رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني - هدير دودو - الفصل 5
رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني
بقلم الكاتبة هدير دودو
رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني
الفصل الخامس
_تخشى كل منهما أن تكون السعادة مؤقتة
ويحتل الخوف قلوبهما من أن يحدث بينهما أي شئ_
ظل عمر يطالع آلاء بهيئتها تلك من أعلاها الى ادناها بغضب، لم يقوى أن يعقب ويثور عليها أمامهم؛ لذلك تمتم بحدة غاضبة وهو يضغط فوق كل حرف يتفوه به
:- تعالي يا آلاء اقعدي ياحبيبتي جنبي.
اومأت له برأسها وبدأت تحييهم بهدوء وهي تلعن نغم وعقلها المتهور الذي دفعها لفعل تلك الفعلة، تعلم جيدًا أنها لن تمرئ بهدوء مع عمر، عيناه لوحدها تعكس مدي الغضب الذي يشعر به.
لو استطاع أن يحرقها بنظراته لفعلها ولن يتردد، تكره افعالها المتسرعة التي تضعها دائما في المواقف المحرجة، جلست بحانب عمر الذي كان يبتسم باصتناع ليخفي الغضب الذي يشعر به بسبب نيران غيرته عليها.
بعد مرور وقت ليس بكثير فيما يقارب النصف ساعة أو أقل، لا يعلم كيف مرَّ عليه ذلك الوقت، همس بصوت خافت صارم بالقرب من أذنيها وهو يضغط فوق يدها بقوة شديدة وغضب عارم
:- اتفضلي يا آلاء هانم اطلعي فوق على اوضتك حسابنا فوق اما اجيلك.
شدد على احرف جملته بغضب عارم، فاستاذنت منهم وصعدت بالفعل متوجهة نحو غرفتها كالأعصار وهي تلعن نغم في سرها، تقسم أنها لن تصمت وتمرئ لها فعلتها الخبـ'ـيثة التي تشبهها.
جلست آلاء فوق الفراش الخاص بغرفتها هي وعمر، تفرك يديها معا بتوتر تخشى رد فعله، كعادتها الدائمة بعد فعلها لتلك الأفعال الغبية.
لا تعلم كم من الوقت مر عليها وهي لازالت جالسة تنتظره، وأخيرا وجدته يفتح باب الغرفة عليها بغضب شديد كما توقعت غالقًا إياه خلفه بقوة شديدة تعبر عما يشعر به بداخله، غرزت أسنانها في شفتها بتوجس، وطالعته ببراءة مزيفة، متمتمة بتوتر تفشل دومًا في إخفاءه أمامه هو بالتحديد
:- ا.. إيه يا عمر...مالك يا حبيبي متعصب ليه كتت هتخلع الباب في ايدك، وأنتَ لسة تعبان كمان، مين بس اللي مز...
طالعها بحدة أخرستها، فنظراته كانت كالشرر المتطاير الذي يخترقها، بترت جملتها سريعا، سار نحوها غضب ووأردف متحدثًا بحدة وهو يطالعها بنظرات غاضبة تخترق جسـ'ـدها
:- تقدري تفهميني إيه القرف اللي شوفته تحت دة، أنتِ اتهبلتي ولا بتستعبطي.
أنهى حديثه وضربها فوق رأسها بعصبية شاعرًا بالدماء التي تغلي في عروقه..
فركت في يديها بتوتر وردت عليه بصوت خافت وهي تخفض بصرها ارضا واضعة يديها فوق رأسها، تعلم أنه محق في حديثه وأنها اخطأت لكن عنوة عنها ليس بارادتها
:- بص انا غلطانة وعارفة بس خلاص مكنش قصدي، بلاش تزعل بقى دلوقتِي وعد مش هتتكرر أنتَ عارفني.
رد عليها صائحًا بغضب عارم، ضاربًا اياها بخفة فوق رأسها
:- هو ايه دة اللي غلطتي نازلالي تحت كدة فين اللي لبساه هو دة لبس دة، إيه فكراني مش هتكلم على القـ'رف دة.
انهي حديثه ممسكًا بطرف الفستان الذي كانت ترتديه يجذبها منه بحدة..
ردت عليه بضيق هي الأخرى بعدما استمعت إلى حديثه
:- عمر خلاص، وبطل كلامك دة معايا انا معملتش حاجة قولتلك نغم السبب وأنا معترفة بغلطي.
وزع نظراته عليها من أعلاها إلى ادناها بغضب وأعين مشتعلة، لك يرد عليها بل زقف يطالعها بصمت تام، لا يريد أن ينفجر بها.
تركها ودلف متوجهًا نحو المرحاض، وهو مقرر أن يتجاهل وجودها تمامًا، جلست هي الأخرى تتأفأف بغضب فوق الفراش تنتظره حتى يخرج لها، لكنها تفاجأت به عندما رأته يتوجه نحو الشرفة، وهو يرتدي بنطال بيتي مريح اسود اللون وتي شيرت ابيض، ويتعامل ببرود كأنه لم يراها، تطلعت أمامها بتوجس وظلت صامتة كما هي تلعن نغم في عقلها بغضب.
تنهدت بصوت مسموع وعزمت أمرها ألا تتركه غاضب كثيرا فنهضت من فوق الفراش متوجهة نحو الشرفة تتبعه، واقتربت منه قاطعة المسافة بينهما همست بأسمه بحنو وصوت منخفض جعل قلبه يدق بداخله ويزداد سرعة نبضاته كأنه يتراقص بداخله على انغام صوتها، سرعان ما اخفى بسمته التي ارتسمت فوق شفتيه وأدعى الغضب والجدية كما كان، فأكملت حديثها وهي تمسك زراعه في محاولة منها لجعله ينظر صوبها
:- عمر خلاص بقى كفاية أنا اسفة، أنا غلطانة وعارفة ومش بسمع الكلام ومندفعة وبغلط كتير وكتير اوي كمان، بس عادي يعني طول مانتَ موجود معايا اعمل اللي أنا عاوزاه صح؟
قبض فوق زراعها وسار بها متوجه بها نحو الداخل حتى وصل بها صوب الفراش وهو لازال حتى الآن لم يرد عليها، لكن صمته لم يدم طويلا واخيرا قد صدح صوته يتحدث بصرامة شديدة
:- طالعة ورايا البلكونة وأنتِ لسة لابسة الزفت دة لسة، أنا ساكت عشان مش عاوز ازعلك وانفجر فيكي فخليني ساكت احسن.
حاولت أن تهدا من روعة غضبها من نغم السبب في كل ما حدث، هي مَن جعلتها تفعل تلك الفعلة الغبية، أردفت بدلال شديد بعدما تنهدت بصوت مسموع لعلها تهدأ ونجحت بالفعل
:- خلاص يا عموري عشان خاطري، انا بغلط كتير بس خلاص عرفت غلطي، متزعلش بقا يا عمر هو في حد بيزعل من حياته.
ابتسم على جملتها الأخيرة بالتحديد، وتمتم بجدية يتخللها بعض اللين، وهو يشعر بالضعف أمام نظراتها المصوبه نحوه والتي اخترقت أسوار قلبه،
لا يعلم لماذا يصيبه الضع أمامها؟
هي بالتحديد ااتي تضعفه، هي الوحيدة المسيطرة على قلبه، قلبه الشبيه بالابواب المغلقة بإحكام ولكن مفاتيح الأبواب في يدها هي، تتحكم بها كما تريد، هي فقط المُسيطرة على قلبه؛ لذلك كان يحاول ان يظل غاضب امامها
:- هو أنا مش قولت متنزليش تحت يا آلاء قبل ما انزل وخليكي هنا عادي.
اومأت له برأسها إلى الأمام، مدعية البراءة حتى لا تجعله يزداد في عصبيته وغضبه منها، تحدثت بمكر و هي تقف فوق الفراش تحيط عنقه بزراعيها
:- ايوة قولت يا عموري بس أنت عارف من امتى وأنا بسمع الكلام، بعدين كنت أعرف منين انهم كلهم رجالة، نغم قالت في بنات ولابسين قصير مكنتش اعرف أن مفيش حد وبتضحك عليا، هو مش من حقي اغير عليك يعني ولا إيه
رد عليها بجمود ولازال يتطلع أمامه بغضب من تاثيرها الشديد عليه
:- لا طبعا غيري براحتك، بس المفروض كلامي يتسمع يا آلاء هانم، وتكوني عارفة أن ولا بنات العالم كله يفرقوا معايا في حاجة، وإنك أحلى وأجمل البنات في عيوني وفي قلبي، بس اللي حصل دة مش هعديه بالساهل واللبس المتخلف دة أياكي اشوفك لبساه قدام أي حد غيري مفهوم.
شدد على أحرف كلمته الأخيرة.
اومأت له براسها إلى الأمام في محاولة منها لإمتصاص غضبه، وحبست أنفاسها بسعادة وقد توردت وجنتيها باللون الاحمر القاني اثر خجلها، تمتمت ترد عليه بصوت خافت خَجِل
:- ايوة عارفة يا عموري إنك مش هتبص لاي حد، بس برضو يا عمر متنساش ان أنتَ احلى واحد في عيون بنات كتير.
لم يرد عليها كاد يوليها ظهره ويسير من أمامها، لكنها كانت الأسرع ودفنت وجهها في عنقه بعشق جارف، طابعة قبلة رقيقة فوق عنقه، ثم همست بخفوت داخل أذنيه بشغف
:- بحبك أوي أوي على فكرة.
تحولت نبرتها من الخافتة إلى أخرى مسموعة، وهي تبتعد عنه متمتمة بدلال
:- طب كدى حلو آسفة أهو يا عموري، متزعلش بقي.
قبل أن تبعتد عنه حاوط خصرها بزراعه، وابتسم على فعلتها، تمتم بمكر وهو يقترب بشفتيه من شفتيها اللتان ارتعشا من دون إرادة منها
:- لا يا قلب عمورك أنتِ الأسف مش كدة لازم تتعلمي ازاي عشان تصالحيني.
لم يمهلها فرصة واحدة للتحدث أو فهم مقصده حتى، وجدته يلتـ'ـقط شفـ'ـتيها بين شفـ'ـتيه بنهم وعشق وشدد على احتضانها، وهو يتمنى أن يدخلها بين ضلوعه لتصل إلى مسكنها وموطنها الحقيقيّ.
قطع عمر قبلتهما سويًا عندما لاحظ احتياجها للهواء في قبلتهما الأولى الذي لم يتوقع ان تكن في ذلك الوقت او بتلك الطريقة، لكنه يعشقها بشدة قلبه يريدها وجميع خلاياه تحتاج وجودها بجانبه، وجودها الذي بمثابة حياة أخرى له يعيشها بشغف شديد، حياة خالية من أي شئ سئ يزعجه.
ظلت تلتقط انفاسها بصوت مسموع، متطلعة ارضا بخجل شديد، ثم تمتمت بعدها بصوت خافت متلعثم خرج من حنجرتها بصعوبة بالغة
:- عـ... عُمر أنتَ...تعبان لسة صح؟
طالعها بطرف عينيه ثم رد عليها بمكر وهو يمرر يده فوق جسـ'دها بشغف شديد
:-انا لسة مهدتش على فكرة وعاوزك تصالحيني وكل ما افتكر منظرك ببقي عاوز امسك الفستان دة اولع فيه، بعدين تعبان ايه مانا زي الفل وخليتي الدكتور ميطلعنيش من المستشفى غير لما تتأكدي من دة، وأنا سمعت كلامك عشان بس تطمني ومسمعش كلمة تعبان دي تاني.
طالعتع بعدم تصديق ثم ردت عليه بتهكم ساخرا
:- نعم لسة متصالحتش ازاي، امال اللي عملته من شوية دة كان إيه.
ازدادت حُمرة وحنتيها القانية، بعدما انتبهت لما تفوهت به للتو، بينما هو فقد انفجرت شفتيه بتسمة على هيئتها الخجلة، ورد عليها ببساطة و هي يغمز لها بأحدي عينيه الزرقاء المتيمة بهما
:- لأ دة أنا كنت بس بعلمك الطريقة بتاعت الصلح، لكن لسة فعلا مستنيكي تصالحيني، بس روحي اقلعي الزفت دة يلا عشان بيفكرني بانك مسمعتيش كلامي ونزلتي كدة بتعصب اكتر وبعدها تيجي نتصالح بقى.
أكمل قراءة الرواية
أنين وابتهاج الجزء الثاني
بقلم هدير دودو