رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 28
قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة ميرا كريم
الفصل الثامن والعشرون
لَمْ أَعْلَمْ يَوْمًا أَنَّ اَلْخِذْلَانَ قَاسِي جِدًّا لِدَرَجَةَ أَنْ تَشْعُرَ بِالشَّفَقَةِ عَلَى نَفْسِكَ."
- تشيخوف
❈-❈-❈
إن أصبح العقل رافضًا؛ فالقلب مازال خانعًا وياليت كان أمامه خيارٍ أخر فكيف له أن يقف
مكـ توف الايـ دي ويتركها تعلن رايتها القاتمة و تقرر انسحابها؛
ورغم انه ذاته أخبرها إنها ستدفع ثمن تفريطها وحدها؛ ولكن ليس من المُنصف أن يكون الثمن حياتها.
فكانت ملامحه متهدلة وعيونه فارغة يسـ ند مـ رفقيه على
فخـ ذيه ويكـ وب رأ سه بين
يـ د يه أثناء جلـ سته في رواق المشفى على أحد المقاعد المعدنية الباردة التي تضاهي برودة قلبه بسبب خذلانها، خمس ساعات أو اكثر مرو عليه كالدهر لحين أتت الممرضة تخبره ببسمة مُستبشرة:
-الحمد لله فاقت يا استاذ وشيلنا عنها الاكسجين وتقدر تشوفها
رفع "عماد" رأ سه ببطئ ثم أومأ لها بشبه بسمة شاحبة لم
تمـ سس عيناه قط، لتتابع الممرضة قبل أن تتركه لتتابع مهامها:
-حمد الله على سلامتها
وهنا غامت عينه يتذكر ذلك الشعور
المو حش الذي راوده حين
حطـ م بابها و وجدها فاقدة للوعي والغاز الذي فاحت رائحته لجيرانها كاد يتسبب في سـ لبها حياتها فأول شيء فعله منع الجميع وأصر ان يفوت هو وحده ومع كثيرًا من الحذر واتباع احتياطات السلامة التي كان على دراية بها كان ينتشلها ويجلبها إلى هنا.
ورغم رفض عقله القطعي،
ونفـ سه المشمئزة منها ومن افعالها، إلا أن قلبه الملكوم رغم كل شيء لا يتمنى السوء لها.
اعتـ صر ناعستيه بقوة ليفرط في تلك الدمعة الخائنة التي يشفق بها على ذاته قبلها ثم تحامل ونهض يسير للغرفة التي تر قد بها، وفور أن وقف على بابها وصله صوت نحيبها، ليتناول نفـ س مطول من الهواء لعله ينفض عنه تلك الرائحة الخانقة التي علقت به قبل أن يدير مقبض الباب ويدخل لعندها.
أما هي فور ان استعدت وعيها اخذت تنتحب تنعي حالها وفور ان رأته أمامها عاتبته بصوت يائس منكسر:
-مسبتنيش امـ وت ليه مش ده التمن اللي انت قولتلي عليه
طالعها بأعين فارغة خالية من كل شيء ماعدا الشفقة قبل أن يهدر:
-بس انا مقولتلكيش مو تي نفـ سك
تسائلت "بسمة" بحيرة غبية من بين شهقاتها:
-اومال كنت عايزني اعمل إيه بعد ما "سلطان" سابني والدنيا اسودت في عيني لتخفت نبرة صوتها وتضيف ومرارة النـ بذ تغلف حديثها:
-انا من ساعة ما جيت المنطقة وهو حاجة كبيرة اوي في عيني
وكنت فاكرة لما ابقى معاه الناس هتقدرني وبدل ما تقول
اللقـ يطة بنت الملجأ هتقول مرات المعلم اللي الكل بيعمله الف حساب
كان يستمع لتبريرها بعيون متجمدة خالية من أي شيء فحتى الشفقة اندثرت بها حين عقب مستنكرًا وكأنه الآن فقط ادرك حقيقة أمرها:
-فاكرة "شمس" لما قالتلك انك مش عاملة قيمة لنفسك ومستنية الناس هي اللي تعملهالك...ونصحتك
تعززي نفسك وتنظفي قلبك علشان ربنا يكرمك...وقتها كنتِ صعبانة عليا و وقفت دافعت عنك وكنت مقدر اللي مريتِ بيه...بس دلوقتي اكتشفت ان "شمس" معاها حق في كل كلمة قالتها
فور انتهاء جملته المادحة لغريمتها صرخت بإنهيار والدموع تغـ رق وجـ هها:
-شمس...شمس...كل حاجة شمس! انا بكـ رهها هي السبب في كل ده
لم يتأثر بإنهيارها بل رشـ قها بنظرة نافرة قبل أن يوبخها بصوت منفعل للغاية:
-قولتلك بطلي تعلقي اخطائك على شماعة غيرك لأن ده عمره ما هيبرر أنك رخصتي نفـ سك
صـ رخت مُبررة وكأن تلك الحُجة مازالت لم تتزحزح و مترسـ خة بعقلها الصدأ:
-انا كنت متجـ وزاه انا معملتش حاجة غلط
نفى برأ سه بلا فائدة وهدر يستنفر حديثها:
-هتفضلي غبية وعمرك ما هتتغيري
-انا مش غبية انا حبيته...حبيته
قالت ما قالته وهي غافلة تمامًا أن قلبه المـ د مي بعشقها ينـ زف
د مًا بسببها، فقد كور قبـ ضته يشـ دد على اربعته حتى ابيضت مفاصل يـ ده يتحكم في زمام نفسه بصعوبة قبل أن يعـ ري تلك الحقيقة التي تتغافل عنها وتواريها خلف سِتار عشقها:
-وهو عمره ما حبك "سلطان" مبيعرفش يحب غير نفسه ومصلحته وهو للأسف كان
مـ ستغل سذاجتك وغبائك لصالحه
لبرهة ظلت تنظر له وكأن حديثه اصـ اب بوا طن خفية داخل عقلها، وبدل أن تبدي إقتناعها كانت تخفي وجـ هها بكـ فوفها تنعي حالها:
-انا تعبانة...ومحدش حا سـ س بيا يارتك سيبتني امو ت وارتاح
اعتلى جانب فـ مه و جلـ دها بكلماته لعله يفيقها:
-المو ت عمره ما هيكون راحة للي زيك و كنتِ هتمـ وتي
كافـ رة...و نصيحة أخيرة مني حاولي تراجعي نفسك وتقربي من ربنا
قالها قبل أن يغادر الغرفة تاركها تجدد نوبة بكائها ولكن يا ترى ستظل كثيرًا
تنـ عي حالها بتلك الطريقة التي يرثى لها، ام سيأتي يومٍ و تسـ تمد به قيمة ذاتها.
❈-❈-❈
عادوا للمنزل ومر اليوم بسلام دون جديد يذكر وها هم كل منهم يتحايل على النوم داخل الفراش فكان هو يتسـ طح على ظـ هره ويتو سد ذرا عيه مغمض العينين يحاول إلهاء ذاته عن ذلك القر ب الذي يكاد يفقده كل ذرة تعقل به في حين كانت هي تواليه ظهـ رها و تتحا يل على النوم ولكن بلافائدة فكيف تفعل وافكارها تعـ صف بها و تشعر بقلبها يتأ كل داخل احشـ ائها، فقد تنهدت بثاقل بسبب يأسها ونهضت عن الفراش ترتـ دي مأذرها اعلى منامتها تطالعه بنظرة مطولة قبل أن تخرج من الغرفة وتذهب للمطبخ تُعد شيء دافئ يساعدها على النوم و فور أن تحـ ركت من جانـ به شعر بها وحين اغلقت الباب خلفها نهض يتوجس ما بها، فلم يمنح ذاته وقت للتخمين وفي ذات اللحظة كان يلحق بها.
بينما على الجانب الآخر كانت قد ملأت غلاية المياه الكهربائية وضغـ طت ذرها، وإن كادت
تتـ حرك لتجـ لب الكوب وجدته خلفها لتشهق وتضع يـ دها على قلبها متفاجأة:
-حرام عليك...خضتني
-مكنتش اقصد
قالها بأسف حقيقي مستاء من ذاته وهو يتناول قنينة المياه ويفرغ البعض بالكوب القريب لها، لتتناول من يـ ده ترتشف القليل وتتسائل وهي تحتـ ضن الكوب بين راحـ تيها:
-انت كمان مش جايلك نوم زي
أكد بر أسه، لتقترح هي:
-طيب كنت هعمل اعشاب اعملك معايا
-ياريت
قالها بهدوء يستحسن بها اقتراحها، لتحَضر هي الاكواب وتعاير مقدار السكر وتضع مغلف الأعشاب بها في حين هو فتح باب شرفة المطبخ وتقدم يسـ ند كفـ وفه على سورها الرخامي ويملئ رئته بالهواء العليل المحمل بيود البحر
لعله يهدأ غليـ ان دو اخله،
اقتر بت هي تحمل الكوبين تمد يـ دها بواحد له قائلة وخصلاتها تتطاير حول وجـ هها من شدة الهواء:
-الجو برد عليك
تأملها لبرهة قبل ان يأخذ من
يـ دها وعقب ببسمة رزينة هادئة بعد أن جلس:
-بالعكس الجو حلو ومش برد ولا حاجة
استغربت ولكنها لم تجادله بل جلست بالمقعد الذي يجابهه
ترتـ شف من كوبها دون حديث، ليتسائل هو:
-مالك يا "شمس" حاجة ضايقتك النهاردة
اجابته متلعثمة وهي تلملم غرتها وتضـ عها خلف أذنها:
-لأ ابدًا
جوابها لم يكن مقنعًا بالنسبة له فمنذ عودتهم وهي لم تنظر له مباشرًا وإن فعلت يلحظ فرارها لذلك تسائل وعينه تضيق عليها تود أن تستنبط ما بها:
-اومال ايه!
تنهدت ولم تجد بُد من السؤال فإن فعلت ماذا سيظن بها، لذلك نفت برأ سها ونهضت تدخل للمطبخ من جديد تضـ ع الكوب من يـ دها لكي لا يفتضح أمرها أمام أسر عيناه :
-ابدًا مفيش حاجة...قالت جملتها وتبعها تعالي وجيبها
حين وجدته يتبع خطواتها وإن كادت تواليه ظـ هرها عائدة للغرفة تمـ سك بمعـ صمها متعجبًا:
-متهيئلي إحنا اتخطينا المرحلة دي وبقينا كتاب مفتوح لبعض
نظرت لقبـ ضة يـ ده اولًا ثم اوضحت وهي ترفع منكبيها بنبرة لمح بها استيائها:
-انا بقيت كتاب مفتوح ليك لكن انت لسه مبهم بالنسبالي ويظهر ان في حاجات كتير معرفهاش عنك
اعتلى حاجبيه وتسائل بفطنة يتعمد سبر أغوارها:
-وطبعًا "هبة "واحدة من الحاجات دي مش كده!
زاغت نظراتها وازاحت يـ ده تؤكد وهي ملتزمة بثباتها حتى لا يصله ما ينـ هش قلبها:
-اه حاجة من ضمن حاجات كتير
لاحت على ثغـ ره بسمة غريبة لم ترى مثلها قبل أن يتنهد بعمق ويفسر بإقتضاب لها:
-كنا مرتبطين ومحصلش نصيب
كلماته المقتضبة لم تطفأ لهــ يب فضولها، لذلك دون أي تعمد منها انكمش وجـ هها وزلف لسانها بنبرة منفعلة بعض الشيء:
-بس كده اختصرت الحكاية في الكلمتين دول...ده اللي يشوف طريقتك معاها وكلامها ونظراتها ليك يقول أن اللي كان بينكم قصة كبيرة وأنكم كنتم...ابتلعت باقي حديثها واستصعب عليها اكماله بسبب تلك الغصة التي تكونت بِحلقها، بينما هو تراقصت دواخله من إنفعالها فيبدو أنها تحـ ترق بذات النار التي
ألتـ همت قلبه بسببها، وهنا اطفأ عقله الذي يحـ جمه وترك العنان لقلبه أن يسعى لقربها حين
جـ ذبها عنـ وة إليه متسائلًا بمكر
يستـ حـ س به شعورها:
-اسمي دي غيرة...
برقت عيناها واشـ تعل وجـ هها تستغرب كيف تجـ رأ لذلك الحد و حاو ط خصـ رها ورغم ارتباكها لملمت حروفها تدافع بها عن اسبابها وهي تحاول فـ ك أسر ها:
- كل الحكاية إني مراتك وحتى لو بشكل صوري بس من حقي تقولي تفسير
شـ دد اكثر يرفض إفلاتها ثم
قر بها منه اكثر وأخذ يشـ ملها بعيناه الضيقة لثوانِ كادت
تفـ قدها أنفـ اسها ومعها
مقاو مة جـ سد ها، فكانت الطبول تكاد تشـ ق صـ درها من شدة صخبها وحتى سا قيها الخائنة خا رت بها وكأنها لم تستطيع حـ ملها وبدل أن تدفعه وجدت ذاتها تتمـ سك بذ راعيه لتحافظ على توازنها ولكنه لم يكن رحيم بها حين ذادها عليها وهمس بحـ رارة أمام وجـ هها:
-اولًا جو ازنا مكنش مشروط ومتفقناش انه يبقى صوري وانا لو عايز حاجة متقدريش تمنعيني
همست بخفوت تجاهد الثبات امام هيمنته الطاغية:
-جايب الثقة دي منين؟
-منك! انتِ اللي أكدتيلي إن جواكِ حاجة ليا
قال أخر جملة وهو يضغط على حروفها بثقة جعلتها
ترفرف بأهدابها لعدة مرات تحاول استيعاب ما نطق به وإن فعلت زاد ارتباكها وكرد فعل تلقائي نفت برأ سها، ولكنه لم يصدق فكل إنـ ش بها منحه صدق جوابها، فقد مـ ال كل
المـ يل عليها يهمس من جديد ولكن تلك المرة أكثر خطـ ورة و شفـ اهه
تلامـ س صفحة وجـ هها لتصيبها بقشعر يرة لذ يذة نفـضت جـ سد ها:
-كدابة...كل حتة فيكِ فضحتك
بالكاد كانت تستطيع تنظيم
انفا سها حين حاولت دفـ عه ولكن لم يتأثر بل صعد لعيناها المغلقة يضع قُبـ لة عليها مستفيضًا بنبرة تحمل الكثير لها:
-عينك اللي بتلمع لما تشوفني
لينزل بشفـ اهه لوجـ نتها
ويضـ ع قُبـ لة مطولة مُتابعًا:
-خـ دودك اللي بتحمر لما بكلمك
ليُكمل مسيرته وهو يُشـ دد على جـ سد ها وليل عيناه تهـ يم نجومه مع إنعكاسها:
-جـ سمك اللي بيتنفض لما
بقر بلك
خا رت مقاو متها على الأخير فلا تعلم أين ذهبت ردات فعلها ورغم انه كشف ستارها وانتظر تأكيدها إلا ان لم يسعفها شيء لا
جـ سد ها ولا لسا نها حين مـ ال على
ثغـ رها ببطء كالمغـ يب بحُسنها وهمس بثاقل وهو يلامـ س
شفـ اهه بشفـ اهها:
-شفايـ فك اللي شبه الفراولة اللي بتترعش وسط الكلام وبتقطـ ميها بسـ نانك لما ترتبكي
كانت مغيبة تحت وطأة هيمنته الطاغية عليها، مستسلمة بين
يـ ده بشكل أثا ره بشده وأجـ ج به تلك المشاعر الكامـ نة التي كان تمهيد لها أن يرتـ شف الترياق من بين رحيقها فكادت شفـ اههم تلتـ حم لولا أن، تأَمر عليه الهواء ودفـ ع باب الشرفة الزجاجي لينفـ ضها بين يـ ده ويُحضر عقلها فقد تقهقهرت تطالعه بنظرات خجلة، زائغة تنم عن بعثرة كيانها ودون ان تعقب
ضـ مت مأذرها على جـ سد ها وفرت ركض عائدة للغرفة، تاركته يلعـ ن باب الشُرفة و يلعـ ن معه حظه العسر الذي بخل عليه بترياقها.
❈-❈-❈
بعد بعض الوقت كانت هي متكورة على ذاتها تدعي نومها حين دلف هو للغرفة يلقي بتلك المنشفة التي جفف بها شعره فبعد فرارها د س ر أسه تحـ ت صنبور المياه الباردة على أمل أن تخفف وطـ اة تلك النيران
المُـ ستعرة التي نشبت به بفضلها فقد طالع إدعائها لبرهة قبل أن يتمـ دد جو ارها فيقسم انه حاول جاهدًا أن يقا وم قر بها ولكن يبدو أن جـ سد ه يفقد السيطرة حين يتعلق الأمر بها، فكانت تواليه ظـ هرها حين كبل خصـ رها وجـذ بـ ها ليضـ مها. شهقت هي بخفوت وانتفض
جـ سد ها ولكنه همس مهدئاً بالقرب من أُذنها:
-ششششش متخافيش يا "شمس" وسيبيني انام وانا حضـ نك نفسي احـ س بقر بك اكتر
تلجـ م لسا نها وخا رت مقا وماتها أمام كلماته التي لامـ ست أوتارها وتلاعـ بت بنعومة على بواطـ ن قلبها، فما كان منها غير أن تستسلم لتلك الهالة الأمنة التي يحيطها بها، بينما هو كان
كالمغـ يب ير وقه بشدة قر بها واحـ توائه لجـ سد ها وبين الحين والآخر وقبل أن يغلبه سلطان النوم كان يغـ مس أنفه في شعرها ينتـ شي من روعة عبيرها ويدعوا الله بداخله أن يصمد قلبه في عشقها.
❈-❈-❈
ليلٍ لا ينتهي ساعاته كا العقارب تلدغ قلبها، تنتظر خيوط النهار كأنها بزوغ آمالها.
واثناء استـ لقائها فُتح الباب وظهرت أحد الممرضات المناوبات لكي تتفقدها و تقوم بعملها، لتعتدل تشرأب بر أسها وتتسائل مترقبة:
-هو محدش جه سأل عليا
اجابتها والفضول يقطر من حديثها تود أن تعلم صِلته بها:
-لأ مفيش غير الاستاذ اللي جابك وكان هيتجنن عليكِ شكله بيعزك اوي هو قريبك
احتل الإحباط وجـ هها
واسـ تلقت من جديد بجـ سد ها تُفسر لها بحالة من الغباء يرثى لها:
- اخو جـ وزي
لو ت الممرضة فمـ ها تتهكم على وضـ عها:
-ولما اخوه خايف عليكِ كده اومال هو هيخاف عليكِ إزاي
حانت منها بسمة متألـ مة وعقبت بسخرية مريرة على حديثها:
-يخاف...ده مسألش عليا لغاية دلوقتي وشكله كان نفسه يخلص مني.
-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ربنا يصلحلك الحال
استبشرت بدعوتها وتسألت بفـ م يرتعـ ش تقا وم بكائها:
-هو انا هخرج امتى؟
-الدكتور قال يومين ويكتبلك على خروج
حقًا كانت تشـ عر بالشفقة على حالها فمن يستمع لسؤالها يقول أنها تعافت من النبـ ذ و لديها احبة في انتظارها.
فكانت غارقة في افكارها وتمر أمام عيناها ذكرياتها لحين تابعت الممرضة حديثها وهي في طريقها للباب:
-بس نصيحة لازم تتابعي مع الأخصائي النفسي بعد ما تخرجي علشان متغلطتيش وتضعفي وتكرري العَملة دي تاني
حركت "بسمة" رأ سها وإن غادرت الممرضة غرفتها، غامت عيناها وضـ اقت انفا سها تدرك أن الجميع محق إلا هي فقد أخطأت و ضعفت وتركت شيطانها يغشى على بصيرتها ويقنعها أن المـ وت أهون لها،
وقبل أن تستسلم لنوبة جديدة من بكائها نهضت بضعف من الفراش تفتح زجاج تلك الشرفة المُطلة على الشارع الرئيسي تدخل بعض الهواء النقي لرئتها، وإن فعلت وجالت محيط المكان بعيناها هيأ لها عن بُعد أنها رأته ولكنها لم تدقق واستبعدت الأمر قبل أن ترفع نظراتها المنكسرة تطالع السماء تبدي ندمها بعيون يلتمع دموع الخـ زي بها:
-سامحني يارب
فكانت تدعو ربها أن يغفر لها طالبة على استحياء العَون والسَند غافلة تمامًا عن ذلك البائس الذي كان يجلس على احد الارصفة أمام المشفى ويشاهد وقوفها وهو يشفق على حاله قبلها، فقلبه الخائن اجبره رغم افعالها أن لا يغادر حيز وجودها.
❈-❈-❈
صوت رنين هاتف اقلق منامها لتتململ في الفراش قبل أن تفتح عيناها وتدرك أنها بالفراش وحـ دها، فكانت تشعر بالخواء بعد اكتـ مالها فأين ذهب وأخذ معه دفئه وهالته الآمنة! تأهبت
بعيـ ناها تبحث عنه في محيط الغرفة ولكن بلا جدوى لتعتدل جالسة تنظر للهاتف الذي يلح رنينه وتدرك انه ذاته من منحه لها سابقًا وتركته قبل رحيلها. تناولته من فوق الكمود تطالع شاشته المتزينة بأسمه الذي إلى الآن تخجل من نطقه وكأنها
تتخـ وف من حروفه تفضح عِشقها
وضغـ طت على شاشته تجيب منـ دفعة بصوت عكس إحباطها:
-انت فين؟
غاب رده برهة قبل أن يجيبها:
-في الشغل وطالع مأمورية انا قولتلك امبارح
لعـ نت اند فاعها فكيف تناست وهو بالفعل قام باخبارها، وكيف ايضًا اطالت بالنوم على غير عادتها و لم تشعر به حين غادر لتتنهد محبطة وتذكر اسبابها:
-نسيت
خمن على هيئة سؤال السبب الحقيقي خلف تغير صوتها:
-نسيتِ ولا اضايقتي علشان مصحتيش لقتيني؟
صمتت ولم تعقب وحين غاب ردها و لم يصله سوى صوت
انفـ اسها، تسائل من الطرف الآخر:
-"شمس" ساكتة ليه؟
اجابت على سؤاله وكأنها كانت بحاجة أن تستغرق وقتها:
-الاتنين
استمعت لصوت تنهيدته من الطرف الآخر وتبعها قوله بنبرة صادقة لامـ ست شغاف قلبها:
-انا كمان اضايقت إني سيبتك الصبح والغريبة ان عمري ما
حـ سيت إني محتاج قرب حد زي ما حـ سيت معاكِ
وتعرفي كمان إني اول مرة انا م مرتاح كده
اتسعت البسمة على ثغـ رها و وميض لتقا ربهم بالأمس و
لاحتـ ضانه لظـ هرها يمر أمام عيناها ليقشـ عر بد نها ويلـ جم لسا نها ليتابع هو بمغزى ماكر لم يستوعبه عقلها:
-على فكرة لسه كلامنا مخلصش
-وانا لسه عندي فضول اعرف بقية الحكاية
طال صمته بشكل مريب جعلها تخمن انه لا يود الحديث عن الأمر اكثر ورغم فضولها التي لا تستطيع كبـ حه غيرت سير الحديث متسائلة:
-هترجع امتى؟
-احتمال كبير اتأخر وعايزك تتعودي أن شغلي مفهوش مواعيد
-ربنا معاك...
-انا حطيت التليفون جنبك علشان لو احتجتي حاجة تكلميني اوعي تترددي
اجابت بطاعة ترو قه بشدة ولكن ليس بمقدار عنادها:
-حاضر
-لا اله إلا الله
-محمد رسول الله
كان من المفترض أن يغلق الخط بعدها ولكنه همس بصوته العميق الذي يستقر بالأعماق باسمها:
-"شمس"
-نعم
صمت لهنيهة ثم نطق بنبرة صادقة لامست اوتارها:
-هتوحشيني
تعالى وجـ يب قلبها من تلك الكلمة الصادقة التي اخترقت
دفـ عاتها وبعـ ثرت كـ يانها لتتلعثم قائلة على استـ حياء و بحروف بالكاد قامت بجمعها:
-وانت كمان
فور أن نطقت لم يعقب بل سمعت لصوت تنهيداته ومن بعدها انهى المكالمة، لتنظر هي للهاتف بيـ د ها وبسمة حالمة تعـ تلي وجـ هها فأقل القليل منه يستطيع به أن يسـ بر اغوار عِشقها، لتتنهد بعمق قبل ان تنهض تؤدي فرضها وتقرأ وردها من بعدها تبدأ يومها وهي تدعو الله أن يمر الوقت سريعًا ويعود لها.
❈-❈-❈
-يعني ايه الكلام ده يا "بدور" انا لا يمكن اسمحلك تعملي كده
قالتها "شمس" مستاءة من حديث "بدور" الذي قالته اثناء جلوسهم على طاولة الطعام لتناول الفطور، لتتابع "بدور" وتبرر لإقناعها:
-بالله عليكِ ما تزعلي بس انا مش هرتاح غير كده انا مش عايزة اتقل عليكم
تدخلت "ليلى" التي كانت تشاركهم الطعام بنبرة حانية:
-بلاش حساسية زايدة يا بنتي ده بيت "شمس" وكل اللي منها فوق راسـ نا وبعدين ده انتم مونسنا وملين علينا البيت
ربتت "شمس" على يـ دها ببسمة ممتنة لترحيبها بينما ردت "بدور" بأمتنان لها:
-ربنا يخليكِ يارب بيت اصول ويارب يجعله عامر بيكم بس ياست "ليلى" انا مش مرتاحة وكمان مش بحب القاعدة وحاسة إني حِمل عليكم وكفاية لغاية كده كتر خيركم لازم اشتغل علشان اعرف اصرف على الواد واعلمه
عقبت "ليلى" على حديثها الذي يعكس شقائها:
-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم...انتِ مش حِمل على حد يا بنتي بس طالما دي رغبتك محدش يقدر يجبرك على حاجة
ابتسمت" بدور" بود لها بينما "شمس" فقد هزت رأسها دليل على عدم إقتناعها هادرة:
-بس أنتِ ملكيش حد تقدري تقوليلي هتروحي فين وافرضي "صالح" أو "سلطان "عرفوا طريقك
طمئنتها" بدور" برضا تام:
-انا اه مقطوعة ومليش حد بس معايا ربنا وقادر يحفظنا وبعدين متقلقيش انا وصيت الباشا يشوفلي مطرح ايجاره حنين في أي حتة بعيد عن العين وهو وعدني يتصرف في اقرب وقت
انكمش وجـ ه "شمس" مستغربة:
-بس هو مجابليش سيرة انك طلبتي منه كده
بررت "بدور " اسبابها:
-انا قولتله ميقولكيش حاجة وكنت عايزة انا اللي اقولك علشان متخديش على خاطرك مني
زفرت "شمس "انفا سها وحاولت رد عها عن قرارها:
-يا" بدور " انتِ كده بتشتتيني من تاني علشان خاطري خليكِ معايا وإذا كان على الشغل انزلي اشتغلي بس وانتِ وسطنا
نفت "بدور" برأ سها وقالت محرجة من إصرارها:
-بالله عليكِ ريحيني وبلاش تضغطي عليا، وانا اوعدك هاجي اشوفك واجبلك الواد كل كام يوم علشان تطمني عليه ومتقلقيش ربنا هيحفظنا وطالما هنبقى بعيد عن "صالح" يبقى بإذن الله مفيش حاجة وحشة هتحصل
وهنا اسـ ندت "شمس" ظـ هرها أكثر على مقعدها تنظر ل "رامي" الذي يتناول طعامه بهدوء
جو ارها، ورغم عدم راحة قلبها إلا أنها لا تستطيع اجبارها لتتنهد وتزيـ ح تشاؤم افكارها قبل أن تومأ لها دليل على عدم اعتراضها.
❈-❈-❈
كان متسطح على الاريكة حين اتاه صوتها المهلل:
-يا ألف نهار ابيض حمد الله على سلامتك
تأهبت حو اسه ونهض متوجسًا يتوجه لباب الغرفة يشرأب برأسه ليكتشف مع من تتحدث، ليزفر براحة حين وجدها تتحدث عبر الهاتف، ليتقدم بهدوء منها في حين تابعت هي:
-من عنيا...هبعتله يجي وهقوله انك عايزه!
وهستناك بليل... ده وكتاب الله وحشتنا و وحشتنا سهراتك الحلوة
وهنا تسائل بصوته الغليظ يستريب من خلفها:
-بتكلمي مين يا بت؟
انهت هي المكالمة والتفتت
تضـ ع يـ دها بخصـ رها تذم
قمـ يصها البيتي معها تخبره وهي تلـ وك العلكة بشكل فظ للغاية:
-جماعة معرفة وجاين يسهروا هنا الليلة ياريت بقى تورينا عرض كتـ افك
تسائل بذات الغلظة:
-جماعة مين!
رشـ قته بنظراتها واستنكرت سؤاله وهي تهـ ز قد مها دليل على نفاذ صبرها:
-يوه هو تحقيق ولا ايه يلا خلصني وشوفلك حتة تانية
ابتلع رمقه وخفتت نبرته لاستعطافها:
-هروح فين بس يا "فريال" ما انتِ عارفة انا خايف ارجع البيت
-ميشغلنيش يا "صالح" انت قاعد هنا بقالك كتير ولا شُغلة ولا مشغلة وحتى اختك اللي كنت بتاخد منها وتر مي في حجـ ري بــــــــــح يعني ما بقالكش لازمة
عشمها بآمال واهية:
-هجيبلك فلوس يا بت بس اصبري عليا
سخرت منه ببسمة متهكمة:
-هتجبلي منين وانت حتى مزاجك مش عارف تكفيه و "سلطان" اللي كان هيتجوز اختك وكنت غرقان في خيره أَلب عليك
-معلم ايه يا بت انا اختي
اتجـ وزت اللي احسن منه انا هروح للباشا يشوفلي قرشين ما هو جـ وز اختي برضو
واتجـ وزها بلوشي
لـ وت فـ مها وتهكمت:
-روح ده مستحلفلك ويارب
يحـ طك في حديد واخلص منك
شحب وجـ هه من شدة خوفه وقال بنبرة متراجعة:
-طيب شوري عليا يا بت اعمل ايه؟
-اشتغل زي الرجالة
-هشتغل ايه بس ما على يـ دك حتى التاكس باعته
دفعـ ته ليسير أمامها هادرة:
-ميشغلنيش كل ده انا اللي يهمني تغـ ور من هنا ولما يبقى معاك فلوس مش هقفل بابي في وشك
عاتبها يرجو عطفها يقا وم
دفـ عها له:
-كده يا "فريال" مكنش العشم
قلبـ ت عيناها وعقبت بضجر وهي تدفـ شه بعزم ما بها خارج باب شقتها:
-اتوكل بقى ومتوجعش دماغي
فور أن انهت جملتها وخطى خارج عتبة بابها اغلقت بوجـ هه، ليقف هو مشدوه لا يعلم ماذا يفعل ولا اين يذهب فبعد فعلت "شمس "تخوف أن يعود للمنزل كي لا يحتجزه "سلطان" مرة آخرى ويقـ تص منه بسببها وهنا لعـ نها فكان يحيا على استغلالها وما تجنيه من شقائها ولكن الآن قطـ عت سُبلها امامه تاركته يحمل جعبته وحده بكل ثقلها.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميرا كريم من رواية ذنبي عشقك، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية