-->

رواية جديدة في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 23

 

قراءة رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية في غياهب القدر
 رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات 
الكاتبة بسمة بدران


الفصل الثالث والعشرون

 قرار 2. 



ﺃﺧﻔﻲ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻭﻣﺪﺍﻣﻌﻲ ﺗﺒﺪﻳﻪ

ﻭﺃﻣﻴﺘﻪ ﻭﺻﺒﺎﺑﺘﻲ ﺗﺤﻴﻴﻪ


ﻭﻣﻌﺬﺑﻲ ﺣﻠﻮ ﺍﻟﺸﻤﺎﺋﻞ ﺃﻫﻴﻒ

ﻗﺪ ﺟﻤﻌﺖ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﻦ ﻓﻴﻪ


ﻓﻜﺄﻧﻪ ﺑﺎﻟﺤﺴﻦ ﺻﻮﺭﺓ ﻳﻮﺳﻒ

ﻭﻛﺄﻧﻨﻲ ﺑﺎﻟﺤﺰﻥ ﻣﺜﻞ ﺃﺑﻴﻪ


ﻳﺎ ﻣﺤﺮﻗﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﻭﺟﻪ ﻣﺤﺒﻪ

ﻣﻬﻼً ﻓﺈﻥ ﻣﺪﺍﻣﻌﻲ ﺗﻄﻔﻴﻪ

(ابن الفارض)


❈-❈-❈


وما أن انتهى عمار من قص ما حدث معه بالتفاصيل اتسعت حدقتاه رؤوف في دهشة بعدم تصديق: بتقول إيه انت يا عمار معقولة زينة عملت كده لا لا لا أكيد انت بتهزر. 

هزة رأسه نفيا ثم أردف بصوت يقطر ألما: أنا كنت زيك كده مش مصدق وداني

 حتى إني فكرت للحظة انها مجرد تهيؤات بس للأسف هو ده اللي حصل معايا يا صاحبي حد يصدق ان زينة عشرة السنين تتخلى عني بالشكل ده وإيه السبب لحد دلوقتي أنا ما اعرفوش.

 صك رؤوف على أسنانه حتى كاد أن يهشمها مغمغما باشمئزاز: أما قليلة الأصل صحيح ما تأخزنيش يا صاحبي أصل المعادن بتاعت الناس مابتبنش غير في الظروف اللي زي دي وهي بان معدنها خلاص عموما اللي يبيعك بيعه يا عمار وأولادك هتاخدهم وتربيهم أحسن تربية أوعى تسيبهم لناس زي دول لازم يتربوا بتربية عم الحاج سعد يتربوا على الأصول والجدعنة مش العكس.

 أومأ له عمار ولم يعقب

 فاستطرد رؤوف: ودلوقتي نويت على إيه يا صاحبي؟

 أجابه بضياع: مش عارف بس اللي أنا عارفة اني عايز أتحسن يا رؤوف عايز ارجع زي الأول

 عارف لما داقت الدنيا في وشي ما لقتش غيرك أتكلم معاه والحمد لله وأنا برن عليك لقيتك بترن جرس الباب. 

ابتلع غصة مريرة في حلقه واستكمل حديثه بحزن: عارف كان شعوري إيه وأنا مش عارف أقوم افتح لك الباب؟

 لأول مرة أحس بالعجز قوي كده يا أخي بس كويس ان بابا كان معاه نسخة من مفاتيح الشقة عموما يله

 أنا بجد حساس اني ضايع حساس اني كاره الدنيا مش عايز أعيش فيها يا رؤوف مش عايز اكتشف غدر وخيانة من حد تاني. 

انت عارف اني امبارح فكرت في الانتحار بس استغفرت ربنا وقلت ان الشيطان دخل لي من النقطة دي عشان أوصل لهنا أنا مش عايز أوصل لكده يا رؤوف انت فاهمني؟

 مش عايز أوصل لكده.

 ثبت رؤوف عينيه في عينين الآخر هاتفا بتأكيد وإصرار عجيب: انت تتعالج وتبقى أحسن من الأول وتبدأ حياتك من جديد مش عشائك انت بس عشان عيالك وعشان أبوك وعشان اخواتك وعشاني أنا كمان يا صاحبي سمعني؟

 أومأ له عمار ولم يعقب.

 فهتف رؤوف بحدة: اتكلم يا عمار عايز اسمعها منك عشان عارف ان صاحبي لما يقول كلمة هيبقى قدها اتكلم يا عمار.

 أخذ نفس عميق وظفره على مهل ثم هتف بجدية: هتعالج يا صاحبي هتعالج.


❈-❈-❈


سعادة عارمة اجتاحت جميع خلاياها بعد ما استمعت جملته الأخيرة فاعتدلت في مكانها هاتفة بعدم تصديق: شو عم تقول يا رامي بدك تتزوجني؟

 أومأ لها مؤكدا هاتفا بثقة: أيوة طبعا يا رغد لازم نتجوز انت عجبك الوضع اللي احن فيه ده أنا مش قابل إننا نعمل حاجة في الحرام أكتر من كده احنا غلطنا ولازم نصلح غلطتنا.

 لولا أنها خشيت أن تفضح وتكشف مكنونات صدرها لهبت واقفة وراحت تقفز في مكانها عدة مرات من فرط سعادتها لكنها قررت أن تتعقل قليلا ريثما تحصل على ما تريد

 فرسمت الحزن ببراعة فوق قسمات وجهها الجميل مغمغمة: بس شو عن غزل شو راح تعمل معها؟

 أجابها ببرود: ملها غزل هتفضل مراتي وأم بناتي خليكي عارفة ومتأكدة اني بحبها جدا يا رغد وما عنديش استعداد اني أخسرها فهماني طبعا.

 أطرقت رأسها أرضا ولم تعقب. 

فرفع وجهها بسبابته وإبهامه وثبت عينيه في خاصتها هاتفا بتأكيد: انت كمان هتكوني مراتي يعني هيكون زيك زيها بس غزل عنيدة لو عرفت اننا اتجوزنا أو شكت ان هيكون في بيني وبينك حاجة عمرها ما هتقبل تعيش معايا وأنا استحالة اقبل بوضع زي ده قلتي إيه يا رغد ها هتكوني مراتي في السر؟

 ابتسمت بداخلها فكل ما أرادته ستحصل عليه وبعدها ستجعله يطلق زوجته ويكون لها هي وحدها لكن عليها أن تتريث قليلا وتمسك وثيقة زواجهما بيدها أولا ثم ستفعل كل شيء كي تحصل على كل ما تريد وأولهم هو وأولاده.

سكتت قليلا تدعي التفكير ثم هتفت أخيرا: وأنا موافقة يا رامي موافقة كون زوجة في السر وبوعدك اني ما راح احكي مع حدا وغزل ما راح تعرف شي مني هيدا وعد.

 تنهد براحة ثم عانقها بقوة طابعا قبلة عميقة على فروة رأسها وهب واقفا يستعد للخروج هاتفا بتأكيد: بالليل هجيب الأمزون واتنين شهود واجيلك يا قمر.


❈-❈-❈


لم تستطع إخفاء سعادتها عندما قصت عليها ابنتها ما حدث فهتفت بصوت يقطر فرحا: بتتكلمي جد يا بت يا زينة أخيرا خلصتي منه.

 رمقتها بعدم تصديق فمن المفترض أن كل أم توضع في ذلك الموقف تكون حزينة فخراب البيت ليس بالأمر الهين لكن ماذا عن تلك المرأة!

 فهي تتذكر جيدا عندما تقدم لها عمار هنداوي منذ أحد عشر عاما كانت سترقص من شدة الفرح والآن عندما بات عاجزا أصبحت تبغضه وتبغض سيرته ما كل هذا الجبروت؟

 وللأسف هي سارت خلف والدتها ونفذت كل ما أرادته تلك الشمطاء فهتفت بحزن: أيوة يا اما اتطلقت أظن انت ارتحتي دلوقتي ونفذت اللي أنتي كنت عيزاه وبعدين.

 قاطعتها بحدة وهي تلوي شدقها بعدم رضا: لا يا روح أمك انت ما نفزتيش اللي أنا عيزاه انت عملتي اللي انتي كنت عيزاه ما تجيش تحطي نفسك في دور الضحية دلوقتي انت لو ما كنتيشة عايزة تسبيه ما كنش حد هيقدر يقنعك لكن انت كنتي عايزة كده بس كنتي محتاجة حد ترمي عليه اللوم ويلا مش مشكلة ارمي عليا اللوم زي ما انت عايزة يا بنت بطني بس خليكي فكرة كويس ان دي رغبتك من الأول

 ودلوقتي كلمي سي حسام وقولي له إنك خلاص اتطلقتي عشان يحسب من دلوقتي اليوم بالتاريخ وبعد تلت شهور وعشر تيام بالظبط تتجاوزوا. 

صمتط تفكر في حديث والدتها فحديثها به الكثير من الصواب.

 نعم هذه كانت رغبتها منذ البداية وإلا ما تركته أبدا ولو كان العالم كله ضدها. 

هبت واقفة متجهة إلى غرفتها القديمة وهي تفكر في مستقبلها المجهول وماذا ستفعل مع المدعو حسام وأيضا ماذا ستفعل بخصوص أبنائها؟

 تعلم أن عائلة هنداوي لن تتركهم لها خاصة وان تزوجت ففي جميع الأحوال هي ستخسر أولادها وهذا لن يوقفها على ما انتوته أبدا.

 فهي ظنت أن حياتها المرفهة ستغنيها عن أولادها وعن عائلتها وعن كل شيء لكن ما لا تعرفه زينة بأن المال نعمة كبيرة لكن باستطاعة الأشخاص الذين يملكونه أن يجعلوه نقمة يحطمون بها نفوس الأشخاص.


❈-❈-❈


انتشر خبر انفصال عمار وزينة في منزل عائلة هنداوي وما هي إلا دقائق حتى انتشر في المنطقة بأسرها فالمعروف أن في مثل هذه المناطق لا يوجد سرا أبدا.

 راحوا بعض الرجال يسبون زينة بأفظع الألفاظ وكذلك النساء فمنهن كنا يرون أنها على حق ومنهن من يرون أنها عديمة الضمير وكما يقال قليلة الأصل فمن تترك زوجها في مثل هذه الظروف ما هي إلا امرأة وضيعة.


❈-❈-❈


 عودة إلى منزل هنداوي الذي اندلعت فيه النيران منذ قليل بعد انتشار الخبر فهتفت عزة بغضب بقى المعفنة دي تسيب أخويا عشان اللي حصل معاه أما صحيح قليلة الأصل.

 هتفت عبير هي الأخرى: أيوة طبعا أومال ايه والله أنا طول عمري شايفاها انها مش سهلة لا هي ولا العقربة أمها ولما كنت بقول كده كنتو بتقولوا لي حرام عليك يا عبير انت ظلماها عشان بس تصدقوني أنا نظرتي في الناس ما بتخيبش.

 قاطعهم صوت والديهما الحازم الذي كان شاردا وكأنه في عالم آخر: بس خلاص خلصنا من النهاردة يا عبير تطلعي تقعدي مع أخوكي تشوفي طلباته إيه رأيك؟

 أومأت له موافقة دون أن تتفوه ببنت شفا.

 فهتف محمد زوج عزة: طيب يا عمي خلوه ييجي يقعد في وسطكم كده أفضل عشان يحس بالدفا اللي اتحرم منه أكيد عمار نفسيته وحشة دلوقتي.

 استحسن الحاج سعد الفكرة وهتف مؤيدا: أيوة أنت عندك حق يا محمد خصوصا أن رؤوف قال لي إن هو حالته مش ولا بد نطلع ننزله يقعد في وسطنا يمكن لو لقانا كلنا حواليه ينسى اللي حصل وكمان يفكر في العلاج. 

هبا محمد واقفا يسبقه للخارج بينما الحاج سعد تبعه وهو يغمغم بداخله: ماشي يا زينة أنا هوريكي وهعرفك مقامك كويس وهخليكي تندمي على القرار اللي أخدتيه ده أشد ندم عشان تعرفي انك خسرتي كنز مش هيتعوض.


❈-❈-❈


أطلق سفيرا مرتفعا من فمه وراح يدندن بسعادة عارمة فكل ما خطط له حدث الآن..

 راحة يضحك بشيطانية وهو يتخيل منظر عمار هنداوي وكسرته أمام نفسه

 ففي وجهة نظره هو يستحق ذلك فقد حرمه من السعادة سابقا وهو أخذها منه الآن لذا كان يريد أن يذيقه من نفس الكأس الذي سقاه منه سابقا.

 أما عن المدعوة زينة فهو أيضا سينتقم منها على ما اقترفته في حقه فما هي بالنسبة له إلا وسيلة للانتقام وليس أكثر فما أرادها وتمناها باتت زوجة لغيره وهذا الأمر كلما تذكره اشتعلت النار في صدره أكثر تجاه عائلة هنداوي بأكملها.

 اتجه بخطوات رزينة إلى البار والتقط زجاجة كحول وكأسا وألقى بجسده فوق أريكته وراح يسكب كأسا تلو الآخر ويشربه وهو يتخيل ما سيفعله بتلك المرأة التي يراها رخيصة وجشعة باعت كل شيء من أجل المال وهو يبغض وبشدة ذلك النوع من النساء.

 فما الفرق بينها وبين العاهرات اللواتي يأتين إلى هنا ليلا من أجل المال الفرق فقط بينهم وبين زينة هي تلك الورقة التي تسمى بوثيقة الزواج. 

لكن أقسم بداخله أن يجعلها إذلالها وإهانتها وسيرد لها الصاع صاعين عما اقترفته في حقه وأيضا في حق الراقد في منزله لا حول له ولا قوة.


❈-❈-❈


مر أكثر من ثلاثة أشهر. تغير فيهم الكثير والكثير على البعض ولم يتغير أي شيء على البعض الآخر. 

فقد تزوج رامي من رغد وكان يذهب إليها سرا كلما سنحت له الفرصة وزوجته في غفلة عما يحدث معهم.

 سافرت عزة إلى الخليج برفقة زوجها بعد إلحاح شديد منه وبعد ما اطمأنت مؤقتا على شقيقها وإنه وعدهم بأنه سيخضع للعلاج في القريب العاجل. 

بينما عبير رفضت أن تتزوج رفضا قاطعا فاضطر والدها بأن يوافق مؤقتا على طلبها لكنه لن يرفض زواجها من رؤوف أبدا فهو يراه شخصا مثاليا وسيصون ابنته.

أما عنه هو الحاج سعد فلم يرى الحاجة صباح منذ ذلك اليوم وكأنها تبخرت فشعر بالحزن الشديد لكنه عزم على أن يبحث عنها فغيابها عنه جعله يتعلق بها كثيرا.

 صَبا تعيش حياة روتينية جدا بين عملها ومنزلها لكن كانت سعيدة جدا بانفصال عمار عن زوجته لا تعرف السبب لكنها شعرت بالارتياح نوعا ما فما فعلته زينة ربما يكون طريقا لها للحصول على حبيبها تعلم أن تفكيرها به نوعا من الأنانية لكن صوت عقلها أخبرها بان الأنانية في الحب مطلوبة لكن كان سؤالا يدور باستمرار بداخلها

 هل إذا طلب ابن خالها الزواج بها ستوافق أم هذا سيكون دربا من الاستحالة فما زال عمار متألما من فقدان زوجته وما كان يهون عليه وجود أبناءه الذين استطاعوا التخفيف عنه كثيرا.

 وأخيرا وليس آخرا زينة ظلت وقتا حبيسة غرفتها بعد طلاقها لكنها عندما أغدقها المدعو حسام بالهدايا والوعود الكاذبة أشرق وجهها من جديد وراحت تجهز نفسها للزواج به وتشتري الكثير والكثير من الأشياء وهي تقنع نفسها بأنها تستحق حياة أفضل مما كانت عليه.


❈-❈-❈


يجلس باكرا في محل العطارة الخاص به ينتظر أي خبر عنها فقد كلف رؤوف زوج ابنته المستقبلي ان يساعده في البحث عن المدعوة صباح لأنه شعرا بالقلق عليها.

 ثواني وأبصر زوج ابنته يلج من باب المحل فهب واقفا يستقبله بحفاوة: إيه يا ابني كل ده تأخير.

 أجابه وهو يجلس فوق أحد المقاعد المجاورة له: معلش يا عم الحاج أصل حصل حوار كده بيني وبين والدتي هبقى أقول لك عليه بعدين المهم الست صباح رجعت الحتة أخيرا بس ما حدش يعرف هي كانت غطصانة فين.

 أشرق وجه الحاج سعد بابتسامة هادئة التقطها رؤوف على الفور فغمز له بشقاوة: آه قل بقى يا حاج ان السنارة غمزت عموما ألف مبروك مقدما يا حاج خليك فاكر اني هكون الشاهد الأول على الجوازة دي. 

ربط الحاج سعد على كتفه هاتفا بصدق: أكيد يا رؤوف يا حبيبي انت ابني ومعزتك عندي من معزة عمار وربنا يعلم. 

تجهم وجه رؤوف عندما ذكر صديقه فسأله الحاج سعد الذي لاحظ تقلب وجهه باهتمام: مالك يا ابني وشك قلب كده ليه؟ 

هتف بحدة بعد أن أتلق سبة نابية: اللي اسمها زينة دي فرحها على حسام بعد بكرة فاكر حسام يا عمي؟ 

صمتى الحاج سعد قليلا يستذكر الاسم لكنه لم يستطع فقد عجزت ذاكرته على تذكر الاسم فسأله باهتمام: مين حسام يا ابني اللي هتتجوزه اللي ما تتسماش؟

 أجابه بهدوء عكس ما بداخله: اللي كان عايز يتجوز عزة زمان وعمار رفضه.

 آااه.

 تلك الكلمة هتف بها الحاج سعد فور ما تذكر ذلك الشاب الذي أيد ابنه في رفضه الزواج من أخته سابقا فسأله الحاج سعد باهتمام: طيب وده اتلم عليها ازاي؟

 هزا رؤوف كتفه تباعا بمعنى لا اعلم لكنه هتف مغيرا الحديث: والطب الشرعي كمان اسبت ان فرامل عربية عمار كان ملعوب فيها يعني زي ما توقعت الحادثة بتاعته كانت بفعل فاعل ودلوقتي بقى يا عمي احن لازم نمشي ورا خيط معين أولهم ان الطعم اللي خدوا بيه عمار وقت الحادثة المشؤومة كانت صَبا لأن وقتها اتكلموا وقالوله إن صَبا حد خاطفها طلع يجري زي المجنون وخد عربيته من غير حتى ما يفكر يبص عليها يبقى عمار كان مقصود يا عمي.

 صمت الحاج سعد يحاول أن يتذكر إن كان لابنه أعداء يستطيعون أذيته بتلك الطريقة لكنه لم يستطع فعلى حد علمه أن العداوة بين ابنه وبين أي شخص لم تصل به إلى هذا الحد من الإجرام فهتف رؤوف وهو يهم بالذهاب: هتبقى أجيلك بالليل اشرب معاك شاي عشان نتكلم بخصوص المجنونة بنتك.

 أومأ له الحاج سعد وما زال عقله يدور كبندول الساعة فتبع رؤوف حتى دلف من المحل ثم هب واقفا عازما على بدء عمله لكن بعقل شارد وقلب متألم.


❈-❈-❈


دلف من المرحاض وهو يدندن بسعادة فقد قضى ليلى مثيرة مع تلك الراقدة بسلام على الفراش

لقد كانت ليلى جامحة بما تحمل الكلمة من معنى استطاعت المدعوة رغد السيطرة على عقل رامي بالكامل حتى أنه لم يستطع الابتعاد عنها وأصبح يقضي الليالي بين أحضانها. 

فتارة كان يكذب على زوجته بأن صديقه المقرب مريض أو أخيه أو ما شابه ذلك والتي كانت بصفو نية تصدقه وتدعو للمريض بالشفاء.

لكن ما لا تعرفه أن زوجها سقط في بئر الخيانة كما أنه غرق في الحب أيضا فاستطاعت رغد بكل سهولة أن تجعله كالخاتم في أصبعها.

أصدرت همهمات ناعمة دليلا على بدء استيقاظها فهرول باتجاهها يجلس بجوارها فوق الفراش انحنى أمام وجهها يلتقط شفـ تيها بشفـ تيه بقـ بلة شغوفة عاصفة وكأنه يخبرها بأنه لم ولن يمل منها أبدا والتي بدورها لفت ذراعيها العاريين حول عنقه وراحت تبادله شغـ فه بشـ غف أكبر حتى أفقدته صوابه بالكامل فاضطر أن يكمل ما كان يفعله بالأمس تاركا كل شيء خلفه. 

كل ما يفكر فيه الآن هو الاستمتاع بتلك المرأة المثيرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى


❈-❈-❈


فضلت صَبا أن تبقى في منزلها اليوم فهي تشعر بالإعياء الشديد فربما تغيير الجو أصابها بنزلة برد قوية فها هم يستقبلون فصل الشتاء.

 فبعد ما أدت صلاة الظهر دلفت للخارج تجلس برفقة والديها والذين كانوا يشاهدان فلما كوميديا فجلست بجوارهما وهي تضحك بقوة لكن فجأة راحت تسعل بشكل غير طبيعي جعل والديها يشعران بالقلق عليها فسألها والدها بلهفة: أدذتي دوا الكحة اللي جبتهولك بالليل؟

 أومأت له موافقة وراحت تسعل مرة أخرى فهبت والدتها سريعا وراحت تسير باتجاه المطبخ وأحضرت لها كوبا من الماء.

 ناولتها الكوب فتجرعته صَبا دفعة واحدة ثم ناولته لوالدتها وهي تشكرها بصوت متحشرج من أثر الزكام.

 وما هي إلا ثواني حتى طلب منها والدها أن تلج إلى غرفتها كي تستريح

 والتي بدورها اومأت له موافقة فهي حقا تريد نيل قسطا من الراحة.

 وبعد بضع دقائق استمعوا إلى قرع الجرس فهبت السيدة سعاد واقفة عازمة على معرفة هوية الطارق والذي كان أخيها

 رحبت به بحفاوة ثم افسحت له الطريق للدخول طلب منها أخيها كوبا من القهوة وبالفعل ذهبت لبضع دقائق ثم عادت وهي تحمل صينية مربعة الحجم عليها ثلاث فناجين من القهوة ووضعتها أمامهم ثم جلست تسأله بلهفة: قل لي يا أخويا إيه اللي خلاك تسيب المحل في الوقت ده وتشرفنا احنا متعودين نشوفك بالليل.

 أجابها بحزن: سمعت عن اللي هتعمله زينة وانها تاني يوم من عدتها هتتجوز.

 ضربت الحاجة سعاد صدرها بيدها هاتفة بغضب: بتقول إيه يا حاج هي حصلت مش هاين عليها تصبر شوية.

 لا حول ولا قوة إلا بالله.

 تلك الكلمات هتف بها الحاج كامل الذي كان يشعر بالحزن الشديد حيال عمار فهو لا يستحق ذلك أبدا: طيب وعرفت ازاي يا أخويا؟

 أخذ نفس عميق ثم ظفره على مهل وراحا يقص على مسامعهما ما عرفه اليوم من رؤوف وغيره غافلين عن التي تقبع خلف بابها تستمع إلى كل حرف يتفوهون به وبعد ان انتها الحاج سعد تفوهت السيدة سعاد بحزن: حسبي الله ونعم الوكيل فيها وفأمها اللي أكيد هي اللي مقوياها. 

اعتدلت في جلستها تسأله باهتمام: طيب ونويته على ايه يا اخويا انت عارف لو عمار وصلوا حاجة زي دي؟

 قاطعها بجدية: عمار لازم يتجوز يا سعاد وقبل ما هي تتجوز كمان. 

رفع الحاج كامل كلا حاجبيه بدهشة هاتفا باستنكار: نعم إيه اللي انت بتقوله ده يا سعد يا اخويا ونخترع له عروسة يعني ما أنت عارف ظروف ابنك وعارف انه مش ممكن يوافق أبدا.

 أردف بتأكيد: هيوافق يا كامل خصوصا لو كانت العروسة موجودة وهو يعرفها كويس. 

دب الذعر في قلب سعاد فهي فهمت ما يرمي له شقيقها فتحت فمها لتعترض لكن صوت زوجها جعلها تبتلع الكلمات

 والذي هتف بتساؤل: قصدك مين يعني يا سعد يا اخويا انت في دماغك حد ترضى بظروف عمار يعني ما تاخزنيش أنا مش قصدي والله بس انت عارف دماغ البنات دلوقتي. 

أجابه بتأكيد: أيوة موجودة وعارف كويس انها هتوافق مش عشان شفقة ولا عطف ولا أي حاجة عشان بتحب عمار يا حاج كامل. 

صدق حدس السيدة سعاد وعلمت ان ابنتها هي المقصودة فألجم الحديث لسانها وجعلها تصمت ريثما ينتهي شقيقها من الحديث ويفصح عن مكنونات صدره بوضوح. 

وسرعان ما اتسعت حدقتاهما في دهشة عندما هتفا الحاج سعد: العروسة تبقى صَبا يا حاج كامل.

 اطرق الحاج كامل راسه أرضا ولم يعقب فإذا وافق وقتها سيصدق الجميع حديث المدعوة زينة عنها وعن اخلاقها وإن رفض سيخسر الحاج سعد نهائيا فسيفهمه بالطبع بشكل خاطئ

 لكن سرعان ما هبا الجميع واقفا عندما صدح صوتها بعد أن دلفت من الغرفة وهي تهدف بقوة تليق بها: وانا موافقة يا خالي.


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية