-->

رواية جديدة لا يليق بك إلا العشق الجزء الثاني لسماح نجيب الفصل 13 - 2

 


 رواية جديدة لا يليق بك إلا العشق الجزء الثاني
من قصص وروايات الكاتبة سماح نجيب



الجزء الثاني من رواية لا يليق بك إلا العشق

رواية لا يليق بك إلا العشق الجزء الثاني

الكاتبة سماح نجيب


الفصل الثالث عشر

الجزء الثاني


العودة للصفحة السابقة

❈-❈-❈



كورت سهى قبضتها ووضعتها بفـمها وقضمتها بغيظ ، لعلها تفرغ تلك الشحنة العارمة من الغضب ، فذلك الأحمق ربما سيتسبب فى رسوبها بالدراسة نظراً لتفكيرها الدائم بأمر زواجها المرتقب ، تتمنى لو كان ذلك حلماً أو كابوساً وتفيق منه تجد نفسها حرة ولا يوجد شاب بحياتها يدعى عمرو ، فما أن تذكرت إسمه ، تمنت لو كان أمامها الآن وتقوم بخلع أسنانه وأنيابه ولتجعله هو أول مرضاها وتمارس عليه مهنتها التى مازالت بالسنة الدراسية الثانية منها ، ولولا ذكاءها وحبها لدراستها لما كانت إستطاعت تأدية إختباراتها والتى بدأت منذ بضعة أيام ، فكل يوم يمر عليها ويقربها من يوم زفافها الموعود ، يثير بنفسها الإنقباض وتتمنى لو أن يتوقف بها الزمن ، حتى لا يأتى ذلك اليوم الذى ستزف إليه وتصبح له زوجة


بسطت ذراعيها على مكتبها الصغير وألقت برأسها عليهما وحدقت بأحد جدران غرفتها ، ولكن سمعت رنين هاتفها الموضوع على حافة المكتب ، بالبداية تأففت من سماع رنينه المتكرر ، ولم تشأ أن تعتدل لترى من يهاتفها ، ولكن الرنين المستمر جعلها بالأخير ترفع رأسها المثقل ورفعت الهاتف بفتور ، ولكن ما أن رآت إسم من يهاتفها ، إنتفضت من مكانها حتى كاد يسقط الهاتف من يدها 


فتحت الهاتف ووضعته على أذنها وهى تصيح بإنفعال :

- أخيراً إفتكرت وأتصلت عليا يا عمرو بيه ، دا أنا لو شوفتك هقـ ـتلك 


حاول الحد من إنفعالها وصياحها ، فهتف بها برفق :

- إهدى يا سهى وبطلى زعيق بليز خلينا نتكلم بهدوء ، وبلاش طولة لسان إذا سمحتى 


كزت سهى على أسنانها وردت قائلة بغيظ :

- أنت إيه البرود اللى أنت فيه ده ، يعنى تدبسنى فى الجـوازة وأنت عارف أن أنا مش عايزة أتجـوزك ، وإن خطوبتنا كانت لعبة ، ثم مش يمكن أنا بحب واحد تانى 


نضبت الدماء من وجـهها بعدما أنهت جملتها ، فما كان الداعى لها بأن تقول ما قالته ، خاصة أنه ليس بحقيقة ، ولكنها تريد قول أى شئ يستطيع إنقاذها من تلك الزيجة 


فتمتم عمرو بحدة ودهشة خفيفة :

- بتحبى واحد تانى ! ويبقى مين ده ، يبقى زميلك اللى شوفته فى الكلية ؟


جاءها سؤاله بإطار الإلحاح وأن تجيبه بسرعة ، ولكن إستطاعت لمـس حدته ودهشته بحديثه ، بعدما علا صوته قليلاً عن تلك النبرة الهادئة التى كان يتحدث بها 


تسلحت بعنفوان مزيف وردت قائلة بكذب :

- أه هو زميلى ده ، والصراحة هو كويس جدا ، يعنى على ما نخلص دراسة هنكون مناسبين لبعض ، وهكون اتأكدت من مشاعرى ناحيته


إستطاعت زعزعة هدوءه بتلك الأكاذيب التي أخبرته بها ، وظنت أنه سيبدى أسفه وينسحب من حياتها بهدوء ، ولكن قوله الذى أخترق مسامعها هدم أمالها ، إذ سمعته يقول بإصرار لا مثيل له :

- طب إسمعينى أنتى بقى ، فرحنا فى ميعاده ومش هرجع فى كلامى ولا إن أقولك اه أنا أسف على اللى عملته وربنا يسعدك مع اللى قلبك اختاره ، دا فى المشمش الكلام ده ماشى يا سهى 


صاحت بإنتفاضة قوية بعد سماعها لحديثه :

- لاء إسمعنى أنت بقى يا قمور ، مفكرنى هخاف منك وأنك تتجـوزنى غصب عنى وجو الأفلام والروايات السايكو دى ، لاء يا بابا دا انا اهد الدنيا على دماغك قبل ما تفكر أنك بس تمشى كلامك عليا وأتقى شرى أحسن ليك ، أنا بس اللى مسكتنى إن مش عايزة بابا يتصدم فيا وإنه يرجع يفكر يجـوزنى لحاتم إبن عمى أو أى حد تانى ، لكن شغل البنت الضعيفة والشاب اللى بيمسكها من دراعها اللى بيوجعها ده مبياكلش معايا ، دا أنا ممكن أبقى زى العضمة فى زورك متبلعش ولما تبلعها متتهضمش ، فاهم يا عمور القمور أنت 


- سهى أنا بحبك

قالها عمرو بعفوية رافقها تنهيدة قوية ولا يعلم كيف أنطلقت العبارة من بين شـفتيه ، أو لم قالها الآن وهو لم يصرح بها بينه وبين ذاته التى مازالت تتخبط بين نيران الماضى ، ووهج الحاضر ، وبريق المستقبل الذى يأمل بأن يحمل له الدواء لكل ألامه الماضية والحاضرة 


لو كان حاضراً أمامها الآن ورآها وهى واقفة جاحظة العيـنين وفاغرة فاها ومتحجرة بوقفتها ، سيظن أنها تحولت لتمثال حجرى بلمـسة واحدة من عصى سحرية ، وعندما طال صمتها ، أعاد جملته يضمنها حلاوة ذلك الشعور الذى يزوره لأول مرة :

- سهى أنا بحبك ، أنتى مش سمعانى ؟


كيف لم تسمعه وعبارته أخترقت أذنيها كصدى الطلقات النارية ، جف حلقها وردت قائلة بصدمة :

- ببتحبنى إزاى يعنى ، ولا أنت بتقول كده علشان تضحك عليا وتتجـوزنى بجد 


زفر عمرو بتأفف ورد قائلاً بسماجة :

- وأنا إيه اللى يغصبنى أضحك عليكى ، ما أنا بإمكانى أتجـوز أجمل بنت فى إسكندرية ومش إسكندرية بس فى أى مكان فى العالم ، هو أنتى شيفانى متحبش يعنى 


ستكون عمياء وبلهاء إذا صدقت أنها لن يكون بإمكانها أن تشعر بإنجذابها إليه ، خاصة أنه شاب ثرى ووسيم ، وبإمكانه الحصول على أى فتاة يريد ، ولكن طباعه التى علمتها هى دون قصد منها ، تجعل أى فتاة تتحلى بالقليل من الذكاء ، ستختار الإبتعاد عن محيطه الشائك والمحاط بأسوار الخوف والخطر


ردت قائلة بإندفاع :

- حتى لو أنت حلو وغنى كفاية أنك مدمن وشغال فى عصابة وبتكسب فلوسك من الحرام 


صرخ عمرو عبر الهاتف وهو يقول بنزق :

- قولتلك أنا بطلت زفت مخدرات ومبقتش مدمن ولا بشتغل فى عصابة خلاص كل ده أنتهى مش عايزة تصدقى ليه ، بس أقولك أنتى أصلاً اللى واحدة عندها تخلف فى كلامها ومشاعرها ، وأنا اللى غبى إن ملقتش واحدة غيرك أحبها 


سمعت صوت تتابع أنفاسه كمن كان يركض بطريق طويل ، ورغماً عنها دمعت عيناها ، ولم تعلم ما الداعى لدموعها الآن وهى من تحاول قطع حبال الود بينهما ، إلا أن عاد مستطردًا حديثه بعد ثوانٍ معدودة :

- مش عارف كل ما أحاول أقربلك خطوة تبعدينى عشرة ، أنسى بقى عمرو القديم اللى قابلتيه أول مرة شيلى الصورة دى من دماغك ، دا ربنا غفور رحيم وبيسامح وبيدى الإنسان فرصة تانية فى حياته ، ليه أنتى بخيلة كده ومش عايزة تدى نفسك وتدينى فرصة تانية ، أنا مش حابب نتجـوز وأنتى تكونى مغصوبة على الجـوازة أنا عايزك برضاكى ويمكن اللى خلانى احول موضوع خطوبتنا المزيفة لجواز حقيقى إن فعلاً حبيتك يا سهى إفهمينى بقى 


- أنا خايفة يا عمرو

تمتمت بها سهى دون مواربة أو محاولة منها أن تدارى خوفها الذى كاد يسحق قلبها 


فأسرع عمرو بالرد قائلاً برفق ولين :

- خايفة من إيه بس يا حبيبتى ، لو عايزة الضمانات الكافية اللى تخليكى تطمنى ، أنا مستعد أكتبلك نص ثروتى 


أخذت سهى نفساً عميقاً وقالت بغصة :

- وهى ثروتك وفلوسك دى هتعوضنى عن كسرة قلبى لو حبيتك وأنت طلعت متستاهلش الحب ده ، ولا هتعوضنى لما أرجع بيت أهلى وشايلة لقب مطلقة وأنا لسه سنى صغير وياريت هبقى راجعة زى ما خرجت من البيت ، لاء راجعة مطلقة وخسرانة كل حاجة 


فكر عمرو فى إيجاد حل لصرف خوفها ، وبعد هنيهة رد قائلاً بإقتراح :

- طب لو اتجـوزنا وعيشنا مع بعض فترة لحد ما تتأقلمى على الوضع وتشوفى بنفسك إن أنا أتغيرت وتثقى فيا ، يعنى هنبقى كأننا لسه مخطوبين ، بس هتبقى عايشة معايا وتعرفينى كويس ، لأن لو قولت لباباكى نطول فترة الخطوبة تانى مظنش أنه هيوافق لاء هيفركش الجـوازة ، قولتى إيه 


لو كانت تتخلى بذرة من الذكاء لرفضت عرضه المغرى ، ولكن شعورها كأى فتاة تسمع كلمة الحب الأولى ، وترى دفاعه المستميت عن نقاء حبه لها ، جعلها تعلن موافقتها مع إبداء بعض الشروط :

- ماشى أنا موافقة بس بشرط أنت هتقعد فى أوضة وأنا فى أوضة ومتقربش منى ولا تلمـسنى غصب عنى ، وتسيبى أروح الكلية وأركز فى دراستى ، ومش عيزاك تضغط عليا علشان أحبك ، يعنى سيبنى أنا لحد ما أعرف إذا كنت هحبك ولا لاء ، يعنى بلاش إستعجال ماشى


رد عمرو موافقاً :

- ماشى يا سهى هنفذلك كل طلباتك ومتقلقيش وزى ما قولتلك أنا برضه هأمنلك مستقبلك وهحطلك مبلغ كبير فى البنك 


لم يكن المال يعنيها ، قدر إهتمامها بألا تخفق بتلك الزيجة ، فهى لا تريد أن تتزوجه ويعودان وينفصلان وتخرج من تلك العلاقة محطمة القلب ، خاصة أن عقلها بدأ يهيئ لها كيف ستكون الحياة بقربه وستتحالف وسامته مع الظروف المحيطة وجعلها تلقى أسلحتها مبكراً ، فخطر الوقوع بحبه ، أكثر خطراً من إلقاء نفسها وسط النيران ، حتى وإن كانت من قبل شعرت بحب المراهقة ، إلا أن الأمر سيكون مختلفاً تلك المرة 


أغلق عمرو الهاتف وإبتسم بإتساع بعد إنهاء المكالمة على نحو مُرضى لكلا الطرفين ، وربما إقتراحه هو الأنسب والأفضل فى ذلك الوقت ، حتى ينتهى من علاجه النفسى ، وأن يبدى لها حسن نواياه مثلما أخبره إمام المسجد ، فمازالت نصيحته ترن بأذنه ، من أنه إن لم يكن على إستعداد كافِ لبدأ حياته الزوجية ، لابد له من أن يتريث حتى لا يتسبب بظلم لزوجته ، وربما وجود سهى قريبة منه ، سيساهم ذلك فى أن يبرأ سريعًا ويكون لها زوجًا مثلما يريد ويتمنى ، ولا ينكر أن إقتراحه سيدر عليه بفائدة من أن يرى أنثى تشاركه حياته ، يستطيع الإقتراب منها أو لمـسها وقتما يريد ، وسهى ربما إختياره الملائم كونها فتاة ذات طباع شرسة ولا تقبل الخضوع والخنوع بسهولة ، وهذا ما بحاجة إليه ، وهو أنها لن تعلن عن إستسلامها السريع ، بل ستأخذ وقتها الكافى ، وبذلك تعود عليه المنفعة من أن يكمل علاجه النفسى ، حتى يستطيع عبور أى حاجز بإمكانه أن يحول بينه وبينها 

❈-❈-❈


لم يجد مفر من العودة لممارسة مهنته بمشفاه ، عوضاً عن الجلوس بالقصر ويرى أباه يضيق عليه الخناق بكل غدوة وروحة ، فبعدما تم إحتجازه بالإسكندرية بأمر منه ، ولم يكتفى بأخذ جوازات السفر ، بل زاد بالأمر وأحبط مخططاته فى الحصول على جواز سفر جديد ، أخبر ميس بأنه سيعود للمشفى مرة أخرى ، وعلى الرغم من ضيقها منه لأفعاله بحق زوجته والجميع إلا أنها أبتهجت بذلك ، حتى يكون لديها الوقت الكافى لإصلاح أمورها الخاصة مع عمران ، فبوجوده تستطيع ترك مهام إدارة المشفى له مثلما كان من قبل ، بل ويستطيع هو أن يديرها بقبضة من حديد ، لعلمها بجديته فى العمل ، وأن العاملين بالمشفى يخشون إثارة غضبه إذا قصر أحد منهم بتأدية مهام عمله 


وضعت أمامه كافة الأوراق الخاصة بإدارة المشفى بالعاميين الماضيين ، ليكون على علم ودراية بما حدث أثناء غيابه ، وظلت معه بغرفة المكتب حتى تجيبه على كل أسئلته التى لم يكف عن طرحها كلما طالع ورقة من أوراق ذلك الملف الموضوع أمامه ، رفع راسل حاجبيه تزامناً مع زم شفتيه دلالة على إعجابه بما أحدثته ميس من إنجازات أثناء توليها إدارة المشفى 


أغلق راسل الملف وضم كفيه قائلاً بإعجاب :

- دا أنتى عملتى إنجازات فى المستشفى خلال السنتين دول مكنتش عارف أنك مديرة شاطرة كده


عدلت ميس من ياقة رداءها الطبى وقالت بزهو مصطنع :

- دى أقل حاجة عندى ، دا سنتين كمان وكنت دخلتلك المستشفى دى موسوعة جينس 


ضحك راسل من مزاحها ولم يصدق أن من فعلت كل ذلك ، هى بذاتها إبنة شقيقه الرقيقة والمدللة ، ولكن ربما ما حدث لها وعلم هو به كان سبباً فى حدوث كل هذا ، فهى وحياء متشابهتان بذلك الأمر ، الذى صنع من كل منهما فتاة أخرى ، إحداهما كانت تدير مشفى بأكمله ، وأخرى كانت تدير أعمال العائلة 


رمقها راسل متسائلاً بحذر :

- ميس أنتى مش ناوية ترجعى لجـوزك ؟


لم تفهم ميس سر او مغزى سؤاله خاصة الآن ، إلا أنها أجابته بصدق :

- لاء ناوية بس لما أحـس إن خلاص أقدر أرجع أعيش معاه زى الأول ، لأن اللى حصل مكنش سهل على الأقل بالنسبة ليا ، وإحنا تقريباً دلوقتى متفقين على أننا نبدأ من جديد ، بس بتسأل السؤال ده ليه ؟


أسند راسل ظـهره لمقعده وزفر زفرة مطولة ورد قائلاً بتيه :

- مش عارف سألتك ليه جايز علشان مش عايز أكون أنا وأنتى فشلنا فى جـوازاتنا


أعقب حديثه بإبتسامة حزينة ، لن يعلم دلالتها إلا من كان قادراً على قراءة تعبيرات وجهه التى أختزنت الألم كأنها جعلته حكراً عليه 


نقرت ميس على سطح المكتب نقرات خفيفة وهى تقول بإستياء طفيف :

- طب أنا سيبت عمران علشان اللى حصل كان وقتها صعب أن أسامح فيه ، أنت بقى سيبتها ليه ، أو أتجـوزت ليه ، قدرت إزاى أصلاً تعمل كل ده ، أنا لو منها مكنتش إكتفيت بقـ ـتلك ، أنا ست وحاسة بيها ، يعنى إيه تشوف جـوزها اللى بتحبه مع واحدة تانية ، دا أنت جبار يا راسل ، وشوف على الرغم من أن بحبك إلا إن أنا مضايقة منك ومش قادرة أستوعب اللى أنت عملته 


أغمض عيـناه وترك لأذنيه مهمة سماع حديثها المقتضب ، وليس هذا بشئ جديد ولكن سمعه تقريباً من عائلته بأكملها ، فكلما يراه أحد منهم يسمم أذنيه على أنه فعل ذلك بزوجته ، وكأن حياء صارت تمتلك جيشاً مدافعاً عنها ، فى حين أنه هو فقد حتى دعمه الوحيد ، الذى كان متمثلاً بخالته وفاء ، فمنذ مشادتهما الكلامية وصفعها له وهى صارت تتجنبه ، كأنها لم تعد تطيق رؤية وجهه قبل أن يُصلح أموره مع زوجته


بعدما سكتت ميس عن الكلام ، فتح عيـناه وأنحنى للأمام ونظر لهاتفه يقرأ نص تلك الرسالة التى وصلت إليه ومن ثم وضع مرفقيه على حافة المكتب قائلاً ببرود وإستياء كأنه تلقى نبأ غير مستحب :

- أنا بقول نقوم نشوف شغلنا بدل الهرى ده كله 


رفعت ميس حاجبها ونظرت إليه بطرف عيـنيها ، ومن ثم قالت وهى تترك مقعدها :

- ما أنا بقول كده برضه ، أحسن ما تجبلى جلطة من برودك ياراسل أعوذ بالله أنا مشفتش برود كده 


تمتمت ميس بجملتها ولم تكتفى بذلك ، بل أخرجت له لسانها لتغيظه ، وما أن سمعت رنين هاتفها وأخرجته من جيبها ورآت إسم عمران ، إبتسمت إبتسامة وضاءة وتركت غرفة المكتب لتجد مكان تتحدث فيه مع زوجها بُحرية 


نقر راسل بالقلم على سطح مكتبه عدة مرات ، قبل أن ينفخ بضيق ويلقيه من يده ، فخرج من غرفة المكتب لعله يجد شئ يلهيه عن كثرة التفكير الذى سيودى به فى النهاية لفقدان عقله ، مر بين أقسام المشفى وأصدر تعليماته بشأن بعض المرضى بغرف الإفاقة ، وبعدما أنتهى يومه بالمشفى عاد للمنزل 


ما أن ولج للبيت لمح غرفة المعيشة الكبيرة الخاصة بمجلس أبيه الدائم بها حركة غير معتادة ، بعدما رأى حياء تقترب بكوب ماء من رياض ، فخشى أن يكون عاد وأصابه مكروه ، فهرع ناحية الغرفة ووقف على أعتاب الغرفة متسائلاً بإهتمام :

- هو فى حاجة ؟ أنت تعبان ولا إيه ؟


نظر تجاهه كل من عاصم وحياء ورياض ، فتعجب راسل من تلك الملامح المشدوهة التى أعترت وجوههم ، وحياء واضعة يدها على وجنتها وتنظر بالفراغ ، كأنه أقتحم جلسة سرية لا يرغبون فى أن يسمع أحد غيرهم ما يتم مناقشته بها


ولكن عاصم الذى حدق براسل رد قائلاً من أثر صدمته مما سمعه من حياء عندما أخبرته بشأن أدم :

- أنا طلع عندى إبن شاب واسمه أدم ، بيقول إنه إبنى من لحمى ودمى


أشفقت عليه حياء من صدمته مما سمعه منها ، فهى لم تستطع كتمان الأمر عنه وعن رياض ، لذلك أصرت على أن تخبرهما هما فقط على أن يجدا حل لذلك الأمر ، ولم تنسى صيحات الدهشة والصدمة التى أنطلقت من فمه وفم عمه بعدما سماعهما بما تفوهت به 


حرك راسل رأسه قائلاً بعدم فهم:

- عندك إبن إزاى يعنى وخلفته أمتى ده ، دى تلاقيها إشتغالة من واحد عايز ياخدله قرشين منك أو من رياض باشا 


طافت حياء بنظراتها بينهم وردت قائلة ببرود كسبيل لإغاظته :

- على فكرة هو مش فقير دى غنى ومشهور كمان وهو مكنش أصلاً عايزنى أقول لحد ، بس هو قالى أنا علشان المفروض إن أبقى مرات عمه ، يعنى مبروك يا راسل جالك واحد هيقولك يا عمو غير ميس ، وأنت مشوفتهوش هو وسيم إزاى وشاب تقريباً ليه معجبين بالملايين ، حتى لو ركزت فى ملامحه هتلاقيه فى شبه من باباه


رغم علم عاصم بتلك الأهوال وأبواب الجحيم التى ستفتح بوجهه إذا صح قول حياء وكان له إبن ، إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يسألها بنبرة مختلجة بالفضول مع شئ قليل من الإنكار بحقيقة ما سمعه :

- معقول يا حياء هو أدم ده زى ما بتقولى عليه كده ، دا على كده هو دلوقتى سنه معدى الخامسة وعشرين سنة يعنى تقريباً أكبر منك بكام شهر ، طب هو فين دلوقتى ، وليه محاولش يقابلنى ويقولى أنا بدل ما يقولك أنتى ، وليه فضل ساكت السنين دى كلها هو وأمه لو فعلاً زى ما بيقول إنه أبنى  


أجابته حياء وهى مازالت تنظر لزوجها الذى إمتقع لونه من حديثها ، فردت قائلة بأسف :

- للأسف هو سافر فرنسا تانى بعد ما خلصت حفلاته هنا وقالى على الموضوع ، يعنى لو هو زى ما راسل بيقول بيشتغلنا كان زمانه جالكم هنا وحاول يقابلكم ، بس هو قالى أنه مش حابب يسبب مشاكل لحد لأنه عارف أنك ملكش ذنب فى أنه اتولد فى الظروف دى ، وعلشان كده سافر على فرنسا تانى 


بدا كل منهما أنه يفكر بذلك الأمر حسب أهواءه وما يخدم معتقداته ، إلا أنها لا تعلم سر ذلك الشعور بإنها إستطاعت إفساد مزاج زوجها ، ولن يعود هو الشغل الشاغل لتلك العائلة ، بل ستتجه أنظار الجميع حول من يكون ذلك الشاب الذى من المفترض أنه فرد جديد ينتمى لتلك العائلة برابط دم ونتاج مكيدة وخدعة حصلت فى الماضى ، لعل ذلك يعيده إلى حجمه الطبيعى ، عوضاً عن ممارسته بروده وغروره كطاووس تفرد بأن يستقطب فكر وأنظار الجميع إليه 


وتجلت سعادتها على وجـهها بسماع قول رياض وهو يقول برصانة وحزم :

- يبقى أدم لازم ييجى هنا ونعرف إذا كان إبن عاصم ولا إيه حكايته بالظبط ، لأن لو طلع فعلاً شايل دم النعمانى ، يبقى القصر ده وإسم العيلة أولى بيه ، لو تعرفى توصليله يا حياء بلغيه ييجى فى أقرب وقت علشان عايز أقابله وأعرف إذا كانت عيلة النعمانى ليها حفيد جديد ولا لاء

 يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سماح نجيب من رواية لا يليق بك إلا العشق، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية و حكاية


رواياتنا الحصرية كاملة