رواية جديدة نفوس طاغية لشهد السيد - الفصل 4
قراءة رواية بين نفوس طاغية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بين نفوس طاغية
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة شهد السيد
الفصل الرابع
ليس هناك أسـ ـوء من أنك تشعُر بأنك وقعت داخل دائره ليس هناك بابٌ تخرُج من خلالها وتهرُب.
❈-❈-❈
توقفت السيارة أمام البوابة الداخلية للمنزل وفتحت"زينة" الباب سريعًا تهبط ضاحكة وهى تجذب يـ ـد "فجر" تجذبها بحماس للداخل تردف بصوت منخفض سعيد:
_"بصى الحلاوة، بيت ولا فى الأحلام وماما أيمان جابتلي حاجات كتير أوى هنطلع اوضتي اوريهالك. "
توقف كليهما بمنتصف الردهة فور أن لاحظت "زينة" هبوط "رياض" من الطابق العلوي، أبتلعت لعابها بأرتباك ووقفت أمام "فجر" بحركة تلقائية تُعلن بها فرض حمايتها على صديقتها ضـ ـدّ نظراته وكلماته السـ ـامة..
أبتسم "رياض" بغـ ـل دفـ ـين نحو تلك الحمـ ـقاء الصغيرة وأقترب منهما بتسلية كـ ثعلـب مـكار يردف بأبتسامة زائـ ـفة:
_"احنا عندنا ضيوف ولا أى، مش تعرفينا يا بسبوسة. "
أبتسمت "زينة" بأصفرار تجيبه من بين أسنانها بأستفزاز مُتعمد:
_"أسمها الضيوف دول عندي أنا، عن أذنك يا أونكل. "
أنهت حديثها تجذب "فجر" سريعًا نحو الأعلي قاصدة غرفتها بينما "رياض" يكاد يشـ ـتعل غيـ ـظًا يود
خنـ ـقها بكل ما يمتلك من قوة..
شعر بخطوات قادمة من خلفه ليلتفت بضيق تبخر فورًا لنظرات مُبهمة وهو يبصر فتاة نحيلة طويلة القامة ذات جـ ـسـ ـد هزيل للغاية ووجه شاحب يظهر عليها
الإعـ ـياء البالغ، ترتدي عباءة واسعة ذات نقوش باهتة وعلى رأسها حجابها المعقود بأحكام قدر ما أستطاعت، وقفت أمامه تنكس رأسها بقـ ـهر يستحوذ على فؤادها تحاول أستعطافه:
_"رياض بيه، أنا كنت عاوزة أطلب من جنابك بس أجازة يومين أروح بلدنا... "
قاطعها بحـ ـدة وهو يقبـ ـض على ذراعها يقربها منه بشكل مبالغ به يجيبها بنبرة قـ ـاسية:
_"مش قولت مش عاوز أسمع سيرة البلد والقـ ـرف اللى انتِ جايه منه، للمرة الأخيرة يا ورد أسمعها منك، وجهزي نفسك عشان هنروح شقتي النهاردة. "
تسـ ـاقطت دموعها بذعـ ـر شديد تحاول الإبتعاد عنه ترجـ ـوه بضـ ـعف:
_"أبـ ـوس أيـ ـدك يا بيه بلاش، خلاص مش عاوزة أروح بس أبـ ـوس أيـ ـدك أنا جتتي مش مستحملة والله".
زاد ضغـ ـطة فوق ذراعها دون مراعاة لحالتها الصحية البائـسة لتنفلت صـ ـرخة متألـ ـمة قصيرة كتمتها فور أن زجـ ـرها بنظرات مشتـ ـعلة:
_"مش بمزاجك، أنا دافع فيكِ كتير وانتِ هنا لمزاجي أنا وبس، فاهمة يابت ".
وافقته لتتخلص من قبـ ـضته فوق ذراعها تجيبه من أسفل كف يـ ـدها الموضوع فوق فمها تحاول كتم صوت صـ ـراخها:
_"فاهمة يا بيه.. فاهمة ".
دفـ ـعها فجأة لتسـ ـقط بقسـ ـوة فوق الأرضية ورغمًا عنها كتمت صـ ـراخها بصـ ـدرها كـ عصفور بائس حُكم عليه بالمـ ـوت حيًا، صاح" رياض" بصوت مرتفع:
_"عنيات .. عنيــــات".
أتت المدعوة " عنيات" سريعًا لتجد "ورد" متكومة ارضًا تبكي فى صمت لتحدجها بنظرات معاتبة على جعل رب عملهم غاضـ ـب لتلك الدرجة ونظرت نحوه تسمع لأوامرة الصـ ـارمة:
_"البت دى تلف على أوض القصر كلها، حتى المقفولة تفتحها وتنضفها وبعد ما تخلص تنزل تمسح الأرض بالقماشة سامعة ولا لأ ".
اومأت" عنيات " سريعًا تجيبه بطاعة تامة:
_"سامعة يا رياض باشا، كل اللى قولته سعادتك هيتنفذ".
زفر بتروي وغادر نحو الخارج غير مُباليًا بتلك التى رفعت أعينها الباكية نحوه تردف بصوت هامس مقـ ـهور:
_"حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا رياض، يارب أنا خصيمته يوم القيامة".
دعوات غير مسموعة له لكنها مسموعة عِند المنتقم الجبار الذى يجيب دعوة المظلوم وقد قال الرب عز وجل: "وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين "
وقف "رياض" بالخارج يشير للسائق بضيـ ـق قائل:
_"روح هات العربية من الجراچ، بســــرعة".
صاح بنفاذ صبر جعل الأخر يهرول من أمامه، أنتبه لصوت رسالة نصية صدرت من هاتفة، أخرجه من جيب بنطاله ونظر به لحظات قليلة حتى شحب وجهة كـ شحوب الأمـ ـوت يتابع مقطع الفيديو الذى أرسل إليه وهو برفقة سيدة بغرفة النوم يدور حول نفسه تارة يرفع يده وهو مُمسكًا بزجاجة من الخـ ـمر الفاخر، وتارة أخرى يصفق للتى تتمايل أمامه بـ ـدلال وإغـ ـواء..
أنتهي المقطع وظهرت شاشة سوداء تحتوي على رموز تحذيــ ــرية حمراء، أغلق الهاتف بريـ ـبة شديدة يشعر أن الجميع رأي ما رأه هو للتو، رفع يـ ـده يمررها فوق وجهة يشعر بهبوط مفاجئ أستحوذ على جـ ـسـ ـده..
لكنه أفاق وتماسك عندما أتته مكالمة من رقم مُشفر، أجاب وقبل أن يتحدث أستمع لنفس الصوت الرجولي الذى أرسل إليهم الرسالة الصوتية بالأمـ ـس يردد بأستمتاع بالغ:
_"Now roll the dice
مين فينا الريس.؟ "
سار بعيدًا عن أفراد الأمن يردد بغـ ـل شديد:
_"وشـ ـرفي لجيبك راكـ ـع تحت رجلي يا.. "
قاطع حديثة بضحكات ساخرة يجيبه بأستهزاء:
_" أتكلم على قدك، وبعدين شـ ـرف أى يا أبو شـ ـرف، شرف دى تبقى أمك، وبعدين انتَ اللى ليك عندي مش أنا اللى ليا عندك، الفيديو ده نقطة فى بحر من اللى عندي ليك".
ثـ ـار وأشتعلت الد..ماء بأوردته حتى كاد أن يجن يردد بحيرة حقيقية:
_"انتَ عاوز مني أى انتَ مين واى مصلحتك فى اللى بتعمله ده".
_"أنا مين فـ أنا وبكل فخر عملك الأسود فى الحياة، عزرائـ ـيل اللى هيخلص عليك بالبطئ أوى، الجاي
جـ ـحيم عليكم يا رياض".
أنهى حديثة واغلق بوجهة ومن شدة أنفـ ـعال الأخر ألقى هاتفة بعـ ـنف شديد جعله يتحـ ـطم أسفل قدمه، وهرول بخطوات حـ ـارقة نحو سيارته يضغط على المكابح بغـ ـل جعل السيارة تحتك بقسـ ـوة بالأرضية أسفل إطارتها وغادر القصر منطلقًا نحو الخارج غافلًا عن الواقفتان بالأعلي.!
بالأعلي...
أنتهت من الإفصاح عن كل شئ قد حدث منذ هـ ـروبها حتى الوقت الحالي وختمت حديثها بكلمات صادقة:
_"عارفة.. رغم كل الهنا والعز ده وان الوضع مخـ ـوفـني بس مفيش حاجة مطمناني قد وجود ماما أيمان معايا، بحس كلامها بيحضني وحنانها بيخليني.. بيخليني عاوزة أعيط، الست دى حنينة عليا بشكل رهيب".
لم تتلقي أى رد فعل من "فجر" على حديثها مما جعلها تتعجب من أمرها وهى تتسأل :
_"ساكتة ليه يا فجر ".!
زفرت" فجر " تغمض أعينها بقلة حيلة وهى تخبرها بأند.فاع:
_"زينة انتِ مكانك مش هنا .. انتِ لازم تمشي معايا ".
عقدت" زينة " حاجبيها بأستنكار وتسألت:
_"أمشي ليه ".؟
نهضت" فجر " بضيـ ـق وهى تجذبها نحوها بخـ ـوف نابع من قلبها:
_" أنا خايـ ـفة عليكِ صدقيني الست دى جوزها مش قابل وجودك وهى مش هتفضلك عليه، وحوار إن ظهرلها بنت مرة واحدة ده مريـ ـب ومفيش عيل يصدقه، أى يخليها تعمل كل ده معاكِ غير لو الموضوع فيه حاجة أكبر مننا، الناس دول مش شبهنا يا زينة، اسمعي الكلام وتعالي معايا".
أبعدت "زينة" يـ ـدها عن يـ ـد "فجر" تجيبها بأبتسامة مستهزئة:
_"قولى مش شبهي متجمعيش نفسك بيا انتِ على كل حال وضعك أحسن مني، وبعدين أمشي عشان أرجع للشارع ولـ "عطية" تاني.؟
وبعدين هتعوز مني أى وأنا حيلتي أى اصلًا عشان
تطـ ـمع فيه، أنا مش همشي من هنا".
تمـ ـسكت "فجر" برأيها تحاول إقناعها:
_"هجبلك شغل وهساعدك تلاقي حتة تعيشي فيها، بس عشان خاطري أسمعي كلامي وتعالى معايا، الناس دول مش موثوق فيهم انتِ مش واخده بالك من نظرات جوزها ليكِ ده ممكن يعمل فيكِ حاجة يا متخلفة وهى عمرها ما هتقف ضـ ـدّه عشانك ".
أنهت حديثها صـ ـارخة تصـ ـدم سبابتها بجانب جبهة"زينة" تحاول جعلها تتفهم حديثها والتراجع عن قرارها..
صمتت "زينة" للحظات قبل أن تردف بتصميم:
_"أنا واثقة فى ماما أيمان، ومش همشي يا فجر، أنا ما صدقت لقيت الراحة بقى حـ ـرام عليكِ انتِ ليه عاوزالي التعب، ده بدل ما تفرحيلي".!
صعـ ـقت "فجر" من حديثها الذى لا يوحي سوى بشئ واحد جعلها تثـ ـور وهى تردف بحـ ـزم تشهر سبابتها بوجه "زينة" فى تحذيـ ـر:
_"تبقي متخلفة بجد لو فكرتني أنى غيـ ـرانة منك، انتِ عبيطة انتِ صحبتي وبتمنالك الخير قبل مني وبدعيلك دايمًا بس واجب عليا أنصحك و أنبهك واكـ ـسر دماغك كمان لو أعترضتي على أنك تمشي معايا دلوقتي، يا أنا يا الست دى".
شعرت" زينة " بالخـ ـذلان مما تفوهت به "فجر" التى ظنت بأنها هكذا ستستطيع جعلها تغادر معها لكن أنحبست أنفاسها وهى تسمع جواب "زينة" الهادئ رغم أعينها المُمتلة بالدموع:
_"وأنا مش هسيب الست اللى دخلتني بيتها و أكرمتني".
سيطرت "فجر" على دموعها التى تهـ ـددها بالهبوط فى أى لحظة وأجابتها بتماسك شديد:
_"وأنا معرفش بيسان أبو المكارم دى ، أنا صحبتي أسمها زينة، وهستني زينة ترجعلي من تاني عشان أنا
خـ ـايفة عليها فى المكان اللى هى راحته ده، هستناها ومش هيأس".
أنهت حديثها وجذبت حقيبتها تندفع لخارج الغرفة صافـ..ـعة الباب خلفها بقـ ـوة سامحة لدموعها بالهبوط خـ ـوفًا على تلك الحمقاء التى بالداخل، هبطت الدرج الطويل سريعًا ومنه لخارج القصر كليًا تتجاهل النظرات الفضولية حول خروجها شبه راكضة..
❈-❈-❈
وقف "عدي" يعدل من ياقة جلبابة ناصع البياض وجذب ساعة يـ ـده السوداء يرتديها قبل أن يلتفت أثر فتح باب الغرفة بواسطة والدته الممـ ـسكة بمبخرة فضية تتصاعد منها الأدخـ ـنة، أبتسمت حتى ظهرت التجاعيد التى بجانب أعينها وهى تتأمله بقلب يخفق حبًا له، رغم أنه ليس شديد الوسامة ولا يُميزة شئ إلا أن ملامحة كانت شرقية وجذابة..
مررت أعينها بداية من خصلات شعره الغزيرة الداكنة، وأعينة البُنية، ورموشة القصيرة، وأنفه المُستقيم، بشرته السمراء، ولديه لحية ليست بالكثيفة يتوسطها طابع الحُسن، طولة مناسب وجـ ـسـ ـدة عريض بفضل عمله الشاق منذ كان صبي لم يتجاوز السادسة عشر..
وبدون سابق أنـ ـذار وجد والدته تُطلق زغرودة فرحة لسبب لا يعلمه كـ عادتها دائمًا، ضحك رغمًا عنه وأقترب يطبع قبـ ـلة فوق كف يـ ـدها ومن ثم رأسها يستمع لحديثها الذى يُثلج قلبه:
_"زينة الرجال يا ولدي، مُنتظرة اليوم اللى أحضر فيه عرسك قبل ما أمـ ـوت، راح يكون عُرس يحكي عنه العرب طوال حياتهم، ربنا يُجبر قلبك يا ولدي ويفرحنا بيك عن قريب".
زفر "عدي" براحة يجيبها بأبتسامة:
_"أمين..وينه أبوي".؟
وقبل أن تجيبه أنتبه كلاهما لصوت "إدريس" الذى صعد للتو يطرق فوق باب الغرفة المفتوح بحركات موسيقية يدندن ببهجة:
_"ليلة عند الحبايب ليلة
ليلة انجيب اللى غايب ليلة".
طالعتة "لطيفة" والدة عدي بأمتعاض و ألتفتت لتتغير قسمات وجهها كليًا وهى تجيب ولدها:
_"الحج "شاهين" مُنتظرك ويا عمك يا ولدي".
اومأ لها بأبتسامة و أنصرفت هى تمر من جانب "إدريس" الذى تراجع للخلف يرمقها بتراقب لأفعالها الغير متوقعة وأردفت "لطيفة" بصوت مسموع:
_"جتك أم قرص تطقك (البومة تمـ ـسك فيك) ".
وضع " إدريس " كف يـ ـده فوق صدرة يبتسم وكأنها مدحته للتو ودلف للغرفة يدندن بأستفزاز مُتعمد:
_"وقوليله ياخد باله منك زى ما كنت أنا بخـ ـاف عليكِ، ويحاول على قد ما يقدر يحميكِ ويحافظ عليكِ".
أغمض "عدي" أعينه بضيق يقاطع حديثة بحـ ـزم:
_"خرف خُراف زين يا إدريس".
لوح الأخر بلامبالاة يجذب ثمرة فاكهة من الصحن الموضوع قائلًا:
_"كلمني عربي".
أرتدي "عدي" حذائة ونهض يشهر سبابته فى وجه "إدريس" بتحذيـ ـر:
_"متجيبش سيرتها تاني ولا حتى من بعيد لبعيد، بقت على ذمة راجل والكلام ده ميصحش، متندمنيش أنى حكيتلك على حاجة تخصني".
رفع "إدريس" يده بأستسلام يردف بندم:
_"خلاص ياعم متكبرش الموضوع، أنا أسف، كنت بهزر".
اومأ "عدي" و تقدم من الطاولة يجذب هاتفة وهاتف "إدريس" من فوقها فـ وجد ورقة مطوية ملتصقة بظهر هاتف "إدريس"، وقبل أن يخبره بأنه وجدها وجده ينتشلها سريعًا من بين يديه:
_" خصوصيات".
رفع"عدي" حاجبة بتحدي وأبتسامة وأقترب يحاول أخذها من "إدريس" الذى هرول لخارج الغرفة هـ ـربًا لكنه فشل عندما أمـ ـسكه عدي يُقيد ذراعي "إدريس" خلف ظهره يحاول أخذ الورقة منه متجاهلًا
أعتـ ـراضاته، وتوقف كلاهما فور أن صاح "شاهين" من الأسفل:
_"والله عال ".
ترك" عدي" "إدريس" يهمـ ـس متوعدًا:
_"هعرف أخدها وأعلمك الـ ـأدب ".
لم يجيبه" أدريس" وهبط سريعًا يلحق بـ "يونس" و "شاهين" نحو الخارج وخلفه عدي الذى أصر على الذهاب رغم ترك "شاهين" له حرية القرار، فضل أن
يتألـ ـم حتى يُشفي..
❈-❈-❈
لأ تعلم كم من الوقت مر وهى تسير باكية حتى وصلت للطريق الرئيسي تنظر حولها باحثة عن أى وسيلة نقل تعيدها لمنزلها ولم يمر سوي دقيقتين وتوقفت أمامها سيارة أجرة..
صعدت بالمقعد الخلفي تخبره عنوان منزلها بصوت متحشرج من أثر بكائها، وبالفعل تحرك بها بسرعة نسبية قبل أن تتفاجئ به يردف بنبرة هادئة:
_"الأسطى رضا يعرف أنك كنتِ هنا".؟
تحفز جـ ـسـ ـدها على نطق أسم والدها واعتدلت
بضيـ ـق تحاول به مداراة توترها مما قاله:
_"انتَ مين .. انتَ مالك اصلًا ".
نظر لها بالمرآة الأمامية للسيارة وعاد ينظر لطريقة مجددًا دون أجابتها مما جعل أرتباكها يتزايد وهى تردف بكـ ـذب:
_" وبعدين ايوة بابا يعرف انتَ مش هتهد_دني يعنى ".
حرك رأسه بسخرية وظل على صمته بينما تراجعت هى للخلف تعقد يـ ـدها بضيـ ـق تستند برأسها على النافذة، تذكرته الآن.. ذلك الأحمـ ـق الذى أتى لوالدها منذ ما يقارب الأربع أيام وبعد أن غادرت تمت سـ ـرقة حقيبتها.
عم الصمت لعدة دقائق قبل أن يقطعه "مهران" بقوله الذى أثار ريبتـ ـها:
_" متروحيش بيت عيلة عاشور تاني ".
تسألت وقلبها يخفق خـ ـوفًا من الإجابة:
_" ليه ".؟
أجابها بهدوء وحديث سطحي جعل فضولها يتصاعد:
_" ناس مش مضمونين ".
أردفت" فجر" بتزمر وضـ ـيق لأجابته الغير مُرضية:
_" ازاي يعنى أتكلم بوضوح من غير لف ودوران، صاحبتي تبقي بنت مدام أيمان".
وبحمـ ـاقة شديدة أفصحت عن ما لا يعلمه أحد حتى الآن، نظر لها بالمرآة الأمامية يتابع تعبيرات وجهها التى بهتت فور أن تداركت ما تفوهت به وأردف بهدوء شديد:
_"بنتها صاحبتك ازاي و أيمان معندهاش عيال".
حاولت تصحيح ما تفوهت به وأجابته بلامبالاة مصتنعة:
_"كانت مسافرة بره مصر ولسه راجعة، بس انتَ شكلك تعرفهم".
توقف أمام منزلها يجيبها ببساطة:
_"ولا أعرفهم ولا يعرفوني، بتابع أخبارهم من السوشيال ميديا".
هبطت من السيارة و وقفت تخرج حافظة نقودها لتعطيه حسابه تسمعه يردد دون النظر اليها:
_" و تاني مرة مش أى حد يشـ ـدك تروحي تركبي معاه، انتِ متعرفيش نوايا كل واحد مهما حاول يبين عكسها".
أنهى حديثة و عاد بسيارته للخلف مغادرًا دون أضافة شئ أخر وتركها تتابع مغادرته بزهول، أدركت الآن أنه كان يتابعها منذ بداية تحركها، حـ ـمقاء كيف لم تنتبه او تتسأل كيف علم أنها كانت بذلك المنزل تحديدًا.!
أنتبهت على أقتراب شقيقها الأكبر "تامر" منها لتضع أموالها فى الحقيبة سريعًا وهى تستعد للفرار لكنها توقفت عندها أمـ ـسك برسغها يوقفها بغضـ ــب:
_"مش قولت بدل المرة ألف متركبيش تاكسي لوحدك، انتِ مبتفهميش من غير تهزيـ ـق ولا أى ".
حاولت" فجر" تبرير موقفها أمامه تجيبه بأرتباك:
_"مكانش فيه مواصلات وكنت مُضطرة يا أبيه، هروح لبابا الورشة عشان مستنيني".
دفعها لداخل بوابة المنزل يجيبها برفـ ـض وحـ ـدة :
_"اطلعي غـ ـوري فوق، زى الشحطة وراحة جاية على الورشة".
تأفئفت بضـ ـيق شديد وصعدت بخطوات شبه راكضة نحو الأعلي والشئ الوحيد الشاغل لعلقها حديث ذلك التى مازالت تجهل أسمه حتى.!
❈-❈-❈
مدد "إدريس" قدمية أمامه وأستند على مرفقية ينظر نحو "عدي" الجالس قبالته وبينهما أخشاب مشتـ ـعلة وفوقها إناء مياة، زفر "إدريس" ينظر للسماء حالكة السواد من فوقهما يردف بشرود:
_"تعرف..الحب ده على قد ما هو شعور حلو أوي مليان حنية ودفى وأحتواء إلا أنه بهدلة".
صمت للحظات ثم أستكمل وهو يسـ ـخر من حالة:
_"الوحيدة اللى حبيتها وهتجنن عليها أبويا مش موافق قال اييه..مش من العيلة".
أنفلتت من "عدي" ضحكة هادئة على "إدريس" الذى يكاد يجن من أفعال والدة ورفـ ـضة القاطع للفتاة الذى يحبها..
أنتبه كلاهما للسيارة التى توقفت بجانب سيارة عدي وهبط منها شاب لم تتبين ملامحة بسبب ظُلمة الليل لكنهما عرفوه لذلك أردف "إدريس" بنبرة منخفضة ساخرة:
_"أصيل..أسم على غير مُسمي".
أقترب"أصيل" وجلس لجوارهما بعدما صافحهم يخبرهم فى حماس شديد:
_"رايح ويا أبوي نتقدم بكره ".
بارك له كلاهما ولكن" إدريس" قد أستفسر عن هوية العروس قائلًا:
_"من عيلة مين".؟
تناول "أصيل" كوب الشاي الساخن من يـ ـد عدي يجيبه بهدوء:
_" تعرف غياث اللى يلعب ويا الضعافين
(الأطفال الصغيرة) قرب البحيرة، العروس تبقى خيته".
أتسعت أعين "عدي" بصدمة أزدادت بعدما وجد "إدريس" يجاري الأخر بالحديث:
_"وخيته وافقت".؟
زفر "أصيل" بضيـ ـق شديد يرتشف القليل من الكوب الذى بيده:
_"حاولت معها كتير رافضة.. قولت ما في غير دخول البيت من بابه يا خوي".
الأن فقط علم "إدريس" من الذى كان يعتـ ـرض طريقها والتى أخبرته عنه سابقًا فى أحدي رسائلها أن أفعاله أصبحت تخيـ ـفها لذلك أصبحت تفضل عدم الخروج لقضاء حوائج والدتها من الأسواق..
وبهدوء شديد نهض "إدريس" يردف بنبرة تحمل فى طياتها التحذيـ ـر:
_"صنّ (أسكت) يا أصيل، البيت هاد أنضم لقبيلة الأنصاري من أسبوع فات، وغياث أصبح نسيبي".
❈-❈-❈
ظلت مُمددة تنظر لسقف الغرفة بعقل شارد قطـ ـعة فتح باب الغرفة دون الطرق أولًا، أعتدلت"زينة" تنظر نحو الفاعل لتجدها فتاة الشـ ـحوب ظاهر عليها بشدة ووضح عليها الزعـ ـر عندما وجدت "زينة" بالغرفة وتراجعت للخارج تردف بأسف:
_"حقك عليا يا هانم مكنتش أعرف إن حضرتك جوه".
نهضت "زينة" من فوق الفراش تقترب منها بأبتسامة هادئة تحاول طمئنتها:
_"خلاص حصل خير، وبعدين أنا زيـ.. أنا بيسان.. قوليلي يا بيسان".
أعادت تكرار الأسم كأنها تحاول أعتياد نطقة بينما أجابتها "ورد" بمرارة:
_"ميصحش يا هانم العين متعلاش عن الحاجب، أنا كنت هنضف الأوضه لما حضرتك تطلعي منها اندهي قولي يا ورد هجيلك جري".
همت بحمل أدوات التنضيف لكن يـ ـدها أرتعشت
بضـ ـعف وكامل جـ ـسـ ـدها أعلن أستسلامه لتسـ ـقط أرضًا دون وعي منها وسط صـ ـراخ "زينة" الفـ ـزع..
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شهد السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية