-->

رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني - هدير دودو - الفصل 7

 

قراءة أنين وابتهاج الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني 

بقلم الكاتبة هدير دودو

الفصل السابع



_ليت الجميع يتحكم في عقله وقلبه 

كان حينها لن يحدث لهم كل ذلك_


❈-❈-❈


في الصباح... 


استيقظت فريدة من نومها، تشعر بأنها مكتفة قي نومـ ـتها ويوجد شئ ما يقـ ـيد حركتها، لكنها  سرعان ما أدركت الأمر، وعلمت أن تامر قد استغل نومها وجذ'بها داخل حضـ ــنه، لا تعلم كيف زحفت فوق شفتيها ابتسامة حقيقية تزين ثغرها ووجهها الذي أشرق، لكنها سرعان ما أمحتها بمهارة، مزمجرة بحدة لذاتها، فهي دائما تحتفظ بسعادتها في قلبها لم تشارك أحد بها، ولا يبدو عليها أي شئ. 


أنتهى صفوها مع ذاتها الذي لم يأخذ سوى بضع ثوانٍ، وفاق عقلها لواقعها معه وما يحدث فيه، 

خيـ ــانته لها بأفكاره وعقله وكل شئ، يجلس معها كأنه ليس معها، كان دومًا يجلس صامتًا كالصنم لا يتحدث ولا يتحرك بل كان يصل به الأمر أنه يرد عل اسئلتها بصعوبة بالغة، هو تحسن معها الآن كثير عما كان في بداية زو'اجهما لكنها بالطبع لن تنسى بسهولة، فعقلها ليس بآلة ستوقفها وتمحي ذاكرتها وتعيد تشغيل الالة من جديد كما تريد، ولا قلبها كالورقة ستمسك ممحاة  تمحي ما فعله بها من حزن، جعله يشعر بآنين وألم، تنهدت تنهيدة حا'رة تحاول أن تجدد طاقتها لتسعفها حتى تكمل اليوم ويمضي بسلام. 


حاولت ان تنهض بهدوء حذر؛ حتى لا تجعله يستيقظ، لكنها فشلت فهو كان محكم قبضته عليها، عقدت حاحبيها بتعب، وتمتمت متحدثة بسخرية 


:- اوف هو إيه دة في إيه فاكرني ههرب مثلا، في حد طبيعي بيـ ـنام كدة ولا بيمسك حد كدة. 


:- آه في أنا، وبما أنك مراتي حبيبة قلبي يبقي اعمل اللي يعحبني ولا أنتِ إيه رأيك يا ديدا هانم؟ 


تفاجأت بشدة حينما استمعت إلى صوته يصل إلى أذنيها بتلك الطريقة الحانية، فتسارعت دقات قلبها بداخلها، حتى شعرت أن قلبها سيتركها ويفر هاربا في أي وهلة، تارك إياها خجلة، تتعجب لتبدل حاله معها منذُ متى، وهو أصبح يعاملها بلطف وحنو هكذا؟ منذُ متى يحدقها بحديثه الذي تشبع غريـ ـزتها

 كأنـ ـثى، كلمة واحدة تجعلها ترتفع إلى أعلى وكأنها امتلكت العالم بأكمله بين يديها، أغمضت عينيها ضاغطة فوقهما بقوة في محاولة منها لتحديد موقفها، لكنها مازالت مجـ ـروحة بسببه، حديثه لم يداوي جميع جروحها التي لن تُداوى بسهولة من الاساس؛ لذلك انتفضت تبعد زراعه عنها وتقف قبالته، تمتمت بسخرية لاذعة ونبرة حادة هجومية، تحاول أن تثبت ذاتها وموضعها الحقيقي لذاتها


:- اعتقد إني قولتلك ملكش دعوة بيا، أنا مش واحده هتضحك عليها بكلمتين من بتوعك دول، لأ يا تامر انا مش كدة أصلا وكمان فاهماك كويس وعارفة كل حاجة أنتَ عاوز توصلها. 


أنهت جملتها وفرت هاربة من أمام عيناه التي تُحدث عينيها وتخبرها أن كل كلمة يتفوه بها الآن صادقة وحقيقية، هو قد فاق لذاته وعلم معدنها الحقيقي، والأهم علم أنه مخطئ، اخطأ عندما عاش في أوهام الماضي المخطئة، دفن عقله وحياته في الماضي ولم يطور من فكره، لكنه صدم في الحاضر وما يدور به. 


اغلقت باب المرحاض ووقفت خلفه تضع يدها فوق موضع قلبها تحاول تهدئة الاضطراب الذي حدث في ضربات قلبها التي تفاوتت بشدة، ولن يمر سوى بضع دقائق وخرجت بعدها من المرحاض وجدته مازال يجلس فوق الفراش لم ينهض بعد، عقدت حاجبيها بدهشة واردفت تسأله في تعجب مستنكرة 


:- إيه دة أنتَ لسة قاعد كدة، مش ناوي تروح الشغل بتاعك و لا إيه؟ 


حرك رأسه نافيا وهو يرمقها بأعين لامعة بوميض العشق الذي يوجد بداخله، قبل أن يرد عليها بهدوء


:- لأ مش رايح الشغل أنا قاعدلك انهاردة، عاوزين نخرج أنا وأنتِ. 


أنهى حديثه غامزًا لها بإحدى عينيه.. 


طالعته من أعلاه إلى أدناه بنظرات مستفهمة، ثم ردت عليه باقتضاب حاد 


:- لأ متشكرة أنا مش عاوزة اخرج ولا اروح أي حتة معاك، اتفضل بقى أنتَ قوم روح شغلك وأنا بحب اقعد لوحدي متعودة كدة كدة فشكرًا ليك أوي. 


تحاول أن توصل له ما بداخلها، تخبره بأن قلبها ليس بيديها لتتحكم به، عقلها ليس تحت رحمتها عندما تؤمره أن  ينسى سينسى بكل تلك السهولة التي يتعامل بها، فبداخلها ندوب قوية محفورة لا تعلم هل من الممكن أن تُمحَى مع الوقت أم لا؟ 


أغمضت عيناها لثانية واحدة تحاول استجماع شتات ذاتها المضطرب بداخلها، كاد هو يرد عليها لكن قطعه صوت رنين هاتفه مما جعله يتأفأف بضيق ظنا من أن بسملة هي مَن تتصل عليه كعادتها في الفترة الماضية تتصل وهو يتجاهلها تمامًا، لكنه رد عليها عندما رأى أن عمر هو مَن يدق عليه، فتح عليه، كاد يتحدث لكنه استمع إلى صوت عمر المشحون بالغضب وهو يهدر به في عنف 

 

:- ألو أنتَ فين كل دة، مش شايف الساعة بقت كم يا تامر، في إيه؟ 


تطلع سريعًا نحو الساعة المنبهة الموجودة بجانب الفراش ليعلم من خلالها أنه قد استيقظ متأخرا اليوم؛ لذلك أردف يرد عليه بتوجس


:- عمر أنا مش فاضي انهاردة خالص عشان كدة هاخد انهاردة أجازة. 


تنهد عمر بغضب، يحاول كبت غضبه حتى لا ينفجر به؛ لذلك قبض فوق قبضة يده بقوة في محاولة منه ليبقي هادئًا معه، وتحدث في هدوء مريب وهو يضغط فوق كل حرف يتفوهه 


:- لأ تعالى حالًا عشان في حاجات مهمة لازم تتعمل متتأخرش عن كدة. 


انهي جملته بعضب، وأغلق المكالمة من دون أن ينتظر إلى رده. 


نهض تامر وهو يتأفأف بضيق، وبدأ يعد ذاته تحت انظارها المبتسمة على أفعاله، ثم اردف قائلا لها بمرح متذمرًا 


:- قولتلك نخرج وأخد اجازة مرضيتش وقولتي شكرًا ومش عاوزة، راح عمر جه كملها أهو اقعدي يا ست ديدا براحتك مفيش أجازات ارتاحي. 


ضحكت على حديثه بصخب قبل أن يختفي من امامها داخل المرحاض، تلاشت ابتسامتها التي كانت تزين ثغرها عندما صدح صوت رنين هاتفه ووجدت رقم تلك الفتاة ينير شاشة الهاتف، فهي علمته جيدا بسبب تكرار اتصالاتها الفترة الماضية، جلست تنتظر خروجه مجددًا من المرحاض بغيظ وغضب شديد، قلبها مشتعل بداخلها، اردفت بغيظ وحدة والغيرة تملأ وجهها ما ان رأته يخرج من المرحاض 


:- ابقي شوف ست هانم بتاعتك اللي بينكم شغل وخلص بتتصل تاني ليه،  ممكن تبقى عاوزاك في شغل تاني مهم برضو، روح خلصهولها.


مدت يدها تعطيه الهاتف بغضب شديد يبدو عليها باتقان، أولته ظهرها تحاول أن تكبت دموعها التي ستنزل على وجنتيها بسببه، كرامتها التي تأتي عليها يوما بعد اليوم تحاول أن تكمل لأجل طفلها القادم تجاهد حتى لا تحرمه من الجو الأسري المتكامل التي حُرمت منه هي، لكن طاقتها قد نفذت بالفعل، أصبح لا يوجد لديها أي طاقة للمقاومة والتحمل، أغمضت عينيها ضاغطة فوفهما بقوة تحاول أن تهدأ من ذروة غضبها وتكبت دموعها التي لمعت بداخل عينيها، تفاجأت به يحتضنها من الخلف وهو يحدثها بنبرة هادئة حانية يخشى ألا يجـ ـرحها 


:- والله ما برد عليها خالص ومسحت الرقم نهائي وهو الموضوع كله كان شوية لغبطة عندي في الأول، لكن صدقيني من ساعة ما دخلتي حياتي و أنا بحترمك جدا اينعم كنت بعاملك بغباء منى ومعترف بدة وزعلان، لكن حقيقي بحترمك جدًا وعمري ما بصيت لأي حد غيرك، و حقيقي هي خلاص صفحة اتقفلت ومش هفتحها تاني وحياتك عندي ووحياة ابننا اللي جاي، ممكن تصدقي كلامي وتثقي فيا بجد وفي اللي بقولهولك. 


أنهى حديثه وهو يديرها نحوه يسند جبهته فوق جبهتها واختلطت انفاسهما سويا، استرد حديثه مجددًا بنفس النبرة الذي تحدث بها للتو 


:- متكميش دموعك يا ديدا وحقيقي أنا عمري ما كدبت عليكي، خليكي واثقة فيا عشان خاطري ماشي.


اومأت له برأسها إلى الأمام وهمهمت ترد عليه بصوت خافت منحفض، فطبع هو قـ ـبلة حانية فوق جبهتها وضمها يقربها نحوه بمشاعر مختلطة مازال يتهرب ويجهل عن تفسيرها، لكن كل ما علمه و تاكد منه هو انها بالفعل فريدة نادرة، كنز ثمين يجب أن يحافظ عليه وعلى حياته معها، التقـ ـط شفـ ـتيها بين

 شفـ ـتيه في قـ ـبلة حانية مليئة بالمشاعر الصادقة الحقيقية، شاعرًا معها أنه في عالم آخر خاص بهما هما فقط، سعادة جديدة يشعر بها بجانبها لأول مرة لم يشعر بها من قبل، قرر أن يسعدها ويعوضها عن أفعاله وحياتهما الماضية، معاملته لها الجافة الباردة، كل ذلك سيتغير وبالفعل بدا أن يتغير معها لأجلها ولأجل حياتهما سويًا.. 


مقررًا أن يبدأ معها من جديد بكل شئ بمشاعر جديدة، سيبدل كل شي سئ فعله بها إلى ذكرى جميلة سيجعلها تتذكرها دومًا.. 


❈-❈-❈


وصل تامر المقر الرئيسي للشركة وترجل من سيارته بشموخ مسرعًا ليتوجه نحو المكتب الخاص بعمر سريعا، أردف يسأل "نيرة" السكرتيرة الخاصة بعمر 


:- نيرة في حد جوة عند عمر و لا لأ؟ 


تركت الحاسوب الذي كانت تعمل عليه، و هبت واقفة في عجالة ثم اجابته باحترام وعملية 


:- لأ يا مستر تامر مفيش حد جوة وهو أصلا منتظر حضرتك، قالي اول ما حضرتك تيجي تدخل على طول. 


اوما لها برأسه الي الامام، قبل أن يرد عليها بجدية وهو يسير من أمامه متوجه نحو المكتب التابع لعمر 


:- تمام خليكي أنتِ كملي اللي بتعمليه وأنا داخل. 


همهمت ترد عليه باحترام وجلست مرة أخرى تتابع ما كانت تفعله، بينما هو دلف المكتب وجد عمر منكب فوق حاسوبه والغضب بادي فوق ملامح وجهه، جلس فوق المقعد المقابل له وتمتم يحدثه بمرح 


:- إيه يا عمر في إيه، هو الواحد للدرجة دي ميعرفش يرتاح ولا ياخد اجازة لنفسه، كل حاجة معتمدة عليا بس مش للدرجادي. 


طالعه عمر بحدة اخرسته، وتمتم بعدها بصرامة وحدة 


:- تامر في حاجات قد كدة كانت مركونة من وقت ما كنت قي المستشفى عمال أخلص فيها، وفضلت اخلص كل دة وأنتَ لسة قاعد في البيت، تامر أنا مسافر بكرة لمدة شهر أنا وآلاء شهر عسل. 


طالعه بتوجس، وأومأ له براسه إلي الامام، متحدثًا يرد عليه بجدية


:- آه فعلا وقت ما كنت تعبان مكنتس عارف اشتغل ولا اعمل حاجة بصراحة، بعدين سافر براحتك أنا هشوف الشغل متقلقش. 


صمت لوهلة ثم استرد حديثه مجددا متسائلًا بسخرية ومرح 


:- عمر أنتَ متأكد بس إنك هتقعد شهر واحد بس، انت وآلاء مع بعض هتفضلوا شهر متأكد من اللي بتقوله دة. 


ابتسم عمر ابتسامة خفيفة زينت محياه، فمعها هي بالتحديد لا يجب أن يحدد وقت، والجميع يعلم ذلك، هو  يريد أن يظل معها طوال حياته بجانبها ينعم من عشها واقترابه لها الذي لا يريد أن ينتهي، لكنه اردف بجدية وهو يلملم اشياءه مستعد للذهاب 


:- اه هو شهر متقلقش و هيبقي معايا الحاجات بتاعتي وهشتغل من هناك عادي كمان عشان بس مش عاوز اسيبك، أنا ماشي يلا روح مكتبك عشان هقول لـ آلاء تجهز، وأنتَ تلحق تخلص شوية من الشغل المركون لسة أنا خلصت منه كتير. 


اومأ له برأسه إلى الأمام، وغمغم بحب اخوى متمني السعادة الحقيقية لشقيقه بعد كل ما حدث معه إلى الآن والذي لم يعلم سببه 


:- ماشي يا حبيبي تروح وترجع بالسلامة. 



ابتسم عمر بهدوء ثم خرج متوجه صوب المنزل، بينما تامر فقد سار متوجهًا نحو مكتبه ليتابع عمله كما قال له عمر، وعقله شارد في فريدة يشرد بها من كل حين إلى آخر.. 


❈-❈-❈


وقفت آلاء أمام المرآه الخاصة بغرفتها هي وعمر نظرت إلى انعكاس صورتها في المرآه وهي تشعر بالحيرة الشديدة، صراع كبير يحدث بداخلها على الرغم من أنها تيقنت وتأكدت من حبه الصادق لها الذي يزداد بمرور الأيام وأن افعاله كانت من دون إرادته بل فعل كل ذلك فقط من لأجل حمايتها، عقلها يقنعها أن مسامحتها لـ عمر قرار خاطئ يجعلها ضعيفة، وقلبها  يؤكد لها صِحة قرارها يخبرها انه تعب بشدة بسبب ابتعادها عنه، انتهت طاقة استحماله في الهجر والبعاد و خاصة بعدما عاشت الفترة الأخيرة من الممكن أن تفقده في يوما ما جعلها تتمسك به أكثر.. 


تنهدت تنهيدة حارة ملتهبة نابعة من داخلها، ولأول مرة تشعر أن قلبها هو المحق ستعطي لقلبها وذاتها الاختيار الذي سيريحها. 


قطعت شرودها عندما رأت عمر الذي ولج الغرفة للتو، كان يتابعها ما أن دلف الغرفة، يعلم ما تفكر به وما يراودها اقترب يضـ'م إياها من الخلف يقـ ـربها منه أكثر، يطبع قـ ـبلة رقيقة فوق عنـ ــقها لعلها تهدئ من نيـ ـران اشتـ ــياقه لها المشـ ـتعلة بداخله وهمس بداخل أذنيها بنبرة عاشقة نابعة من صميم قلبه 


:- حبيبة قلبي مالها، بتفكر في إيه أوي كدة وشاغل عقلها للدرجادي. 


كانت مستـ ـسلمة تماما بين يديه، وجوده بجانبها الذي كان بالنسبة لها كالحلم منذ زمن، قلبها حتى الآن مازال يعشقه، ينبض حبه الذي ترعرع عليه منذ الصغر حتى جميع أوهامها في أنها قد تركت حبه لها ونزعته من قلبها جميعها أوهام كانت تقنع بها ذاتها وعقلها، أجابته بنبرة خافتة بعدما تنهدت تنهيدة حا'رة وهي تلتفت نحوه لتقف في قبالته 


:- بصراحة يعني يا عمر، أنا حاسة أن أنا ضعيفة أوي، واستسلمت لقلبي ودوست بزيادة على كرام.. 


وضع اصبعه فوق شفتيها الورديتان يمنع إياها من مواصلة جملتها، وتحدث يرد عليها بنبرة حانية عاشقة أدمت قلبه المهيم بها 


:- استحالة اخلي حد يهين كرامتك طول مانا موجود يا عمري، و مكنتش بسمح لاي حد يهينك بعدين مين دي اللي ضعيفة؟، أنتِ مش ضعيفة يا لوليتا و لو شايغة إنك ضعيفة فانا اضعف من غيرك، يعني انت هي قوتي الجقيقية وكل حاجة ليا صدقيني. 


حديثه أرضا غرورها كأنثي شعرت أنها ملكت العالم بأكمله بين يديها وكأنها طائرة محلقة في السماء بعيدًا بسعادة، اتسعت ابتسامتها الفَرِحة تعلو ثغرها لم تزيدها ابتسامتها سوى جمال فوق جمالها وتمتمت بخفوت و خجل، وهي تضغط فوق كفه بين يديها 


:- عمر أنا بحـ ـبك أوي بجد، أنتَ مصدر كل حاجة حلوة في حياتي ربنا يخليك ليا يا حبـ ـيبي. 


لم يستطع اخفاء فرحته من حديثها، تمتم يرد عليها بسعادة واضحة في صوته وهو يزداد من ضـ ـمها داخل حضـ ـنه 


:- أنا بعشقك يا قلب وعُمْر وحياة وروح عمَر، أنتِ أهم من النفس اللي بتنفسه في حياتي، أنتِ هو الحاجة الوحيدة يا آلاء اللي مخلياني اكمل كل خطوة وكل حاجة بعملها، أنتِ أللي مخلياني احس اني عايش يا نبض قلبي كله. 


ازدادت ابتسامتها فوق شفـ ـتيها كالبلهاء، تشعر أنها كالطفلة المراهقة التي لأول مرة تستمع إلى اعتراف حبـ ـيبها لها، توردت وجنـ ـتيها خجلا و دفنت وجهها في صـ ـدره بسبب فارق الطول بينهما، ضحك عمر بصوت مسموع وتحدث بمرح 


:- لاولا الكلام دة مينفعنيش يا قلبي، بعد بحبـ ـك اللي اتقالت دي مش قادر استنى وأنتِ لسة

 مكـ ـسوفة. 


ازدادت خجلا عن السابق تشعر بنـ ـيران متأ'هبة تخرج من وجـ ـنتيها، وتمتمت ترد عليه بخفوت وصوت مبحوح بالكاد يستمع 


:- و هو أنتَ اول مرة مثلا تعرف ان انا بحـ ـبك، دة الكل عارف يا عمر. 


رفع وجهها نحوه برفق فاصبحت تنظر في عينيه الواقعة بعشقهما، بينما هو تحدث بعشق وهو يضغط فوق كل حرف يتفوهه


:- لا يا قلب عمر مش اول مرة اعرف إنك بتحـ ـبيني بس أول مرة اسمعها منك، و انا بهتم بأدق التفاصيل الخا'صة بيكي. 


ضمت شفتيها معًا إلى الداخل وهي لا تصدق ما يتفوه به تشعر أنها في حلم جميل تتمنى الا تستيقظ منه قط، تتمنى أن تظل طوال حياتها القادمة معه، خرحت من افكارها التي راودتها على صوته و هو يسأل بنبرة حانية 


:- و أنتِ بقا يا قلبي طول عمرك كان نفسك نسافر انا وأنتِ فين؟ 


ردت تجيبه سريعًا بدوت وهلة تقكير وتشكك


:- المانيا يا عمر، نفسي أوي نروحها مع بعض لو لحظة واحدة من زمان بتحايل عليك بس أنتَ وراك شغل دايما مش بتفضى. 


:- لحظة واحدة يا حياة عمر، لأ انا أفضالك مخصوص، قررت في شهر العسل اخدك أول اسبوع فيه في المانيا لكن الباقي على مزاجي مفاجأة


رد عليها هو بسعادة لرؤية سعادتها الواضحة على وجهها المشرق. 


بينما هي لم تصدق ما قاله لها للتو، فهي منذ زمن طويل وهي تتمنى أن يسافرا مع بعضهما المانيا بلدها المفضلة لكنه كان دائمًا منشغل، تحدثت بسعادة وفرحة شديدة


:- عمر شكرًا بجد، أنا مش مصدقة المفاجأت الحلوة دي كلها.


جذ'بها يقـ ـربها منه وتحدث بمرح و هو يغمز لها باحدي عينيه 


:- لأ يا قلب عمر الشكر عندي مش كدة، تعالي اعلمك بقا الشكر بيبقي ازاي. 


عقدت حاحبيها بتساؤل وعدم فهم ما مقصد حديثه لكنها قبل أن تردف متسائلة كان رد أجابها هو عندما التـ ـقط شفـ ـتيها بين شفـ ـتيه يتذوقهما بإشـ ـتياق جارف أدمي قلبه العاشق بها، لعل تلك القـ ـبلة الصغيرة تطفئ نيـ ـرانه المشـ ـتعلة، لكنه هيهات ماذا يتحدث فنـ ـيران اشتياقه لها لن تنطفئ ابدًا سوى بنهاية حياته، قطع قبـ ـلتهما عندما شعر بحاجة رئتيها للهواء واحدث بمرح ومكر وهي يحدقها بنظرات مغزية مستمتع بخـ ـجلها البادي عليها بشدة فالاحمق يشعر بخـ ـجلها 


:-الشكر بيبقي كدة يا قلب عمر. 


دفنت وجهها في صـ ـدره مرة أخري، وتشبتت في ملابسه بخجل و قد امتنع صوتها عن الصعود وانحسر داخل احبالها الصوتبة بخحل، بينما هو ضحك بصخب علي خجـ ـلها و هيئتها، اردف يحدثها بحنو 


:- جهزي يلا الشنط والحاجة عشان الطيارة بكرة الصبح بدري. 


اومأت له برأسها إلى الأمام ومازال وجنـ ـتيها مزينة باللون الاحمر أثر خجـ ـلها الشديد، لسانها يعـ ـجز عن الرد عليه، فابتسم هو على خجلها البادي بوضوح.. 


❈-❈-❈


في المساء ومع موعد العشاء اجتمعوا جميعا حول مائدة الطعام، اردف عمر قائلا لوالدته بهدوء 


:- ماما صحيح بكرة الصبح هسافر أنا وآلاء. 


اومأت له سناء وهي تبتسم بسعادة لتطور الامور بينهما، وعودة الأمور إلى طبيعتها تتمنى لهما السعادة الأبدية، ولكن صدح صوت نغم التي تحدثت بغيظ شديدة وغيرة تكاد تحـ ـرق قلبها


:- عمر أنتَ لسة تعبان سفر ايه، ما تتكلمي يا ماما أنتِ ساكتة عادي كدة، هو عشان يرضي ست آلاء بتاعته يجي على نفسه ولا إيه. 


طالعتها آلاء بحدة ثم صمتت مقررة ألا ترد عليها فهي لا تريد ان تعكر مزاجها بالحديث معها، كادت سناء ان ترد عليها و لكن سبقها عمر الذي اردف يرد عليها بحدة صارمة 


:- مين قال أن أنا لسة تعبان يا نغم، و بعدين قولتلك مية مرة قبل كدة اتكلمي عن آلاء باحترام، وبعدين إيه باحي على نفسي دي أنا فاهم كويس أنا بعمل إيه وعارف كل حاجة. 


صمت لوهلة ثم استرد حديثه بحنو ونبرة هادئة


:- نغم أنا عارف كويس إنك خايفة عليا بس مش كدة يا قلبي، ومتنسيش أن آلاء مش بس مرات اخوكي لأ دي بنت خالك مش لازم كل دة، وأنا اللي قولت لـ آلاء على حوار السفر مش هي اللي قالت. 


تنهدت بصوت مسموع، وابتسمت ابتسامة مزيفة حتى لا تثير غضبه، اومأت له براسها إلى الأمام مكتفية بتلك الإيماءة  واصلت طعامها بغيظ، وهي توزع نظراتها المليئة بالكـ ـرة لـ آلاء من حين لآخر. 


بعدما انتهوا جميعا اردفت آلاء تسأل فريدة بهدوء

 

:- إيه يا ديدا مالك يا قلبي عاملة ايه والبيبي حبيب خالتو دة عامل ايه؟ 


ردت فريدة تجيبها بهدوء، وهي تبتسم في وجهها ابتسامة هادئة ولا أروع 

 

:-الحمدلله يا قلبي كويسه الحمل بس تاعبني شوية لكن الحمدلله. 


بادلتها آلاء الابتسامة بابتسامة حقيقية جذابة لا تليق سوى بها، ثم سألتها مجددا بهدوء وتعقل 


:- معلش يا قلبي بكرة البيبي هيشرف هتنسي كل التعب دة، تامر عامل إيه معاكي؟ 


اجابتها فريدة بهدوء وهي تتطلع نحو تامر وتتذكر معاملته معها التي تحسنت كثيرا وتغيرت عما كان في السابق


:- الحمدلله كويس معايا بيتعامل معايا حلو الفترة دي متقلقيش عليا ياحبيبتي . 


ابتسمت آلاء في وجهها بهدوء ثم صعدت متوجهة نحو غرفتها لتعد اشياءها الخاصة بها هي وعمر لإستعدادها للسفر وهي سعيدة بشدة. 


بعد مرور بعض الوقت 


صعد عمر هو الآخر الغرفة وبدأ يساعدها في اعداد الحقائب حتى انتها سويا، ابتسمت آلاء وارتمت داخل أحـ ـضانه فضمها نحوه بشغف شديد ينبع من جميع خلايا قلبه المُتيم عشقا بها، ثم تمتمت هي بعشق جارف


:- عموري أنا بحبك أوي أوي بجد، يارب تفضل معايا على طول. 


رد عليها بنبرة حانية و هو يشدد من احتـ ـضانه لها 


:- هفضل يا روح قلب عمورك وحياته كلها، مش هسمح لحاجة تفرقني عنك طول ما قلبي بيدق هفضل جنبك ومعاكي يا احلى لوليتا في حياتي وفي العالم كله. 


ابتسنت بخحل وهي تشعر أنها طائرة في السماء بسعادة شديدة، اجنحتها ترفرف عاليًا تساعدها في الارتفاع عاليًا، وجوده بجـ ـانبها هو السبب الرئيسي لسعادتها في الحياة بأكملها؛ لذلك تتمنى أن يظل معها للنهاية، يظل بجـ ـانها دائمًا، فهو حياتها بأكمله.. 


يُتبع..


إلى حين نشر فصل جديد من رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني للكاتبة هدير دودو، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة