويس، اصلا آلاء رفضت أني اخرج من المستشفي غير لما اخف نهائي يعني أنا تمام دلوقتي ومن بكرة هنزل الشركة عـاد..
قطعته سناء برفض حازم، وقد عبست ملامح وجهها بسبب حديثه الذي تفوه به للتو
:- لأ طبعا يا عمر شغل إيه وشركة إيه، تامر موجود هو ومتابع كل حاجة، استنى كمان اسبوعين ولا حاجة الأول عشان نتأكد إنك بقيت كويس...ما تتكلمي معاه يا آلاء.
كانت تستمع إلى حديثهما بصمت من دون أن تعقبر فهي أيضا غير راضية عن نزوله الشركة في ذلك الوقت
:- والله يا عمتو أنا لسة قايلاله الكلام دة، راح مزعقلي أنتِ عارفاه اعمله إيه بقي، قالي أنا سنعت كلامك وقعدت فالمستشفى.
قبل أن تسترد والدته حديثها مرة أخرى، أردف هو متحدثًا بجدية تامة
:- أنا كويس وصحتي بقت زي الفل والدكتور بنفسه قايل لـ آلاء كدة من قبل ما نمشي يبقي ملوش داعي، يبقى ننزل نشوف شغلنا وحالنا مش هفضل قاعد على الفاضي.
نهضت آلاء ما أن رأت نغم وأخيرا، توجهت نحوها ثم تحدثت معها بضيق وهي ترمقها بغيظ
:- اهلا اهلا يا نغم هانم، مش عيب كبيرة كدة ولسة بتكذبي، لأ مش معقول بجد اوعي تكوني فاكرة ان الحركات الهبلة بتاعت العيال دي ممكن تأثر عليا انا وعمر لا يا حبيبتي عادي اينعم زعل شوية بس صالحته عادي يا بيبي.
ابتلعت نغم ريقها بتوتر، ثم تمتمت تسألها بخفوت مدعية عدم الفهم
:- إيه اللي بتقوليه دة، هو أنا عملت حاجة ولا أنتِ أي حاجة عاوزة تقولي أن أنا السبب فيها وخلاص.
وزعت آلاء بصرها عليها من أعلاها إلى أدناها بغضب، وأردفت بتهكم ساخرة منها
:- وبالنسبة للبنات اللي لابسين قصير واللي هما في الحقيقة مش موجودين ودة كله كان من وحي خيالك الغريب.
كادت نغم ترد عليها، لكنها لم تمنحها الفرصة وقطعتها بنبرة حادة
:- شوفي يا نغم أنا مش فاضيالك ولا فاضية لوجع الدماغ اللي بتعمليه دة، اعقلي يا حبيبتي عشان مش عاوزة اتخانق معاكي قدام الكل وابهدلك أنا هسكتلك عشان عمر أخوكي بس مش أكتر.
أنهت جملتها وسارت من أمامها ببرود تاركة اياها تقف تأفأف بضيق والنيران تغلي داخل عقلها بغضب..
اجتمع الجميع حول مائدة الطعام وبدأوا يتناولون العشاء وبداخل كل منهم مخططات غير الأخرى، بداية من عمر الذي كان يريد أن يلقن عدي ونهى درسا هاما يتذكرونه طوال حياتهما، لكن ليس الآن فعليه أن يتحلى بالصبر أولا، سيأخذ حق خوف الحميع الذي حدث بسببهما.
بينما آلاء فقد كانت تخشى بشدة حياتها القادمة مع عمر، تخشى أن يصيبه شئ ويبتعد عنها، تعلم أنه يخطط لأمر هام فعدم أخباره الظابط عن عدي يؤكد ذلك، علمت أنه يخطط لشئ أكبر لم يعلم أحد عنه شئ.
كان تامر مازال في حالة كبيرة من الصدمة ولازال يحاول أن يفهم حقيقة مشاعره ويمحي كل ما بداخله لبسملة الذي اكتشف وتيقن أنه خُدع بسببها.
أمّا فريدة فكانت لا تعلم ماذا تفعل؟!..هي بصعوبة بالغة قررت قرارها وطلبت الانفصال منه، كيف ستعيدها كرة أخرى، خاصة وهي ترى ان افكارها مازالت غير مرتبة، ستحاول أن تعيد ترتيبها من جديد.
لكن نغم تختلف كان كل ما يشغل بالها هو آلاء، ترى أنها مسيطؤة على الجميع...نعم هي تجعل الجميع يحبها ويحب رأيها وكأنها أهم واحدة في العالم بأكمله، من الكؤسف أنها تغار فالغيرة شعور سئ فمهما كانت مميزاتك متعددة وجميلة لن تراها بسبب غيرتك من الشخص الآخر، ستراه دائما هو الافضل وهذا بالفعل ما تراه وتشعر به نغم، تشعر أن آلاء قد سرقت منها شقيقها وحب واهتمام والدتها التي تهتم بها وتدللها دائما....لكنهت هي لم تستطع أن يرى اهتمامهم الحقيقي بها هي..
❈-❈-❈
في المساء...
كانت آلاء تجلس في غرفتها تنتظر عودة عمر من الشركة بعدما قد أصر على الذهاب صباحًا.
لكن ما ثار قلقها هو أن تامر عاد منذ فترة، صدر عنها تنهيدة حارة قلقة، جذبت الهاتف ظلت تتصل عليه للمرة التي لا تعلم عددها، لكن أخيرًا قام بالرد عليها.
اسرعت متحدثة بقلق شديد وهي تمسك الهاتف بقوة بين يديها ضاغطة فوفه بقلق
:- ألو يا عمر أنتَ فين لغاية ودلوقتي وليه مرجعتش.
رد عليها عمر مسرعًا وهو يريد ات يسرع في الغلق معها؛ لانه قد اقترب أن يصل إلى المكان الذي يريده
:- أنا في مشوار مهم يا آلاء اقغلي دلوقتي هبقي اكلمك بعدين.
استنتجت بالطبع اين هو ذاهب، فهي ليست حمقاء بل هي تعلم تفكيره جيدا؛ لذلك تمتمت بضيق و قد ازدادت دقات قلبها وتسارعت بداخلها وكانها تتسابق حيث أصبحت تستمع إلي أصواتهم
:- عمر انا قولتلك بلاش ليه روحت، ماشي كنت روح بس مش دلوقتي أنتَ لسة تعبان، بس أنتَ طبعا مش بتسمع كلامي، وروحت لعدي ونهى صح؟
رد عليها بجدية تامة قبل أن يغلق معها
:- آه يا آلاء اقفلي بقى عشان أنا وصلت لما أجيلك نبقي نتكلم.
قبل أن يغلق استمع إليها وهي تتحدث بصوت مبحوح خافت ملئ بالقلق
:- طب خلي بالك من نفسك يا عمر عشان خاطري.
رد يجيبها بهدوء وثقة وهو يترجل من سيارته بعدما وصل
:- حاضر يا قلب عمر خليكي واثقة فيا، ومتقلقيش الموضوع مش مستاهل كل القلق دة.
أغلق معها بعدما أنهى جملته وتوجه صوب الداخل في المكان الذي يوجد بداخله عدي ونهى..
يُتبع..
إلى حين نشر فصل جديد من رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني للكاتبة هدير دودو، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية