رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 24
قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة ميرا كريم
الفصل الرابع والعشرون
الدوار هو العشق، هو الوقوف على حافة السقوط الذي لا يقاوم، هو التفرج على العالم من نقطة شاهقة للخوف، هو شحنة من الإنفعالات و الأحاسيس المتناقضة, التي تجذبك للأسفل و الأعلى في وقت واحد، لأن السقوط دائما أسهل من الوقوف على قدمين خائفتين.
-أحلام مستغماني.
❈-❈-❈
ظل واقف شامخًا يتابعهم بعيناه لحين غادروا جميعًا كالجرذان إلى جحورهم و رغم لحاق ذلك اللعـ ين بمضض بهم إلا أنه بالطبع لن يخفي عليه نظراته و ما يبطنه من شر خلفها ولكن ليريه! ما بوسعه ويقسم إنه يذيقه ما أذاقها اياه مرارًا وتكرارًا لحتى يكتفي.
فكان مازال يقف شارد في أفكاره حين اقترب أحد أفراد حراسته متسائلًا:
-"سليم" بيه انا اسف لو هتدخل في قرار حضرتك بس كان لازم ناخد إجراء تاني معاهم علشان محدش يتـ جرأ مرة تانية
تناول "سليم" نفـ س طويل من الهواء ثم التفت ير بت على منكب الآخر قائلًا بثقة:
-متقلقش هما اجبن من كده ومعتقدتش بعد تهديـ دي ليهم حد هيفكر يكررها
-بس يا "سليم" بيه احنا دورنا حمايتك وحماية اسرتك و دول شكلهم مش تمام وممكن...
قاطعه "سليم" بنفاذ صبر غير عابئ فهو بالأصل كان لايحبذ فكرة الحراسة ولكن فعل ذلك زيادة استحراس من أجلها:
-مفيش ممكن وحتى لو في وقتها محدش هيرحـ مهم من تحت ايــ دي
هز الآخر رأ سه بعدم رضا من مكابرته في اتخاذ الحذر وظهر الاستياء على معالمه فبواقع خبرته يعلم أن للأمر عاقبة...ورغم ذلك لم يكن بيـ ده شيء سوى أن يرضخ لرغبته:
-اللي تشوفه يا "سليم" بيه احنا كلنا تحت أمرك
هز "سليم" رأسه والتفت يسير بخطواته ليعود للداخل وفور أن دخل من الباب الذي كان مفتوح على مصراعيه كيفما تركه
وجد" بدور" تخرج من المطبخ مهرولة وبيـ دها كوب ممتلئ بالعصير وفور أن رأته تساءلت متلهفة:
-مشوا مش كده؟
هز رأسه يؤكد لها وهو يغلق الباب
لتتنـ فس هي الصعداء وتكمل بسرها:
-ربنا ما يرجعهم
لم يصله همسها بل ضاقت عيناه ودار بها في محيط المكان قبل أن يسأل باهتمام:
-"شمس" فين؟
-في اوضة المكتب مكان ما سيبتها ويا حبة عيني عمالة تعيط وروحت اجبلها كوباية لمون تروق د مها
وخـ زه قلبه فور حديثها ليتحمحم اولًا يجلي صوته ثم يقترح:
-طيب هاتي اللمون و روحي شوفي ابنك
ناولته ما بيـ دها ليتسائل وهو ينظر لباب غرفة والدته:
-"ليلى" لسه نايمة؟
أخبرته "بدور":
-معرفش بس لسه مخرجتش من أوضتها وست" صباح" لسه مجتش
أومأ لها ثم إن كاد يخطو استوقفته متسائلة بحرج:
-باشا انا كنت لمؤاخذة عايزة اسألك هتعمل ايه في اللي قولتلك عليه
اجابها باقتضاب شديد:
-مش وقته يا"بدور"
لو ت "بدور" فـ مها وقالت وهي تشعر بحرج شديد من بقائها:
-هو مش وقته... بس يا باشا بالله عليك لما الأمور تهدى ما تنسى اللي اتفقنا عليه
هز رأ سه دون حديث وسار نحو غرفة مكتبه بينما "بدور" تنهدت بضيق وذهبت لعند ابنها
أما هو فور أن دخل وجد "شمس" تجلس على أحد المقاعد تضـ م جـ سد ها
بذ راعيها بملامح متهدلة وعينين يتساقط الدمع منها وإن شعرت به نهضت متأهبة بنظراتها تنتظر أن يطمئن قلبها ولكنه وضـ ع الكوب من يـ ده على سطح المكتب و وقف مواجه لها وعيناه تتابع أثر الدموع على خدها و
يطـ عن بقلبه حُزنها ورغم استيائه من ضعفها إلا أنه قال مطمئنًا:
-اهدي يا "شمس" محصلش حاجة
ابتلعت غصة كانت تسـ د حلقها ثم همست بصوت متحشرج فضح هشـ اشتها:
-محصلش! بس قلبي بيقولي انه لسه هيحصل
حاول طمأنتها من جديد بنظراته قبل حروفه:
-متقلقيش انتِ في حمايتي
قابلت نظراته بضياع وهمست بعيون دامعة بعد أن قرع ضميرها:
-بس انت ملكش ذنب في كل ده
انا ورطتك معايا
كيف تظن انها ورطته معها، و ذلك الكامن بصـ دره ينبض لها، فكل ما به يعصاه من أجلها ويتمنى قربها فإن كان في معتقداتها أن الحب مَعـ صية؛ إذًا أُقر سيدتي ذنبي عشقكِ وليكن ما يكون بعدها...
ذلك ما كان يدور برأ سه وهو
يهـ يم بها يتأ مل زيتونها بنظرة حملت الكثير بين طياتها، و زادت من شتاتها فقلبها يخبرها أن هناك شيء يكنه لها ورغم تأهبها لمَ سينطق به إلا أن رده لم يفاجئها حين قال بصوت هادئ لين مغلف بالثقة:
- انا وعدتك اني هحميكِ وهاخدلك حقك مهما حصل واظن أنتِ مجبرتنيش على حاجة
نعم تعلم انها لم تجـ بره وتعلم ايضًا أن وعوده قاطـ عة لا يخل بها وامام نظراته كانت تشعر بِسَكينة قلبها فكادت البسمة تنمو على ثـ غرها ولكنها وئدت في مهدها حين تذكرت مخاوفها وسبب تنغـ يص حياتها:
-بس انا متأكدة إن "سلطان" مش هيسكت؟
ثارت دما ئه بسبب حديثها وشعر
بحـ ريق مُلـ تهب يتفاقم بر أسه على أثرها فكيف لذلك اللعـ ين أن يرهـ بها لتلك الدرجة التي تجعلها تكاد تشكك في قدرته على حمايتها فقد زفر انفـ اسه بقوة واستوحشت نظراته اللينة هادرًا بنبرة حادة نفضـ تها:
-انا لغاية دلوقتي مش مستوعب انك سمحتي لواحد زي ده انه يستغل نقط ضعفك و يخليكِ تخافي منه كده!
استرابت من هيئته وتراجعت خطوتين بعيدة عنه مبررة والدموع تتجدد بعيـ نها:
-خوفي مكنش على نفسي
-حتى لو مش على نفـ سك اسمه ضعف وانا مش هسمحلك تضعفي ولازم تكونِ بتثقي فيا اكتر من كده
قالها بصوت منفعل بشدة قبل يوليها
ظـ هره ساحب علبة سجائره يشعل واحدة ثم يتوجه نحو النافذة ينفث دخانها بجـ سد مُتصـ لب وعروق بارزة من شدة الغضب بينما هي فرت دمعاتها دون وعي وهي تنظر لظـ هره وكم لعـ نت غبائها وزلفة لسا نها فأخر شيء تتمنى أن يحدث هو أن يظن أنها لا تثق به. فقد اقتربت بتؤدة من موضعه قائلة بنبرة لم تدعي صدقها:
-انا عمري ما خوفت منه وكنت بقف قصاده وانا عارفة ان محدش هيدافع عني ويحميني من شره... تفتكر دلوقتي هيبقى منطقي اخاف بعد ما بقيت مع الرا جل الوحيد اللي حـ سيت بالأمان معاه… لتصمت لهنيهة تستجمع شجاعتها وتتابع بعدها:
-انا لو مكنتش بثق فيك مكنتش أَمنتك على نفسي
كانت نظراته متجمدة في الفراغ ومع حديثها شعر بدلو ماء بارد سُكب على
رأ سه واطفأ نيران غضبه المُسـ تعرة فقد رق قلبه و لانت معالمه المُتـ صلبة شيء فشيء واستد ار لها يطالع حُسنها وارتباكها الواضح بعيون ساكنة تخفي عاصفة من المشاعر خلفها في حين هي اطرقت رأسها و أخذت تفرك اناملها ببعضها بعد أن اكتـ سحت حمرة الخجل
وجـ هها تحت وطأة نظـ راته التي
ارجـ فت قلبها وبالفعل بعثرت شتاتها فا بصعوبة بالغة لملمت حروفها و اكملت تعزز تلك الثقة التي تتيقن انها بمحلها:
-يمكن انا وانت بنشوف الأمور من منظور مختلف بس انا واثقة ان معاك حق ومعنديش حاجة مُنصفة واحدة اعارضك بيها
كم راقه حديثها وبعث به بصيص أمل لنـ يله قلبها فكان نظراته تستمتع بخجلها ولم يشعر بذاته إلا وهو يختصر المسافة الضئيلة بينهم و يرفع بأنا مله
ذقـ نها ليتيه بغابات زيتونها قائلًا بنبرة غلفها من جديد اللين خصيصًا من أجلها:
-انتِ قولتي هتقوي بيا و مش هسمحلك تخذليني وتأ ذي نفسك تاني فاهــــــــــمة
ابتـ لعت رمـ قها بحلق جاف وهي تقابل نظر اته ثم بلا تردد أومأت بتفهم دون أن تستخدم كلمات فقط تنظر داخل عتمة عيناه التي تشـ ملها وهي تكاد تقسم أنها ترى وهج انعاكسها بينما هو كان كالمُغيب داخل هالتها فلم يشـ عر بذاته إلا وهو
يحـ رك أبهـ امه بلـ طف شديد على وجنـ تها يزيح بقايا دمعاتها قائلًا بنبرة عميقة مفعمة بشيء مازال يصعب على عقلها استيعابها:
-دموعك اغلى بكتير من انها تنزل على حاجة متستهلش
لمـ سته لوجـ هها وانفا سه القريبة التي لفحتها فعلت الافاعيل بها فكانت تشعر بالفراشات تتطاير في معدتها وبقلبها يرفرف معها
ضائعة بسبب قر به المهيب منها، وبدل أن تفر وجدت نظراتها تعا نق عيناه في عنـ اق ود هو أن يدوم للابد ولكن اتى صوت "صباح" من خلف باب المكتب على استـ حياء ليبدد آماله:
-"سليم "بيه الست "ليلى" عيزاك في اوضتها
تقهقرت هي بخطواتها بعيدًا عن مرمى
يـ د ه تود لو ان انشقت الارض وابتلعتها بينما هو زفر انفاسه دفعة واحدة قبل ان يقول:
-انا هشوف "ليلى" اشربي اللمون واغسلي وشك مش عايز حد يشوفك كده
مررت يـ دها على وجنتها ثم تلعثمت بخجل وهي تفر بنظراتها من أسر عيناه:
-حاضر عن اذنك
قالتها وهي تُسرع للخارج تاركته يتنهد من جديد قبل أن يذهب لغرفة والدته وعلى وجـ هه بسمة مستمتعة بسبب خجلها.
❈-❈-❈
-تعالى يا ابني
قالتها "ليلى" بحنو بعدما دلف لغرفتها ببسمته الرزينة الهادئة، فقد مال بجذ عه
يقـ بل رأ سها قبل أن يجلس مواجه لها متسائلًا:
-خير يا "ليلى" "صباح" قالت انك عيزاني
تسائلت بقلق:
-ايه اللي كان بيحصل بره انا كنت سامعة دوشة والكرسي كان بعيد عني مقدرتش اقوم
حاول التملص من استجوابها:
-محصلش حاجة
-بلاش تكدب عليا وفهمني يا ابني
اجابها بإقتضاب دون ذكر تفاصيل لا فائدة منها:
-ولا حاجة يا "ليلى" ده اخو "شمس"
-عملت ايه معاه؟
اجابها ببسمة مطمئنة:
-متقلقيش انا اتصرفت
ربتـ ت "ليلى" على سـ اقه وترجته قائلة:
-ربنا يريح قلبك يا ابني بلاش مشاكل
طمئنها من جديد ولكن بثقة اكثر:
-مفيش مشاكل يا "ليلى" هي خلاص بقت مراتي ومحدش يقدرلها على حاجة
أومأت "ليلى" بتفهم وقالت واثقة:
-انا عارفة أن ميتخافش عليك والمهم أنك مبسوط وراضي عن قرارك
اجاب مُسرعًا يعبر عن مدى سعادته في امتلاك من زعزعت قواعده الثابتة:
-اوي يا "ليلى"
ابتسمت "ليلى" باتساع ثم تسائلت بنظرات ماكرة:
-للدرجة دي بتحبها
شبح بسمة ظهرت على ثغره حين
تجـ سدت صورتها امامه وقال بلا ذرة تردد واحدة:
-معرفش ازاي اتسللت جوايا بالشكل ده ولا حتى عارف امتى ولا ازاي عرفت تخلي قلبي يميل ويحبها
أشرأبت "ليلى" برأسها وتسألت بفضول:
-وهي؟
اجابها والحيرة ترتسم على معالمه:
-مش عارف...مشاعرها وكل تصرفاتها مبهمة
ربتـ ت "ليلى" على يـ ده المسنودة جوارها وقالت مطمئنة بحديث نابع من حدسها:
-بتحبك بس يمكن راهبة كل اللي حصل ومحتاجة وقت علشان تعرف تعبر عن اللي جواها
لهنيهة أخذ عقله يستوعب حديثها قبل أن يجيب بنبرة رغم هدوئها كانت تخفي الكثير من العواصف خلفها:
-وانا هصبر يا "ليلى" واتمنى يكون كلامك في محله
-في محله وابقى قول "ليلى" قالت
وبعدين أنت لازم تعذرها اللي شافته مش شوية
-عاذرها بس كمان رافض ضعفها و مفيش قدامي غير إني اصبر
-ربنا يقدرك يا حبيبي
ابتسم يؤمن على دعوتها لتتابع هي وتخبره بآمالها:
-عارف كان نفسي في فرح كبير واعزم فيه كل الحبايب علشان يشاركوني فرحتي بيك
مرر يـ ده بحنو على طول ذراعها و وعدها ببسمة هادئة:
-معلش الظروف جت كده اوعدك هعمل حفلة كبيرة وهخليكِ تعزمي فيها كل اللي يريحك بس مش دلوقتي لما الاوضاع تستقر شوية
ابتسمت "ليلى "برضا واستحسنت اقتراحه داعية بقلب أم كل آماله أن يسعد بهناء ابنائها:
-ربنا يهنيكِ ويسعدك يا ابني ويحلي ايامك كلها
أمن على دعوتها بتنهيدة عميقة مطولة وهو ينهض يقـ بل جبينها:
-آمين يارب
اتسعت بسمة ليلى" متفائلة في حين هو استأذن منها ثم غادر غرفتها دون اضافة المزيد.
❈-❈-❈
خرج من غرفته التي تقبع على سطح البناية وهو يعدل من قميصه وحين اغلق الباب وكاد يذهب لعمله تسمر بمكانه مشدوه مما رأى...فكان "سلطان "بذاته يجلس على الاريكة المتهالكة بزاوية السطح يسـ ند مرفـ قيه على سـ اقيه
ويكـ وب رأ سه بكـ فيه بشكل يثير الريبة... ورغم ما يعتري" عماد" من غضب منه إلا انه وجد ذاته يقترب يتفقده عن قرب بعيناه قبل أن يتسائل متجهمًا:
-بتعمل ايه هنا ؟
رفع "سلطان "رأ سه ببطئ له واعتلى جانب ثـ غره ساخرًا من ذاته قبل أي شيء مما جعل" عماد" يكرر غاضبًا:
-جاي ليه يا "سلطان" عايز ايه تاني؟
اعتصر "سلطان" بنيتاه بقوة ثم اخرج علبة سجائره الذاخرة وتناول واحدة منهم يشـ علها وينفث دخانها بكل برود أمام نظرات "عماد "الذي زعق به حانقًا:
-ارمي القرف ده من ايـ دك و رد عليا؟
اجابه" سلطان" بطاعة غريبة وهو يلقي السيجارة ويـ دهـ سها بحذائه:
-اقعد عايز اتكلم معاك
-مفيش كلام بينا
حاول" سلطان " استعطافه قائلًا:
-بس انا مليش غيرك ومهما كنت
بتكـ رهني هفضل اخوك الكبير
لوح "عماد" بيـ ده بعدم رضا ثم استنكر نافرًا:
-ميشرفنيش تكون اخويا وقوم من هنا وانسى أن في رباط د م يربطنا
تقلصت معالم "سلطان" بعد او جعه قلبه بسبب حديثه وتسائل بحدة بعدها:
-أنت إيه يا اخي جايب القـ سوة دي منين
- منك!
باغته بها بلا ذرة تردد واحدة مما جعل "سلطان "يمرر يـ ده على وجـ هه يهدأ من روعه وينطق بنبرة واهنة مغلفة بالندم:
-عارف مش انا الاخ اللي يشرف واتمنيت يكون قدوة ليك ويمكن اكون غلطت في حقك زمان وكنت اناني بس هفضل اخوك
نفى "عماد" بر أسه وكأن عقله يرفض الأمر رفض قاطع ورفع سبـ ابته
بوجـ هه هادرًا:
-وانا قولتهالك قبل كده يا "سلطان" مستحيل اسامحك وحتى لو سمحت في اللي ليا مستحيل اسامح في حق صاحبي ولا حق "شمس" اللي عيشتها سنين تحت رحـ متك
نطق بأسمها وهو يتذوق الحسرة مع حروفها:
-"شمس"..."شمس" راحت يا "عماد" اتكتبت على اسم راجل غيري
كل حاجة اتمسكت بيها واتمنيتها راحت ومفضليش حاجة … ليبتلع غصته ويتابع بنبرة مهتزة متألمة:
-انتم الاتنين كنتم البقعة البيضة اللي لسة حية جوايا وكنت بعافر علشان تفضلوا جنبي…بس أنتم استكترتو الراحة عليا ومسبتوليش غير السواد
تهدلت معالم "عماد "من رؤيته بتلك الحالة البائسة ورغم ذلك لم يسمح لذاته ان يشفق عليه فهو لم يشفق على أحد لذلك تماسك وانبه:
-لو كنت بني ادم سوي كانت ممكن تحبك لكن مفيش حاجة بالعافية افعالك هي اللي وصلتك لكده
حانت منه بسمة ميـ تة وبرر دون ندم بنبرة تتحسر حروفها:
-كل اللي عملته علشان تكون ليا ومحدش يملكها غيري… طول عمرها زي النجمة البعيدة في السما كنت بعافر علشان بس المـ سها او تسلط نورها عليا لكن جه واحد تاني وهو واقف على ارض ثابتة مد ايـ ده وخدها مني
-هي مكنتش بتاعتك يا" سلطان" علشان حد يخدها منك انت اللي عشمت نفسك وكنت بتبني قصور في الهوا بغبائك مكنتش شايف حقيقة انها عمرها ما حبتك ولا كانت عمرها هتسلملك
-وانا مكنتش عايز حبها انا كنت عايزها هي
قالها بطريقة استفزت "عماد "وجعلته يحتد عليه زاعقًا:
-هتفضل غبي ومش هتستوعب ابدًا
طالعه لثوانٍ بنظرات معاتبة دون ان ينطق قبل ثم نهض يتقدم منه بتؤدة يربت على منكبه قائلًا بنبرة متألمة تخفي الكثير خلفها:
-مكنتش مستني منك تواسيني وعارف انك دلوقتي شمتان فيا بس غصب عني لقيت رجلي جيباني هنا لتحين منه بسمة مرتعشة واهنة ويتابع:
-انا مليش غيرك ومكنتش عايز ابقى لوحدي ورغم أنك مقولتش كلمة ريحتني بس كفاية أنك كنت جنبي شكرًا يا اخويا
قالها بعيون دامية يكبح الدمع بها قبل ان يبتعد تارك" عماد" ينظر لآثاره بملامح متهدلة يشعر بالشفقة عليه بسبب حديثه و حالته التي يرثى لها.
❈-❈-❈
توقف امام المنزل بسيارته ثم تناول هاتفه يضغط على شاشته ليهاتفها كي يعلمها بوصوله وإن اتاه ردها همس بشوق:
-وحشتيني
اجابته "رهف" من الطرف الآخر:
-وانت كمان
-طيب يلا انا وصلت ومستنيكِ انتِ والولاد في العربية
-انا غيرت رأي...مش عايزة اخرج
نزع نظراته الطبية يلقيها داخل تابلوه السيارة ثم تناول سلسة مفاتيح فضية من داخله يتأملها لثوانٍ قبل ان يتسائل محبطًا:
-ليه بس يا حبيبي مش احنا اتفقنا الصبح
- معلش خلينا نتعشى هنا انا عملتلك المكرونة اللي بتحبها
راقته الفكرة فكيف يمانع وهو يتلهف لكل دقيقة في قر بها فقد لاحت منه بسمة متسلية وشاكسها كعادته:
-مش مهم الأكل اهم حاجة في حلو ولا لأ
-اكيد...
قالتها بنبرة ناعمة يغفل ما يكمن خلفها ولكنها كانت تعلم انها كافية لتحفزيه قبل أن تغلق الخط وبالفعل شقت بسمة عابثة للغاية ثغـ ره وقـ بض على سلسلة المفاتيح بكل حماس قبل ان يتدلى من سيارته ويسير للداخل وهو متلهف اولًا لها وثانيًا لمفاجأتها بما سعى له من أجلها وفي الحالتين كان غافل تمامًا عن عتابها.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميرا كريم من رواية ذنبي عشقك، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية