-->

رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني - هدير دودو - الفصل 13

 

قراءة أنين وابتهاج الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني 

بقلم الكاتبة هدير دودو


الفصل الثالث عشر



_تساؤلات قوية على قلوبهم بضراوة، 

ولم يعلموا مَن سيجيب في النهاية_


❈-❈-❈


احتدت نظرات عمر لها بغضب شديد، يطالعها وعينيه مثبتة عليها يعلم أنها الآن كاذبة، تكذب عليه منذُ متى وهي تخفي عنه شئ؟! والأهم لماذا؟ لماذا تخفي عنه شئ وما هو؟!..


ظنَّت أنه سيقـ ـتلها لا مفر للهروب من غضبه المشتعل، نعم هي فاشلة في الكذب والكذب عليه هو بالتحديد من المستحيلات، لكنها لا تتخيل رد فعله إذا قصت عليه الأمر، وكيف ترد عليه؟! لذلك ابتلعت ريها بخوف ووقفت كالمذنبة منتظرة لرد فعله الغاضب، فهيئته لا تبشر بالخير كما يقال.


وجدته يكور قبضة يـ ـده بغضب عارم يغمره بأكمله، ضاربًا الحائط خلفها بعنف  يحاول ان يتحكم في غضبه بصعوبة، يعلم أنه لم ينجح في التحكم في غضبه إطلاقا، لكنه فقط يحاول السيطرة عليه، ليس الغضب فقط هو الشئ الوحيد الذي يشعر به، بل هو يشعر بالغضب، الضيق، والغيرة التي تسيطر عليه بشدة.


حاول أن ينفض جميع الأفكار التي تجعله يشك بها وتنهد عدة مرات بصوت مسموع في محاولو منه ليبقى هادئًا بلا غضب وعصبية، ثم تحدث وأخيرًا متخلي عن الصمت الذي كان به لبعض ثوانٍ او دقائق ربما، تحدث مغمغمًا  بهدوء زائف وهو ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة والرياح


:- بقولك إيه بلاش كدب أنا مش عيل قدامك أنا عمر يا آلاء وأنتِ عارفاني كويس بلاش لف ودوران لأخر مرة يا آلاء هسألك أهو وبحاول ابقى هادي معاكي عشان صدقيني الهدوء دة مش هيتكرر تاني وأنتِ عارفاني كويس لما بتعصب، اتفضلي بكل هدوء جاوبيني وقوليلي أنتِ كلمتي مين عشان أنا عارف إنك مكنتيش بتكلمي صاحبتك، قولي يا آلاء بتكلمي مين؟ 


كانت في حالة لا تُحسد عليها، نبضات قلبها متسرعة بخوف، جـ ـسدها يرتعش بقلق لا تعلم ما بجب عليها فعله، هو كان يضغط فوق كل حرف يتفوهه بغضب عارم استشعرته، تنهدت بصوت مسموع تعلم أنه لن يترك الأمر يمر بسلاسة، أردفت ترد عليه بخفوت  شاعرة بثقل  كبير يجتاح خلايا قلبها يرهقه ويتعبه بلا رحمة 


:- ا....إيه اللي بتقوله دة ياعمر أنا بقولك مفيش حاجة صدقني بعدين هي كانت صحبتي أنتَ كبرت الحوار على فكرة. 


تخلي عن جميع الهدوء الذي كان يحاول أن يتحلى به حتى لا يغضب عليها، كان يريد أن يتعامل مع الأمر بهدوء حتى لا تخاف منه ويجعلها تخبره ما يحدث، لكنها لم ترض أن تتحدث؛ لذلك جذبها من

يـ ـدها بعصبية يجرها خلفه متوجه نحو الداخل.


فسارت هي معه بخطوات متعثرة سريعة شبه راكضة لتستطع ملاحقته، أغلق باب الشرفة بعصبية، موجهًا بصره نحوها مجددا، جذب هاتفها وفتحه ليقوم بنقل الرقم الأخير بشك في هاتف وألقاه فوق الفراش بإهمال، تحدث هاتفًا بحدة صارمة و صوت قوي غاضب جعلها تنتفض 


:- تمام يا الاء براحتك خالص أنا هعرف مين كلمك خلاكي تتوتري وتخافي اوي كدة زي اللي عاملة عاملة بجد، طالما الهانم مش عاوزة تحكيلي، مش عاوزة تحكي لجوزها اكتر واحد هيساعدها و واثقة و متاكدة أنه بيخاف عليها اكتر من نفسه وممكن يهد العالم كله بسببها بس ماشي يا آلاء براحتك أنا هعرف وهتصرف كمان وووقتها هيكون ليا تصرف معاكي أنتِ كمان عشان تبقي تخبي عليا و مترضيش تحكيلي حاجة قلقاكي ومخوفاكي. 


اغمضت عينيها لوهلة واحدة بضعف شديد اجتاح كل ذرة بداخلها، تمنت لو أنها تذهب  معه بعيد عن ذلك العالم بكل ما فيه، لا تعلم لماذا لم توافق أن تخبره بما يحدث؟! لماذا لم تستمع إلى قلبها تلك المرة؟!


استجمعت شتات ذاتها بصعوبة شديدة، حاولت ان تقلب الموقف عليه حتى تجعله يهدا ولو قليلا؛ لذلك نهضت و مقتربة منه تتحدث بمرح زائف لعلها تجعله يهدأ من ذروة غضبه المشتعل، تحاول ان تضع بعض المياة على النيران المشتعلة بداخله، اقتربت منه بخطواتها ولفت ذراعيها حول عنـ ـقه


:- يا عمر يا حبببي أنتَ بتقول ايه أنتَ مكبر الحوار على فكرة،  مفيش حاجة مهمة لو في أنا هحكيلك هو انا ليا مين غيرك احكيله. 


رد علها بجدية صارمة يشرح لها موقفه، و هو يعتدل في وقفته أمامها يبعدها عنه تلك المرة 


:- بقولك إيه يا آلاء متستهبليش عليا أنا اكتر واحد عارفك وعارف أن فيه حاجة وأنتِ مخبياها وأنا بقى من حقي أعرفها ولما تقولي أنتِ يبقى أحسن كتير. 


طبعت قـ ـبلة رقيقة فوق وجنته في محاولة أخرى لتهدئته، وأردفت قائلة بخفوت وضعف شديد 


:- مفيش حاجة يا عمر خلاص أنتَ عاوز تزعل وخلاص، صحبتي واتصلت فيها إيه وقبلها كنت تعبانة بلاش تتعبني اكتر، أنا أهو دلوقتي كويسة وزي الفل قدامك كمان


لم يقتنع بحديثها الذي لم يقنع الأبله فماذا عنه هو الذي يعلمها؟! وزع عليها نظراته الغامضة الحادة بزرقتيه الغاضبتين، وغمغم متحدثًا بصوت أجش 


:- خلاص طالما أنتِ كويسة دلوقتي، عاوزك... أنتِ بقالك كذا يوم مش راضية وبتقولي إنك تعبانة بقيتي كويسة مش كدة؟ 


كان مثبت بصره عليها لم يتحرك ولو لبرهة واحدة، فأسرعت هاربة بعينيها منه صوب الجهة الأخرى أولته ظهرها بتوتر ونظرات مرتبكة قلقه، متمتمة بخفوت وقلق


:- بـ... بس أنا مش عاوزة ياعمر، معلش مش قادرة. 


أسرعت متوجهة نحو الفراش بسرعة البرق كما أن الشياطين تلاحقها، مغمضة لعينيها هاربة من أي حديث أو مواجهة بينهما لأنها بالطبع ستكون هي المنهزمة.. 


ظل واقفًا كما كان في موضعه، شاعرًا بالدماء تغلي بداخله وقد انتفخت أوداجه بعضب عارم متمتما بريبة وحدة


:- ماهو باين باين إنك كويسة أهو ماشي يا آلاء..


حاولت أن تنم  مسرعًا مفضلة عدم ردها عليه لعلها تهرب من جميع الأفكار التي تأتي إليها، عقلها يخبرها أنها فعلت القرار الصحيح عندما لم تخبره عن أي شيء مما يحدث، يقنعها بأنها ستحل كل شئ  وتنهيه من دون أن تجعله يتدخل في مشاكل مع عدي..


لازالت لم تنس محاولة القـ ـتل  الذي تعرض لها على يـ ـده، لكن قلبها يصارعها في ذلك الحوار يخبرها بأن ذلك الامر من الممكن أن يخلق فجوة في علاقتهما..


عمر مهما صبر وطال صبره سينفذ في النهاية، ومن الواضع ريبته في الأمر وعدم اطمئنانه، هي أكثر من تعرفه، لا تعلم ايهما الطريق الصحيح لكنها اختارت تلك المرة أن تستمع إلى عقلها ستبعد عمر عن ذلك الحوار تمامًا مهما حدث.. هي قادرة عليه وعلى انهاءه، ولكنها هل ستكون قادرة على خبث ومكر عدي ومخططاته؟!.. 


في الصباح... 


استيقظت  وهي تشعر باضطراب وقلق لكنها مقررة أن تصلح جزء مما بينها وبين عمر، وجدته لازال نائم لم يستيقظ بعد، دفنت وجـ ـهها في صـ ـدره بضعف ضاري على جميع خلاياها تود أن تنعم بإقترابه التي حُرمت منه، قامت بطبع قـ ـبلة رقيقة فوق جبهته ونهضت من جانبه بهدوء شديد حتى لا تقلقه وبعدما تذكرت أن كل شئ يحدث في الغرفة سيراه ذلك الحقـ ـير، ابتعدت مبتلعة تلك الغصة القوية المؤلمة التي تشكلت بداخلها.. 


طلبت من أحد العاملين في المنزل إحضار الفطار إلى غرفتها، وأسرعت تعد ثيابه الذي سيرتديها اليوم عند ذهابه، أحضرت بذلة أنيقة من اللون المحلي القاتم الذي يتناسب معه، ومحاول إصلاح ما حدث أمس ولو بجزء بسيط، أجبرت شفتيها على رسم ابتسامة مزيفة باهتة، وتمتمت بنبرة حاولت أن تجعلها هادئة 


:-  يلا يا عمر قوم أنتَ نايم بقالك كتير نايم هتتأخر على الشغل كدة. 


استيقظ ببرود تام مرتسم فوق قسمات وجهه، متجاهل وجودها معه في الغرفة تمامًا، أشاح بصره عنها وتوجه صوب المرحاض بصمت.. 


تنهدت بصوت مسموع لا تعلم ما بجب عليها أن تفعل معه حتى يهدأ، تعلم أنها مُخطئة لكن رغمًا عنها فماذا تفعل لتجعله يهدأ. 


انتظرت خروجه من المرحاض، ونهضت مقتربة منه بهدوء، تمتمت بأسمه في خفوت 


:- عمر أنا حضرتلك الفطار اهو مش هتفطر واللبس كمان بعدها البس أنا مجهزة كل حا.. 


:- مش عاوز.. 

قطعها بحدة صارمة عاكسة لمدى غضبه منها ومن أفعالها واصل حديثه بتوضيح حاد 


:- مش عاوز منك حاجة اصلًا لا لبس ولا فطار، أنتِ خليكي في نفسك أحسن مش دة اللي أنتِ عاوزاه. 


أشارت بسبابتها نحو ذاتها وتمتمت بعدم تصديق 


:- أنا عاوزة كدة، مين قال أن أنا عاوزة كدة، هو في إيه يا عمر كل دة عشان قولت امبارح مش عاوزة، كنت تعبانة خلاص.


تحدث يرد عليها مزمجرًا بغضب شديد 


:- بقولك إيه بلاش كلام أحسن كفاية كدة. 


أحضر لذاته ملابس أخرى لم يرتدي التي احضرتها له وقفت تطالعه بصمت والحزن يغمرها، هي تريده بجانبها، تريد اقترابه، تريد كل شئ به، تبتعد عنه مجبرة رغمًا عنها.. 


وجدته يسير متوجه نحو الباب فأسرعت قائلة له بتوتر  


:- عمر استنى الفطار أهو مش هتفطر قبل ما تنزل.


لم يلتفت نحوها بل رد بجمود وحدة آلمت قلبها بضراوة


:- قولت لأ مش عاوز منك حاجة..


سار نحو الخارج تارك إياها الحزن كاد يفتك بها، ينهي حياتها تمامًا، لم تعتاد على قسـ ـوته معها ابدًا، هو بعمره لم يفعلها.. 


لم يكن هو الآخر أفضل منها حال فهو متأكد مائة في المائة انها تخفي عنه شئ بالطبع مهم للغاية، لكنه سيعلمه بالطبع حتى ولو انتهى الأمر سيعلمه.. 


❈-❈-❈


داخل الغرفة الخاصة بتامر وفريدة 


استيقظ تامر من نومه في وقت متأخر، تفاجأ عندما وجد فريدة مستيقظة ومن الواضح أنها مستيقظة مبكرًا تسبقه بالعديد من الوقت، رآها جالسة فوق الأريكة ترتدي منامة قصيرة ضيقة بعض الشئ تبرز مفاتنها التي ازدادت جمالا بعد ظهور أثار الحمل عليها. 


تمسك أحد الكتب تقرأ ما بداخلها نهض من فوق الفراش بتكاسل ثم توجه نحو المرحاض وخرج يرتدي ملابسه في عجلة شديدة، لكن توقف مردف يسألها بجدية معقد حاجبيه في دهشة 


:- مصحتنيش ليه يا ديدا، وإيه اللي حصل امبارح ممكن افهم إيه اللي زعلك امبارح عشان تعيطي كدة؟ 


اغلقت الكتاب الذي كانت تقرأه، وتمتمت تر ببىود وجفاء متحاشية النظر في عينيه 


:- مفيش يا تامر ولو سمحت متتكلمش معايا خالص، أنا مش حابة اتكلم معاك لو سمحت ومتستناش مني أني أعملك حاجة  


اقترب منها شاعرًا بحيرة شديدة من التغير المفاجئ الذي حدث لها أمس من دون سبب مفسر له، وتحدث متسائلًا باهتمام وحنان، يحـ ـتضنها من الخلف 


:- ليه يا قلب تامر هو في إيه مش احنا كنا اتفقنا مع بعض وكل حاجة تمام كمان خططنا لحياتنا الجاية مع بنتنا القمر اللي هتطلع شبهك إيه اللي جد بقى ماهو مش معقول يا فريدة اسيبك كم دقيقة وأرجع وألاقيكي زعلانة كدة، امبارح مردتش اضغط عليكي عشان متتعبيش. 


عقدت ذراعيها أمام صـ ـدرها بضيق، وردت عليه باقتضاب حاد ولازالت تتذكر ما رأته أمس بعدما تركها بالفعل 


:- آه معلش كنا متفقين وقررت ادي حياتنا فرصة وجيت على نفسي عشان خاطر بنتي، لكن بعد ما اكتشفت اللي أنتَ بتعمله  لسة، وإنك مستغفلني وفاكرني هبلة يبقى لا شكرا وشكرا أوي كمان، أنا مش عاوزاك وبنتي هربيها كويس عادي الدنيا مش هتقف عليك في حياتها. 


قطب حاحبيه بدهشة حقيقية في جهل تام لما تتفوه به، لا يعلم عن أي شئ تتحدث وما الذي يجعلها تتفوه بحديث مثل هذا من دون سبب مفسر 


:- هو في إيه يا فريدة ممكن تقعدي وتفهميني إيه اللي مزعلك براحة كدة، قولي يا ديدا يا حبيبتي اه ايه اللي مزعـ.. 


قطع حديثه بذهول تام وعدم تصديق وقد جحظت عينيه، تمتم متسائلا بدهشة، يتطلع نحو الكتاب الذي كانت تقرأه قبل أن يقطعها


:- إيه دة يا فريدة أنتِ إيه اللي بتقريه دة، بتقري  كتاب اسمه (القـ ـتل للمبتدئين) أنتِ ناوية تقـ ـتلي مين بالظبط. 


كبتت ضحكتها بصعوبة شديدة من هيئته امامها بعدما رأى اسم الكتاب، لكنها نجحت في كبت ضحكتها والتحكم في ذاتها أمامه، ثم ردت عليه ببرود شديد آثار غيظه

 

:- بقولك ملكش دعوة بيا، خليك في نفسك يا تامر لو سمحت، على فكرة أنا هدور على شغل لنفسي عاوزة اشتغل ومش باخد رأيك أنا بعرفك بس وبعدها هنتطلق لأني بجد تعبت منك أنتَ بتاخد كل طاقتي وبتتعبني حقيقي فعشان كدة عاوزة ارتاح بقى. 


أشار بيـ ـده نحو بطـ ـنها البارزة ورد بتهكم ساخرًا يخفي خلفه غيظه مما يحدث، لا يعلم ما سبب الحديث الذي تتفوه به أمامه

 

:- هتشتغلي ازاي ببطنك دي، دة أنتِ هتروحي تولدي كدة مش تشتغلي، وقولت فهميني في إيه وإيه سبب الكلام اللي بتقوليه دة عشان مش فاهم. 


نهضت مسرعة تقف قبالته بتحدي وغضب ثم جذبت هاتفه الذي يوجد فوق المنضدة وفتحته، فتحت المحادثة التي بينه وبين بسملة، التي ارسلت له بعض الرسائل أمس الغير لائقة  تتحدث عن بعض الاشياء الخاصة بينهما حديث مشفر لا تفهمه لكنه أشعل النيران بداخلها، هي تغار عليه لكنها لا تقوى أن تعنرف له بذلك الشئ، فأردفت معقبة بحدة وجدية 


:- روح بقى كمل اللي أنتَ بتعمله بعيد عني لو سمحت أو ممكن يكون شغل زي الشغل اللي كان موجود قبل كدة ما أنا عارفة. 


ضحك بصوت مسموع عندما فهم غيرتها عليه، و اقترب منها مجددًا، مردفًا بعدها بحنان وصدق 


:- ومعملتيش بلوك ليه يا ديدا وبعدين أنا اصلا متكلمتش معاها هنا في الشات ( المحادثة) دة من زمان هو لو حد قالك إني بمسح الماسدجات يبقى بمسحها وصدقتيه خلاص، والله يا ديدا والله ما بكلم حد ولا بعمل اللي في دماغك يمكن الأول كان ممكن بس حقيقي مقدرتش حتى اروح اجيبها من المطار أنتِ فاهماني غلط يا ديدا. 


داعب وجنتيها بعشق، وحب شديد، واصل حديثه مجددا


:- وبعدين يا ديدا اكتشفت إنك بتغيري عليا، وأنا بغير عليكي، الشغل دة ميمشيش معاكي. 


ارتاح قلبها بشدة بعدما استمعت إلى حديثه، وانفجرت شفتيها باسمة ثم حركت رأسها نافية، وسألته مدعية عدم الفهم على الرغم من شعور السعادة الذي غمرها وغمر قلبها باكمله بعدما تأكدت من كذب تلك الفتاة

 

:- يمشي، ولا ميمشيش مش فاهمة أنتَ تقصد إيه؟ 


غمز لها بإحدي عينيه، وشدد من احتـ ـضانها بداخله، يدقق في ملامحها عن قرب يشعر كأنها احلى واحدة في العالم، شعرها البني الجميل، عينيها البنية المتنسابة مع يشرتها، أنفها الصغيرة جمالاها الخلاب الذي لا يوجد منه. 


أصبح يعشق جميع تفاصيلها، النظرة في عينيها تسلبه حياته بأكملها ليس عقله فقط، شعر وكأنه لم يرى أي فتاة احلى منها  من قبل، كأنها خُلِقت أحلى ما في العالم بل هي في عينيه العالم بأكمله وليس الاحلى فقط، اصبحت عالمه الذي يريد أن يمكث بداخله دائمًا وللأبد. 


اغمضت عينيها باستمتاع الى انفاسه الحارة التي تلفح عـ ـنقها، لأول مرة تشعر هي الأخرى وتتأكد من صدق مشاعرها الممزوجة بداخلها، لكن العالم بأكمله توقف عندما استمعت إليه وهو يتمتم بعشق شديد جعلها كالطائرة في السماء بسعادة حقيقية


:- أنا بحبِك يا فريدة حقيقي حياتي كلها بدأت من وقت ما اكتشفت معدنك الحقيقي واكتشفت إنك احلى حاجة في الوجود والعالم كله، مش هضحك عليكي وأقولك أن من ساعة ما اتجوزتك عشان أنا في الأول كنت اغبى واحد في الكون كله لكن بعد كدة عرفت إني محظوظ بوجودك أنا الوحيد اللي معايا حاحة فريدة فعلا مش موجود منها وبجد انا مبسوك أوي لوجودك وبالقرار اللي خدتيه عشان بنتنا تيجي في الدنيا أنا بحبك أوي بجد يا ديدا. 


شعرت وكأنها امتلكت الكون بأكمله، كأن الحياة بدأت معها الآن، بالغعل حياتها بدأت الآن بسبب حديثه الذي أرضاها بشدة و أرضى كبرياءها الأنثوي الذي يتراضي بأقل كلمة ولكن بشرط أن تكون تلم الكلمة صادقة.


 لم يتفوه بكلمة واحدة بل تفوه بالعديد من الكلمات، شعرت بسعادة حقيقية تعجز عن وصفها، لذلك اكتفت بأن تلقي بذاتها داخل حضـ ـنه على رغم من بطنها البارزة لكنها شعرت بدفء شديد احتواء حقيقي بمعنى ما تحمله الكلمة من معاني عديدة شعرت بهم جميعا وهي داخل حضـ ـنه..

❈-❈-❈


داخل غرفة نغم 


كانت تتحدث مع عدي، أردفت بملل وضيق 


:- خلاص يا عدي أنتَ مصمم على الكاميرا ليه، قولتلك مش هعملها، هي مصدقة إن فيه كاميرا يبقى خلاص بقى ملوش لازمة.


تأفأف بضيق وغضب من إصرارها على الرفض، تحدث مردفًا بحدة 


:- خلاص يا نغم خلاص قولت، مع إن لو ركبنا هتبفى أحسن، المهم عرفتي كان بيهددها بإيه قبل الجواز عشان ترضى تتجوزه كدة مرة واحدة. 


ردت عليه بثقة مبتسمة بانتصار وسعادة 


:- اه طبعًا عيب عليك، فيديو ليها وهي بتاخد حاجات من المكتب استنى هبعتلك كل حاجة شوف هتتصرف ازاي معاها.


نمت فوق شفـ ـتيه الرفيعتين ابتسامة ماكرة تشبهه، ورد بجدية تامة 


:- ماشي ابعتي كل دة دلوقتي وهتعرفي هعملك إيه فيها، اعتبريها اتجننت، وركزي في طريقتها مع عمر الفترة دي عاوزين نعرف النتيجة. 


اومأت برأسها أمامًا وردت عليه بمكر


:- خلاص هبعت كل حاجة وهشوف علافتها بس تقريبًا متخانقين جامد كنت شايفاه نازل مش طايقها.


علم أنه سيصل إلى هدفه بسهولة بمساعدة تلك الحمقاء التي تساعده مظنة أنه يساعدها لكنه في الحقيقة لم يساعد سوى ذاته فقط.. 

  

❈-❈-❈


كانت آلاء تجلس في غرفتها تشعر بالحيرة ستدمر خلايا عقلها وفكرها بأكمله، كانت ستتحدث مع عدي  لكنها تراجعت مسرعة بعدما أعطت لذاتها وقت من التفكير، فقررت ألا تعطيه إهتمام في حياتها.


فكرت في عمر الذي سيسألها مرة أخرى عن الأمر بالتأكيد لكنها قررت أن تخبره بأن الأمر انتهى وكان يخص صديقتها.


تنهدت بضيق وعدم رضا لكونها ستكذب عليه لكنها ستفعل ذلك  حتى تنهى الأمر، تمتمت مع ذاتها بقلق وتوتر وهي تضع يدها فوق قلبهل الذي يدق بداخلها بعنف 


:- لأ لأ اهدي شوية اكيد عمر مش هيعرف حاجة عن اللي حصل وهيصدقني. 


ظلت لبضع دقائق في شرودها مع ذاتها ثم فاقت على صوت هاتفها، عقدت حاجبيها بدهشة عندما وجدت رقم آخر هو الذي أرسل إليها شئ تلك المرة علمت بالطبع أنه هو عدي. 


تصنمت في مكانها بصدمة وقد جحظت عينيها، عندما شاهدت محتويات الرسالة التي كان بها الفيديو الخاص بها وهي تعبث في اوراق عمر وتسرق الأوراق التي أرسلها له حتى تساعده في تلك الصفقة وبعض التسجيلات الصوتية لها وأسفل كل ذلك يوجد رسالة قد صدمتها أكثر 


"عمر كان بعتلي الفيديو دة والتسجيلات دي من عندي أنا للأسف يا آلاء أنتِ اتضحك عليكي من الكل، الكل ضدك، ومتفقين أنا وهو ونهى كلنا، وقريب هناخد كل اللي بتملكيه ونقسمه مع بعض، كنت واثق إنك هتصدقي العقد المزور اللي عمر عامله باسمك استمتعي يا بيبي" 


صُعقت بالفعل بعدما رأت كل ذلك، شعرت وكأن عقلها سينفجر من فرط الصدمة التي اجتاحت عقلها لم يمر ثوان حتى وجدت عدي يتصل بها، أسرعت ترد عليه وتمتمت بخفوت وضعف


:- آلو يا عدي. 


أتاها رده الساخر وهو يضحك بصوت مرتفع بشماتة من نبرة صوتها الضعيفة المهزوزة 


:- لأ آلو أنتِ يا آلاء هانم إيه رأيك في المفاجأة التانية، طبعا أنتِ من غير تفكير هتسمعي الكلام واللي اقوله يتنفذ بدل ما نبيعك كلنا أنا ونهى وعمر جوزك حبيب قلبك ماحنا كلنا بينا اتفاق واحد، هتلاقي كله اتقلب عليكي. 


استمعت إلى حديثه بملامح جامدة وقد فرت الدماء هاربة من وجهها، وأردفت بضعف وصوت مهزوز خافت يخلو من أي مشاعر 


:- ابــعـد عـني....ملكش دعوة بيا دلوقتي أحسنلك أنا ميهمنيش حد.. 


انهت جملتها التي كانت تحاول أن تخفي من خلالها خوفها الذي سيطر عليها وتخفي جميع مشاعرها الحقيقية وأغلقت الهاتف مسرعة من دون أن تستمع إلى رده عليها.. 


بالفعل هو لم يكذب هذا الفيديو لا يوجد مع أحد سوى مع عمر، فكيف وصل إلى عدي الآن؟! يروادها العديد من الاسئلة المشوشة، الأهم هل عمر من الممكن أن يبيعها بتلك السهولة؟؟!.

شعرت أن عقلها سينفجر من فرط التفكير والصدمة الشديدة التي أصابتها.. 


تريد أن تغمض عينيها وتهرب من كل هذا تبتعد عن كل شئ، لا تعلم كيف عمر وافق أن يؤذيها وسلمها لـعدي بتلك السهولة.. 


يُتبع..


إلى حين نشر فصل جديد من رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني للكاتبة هدير دودو، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة