رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 21 - 2
قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة ميرا كريم
الفصل الحادي والعشرون الجزء 2
❈-❈-❈
صباح يوم جديد يخبأ بين طياته الكثير.
فكان يجلس هو على أحد المقاعد الخارجية بساحة التدريب ينتظر "شريف" كي يبدل ملابس التمرين لأخرى كي يصحبه للمنزل ويعود ينعم بقربها، فحقًا قد اشتاق لها وعند تلك الفكرة قشعر بد نه وتغلب عليه شوقه فقد أخرج هاتفه وضغط على شاشته وفور أن اتى ردها همس متنهدًا:
-وحشتيني
شعر بصوت تهـ دج أنفا سها الذي يدل أن البسمة تعتلي وجهها، ليبتسم ايضًا حين أتاه همسها:
-وانت كمان وحشتني... لسه في النادي مش كده
-اه يا حبيبي مستني "شريف" المهم طمنيني عملتي إيه؟
-الحمد لله كله تمام والعميل تفهم وعطاني معاد تاني للاجتماع وكلمت "سارة" طمنتها
-طيب الحمد لله انا كنت واثق أنك هتعرفي تحتوي الموقف بذكاء
قالت بنبرة تفيض بعشقها له ولخِصاله الرائعة:
-ثقتك دي اللي بتجمد قلبي يا "نضال" وتحفزني دايمًا
رد مشاكسًا بنبرة متلاعبة تحمل مغزى متواري:
-طيب اظن انا كمان استاهل تحفيز منك ولا إيه؟
اجابته من الطرف الآخر وتنهيدة حارة تصاحب كلماتها:
-الحلو كله مخصوص ليك يا حبيبي
قهقه مستمتعًا من مسايرتها له ثم همس بمشاكسة يكمن خلفها الكثير من العبث:
-احلى حاجة أنك فهماني...
بالكاد أكمل جملته ولمح "هاجر" تقترب من موضع جلسته لتندثر بسمته، قبل أن يأتيه همس "رهف" من الطرف الأخر:
-اكيد فهماك...طيب انا...
قاطعها مُسرعًا حين وجد "هاجر" تسحب المقعد المجاور له وتجلس بالفعل:
-"رهف" طيب هكلمك تاني سلام
استغربت "رهف" ما حل به ولكن لم تهتم فهي بالفعل قررت مفاجأته والآن هي على وشك الوصول له...
بينما هو رمق "هاجر" بنظرة نافرة قبل أن يتسائل بحدة نفضتها في جلستها:
-بتعملي إيه هنا؟
-عايزة اتكلم معاك
-قولتلك مفيش كلام يتقال خلاص أنتِ ليه مش قادرة تفهمي
-مش هفهم يا "نضال" أنا لسه بحبك ومستحيل حاجة تغير شعوري حتى بعد موقف خالتي وكلام مراتك
نهرها بملامح نافرة:
-انتِ إزاي بجحة كده و معندكيش كرامه انا بجد مستغربك
بررت بكل اريحية وكأن اسبابها كافية:
-مفيش كرامه في الحب
جز على نواجذه ثم احتد عليها قائلًا:
-حب ايه! فوقي بقى انتِ موهومة
نفت برأسها وأكدت بدافع نَيل أهدافها:
-مش موهومة علشان خاطري أدي لعلاقتنا فرصة كمان وانا هثبتلك
زمجر غاضبًا من اعترافها السخيف الذي لم يشكل أي اهمية له ثم نهض ينوي المغادرة ولكنها منعته تتمسك بذراعه راجية غافلة عن من يراقبها عن كثب:
-"نضال" ارجوك اسمعني انا محتاجالك
نزع ذراعه من قبضتها متقززًا وكاد ينهرها ولكن سبقه صوت رجولي ميزته هي:
-اخيرًا عرفت السبب اللي مخليكِ مش عايزة ترجعيلي يا "هاجر"
اتسعت عيناها والتفتت تطالع طليقها بنظرات مهتزة هامسة بتفاجئ:
-"مصطفى"
لعن "نضال" بسره حين ادرك كونه طليقها ثم برر قائلًا:
-متفهمش غلط...
قاطعه "مصطفى" متهكمًا والشيطان يبرر له خداعها:
-افهم إيه يا محترم افهم انها معرفتش تنساك و كانت على علاقة بيك وهي على ذمتي واكيد علشان كده طلبت الطلاق من غير سبب
شهقت "هاجر" تنفي برأسها بينما هو قد ثارت الدما ء برأسه واخشوشنت نبرته وهو يستنكر هادرًا:
-أنت بتخرف تقول إيه...احترم نفسك وحاسب على كلامك اللي بتتكلم عنها دي تبقى بنت خالتي قبل ما تكون طلقتي
عقب الأخر بإهانة جارحة:
-مفرقتش انتم الاتنين معدومين
الشـ رف
وهنا لم يحتمل "نضال" فقد تخلى عن ثباته الإنفعالي و
انقـ ض عليه يلـ كمه بعز م ما فيه هادرًا بحمئة شديدة:
-إحنا اشرف منك يا حيو ان
لم يقف "مصطفى" مكتوف الايدي بعد لكـ مته بل دفعه
بصـ دره و ردله لكـ مته متحديًا:
-والشريف ده موجود هنا ليه مش علشان يقابل عشيقته اللي كانت مستغفلة جوزها
زمجر "نضال" وقبض على تلابيبه
وبدل ان يدافع عن ذاته ويستنكر اتهامه المُشين سبقته هي قائلة بثقة متناهية أهبت حواس جميع المنتبهين من حولها:
-محصلش "نضال" هنا معايا وكل اللي بتقوله ده كدب وملهوش اساس من الصحة
دفع "مصطفى" قبضته عنه وتسائل متهكمًا:
-وانتِ مين بقى إن شاء الله؟
ردت بصوت مفعم بالثقة وهي تعتز بكل حرف يخرج منها:
-مراته
انكمشت معالم "مصطفى" يتناوب نظراته بينهم قبل أن يخصها بالسؤال:
-يعني إيه؟
احتد "نضال" واجابه بالنيابة عنها:
-هو إيه يعني إيه يظهر أنك غبي ومبتفهمش
جابهه الآخر بحدة مماثلة:
-انا اللي مبفهمش ولا أنت اللي...
تدخلت "هاجر" اخيرًا تقف مواجهة له وهي تطالع تجمع بعض الاشخاص حولهم:
-كفاية يا "مصطفى" بلاش فضايح
قلب "نضال" عينه من غبائها وضرب كف على أخر بينما تابعت "رهف "دفاعها:
-انا جو زي ملهوش علاقة بيها وهي مش أكتر من بنت خالته لأنه بأختصار بيحبني
وانا وهو هنا علشان "شريف" ابني قالتها وهي تتمسك بيد "شريف" الذي اتى لتوه بعد أن أبدل ملابسه، لتزوغ عين "مصطفى" يتناوب نظراته بينهم في حين تعلقت "رهف" بذراع "نضال" تحت نظرات الجميع هادرة:
-ياريت تقعدوا مع بعض وتحلو مشاكلكم لوحدكم أنتم ناضجين كفاية ومفيش داعي حد يتدخل بينكم واظن اقتنعتي دلوقتي يا "هاجر" أن "نضال" مينفعش يدخل بينكم عن اذنكم
قالتها وهي تغادر معه و متشبثة به وكأنه أعظم إنجازاتها تاركة "هاجر" تطالع أثارهم بعيون متحسرة وهي تدرك أخيرًا أن لا امل من تحقيق اهدافها...أما هو فقد اقترب بحذر منها يحاول الاعتذار عن ما بدر منه قائلًا:
-"هاجر" أنا فهمت غلط...
رفعت يدها بوجهه تحثه على السكوت وقالت بملامح جامدة تستسلم لقدرها:
-موافقة ارجعلك يا "مصطفى"
❈-❈-❈
كان مُحمل بالكثير وهو يصعد لعندها ففور أن دخل من باب البيت وجد" صالح" يتلقف مابيده قائلًا ببسمة بلهاء:
-اهلًا يا ابو نسب ده إيه ده كله
ازاحه "سلطان" عن طريقه وقال ضاجرًا:
-دول علشان العروسة هي فين؟
-في اوضتها مخرجتش منها من الصبح
اتسعت بسمة "سلطان" وخطى لعندها دون أن يعير وجود "صالح" أي اهمية ففور أن دفع باب غرفتها وجدها تجلس على سجادة صلاتها تقرأ وردها، وهنا تنهد مُطولًا يتأملها ثم وضع ما بيده على الفراش تزامنًا مع تصديقها، ليقول هو يستحسن إلتزامها:
-ربنا يفتحها عليكِ
نهضت تطوي سجادة صلاتها وهي ترشقه بنظرة باردة يكمن خلفها بركان غاضب من مقتها قبل أن تتسائل:
-ايه ده؟
اجابها ببسمة واسعة وهو يتأمل ببطء إسدالها وكأنه يخيل له شيء ما يناسب مـُـ جونه:
-فستان الفرح يا عروسة وشوية هدوم مشخلعة لزوم الد لع
تقلصت أمعائها وكادت تفرغ ما بجوفها تحت وطأة نظراته التي تعريها بكل وقاحة، ولكنها تماسكت والتزمت بصمودها حتى أنها عقبت متهكمة:
-لسه مصمم يا "سلطان" رغم رفضي ليك مش كده؟
أكد بكل ثقة دون ذرة تراجع واحدة:
-اه مصمم واظن كفاية عناد لغاية كده يا بنت الناس وخليها بالرضا احسن
ابتلعت غصة مسننة بحلقها
مز قت جوفها قبل أن تتسائل بسخرية مريرة:
-بتحبني للدرجة دي؟ ولا مش قادر تستوعب رفضي و الممنوع بالنسبالك مرغوب يا "سلطان"
اقترب يحاول إقناعها:
-أنتِ روحي يا زبادي والحلم اللي اول ما وعيت على الدنيا متمنتش غيره
تقهقرت بخطواتها تصنع مسافة مناسبة قبل أن تذكره بسبب
تنغـ يص حياتها:
-وعلشان كده كنت بتأ ذي أي
را جل يحاول يقرب مني مش كده!
عقب بعصبية شديدة تنم أن عقله لم يستسيغ قط انها تقسم لغيره فكأنها ببضع كلمات سحبت شريط طويل من الذكريات الغابرة أمام عينه:
-كلهم مكنوش يستهلوكِ ويستاهلوا اللي حصلهم علشان مفيش فيهم را جل أحق بيكِ مني ولا هيحبك أدي
نفت برأسها وذكرته بمقتها:
-بس انا بكرهك و عمري ما عشمتك بحاجة
وكأن سـ كين ثلم انغر س بقلبه مع تصريحها ولكنه اقنع ذاته ان لا يهم فا يكفي أن تكون له وبعدها سيرغم كافة سُبلها لتساير عشقه لها:
-مش مهم يا زبادي كفاية انا بحبك وصدقيني بكرة الايام هتثبت ليكِ
تسللت بسمة مريرة على ثغرها وقالت تدعي استسلامها:
-وانا اقتنعت ان مفيش مفر يا "سلطان"
استراب من ردها وظل صامت وكأنه لم يستوعب قبولها، لتبتلع هي ريقها وتحاول إقناعه بنبرة بالكاد تصنعت ثباتها:
-كلامك ليا اقنعني أن مفيش خلاص منك... وبصراحة احترمت أنك مجتش جنبي لما اغم عليا ولقيت إن اكرملي أوافق
لاحت على ثغره بسمة مفعمة بالزهو من تصريحها الخاضع له وكم كان مغتر بذاته كونه استطاع ترهيبها، بينما هي اضافت بمكر تخبره بذاتها كي لا يستراب في أمرها:
-وحتى روحتلك امبارح علشان ابلغك بس ملقتكش في بيتك وبعد كده روحت ل "بدور" علشان اطمن على "رامي"
تنهد بإرتياح بعد حديثها الذي دثر شكوكه نحوها ثم عقب بزهو منتصر:
-مفيش احلى من الرضا اصل مكنش قدامك غيره لأن حتى لو بالغـ صب كنت برضو هكتب عليكِ
ابتلعت رمقها وتناولت الثوب تخرجه من علبته قائلة ببسمة راضية بالكاد اغتصبتها على ثغرها:
-ذوقك حلو
-اكيد علشان اختارتك
تنهدت وهي تعلقه أمامها ثم طلبت ومازالت محافظة على البسمة ذاتها:
-طيب أجل كتب الكتاب لبليل وسط الهيصة علشان يدوب الحق اجهز نفسي
اقترب منها يجـ ذبها له من
خـ صرها هامسًا بمـ جون و
انفـ اسه الكار هة تضر ب صفحة
وجـ هها:
-وماله...طلباتك أوامر
قالها وهو يمـ يل بغرض تقـ بيلها ولكنها تملـ صت وتحججت وهي تتقهقهر بخطواتها:
-لأ يا "سلطان" لو عايزها بالرضا...مش قبل كتب الكتاب
طالعها بنظرة وقـ حة دون أدنى أدب ثم قال غامزًا وهو يمـ سد صد ره:
-اللي خلاني اصبر سنين عليكِ هيخليني اصبر الساعات اللي فاضلة يا زبادي
هزت رأسها وهي تتـ مسك
بمو ضع خا فقها الذي يطرق بعنـ ف بين ضلوعها من شدة رعبها وكأنها ارادت ان تحثه على التماسك، بينما هو اتسعت بسمته وعقب يصـ فق كف يده:
-واخيرًا هتكونِ ليا و ربنا ما مصدق
-لأ صدق
همست بها ببسمة مصطنعة تخفي الكثير خلفها، ليهلل هو:
-وعد يا بت الناس هخليكِ اسعد واحدة في الدنيا
قالها وهو يهرول للخارج ويكاد يطير من شدة سعادته تارك البسمة تمو ت على ثغرها وهي تتطلع لآثاره و تتوعد له بالقصاص بنظرات حاقدة مُشـ تعلة تنم عن حر يق قلبها.
❈-❈-❈
تعالى صوت الزمر والطبل المصاحب للزغاريد بالمنطقة
مما جعله يكاد يجن رغم وثوقه في رفضها ولكن حين كاده "سلطان" بقبولها هرول لعندها يضـ رب الباب بعزمه لحين فتح "صالح" له هادرًا:
-افندم عايز إيه؟
رد على سؤاله بسؤال ولكن بنبرة نافذة:
_هي فين؟
لم يجيبه "صالح" بل خرجت هي له متسائلة بملامح جامدة:
_عايز إيه يا "عماد"؟
-أنتِ صحيح وافقتي
أكدت بملامح جامدة لا يستنبط منها شيء:
-اه وافقت
نفى برأسه هادرًا:
-مستحيل اصدق
ردت تأكد بنبرة هجومية محتدة:
_ انا صاحبة الشأن وبقولك وافقت إيه اللي مش مفهوم في كلامي
-"شمس" مالك انتِ بتكلميني ليه كده!
طالعته لثوانٍ بنظرة مطولة لم يستنبط منها شيء ايضًا قبل أن تغمغم:
-مليش وياريت بعد كده متديش لنفسك الحق وتدخل في حياتي
افحمته بقولها ولكنه حاول تبرير أمرها:
-"شمس" إيه اللي حصلك انا "عماد"
هو قالك إيه هد دك بحاجة مش كده؟
خطت للباب تفتحه على مصراعيه تحت نظرات "صالح" المُتشفية ثم قالت بقطع لغرض ما بنفسها:
-اطلع بره يا"عماد" وكفاية اوي لحد كده
وقف مشدوه لا يصدق ما تفوهت به أو ما بدر منها للتو ولكن حين دفعه "صالح" يحثه على الخروج استوعب وقا ومه زاعقًا:
-مش هخرج غير لما افهم
عقب "صالح" وهو يستمر بدفعه:
-قالتلك اطلع بره ومتدخلش هو أنت إيه البعيد مبيفهمش
تراجعت هي بخطواتها قبل أن تنسحب بالكامل وتهرول لغرفتها تاركة "صالح "يتولى الأمر ، ولكن" عماد" لم يعجبه وزعق بكامل صوته وهو يقاومه:
-هد دتوها بإيه المرة دي يا*** مش هسيبك يا "صالح" لا أنت ولا هو مش هسيبكم
دفعه "صالح" دفعة قوية للخارج وقبل أن يتدارك كان يغلق الباب بوجهه متأفف بضجر:
-غور بقى يا ساتر عليك ده انت لازقة
❈-❈-❈
بعد بعض الوقت كادت تدخل من باب البناية وهي تطلق الزغاريد وخلفها مجموعة من الفتيات يفعلون مثلها، ولكن سد أحد رجال "سلطان" طريقها متسائلًا:
-على فين أنتِ وهي؟
أجابته "بدور "ببسمة واسعة تخفي خلفها توتر عظيم:
-طالعة للعروسة ابارك لها
وهنا اتى" جلال" من خلفهم يرشق الفتيات بنظرات فاحصة لحين تركزت عيناه على اثنان منهم يرتدون النقاب ويخفي خلفه وجوههم ليعقب يستراب من أمرهم:
-ومين دول يا "بدور "
زاغت نظراتها قبل أن تجيبه تدعي الثقة:
-كلهم اصحابها من المنطقة وجاين يباركوا ما انت عارفهم يا"جلال"
هز رأسه وقال وهو يشير لهم:
-ماشي اطلعوا
لتتنهد "بدور" براحة وتصعد الدرج ومن خلفها الفتيات
لعندها فكانت هي تجلس مستسلمة أمام خبيرة التجميل سامحة لها بتزين وجهها بالمستحضرات دون معارضة
فإن انتهت نظرت لذاتها بالمرآة نظرة مبهمة وكأنها لم تتعرف على نفسها في حين تسائلت المختصة عن رأيها:
-إيه رأيك يا عروسة
تناوبت نظراتها بين انعكاسها وبينها ثم حانت منها بسمة مريرة كمر حياتها قبل أن تبدي اعجابها:
-حلو اوي انا معرفتش نفسي
-الف مبروك ربنا يتمملك بخير
تنهدت وأومأت برأسها دون أن تعقب تزامنًا مع دخول "بدور" ومن معها ففور أن وقعت عيناها عليها قالت مُستبشرة:
-بسم الله ما شاء الله قمر يا "شمس" ربنا يحفظك يارب
نهضت "شمس" وتمسكت بذراعها هامسة بخفوت لم يصل لأحد غيرها:
-انا خايفة يا "بدور"
طمئنتها "بدور" تربت على يدها ثم قالت لمن حولها:
-يلا نلبس العروسة يا بنات وأنتِ
تشكري يا "عبير" لغاية كده
قالت "عبير" تُصر على بقائها لإتمام عملها:
-هفضل معاكم لغاية ماتنزل يا "بدور" علشان لو احتاجت تظبط حاجة
-يا اختي ده هي كده زي القمر هتظبط إيه بس كتر خيرك
قالتها وهي تدفعها برفق للباب ومن معها يلملمون اغراضها ويلحقوها بها.
وبعد عدة دقائق خرجوا من عندها واغلقت "بدور" الباب خلفها ثم إن كادوا يخرجون من البناية يندمجون وسط المتراقصين والمهللين في ظل الأجواء الصاخبة استوقفهم "سلطان" وهو بكامل حِلته متسائلًا:
-العروسة خلصت يا بت منك ليها
انكمشوا على ذاتهم ولم تنطق واحدة منهم فقط هزوا رؤسهم بينما "بدور" ابتلعت ريقها متوترة قبل أن تجيبه ببسمة مصطنعة واسعة:
-اه ياخويا واسم الله عليها طالعة بدر منور ربنا يباركلك فيها
هز رأسه وكاد يتخطاهم ليصعد لها ولكن منعته "بدور" مبررة بتلك الأقوال المتوارثة:
-رايح فين بس! فال وِحش تشوفها قبل كتب الكتاب انت عايز الجـ وازة تترصد ولا إيه...
زفر انفاسه لا يستسيغ حديثها ولم يستطيع الصبر أكثر فكاد يزيحها عن طريقه ويصعد لها ولكن في غضون ثوانٍ اندثر اصوت المهللين وحل محلها أصوات عالية أهبت حواسه وجعلته يتوقف تزامنًا مع إتيان أحد رجاله مستنجدًا:
-الحق يامعلم عربيتك النا ر ماسكة فيها ومش عارفين نطفيها
تناوب نظراته بين الدرج وبينه قبل أن يزمجر غاضبًا ويغادر مضطر معه بينما هي تنفست براحة ومن معها واول شيء فعلوه أنهم
تحركوا مستغلين إلتهاء الجميع واختفوا وسط الزحام.
❈-❈-❈
في ظل تلك الأجواء كان يجلس بعر وق نافرة وعيون مُستوحشة متأهبة بداخل سيارته على بُعد كافي بعيدًا عن الأنظار فكاد يجن من شدة قلقه عليها فلو عليه كان يخترق الجميع ويأتي بها من قلب الجـ حيم ليس فقط من بين هؤلاء الحثالة ولكنه لأخر وقت أراد أن يحترم رغبتها، ولكن يقسم فور أن يكون له السُلطة عليها لن تستطيع ردعه عنهم فسيذيقهم ما اذقوها إياه بلا أدنى شفقة... اشرأب برأسه حين وجد "بدور" تهرول برفقة فتاة متشحة بالسواد ودون أن يدقق بنظراته الضيقة كان من الوهلة الاولى يتعرف عليها، فقد صعدوا اثناتاهم بالمقعد الخلفي ليلتفت كل ما به نحوها ليس فقط عيناه بل كافة حواسه التي أعلن رضو خه أمام
عصيا نها فكان يتأمـ لها وهي تر تجف و تضع يدها موضع خافقها ورغم أنه لم يرى وجهه بسبب الغطاء التي تخفيه به إلا أنه شعر
بمـ عاناتها في التقاط أنفا سها ليحتل الأ لم عيناه ويهمس مطمئنًا وقلبه يأن لحالها:
-متخافيش انا معاكِ
رفعت رأسها وطالعت نظراته بزيتون عينها الذابل على اغصانها بنظرة مُطولة يقسم أن استشف بها كم المعاناة التي مرت بها وهنا كم تمنى أن يدثر ها بين
احـ ضانه ويمحي خوفها فيقسم أن قلبه يرتجف رجف من شدة تو قه لفعلها ولكن بِخصاله المتعقلة عليه التمهل ليحين وقتها، فقد كانت نظراتهم متشابكة وتتحاكى بلغة خاصة بها حين لاحت منه بسمة مطمئنة أراد بث الطمأنينة بها فما كان منها غير أن تهز رأسها، في حين كانت "بدور" مُلتهية عنهم تتلفتت حولها قبل أن تقول بلهاث مُر تعب:
-يلا الله يخليك يا باشا امشي من هنا
وكأنها انتشلته بقولها فقد اعتدل بجلسته وفي لمح البصر كان ينطلق في طريق تحقيق راحة قلبه ونجاتها.
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميرا كريم من رواية ذنبي عشقك، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية