-->

رواية جديدة في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 29

 

قراءة رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية في غياهب القدر

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 

الفصل التاسع والعشرون

انبهار



إلى تلميذة


-مازلتِ في فَنِّ المَحبَّةِ طفلةً

بيني وبينكِ أبحُرٌ وجبالُ

لم تستطيعي بَعْدُ أنْ تَتَفهَّمي

أنَّ الرِّجَالَ جميعَهُمْ أطفالُ

إنِّي لأرفُضُ أن أكونَ مُهَرِّجًا.. 

قَزَمًا على كَلِمَاتِهِ يَحتَالُ

فإذا وقَفتُ أمامَ حُسنِكِ صَامِتًا

فالصَّمتُ في حَرَمِ الجَمَالِ جَمَالُ

كَلِماتُنا في الحُبِّ تَقتُلُ حُبَّنَا

إنَّ الحُرُوفَ تَمُوتُ حِينَ تُقَالُ..


(نزار قباني)



❈-❈-❈


برفقة زوجته الجديدة ولجا إلى شقته ثم افسح لها الطريق كي تلج هي الأخرى

 رمقته بخجل ثم دخلت بخطوات مرتبكة لاحظها هو فابتسم بمشاكسة واغلق الباب من خلفها ثم استدار لها هاتفا بمر٠: جرالك إيه يا حاجة صباح انت مكسوفة مني ولا إيه ده أنا حتى زي جوزك برده. 

ابتسمت على استحياء مغمغمة بخفوت وصل إلى مسامعه: أنا مش مكسوفة ولا حاجة قل لي الأوضة بتاعتي فين عشان عايزة...

 قاطعها بسرعة: قصدك الأوضة بتاعتنا بلاش تغلطي في الضماير من أولها يا ست انتي أنا بقول لك أهو.

 ابتسمت بارتفاع ورمقته بعدم تصديق فذلك الرجل يتصرف وكأنه في العشرينيات من عمره وليس رجلا شارف على الستين كيف له أن يكون بكل هذه الحيوية؟

 من يستمع إلى حديثه ويتعرف على شخصيته يظنه شابا صغيرا فحقا كما  يقال ليس العمر سوى حبر على ورق وإنما العمر حقيقي يكمن في القلب والعقل معا.

 ابتسم بخبث عندما أبصر ابتسامتها التي زادتها إشراقا ودنا منها على حين غرة يهمس امام وجهها: طيب بما ان الشمس والقمر ما ينفعش يطلعوا مع بعض تعالي بقى عشان افرجك على اوضتنا انا متأكد انها هتعجبك قوي وكمان اشتريت لك اوضة نوم من دمياط اه والله العظيم وصيت لك عليها مخصوص. 

اطرقت رأسها ارضا ولم تعقب.

 فبسط يده اسفل ذقنها ورفعه لتواجه عينيها خاصته هاتفا بجدية: اسمعيني كويس يا ست صباح انا بوعدك انك هتعيشي احلى ايام حياتك معايا هنا عايز اقول لك ان انا اخترتك مش عشان انت ست حلوة وبس لا كمان عشان انت ست جدعة وشريفة وبميت راجل زي ما بيقولوا وبنتك هاشيلها في عيني رغم اني ما كنتش حابب انها تبات عند اختك وولادها النهردة بس اختك هي اللي اصرت بقى عموما بكرة اجيبها بنفسي

 ودلوقتي بقى ما فيش وقت للكلام ورانا حاجات كتير عايزين نعملها.

 رمقاته بحدة ثم هرولت من امامه وهي تغمغم بكلمات غير مفهومة تاركة اياه يبتسم في سعادة ويهتف بمرح: طيب استنيني عشان اوريكي الاوضة.


❈-❈-❈


كالجثة الهامدة تستلقي فوق فر اشها في سكون عجيب وجـ سدها يؤلمها بشكل كبير فبعد أن اغتـ صبها زو جها البغيض رمقها باستهزاء ثم ارتدى ثوبه ودلف للخارج وهو يدندن بسعادة غير عابئا بالجـ ريمة التي ارتكبها في حقها. 

حاولت أن تنهض لكن جـ سمها يؤلمها بشدة تأوهت بصوت مسموع ثم تحاملت على نفسها وهبت واقفة بكت بقوة عندما أبصرت الكدمات التي تغطي جـسـ دها فقد كانت كدمات باللون الأزرق والأحمر تعالت شهقاتها عندما أبصرت ثوبها الممزق الذي كانت ترتديه منذ قليل. 

بخطوات مترنحة اتجهت صوب المرآة شهقت بقوة ووضعت يدها على فمها عندما أبصرت تلك الكدمات تغطي وجهها أيضا شعرت بالألم عندما لمس كفها شفـ تيها المتورمة من قبـ لاته الوحشية جلست بهدوء فوق الكرسي المقابل للمرآة وراحت تصرخ بكل ما أوتيت من قوة فلأول مرة تعامل بتلك الطريقة المهينة

 لعنت حسام آلاف المرات ولعنت غبائها وتسرعها كما أنها لعنت والدتها وراحة تلعن كل من شجعها على تلك الزيجة وترك عمار هنداوي الذي كان يعاملها كالأميرات وهي تبترت على تلك النعمة واختارت الأموال.

 لكن هل يفيد الندم الآن يا زينة؟

 فهذه نتيجة الطمع والخيانة وما خفي كان أعظم.


❈-❈-❈


بعد انتهاء الحفل أصر أن يأخذها إلى أفخم المطاعم كي يتناولان سويا وجبة العشاء كان يريد أن يجعل ذلك اليوم مميزا لكلاهما. وخاصة هي أراد أن يخرجها ولو لدقائق معدودة من حالتها المرتعبة تلك فقد كانت ترمقه بنظرات غريبة وغير مفهومة من وقت إلى آخر أثناء الحفل الذي أقامه والدها.

 هبت واقفة تهتف: أنا شبعت -من فضلك-  أنا عايزة أروح.

 وزعة نظراته بينها وبين طبقها الذي لم تمسه حتى وغمغم بعدم تصديق: شبعت إيه بس يا عبير هو أنت أكلت؟ 

أومات له عدة مرات.

 فظفر بقلة حيلة ثم استقام واقفا ووضع المال فوق الطاولة ثم دنا منها وامسك يدها بهدوء كي يذهبان لكنها سحبت يدها من بين يديه

 فأومأ لها متفهما ثم أفسح لها الطريق لتتقدمه.

 وبعد رحلة استمرت حوالي نصف ساعة وصل إلى منزل والدته التي ذهبت بعد الحفل إلى أخيها تقضي معه بضع أيام كي تتركهما على راحتهما.

 بعد أن فتح الباب بمفتاحه الخاص ابتعد وأشار لها بالدخول

 ولجت بخطوات صغيرة ثم وقفت في منتصف الردهة.

 اغلق الباب ثم استدار لها وهو يشعر بسعادة لا مثيل لها 

يغمض عينيه تارة ويفتحها تارة أخرى فهو حتى الآن لم يصدق أنها باتت زوجته وعلى اسمه لطالما حلم بها مذ كانو صغارا.

دنا منها بخطوات بطيئة فتراجعت هي تلقائيا للخلف تناسى كل ما مرت به وتذكر فقط أنها الآن زوجته تحل له لم يشعر بنفسه إلا وهو يقطع المسافة البسيطة التي بينهما ويضمها إلى قلبه بقوة آلمتها كثيرا وهو يتأوه بانتشاء. 

حاولت الإفلات منه لكنها فشلت فشل زريع فالقوة البنيانية التي بينهما كبيرة للغاية. 

لم تجد سبيلا سوى البكاء بصوت مرتفع كي تتخلص منه ومن أحضـ انه التي هي بمثابة سجن بالنسبة لها.

ابتعد عنها عدة إنشات بسيطة وهو يتساءل بداخله عما يحدث معها تسارعت أنفاسه وارتفع معدل خفقات قلبه حتى باتت تصم الآذان سائلا إياها بلهفة: عبير حبيبتي مالك بتعيطي كده ليه؟ 

ارتفعت شهقاتها أكثر فأكثر وراحت تتراجع للوراء بخطوات بطيئة وهي تهز رأسها نفيا مغمغمة بخفوت وصل إلى مسامعه وقسم قلبه إلى شطرين: أرجوك ما تقربليش أنا مش عيزاك.

رباه ماذا تقول؟

أبعد كل هذا الصبر تطلب منه ألا يقترب منها وهو حلم بذلك اليوم. مرارا وتكرارا. 

آه لو تعرف تلك الفتاة مدى عشقه لها لركضت إليه تعانقه بكل ما أوتت من قوة واحتمت بداخل قلبه للأبد.

لكن لا بأس سينتظر حتى تعتاد عليه وتنسى كل الألم الذي عاشته مع زوجها السابق. 

سيعوضها عن سنين القهر والمعاناة التي عاشتهم في كنف زوجها الحقير.

سيعلمها أبجدية عشقه سيجعلها تهيم به عشقا كما يفعل هو. 

لكن للصبر حدود كما يقولون لا بأس لو كان الصبر سيكون مفتاح قلبها سيصبر حتى يبلغ الصبر منتهاه. 

رفع كلتا يديه باستسلام هاتفا في حنو: ما تخافيش مني يا عبير أنا عمري ما هأزيكي أبدا أوعدك.

كفكفت عبراتها بأطراف أناملها وراحت ترمقه باستجداء هاتفة بأمل: بجد يا رؤوف.

أومأ لها عدة مرات مؤكدا على حديثه. 

فمنحته ابتسامة مهزوزة مغمغمة بخفوت: شكرا.

دنا منها بخطوات متمهلة وانحنى بجزعه قليلا طابعا قبلة عميقة فوق جبينها هاتفا بخفوت وصوت رجولي بحتا دغدغة جميع حواسها: لا شكر على واجب يا زوجتي العزيزة.


❈-❈-❈


حل الصباح وبسطت الشمس نورها الرباني في جميع أنحاء الكون وعم دفئها على الجميع. 

استيقظ من نومه بنشاط شديد فهو عزم على أن يذهب لرؤيتها ومن ثم التحدث معها حتى ولو بالقوة فقد سأم السكوت والانتظار.

 إلى متى سيتحمل كل هذا العذاب بمفرده وعليها أن تضع حلا له فإن كانت تزوجت بحبيبها فماذا عنه هو وعن مشاعره؟ 

وهي عليها الإجابة على هذه الأسئلة وإلا لن يتركها وشأنها أبدا. 

وبعد حوالي نصف ساعة انتهى من ارتداء ملابسه والتقط مفاتيحه وهاتفه واندفع للخارج عازما على تنفيذ ما عزم عليه وليحدث ما يحدث.


❈-❈-❈


وفي نفس التوقيت أغمض عينيه في إرهاق شديد فهو قد قضى ليلته يفكر فيما سيحدث معه في الأيام القادمة ورغما عنه لاحت الذكريات بينه وبين زوجته أمام عينيه مما جعله يشعر بالحزن الشديد. 

أحيانا يلوم نفسه لأنه هو من أوصلها إلى هذا وأحيانا يلعنها بكل لغات العالم فهي تخلت عنه ولم تقف بجانبه

 ظل الصراع بين عقله وقلبه طويلا حتى ألمه رأسه من شدة التفكير 

تقلب إلى طرف الفـ راش وامسك بهاتفه الموضوع فوق الطاولة المجاورة له لينظر في الساعة قطب حاجبيه بدهشة عندما وجدها السابعة صباحا فما زال الوقت مبكرا وهو لا يستطيع النوم

 فكر أن يستيقظ ويتناول كوبا من القهوة ومن ثم سيبدأ تنفيذ ما عزم عليه فقد أثمر عقله عن قرار مهم سيغير مجرى حياته للأبد.


 وعلي الجانب الآخر انتهت من ترتيب غرفتها ثم قررت أن تذهب إلى المرحاض وتنعم بحمام دافئ كي تبدأ يومها بنشاط كعادتها.

 انطلقت إلى المرحاض وبعد وقت ليس بالقصير أنهت حمامها لكنها ضربت رأسها بقوة عندما نسيت ثيابها في الخارج 

ظلت في حيرة من أمرها لكنها حسمت قرارها أخيرا بأن الجميع ما زالوا نيام فالتقطت منشفة طويلة ولفت جسـ دها بها ثم وضعت منشفة صغيرة فوق رأسها وجففت خصلاتها جيدا ثم تركتها منسدلة ودلفت للخارج بخطوات مسرعة خشية أن يراها أحد

 لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ففور خروجها من المرحاض أبصرته يجلس فوق كرسيه يرمقها بنظرات متفحصة

 تسمرت مكانها وكأن قدميها قد التصقت بالأرض.

 بينما هو فقد اتسعت حدقتاه في دهشة فلم يتصور يوما أن صَبا تملك كل هذا الجمال جسـ دها الممشوق الأبيض الغض وشعرها الذي يصل إلى أسفل ظهرها من يراها يظنها حورية لا. إنها حقا حورية.

 كيف لها أن تملك كل هذا الجمال بمفردها؟

 ابتسم بخفة فلطالما كانت صَبا تخفي كل هذا الجمال أسفل ثوبها الواسع وحجابها وكأنها تحمي نفسها من الفتنة يا الله كيف لم يلاحظ أن صَبا باتت امرأة ناضجة وجميلة إلى هذا الحد!

 كان كلما رآها يظنها الطفلة الصغيرة التي كانت تتشبث به كالعلكة مذ كانو صغارا.

 إستفاق من شروده بها على صوتها الخجول: أنا آسفة كنت ناسية هدومي. 

ألقت كلماتها بتلعثم وانطلقت بقوة إلى غرفتها وهي تلعن ذاكرتها وتلعن نفسها على لحظة السهو التي وضعتها في ذلك الموقف المحرج. 

بينما هو شيعها بنظرات متعجبة سرعان ما تحولت إلى مرح وراحا يقهقه بصوت مرتفع فتلك البلهاء زوجته ويحق له رؤيتها هكذا

 ناداها بصوته الجهوري وما زال يضحك: صَبا غيري هدومك وتعالي لي عايز أتكلم معاكي شوية.


❈-❈-❈


تمتع بذراعيه في تكاسل شديد فهو قضى ليلته يحاول مرارا وتكرارا كسب ود تلك المرأة التي تزوج بها فقد كانت محرجة منه كثيرا وكأنها تتزوج لأول مرة 

ابتسم بقوة عندما تذكر وجهها الذي أصبح يشبه ثمرة الطماطم عندما اقترب منها لم يصدق أن تلك المرأة سليطة اللسان تملك كل هذا الخجل. 

مشط الغرفة بعينيه بحثا عنها لكنه لم يعثر عليها فأيقن أنها إما أن تكون داخل المرحاض بالخارج أو أنها تعد لهما وجبة الفطور.

 استقام جالسا ثم وضع قدميه فوق الأرض وارتدى خفة المنزلي وسار إلى الخارج بخطوات متكاسلة ابتسم عندما رأى المرحاض فارغ فولج لينعم بحمام ومن ثم سيذهب ليشاكسها.

 وما هي إلا دقائق حتى انتهى من حمامه وارتدى ثوبا بيتيا مريحا ومن ثم تقدم باتجاه المطبخ عازما على إفزاعها.

 وها هو ذا يقف خلفها دون ان تشعر بوجوده حتى 

  كانت منهمكة في اعداد وجبة الفطور كما ظن منذ قليل

 دنا منها بغتة من الخلف هامسا في اذنها: بتعملي ايه يا صبوحة؟

 شهقت بقوة ثم استدارت اليه ترمقه بعتاب مغمغمة: اخص عليك يا حاج سعد خوفتني.

 راقص حاجبيه بمرح: ما هو انا بصراحة يعني كنت قاصد المهم قولي لي عاملة لنا اكل ايه؟ 

همست في تلعثم: طيب ابعد كده شوية وانا هقول لك.

 ضمها الى صـ دره اكثر: لا قولي وانا كده. 

حاولت ابعاده بكفها الصغير لكنها لم تفلح فزفرت بنفاذ صبر وهتفت بصوت مرتفع: لا بقول لك ايه بلاش شغل النحنحة ده على الصبح وسع كده خليني افطر عشان انا جعانة مش كفاية يعني اللي انت عملته امبا...

 بترت باقي حديثها عندما ادركت ما كانت ستتفوه به فسكت على اسنانها بقوة عندما استمعت الى صوت ضحكاته المجلزلة ومن ثم هتف وهو يرفع كلتا يديه في استسلام: اهو كده باني على حقيقتك انا قلت برضو الوش اللي انت كنت مركباه امبارح ده مكنش حقيقي ومكسوفة وبتاع انا هقعد جوة ولما الفطار يجهز ناديني يا شحرورة الجمالية.

 ألقى كلماته دفعة واحدة وانطلق للداخل تاركا اياها تشيعه بنظرات متعجبة فذلك اللقب تناديها به ابنتها نورهان لكن يبدو ان ابنتها اتفقت عليها مع ذلك الرجل المشاكس

 اكملت باقي عملها وهي تتوعد لإبنتها الصغيرة فيبدو أن أيامها في ذلك المنزل ستتعبها كثيرا.


❈-❈-❈


على ركبتيه جاثيا أمام الفراش يتأمل وجهها منذ وقت لا يعرف مداه كل ما يتذكره أنه ترك لها الفراش بالأمس واستلقى فوق الأريكة الصغير الموجودة في الغرفة وبعد أن غطت في ثبات عميق تسلل على أطراف أصابعه وجلس يتأملها وابتسامة حانية ترتسم فوق محياه لا يصدق أنها باتت زوجته وله آه لو تعرف كم تمنى وانتظر تلك اللحظة لم يكلف نفسه للنظر في وجه أي امرأة أخرى سواها وكأنها وشم وشما على قلبه للأبد تلك الفتاة فعلت به الأفاعيل وهي لا تدري احتمل ما لم يتحمله أحد فقد شاهدها وهي تزف على رجل غيره وانتظرها سنوات حتى انفصلت وبعدها تزوجها وكأن القدر تغير من أجل دعواته وصلواته فكما يقال إن الدعاء يغير القدر وهذا ما فعله رؤوف.

 هب واقفا عائدا إلى الأريكة واستلقى فوقها عندما شعر بتململها فيبدو أنها ستستيقظ الآن وبالفعل صدق حدسه عندما أفرجت عن عينيها وهتفت بصوت ناعم: صباح الخير.

 أجابها بابتسامة صافية: صباح العسل يا عسل إيه ده كل ده نوم يا عبير أنا واقع من الجوع. 

انتفضت من الفراش كمن لدغتها حية وهتفت بخوف: أنا آسفة أنا كنت تعبانه ما حستش بنفسي حالا الفطار هيبقى جاهز بس أرجوك ما تعمليش حاجة. 

صك على أسنانه بقوة حتى كاد أن يهشمها وقبض على كفه حتى ابيضت مفاصله فيبدو أن زوجها البغيض كان يعنفها على أتفه الأسباب.

 فهب واقفا حتى بات قبالتها هاتفا بهدوء عكس النيران التي بداخله: عبير حبيبتي ما تخافيش أنا عمري ما هأزيكي أبدا تتقطع أيدي قبل ما تتمد عليكي واتفضلي أنت ادخلي الحمام وأنا هجهز لك أحلى فطار.

 ألقى كلماته وانطلق إلى الخارج تاركا إياها ترمقه بدهشة وهي تهتف بعدم تصديق: هيعمل لي هو الفطار غريبة دي.


❈-❈-❈


تفرك يديها تارة وتارة أخرى تطقطق أصابعها وهي تنكس رأسها أرضا تنتظر حديثه الذي طال فقد استدعاها منذ وقت طويل كي يتحدث معها وها هو ذا يجلس في صمت منذ وقت.

 كادت أن تسأله مرارا وتكرارا لكن خجلها منعها من ذلك فكلما تذكرت نظراته لها وهي شبه عا رية تمنت لو أن  الأرض تنشق وتبتلعها لكنها كأي امرأة تكره الانتظار طويلا كما أن الفضول سيقتلها كادت أن ترفع رأسها وتسأله لكنه سبقها: أنا ما نمتش طول الليل مروا قدام عيني سنين عمري اللي فاتت زي شريط السينما من أول ما تعرفت على زينة لحد ما اتجوزتها وخلفت ولادي لحد الحادثة وجوازي منك حقيقي أنا ما عرفتش أنام بس أنا وصلت  لحاجة مهمة عايزك تساعديني فيها وصدقيني يا صَبا لو كان جوابك هو الرفض أنا هحترم قرارك جدا كفاية انك قبلتي تتجوزيني وأنا بظروفي دي.

 كادت أن تتحدث لكنه أوقفها بإشارة من يده: -من فضلك-  خليني أكمل كلامي أنا عارف انتي هتقولي إيه كويس هتقولي أنا ما اتجوزتكش شفقة أنا مقتنعة والكلام ده كله أنا عارف لكن أنا مقتنع بيه ولا لا فما يهمكيش انك تعرفي كل اللي أنا بطلبه منك انك تديني فرصة اننا نعرف بعض أكتر ونتقرب من بعض أنا عايز ابدأ معاكي من جديد يا صَبا وكمان أنا قررت اني أتعالج.


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة