رواية جديدة في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 33
قراءة رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية في غياهب القدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الثالث والثلاثون
طلقني 2
أَعِيشُ صَبَابَةً وَأَمُوتُ شَوْقًا
وَلَيْسَ إِلَى الَّتِي أَهْوَى سَبِيلُ
وَأَذْكُرُهَا إِذَا مَا جَنَّ لَيْلِي
وَيُذْكِرُنِي بِهَا الْبَدْرُ الْجَمِيلُ
بُلِيتُ بِحُبِّهَا وَسُقِيتُ كَأْسًا
وَخَمْرُ الْحُبِّ لَيْسَ لَهُ مَثِيلُ
شَرِبْتُ وَمَا رُويتُ وَكَيْفَ أُرْوَى
بِكَأْسٍ مِنْهُ، أَكْثَرُهُ قَلِيلُ
فَآهٍ يَاهَوَى لَيْلَى وَآهٍ
كَأَنَّ الْعَيْشَ بَعْدَكَ مُسْتَحِيلُ
قَتَلْتَ الْعَاشِقِينَ بِكُلِّ ذَنْبٍ
وَلَكِنِّي بِلَا ذَنْبٍ قَتِيلُ
(عبد الله المكي)
❈-❈-❈
هبطت درجات السلم وهي تتمختر في مشيتها فقد قضت ليلتها بالامس تفكر ماليا في خطوتها التالية
وايقنت انها كانت مجرد لعبة وأداة في يد ذلك القذ ر حسام ابو الدهب.
اتخذها وسيلة للانتقام من زوجها وهي ركضت له مع أول إشارة منه وتركت كل شيء خلفها تركت زوجها وحبيبها واولادها لتتفاجأ ان كل هذا كان مجرد وهم وانتهى قبل ان يبدأ لذا عليها أن تستغل كل فرصة كي تحصل على ما تريد هي اختارته من اجل ماله
والان ستبدأ خطتها للحصول على كل ما تريد لن تسمح له ان يتركها هكذا ولن تبقى مكتوفة الأيدي وتخسر كل شيء كانت قد خططت له من قبل.
مشطت الردهة بحثا عنه فقطبت حاجبيها بانزعاج عندما لم تجده لكنها سرعان ما ابتسمت عندما استمعت إلى صوت يأتي من غرفة مكتبه فاتجهت بخطوات متزنة ترقت الباب بخفة ثم فتحته وولجت ابصرته يجلس خلف مكتبه منهمكا في قراءة بعض الأوراق.
عدلت من خصلاتها ثم ذهبت له حتى باتت قبالته وتنحنحت بنعومة جعلته يرفع رأسه ويتأملها باعجاب سافر فقد كانت ترتدي منامة منزلية باللون الأحمر بالكاد تغطي فخـ ذيها عار ية الظهر والأكتاف كما أنها تركت لخصلاتها البندقية العنان لتنسدل فوق كتفيها وظهرها ناهيك عن اللون الأحمر الذي طلت به كرزيتيها لتصبح فاتنة حقا.
ابتسمت بنصر عندما لاحظت تأمله لها فتجرأت واستدارت حول المكتب ثم جلست فوق سا قيه وراحت تداعب ازرار قميصه وتهتف بنعومة: حسام حبيبي صباح الفل بقول لك ايه يا قلبي ايه رأيك لو تيجي نفطر سوا وبعدين نقضي وقت حلو مع بعض؟
رمشا بعينيه عدة مرات فمن يراها بالأمس يظنها سترحل وتترك كل شيء خلفها لكن يبدو أنها إمرأة قوية وهذا النوع يعجبه كثيرا لذا قرر أن يلاعبها بنفس طريقتها ولما لا فهي أولا وأخيرا إمرأة جذابة وتعجبه
ابتسم باتساع ثم راحة يدا عب خصلاتها بأنامله ويهتف وهو يسلط عينيه في عينيها: برافو عليك يا زينة حسبتيها صح. كده بقى تعجبيني وبما ان مبروم على مبروم ما يلفش فتعالي نتفق
تديني اللي أنا عايزه وانا برضو هعمل لك اللي انت عايزاه من غير وجع دماغ ومتصدعنيش وليالي ملكيش دعوة بيها خالص عشان بمزاجك أو غصب عنك هي ليها مكان في حياتي تمام؟
أومأت له عدة مرات دليل على الموافقة ثم تجرأت ودنت تطبع قبـ لة طويلة بجانب شفـ تيه جعلت القشعريرة تسري في جـ سده
تحسس جـ سدها العا ري بوقا حة ثم هب واقفا وحملها فوق كتفه وهو يهتف بخشونة: استعنا على الشقا بالله.
❈-❈-❈
اطلقت شهقة قوية وراحت ترمش بعينيها عدة مرات وتغمغم بعدم تصديق: ايه ده هو فعلا هنا ولا انا بيتهيقلي ومن غيظي منه بقيت اشوفه في كل مكان زي عفريت العلبة.
اقتربت من المطعم كي تتأكد فاتسعت ابتسامتها عندما ابصرته يقف واضعا إحدى يديه في جيب بنطاله والأخرى يمسك بها هاتفه ويعبث فيه بشرود شديد يبدو أنه يفعل شيء مهم.
اتسعت ابتسامتها الخبيثة ودنت منه واصطدمت به بقوة جعلت الهاتف يسقط بقوة من يده
صك على أسنانه بقوة حتى كاد أن يهشمها فهاتفه يوجد عليه الكثير من الأعمال وتلك الغبية أتلفته
فتح فمه ليوبخها لكنه دهش عندما ابصرها تقف ترمقه باستفزاز وهتفت وهي ترسم الحزن بمهارة فوق قسمات وجهها البريء: اووو سوري ما كانش قصدي يلا معلش تعيش وتاخد غيرها وبعدين انت شكلك غني وابن ناس يعني تقدر تشتري واحد غيره.
وزع نظراته بينها تارة وبين الهاتف ارضا تارة اخرى ثم هتف وهو يرفع كلا حاجبيه باستنكار: اه انت شمتانة فيا بقى.
هزت رأسها نفيا وهتفت بهدوء شديد استفزه كثيرا: تؤتؤ انا ما اعملش كده خالص انا بس خبطت فيك غصب عني أصل كنت مستعجلة عشان ورايا جامعة قلت ادخل اشتري ساندوتش وامشي علطول وحظك الوحش بقى جابك في طريقي.
تلفت يمينا ويسارا فابتسم بمكر عندما لم يجد أحدا قريبا منهما فقطع المسافة التي تفصلهما بسرعة رهيبة ثم قبض على معصمها بقوة متوسطة وهتف بجانب أذنها باستفزاز شديد: ما يهمكيش الموبايل فداك بس وليد سلام ما بيسبش حقه يا قطة ماشي يا نور.
اتسعت حدقتاها في دهشة من جرأته تلك استدارت لتصرخ في وجهه وتشتمه بأفظع الشتائم لكنه لم يسمح لها وانصرف بسرعة البرق من أمامها جعلها تضرب الأرض بسا قها وتهتف بتوعد: طيب وريني انت هتعمل ايه يا عم القمور ويا انا يا انت في المنطقة يا استاذ وليد.
❈-❈-❈
فتحت باب المصعد ودلفت للخارج ثم تنحت جانبا لتفسح له الطريق ليعبر بكرسيه المتحرك.
دنت منه لتساعده عندما تعثر قليلا لكن أوقفها بإشارة من يده: خليك انت يا صَبا انت تعبت معايا قوي النهاردة.
منحته أجمل ابتساماتها وهتفت بمشاكسة: تعبك راحة يا عمور وبعدين لو ما تعبتش عشانك يعني هتعب عشان مين.
بادلها الابتسام وأردف بصدق وهو يسلط بندقيته في ذهبيتيها: شكرا يا صَبا شكرا من قلبي شكرا لأنك في حياتي وشكرا لأنك بتديني الدعم في الوقت اللي أقرب الناس ليا اتخلوا عني فيه.
اتسعت ابتسامتها حتى أظهرت غمازتيها التي جعلته يغمغم بانبهار: سبحان اللي خلقك يا صَبا.
زحفت الحمرة إلى وجنتيها وهتفت بتلعثم: شكرا إيه هنفضل واقفين قدام الأسانسير كده طول النهار يلا بينا يا أستاذ عشان نلحق نعمل حاجة نكلها.
أومأ لها متفهما ثم أشار لها لتتقدمه: طيب اتفضلي افتحي لنا الباب يا مدام صَبا.
أومأت له وراحت تبحث عن المفتاح في حقيبة يدها.
بينما هو راح عقله يقوم بعمل مقارنة سريعة بين تلك التي تقبع أمامه وزوجته التي عاشت معه عشر سنوات
وبالطبع كانت كفة صَبا هي الراجحة تنهد بإرهاق ثم هتف بخفوت لم يصل إلى مسامع صبا: يا رب يا رب قويني الفترة اللي جاية واشفيني وشيل حب زينة من قلبي يا رب.
❈-❈-❈
لم تصدق كل ما يتفوه به زوجها وحبيبها كلامه بمثابة طعنات متتالية لقلبها الضعيف
أزالت دموعها بعنف ثم تأملته بكره واضح مردفة بنشيج أصابه في مقتل: آخر سؤال هسألهولك هي مين حد أعرفه ولا ما أعرفهاش؟
أشاحة ببصره عنها وأجابها بخفوت: رغد رغد السورية.
شهقت بقوة وارتفع صوت نحيبها وهي تهز رأسها نفيا: رغد رغد جارتي!
واثناء بكائها الذي ازداد راحت تضحك بهيستريا وهي ما زالت تهز رأسها بعنف
رغد التي وثقت بها وأدخلتها منزلها سرقت زوجها فعلتها رغد وانتقمت من صديقتها عن طريقها هي لماذا؟
وهي لم تفعل لها شيئا بل صاحبتها وأحبتها وأدخلتها منزلها وكان المقابل الخيانة الخيانة فحسب
هبت واقفة فتلقائيا وقف معها ثم رمقته باشمئزاز واستطردت حديثها اللازع: تمام عارف أنا مش زعلانة منها خالص أنا زعلانة من نفسي وعشان حكت لي حكايتها وما اتعظطش وفكرت اللي حصل خلاها تكره الخيانة لكن الظاهر أني حسبتها غلط.
رفعت رأسها إلى أعلى كي تمنع سقوط دموعها أمامه فيكفيها إذلال ومهانة ومن ثم ازالت بقايا دموعها العالقة في اهدابها وهتفت بقوة لا مثيل لها: وبما ان المدام حامل وهيكون لك طفل منها يبقى انا ما ليش مكان في حياتك من دلوقتي.
يعلم أن كل هذا سيحدث يعلم أنها لن تبقى معه دقيقة واحدة بعد كشف الحقيقة لكن كان هناك أمل صغير بداخله بأنها ستتمسك به
تأملها مليا وراح يفكر في طريقة يقنعها بها ويثنيها عن قرارها المتهور ذاك لكنه أجفل على صوتها الغاضب وهي تصرخ بقوة: طلقني يا رامي.
❈-❈-❈
أمام مرآته الكبيرة يقف يهندم ملابسه شعر بها تعانقه من الخلف وتسند بوجهها فوق كتفه وتهتف بابتسامة: صباح الفل يا أبو فهد.
ربط فوق يدها التي تطوق بها صـ دره ومن ثم استدار لها يضمها إلى قلبه مغمغما: صباح الفل يا أم فهد الفطار جاهز ولا هتنزليني من غير فطار كالعادة؟
ضمت نفسها إليه أكتر: أكيد طبعا حضرت لك الفطار ومن هنا ورايح هحضر لك الفطار على طول أنا ما ليش غيرك انت والولاد.
اتسعت ابتسامته فلأول مرة تتحدث معه عزة بتلك الطريقة الحمـ يمية الممتلئة بالحب لأول مرة تشعره بأهميته لديها كانت دائما تعامله بجدية لم يشعر منذ زواجهما بحبها له ولن يرى نظرة الحب في عينيها أبدا لكن هو لم يكترث وراح يعاملها بما يرضي الله كان يحبها كثيرا وأحب أولاده لأنهم منها هي
عندما رآها في حيها لأول مرة افتـ تنا بها وبجمالها وبأخلاقها العالية ناهيك عن سمعة عائلتها واصلها الطيب على الفور أخبر عائلته وتقدم لخطبتها.
استفاق من شروده على صوتها الناعم: إيه كده يا محمد احنا هنفضل كده واقفين طول النهار يلا القهوة بتعتك هتبرد وغير كده فهد وفريدة مستنيينك على السفرة.
طبعة قبـ لة عميقة فوق جبينها وبعثر خصلاتها مغمغما بمشاكسة: عيوني لفهد وفريدة وأمهم كمان.
ضحكت بدلال ثم فعلت شيئا جعلت عينيه تكاد أن تخرج إذ رفعت يده وطبعت قبـ لة طويلة على ظهرها خفق قلبه من فعلتها تلك لم يشعر بنفسه إلا وهو يجذبها إليه ويطوق شفـ تيها بشـ فتيه بقبـ لة شغـ وفة يعبر لها فيها عن مدى حبه الشديد لها بهدوء شديد وكأن وقت العالم ملكهما وحدهما.
❈-❈-❈
على أعتاب باب المطبخ وقفت تراقبها عن كثب وهي تعد الفطور بمهارة شديدة.
فتحت فمها لتوبخها على أتفه الأشياء لكنها تراجعت عندما أبصرت رؤوف يدنو منها فرسمت ابتسامة صفراء فوق شفتيها ودنت منها تهتف باستهجان: أخص عليك يا عبير يا حبيبتي انت لسة في أسبوع الفرح معقولة تدخلي المطبخ كده وأنا موجودة ها عنك وروحي انت ارتاحي والفطار هيكون عندكم في أقل من دقايق.
منحتها ابتسامة جميلة وهزت رأسها بعنف هاتفة بإصرار: ودي تيجي برضو يا ماما اخليكي تعملي حاجة وأنا موجودة حضرتك تروحي تستريحي والفطار هيجي لك لحد عندك.
ابتسم رؤوف عندما استمع إلى حديث زوجته الأخير يا الله كم يعشق تلك الفتاة كل ما يتمناه في هذه الدنيا أن تبادله ولو جزء صغير من حبه لها لكن لا بأس سينتظر حتى تشعر به وبعشقه المتغلغل في ثنايا قلبه.
فهتف بمرح: الله الله أنتم قاعدين تتعازموا على بعض كده وسايبني ميت من الجوع أي حد فيكم يعمل الفطار.
استدارت عبير ترمقه بابتسامة وهتفت بجدية: من عيوني ثواني والفطار هيكون جاهز بس انت خد ماما وروحوا اقعدوا عشان معطلني بصراحة.
فتحت فمها لتعترض لكن صوت ولدها الحازم أوقفها إذ هتف بجدية: ما خلاص بقى يا ست الكل تعالي نستنى ونشوف الست عبير هتفطرنا ايه.
أومأت له ودلفت للخارج برفقته وابتسامة صفراء ترتسم فوق شفتيها عكس النيران التي تشتعل بداخلها تجاه المسكينة التي لم تفعل لها شيئا سوى أنها تزوجت بإبنها
وما لا تعرفه تلك المرأة أن عبير كانت قد زهدت جميع الرجال بعد ما حدث لها من زوجها
وتلك المسكينة لا تعلم ما الذي ستعانيه في هذه الفترة بسبب تلك المرأة الشمطاء.
لكن هل يا ترى ستظل معاناة عبير طوال حياتها أم أن للقدر رأي آخر.
❈-❈-❈
وقفت تتابعه وهو يرتدي ثيابه وهتفت بجدية: البس حاجة تقيله يا حاج ما تنزلش كده.
قالت تلك الكلمات وهي تجذب سترة ثقيلة تساعده في ارتدائها.
ابتسم باتساع ثم هتف وهو يشاكسها: خيفة عليا يا صبوحة.
لوت شفتيها بعدم رضا وهتفت بفظاظة: لا يا أخويا خيفة تعديني ما هو أنت لو خدت لطشة برد هتعديني واحتمال تعدي البت نور كمان عشان كده بقول لك البس تقيل.
تأملها ماليا ثم قرص وجنتها هاتفا بمزاح: كنت فاكر ان قلبك عليا بس طلعتي خيفة اعديكي ماشي يا ستي ما تقلقيش البرد الحمد لله بعيد عني أنا واحد باخد دش بمية ساقعه طول عمري عشان كده قليل قوي لما بتجيلي نزلة برد.
ربطت فوق منكبه هاتفة بجدية: ربنا يديك الصحة يا حاج سعد وما يحرمناش منك أبدا.
سلط عينيه في عينيها وهتف بتفاؤل: مبسوطة معايا يا صبوحة؟
أجابته وهي تومئ برأسها إيجابا: مبسوطة إلا مبسوطة ده كفاية الأمان اللي بحس بيه وأنا في بيتك وكفاية معاملتك الحلوة للبت نور هو أنا هاعوز إيه تاني أحسن من كده.
دنا منها وطبع قبـ لة طويلة فوق جبينها ثم ابتعد عنها ودا عب انفها بأصابعه مغمغما بمشاكسة: طيب يا شحرورة أنا نازل المحل بقى لحسن كلمتين حلوين من بتوعك دول كمان وحلبدلك في البيت.
دفعته برفق وهي تغمغم: طب يلا يا أخويا أنزل بسرعة وما تنساش تيجي بعد صلاة العصر عشان نتغدو سوى.
رافقته حتى باب الشقة الرئيسي ثم تابعته حتى استقل المصعد الذي صنعه حديثا من أجل عمار وبعدها أغلقت الباب وراحت تدعو له بالصحة والعافية وراحة البال.
فلا تنكر السعادة التي تحظى بها في كنفه
هو ميثال للرجل المحب الحنون المعطاء الذي عوضها عن السنوات العجاف التي عاشتهم برفقة زوجها البغيض وهي صبرت وتحملت من أجل ابنتها لذلك عوضها الله بالحاج سعد
وما أجمل أن تنتظر ويعوضك الله بشخص يمحي من ذاكرتك كل شيء سيء مضى في حياتك.
❈-❈-❈
كفراشة تدور هنا وهناك وهي تنظف المنزل وقد كانت ترتدي ترينج رياضي من اللون الأسود أظهر بياض بشرتها الناصع ناهيك عن خصلاتها الطويلة التي تغطي ظهرها بالكامل. راحة يتأملها بوله شديد ممزوج بالانبهار فتلك الفتاة رائعة الجمال باستطاعتها أن تلفت إليها الأنظار متى تريد.
ظفرت بقوة عندما التصقت إحدى خصلاتها بسحاب الترينح الذي ترتديه فألقت ما بيدها وراحت تلملم خصلاتها بعشوائية وهي تغمغم: لا بقى كده كتير أنا لازم أقصك علشان ارتاح منك.
فتحت فاهها مجدوها عندما استمعت إلى صوته يأتيها من الخلف: أوعي يا صَبا أوعي تقصي شعراية واحدة من شعرك.
استدارت تمشي باتجاهه تسأله وهي ترفع كلا حاجبيها المنمقين: وليه بقى مش عايزني أقص شعري؟
ده مضايقتي جدا عارف كل شوية يتفك مني ومش عارفة اعمله إيه.
أردف بمرح: ما تعمليش حاجة سيبيه كده الظاهر ان شعرك بيحب الحرية شبهك يا صَبا فاكرة وانت صغيرة لما جيتي وقلت لي في واحد معايا في الإعدادي عاكسني وشدني من شعري وقال لي انت شعرك حلو قوي؟
ابتسمت تلقائيا على تلك الذكرى وراحت تومئ له.
فاستطرد حديثه: طيب وفاكرة أنا وقتها عملت إيه؟
هزت رأسها إيجابا للمرة الثانية.
فأكمل هو: وقتها رحت ومسكت الولد ده ضربته علقة وقلت له صَبا دي خط أحمر إياك تقرب لها ومن وقتها قلت لك تتحجبي وأنت سمعتي الكلام على طول.
لمعت ذهبيتيها وأردفت: ما أنا كنت بحب اسمع كلامك على طول كل ما تقول لي اعملي حاجة كنت بقول لك حاضر.
سألها مباغتا: ليه يا صَبا؟
تنحنحت في حرج وهتفت بتلعثم: مش عارفة جايز علشان انت كنت الولد الوحيد اللي قريب مننا في العيلة فكنا بنعتبرك أخونا الكبير.
رفع أحد حاجبيه بدهشة: أخوكم!
أومأت له موافقة.
فأشار لها لتدنوا منه فانصاعت له وهي تنحني بجزعها قليلا حتى لفحت أنفاسها الحارة وجهه فقرص وجنتها مشاكسا وغمغم: انت بنت حلوة قوي يا صَبا كنتي أحلى بنت في المنطقة كلها من وأنتي عيلة صغيرة ورستي الجمال الغربي من عيلة باباكي لدرجة ان الناس كلها كانت بتسأل عمتي هي صَبا طالعة حلوة قوي كده لمين.
احمرت وجنتيها خجلا واستقامت بجزعها وهي تهتف في عجال: أنا كده هاتعطل وعندي حاجات كتير عايزة اعملها.
ألقت كلماتها وانصرفت تكمل ما كانت تفعله منذ قليل.
بينما هو راحة يتنهد بقوة ويسترق النظرات إليها من وقت إلى آخر.
❈-❈-❈
أنهت صلاة الظهر وراحت تقرأ في مصحفها الشريف ما يتيسر لها من آيات الذكر الحكيم.
تنهدت بقوة وراحت تشكر الله لأنها أدت رسالتها على أكمل وجه فقد تزوجت غزل وهي الآن سعيدة في حياتها وكذلك صَبا فلقد عوضها الله -عز وجل- وحقق لها ما كانت تتمنى طوال عمرها.
أغلقت مصحفها الشريف عندما استمعت إلى صوت قرع الجرس وسارت بخطوات تناسب عمرها باتجاه الباب وما هي إلا ثواني حتى أبصرت ابنتها تقف قبالتها تحمل حقيبة كبيرة واحد شباب المنطقة يجاورها وهو يحمل إحدى فتياتها بينما هي تحمل الأخرى
فوزعت نظراتها بين الحقيبة وبينها ثم سألتها بلهفة: غزل مالك يا بتي عينك حمرا كده ليه كأنك ما نمتيش لمدة أسبوع وإيه الشنطة الكبيرة دي انت ناوية تقعدي عندنا كم يوم ولا إيه الحكاية؟
أجابتها وهي تلج للداخل وما زالت تحمل ابنتها التي غفيت فوق ذراعها منذ قليل فناول الشاب الطفلة الأخرى لجدتها ثم انصرف بعد أن أدخل حقيبة الملابس للداخل
أغلقت والدتها الباب واستطردت حديثها: مالك يا غزل في إيه ما بترديش ليه؟
أجابتها وهي تجلس فوق أول مقعد قابلها: أنا مش هقعد معاكو كأم يوم بس يا ماما أنا هقعد معاكم علطول.
فتحت السيدة سعاد عينيها على مصراعيها وسألتها بتوجس: تقعدي معانا على طول يعني إيه؟
أجابتها بحزم: يعني أنا انطلقت يا ماما…
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية