رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني - هدير دودو - الفصل 18
قراءة أنين وابتهاج الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني
بقلم الكاتبة هدير دودو
الفصل الثامن عشر
ظلت عينيها معلقة على ياسين شقيقها تطالعه بعدم تصديق، وقد بدت الصدمة بوضوح فوق قسمات وجهها المذهول، لا تعلم ما سبب عودته الآن؟!
فعندما طلبت منه أن يعود لحضور حفل زفافها رفض على الفور متحججًا بأن لديه العديد من العمل الهام في فرنسا ولم يستطع أن يترك كل ذلك فلماذا عاد الآن؟!
تطلع الجميع حيث تنظر عالمون بوجوده، فنهض عمر مقتربًا منه بخطوات واثقة كعادته اسرعت تلحقه بخطوات شبه راكضة حتى تلحقه، وقفت أمام ياسين ملامح وجه غير مطمئنة قلقة، وكانت هي أول مَن تحدثت تقطع ذلك الصمت السائد بين الجميع، فتمتمت متسائلة بهدوء لم يخلو من التوتر
:- إيه دة ياسين غريبة، إيه اللي جابك دلوقتي؟
طالعها باستنكار لحديثها رافعًا حاجبه إلى أعلى بعدم رضا، ورد يجيبها بلا مبالاه بعدما توجه نحو الأريكة جالسًا يضع ساق فوق ساقه الآخر بكبرياء
:- مفيش يا آلاء الشغل بقى أحسن دلوقتي، جيت اباركلك على الجواز أنتِ وعمر عشان معرفتش اجي الفرح بس شايفك مش مبسوطة يعني.
رسمت فوق شفتيها ابتسامة شاحبة خاصة بعدما رأت نظرات عمر المصوبة نحو ياسين كالسهام القاتلة لا تتمنى اطلاقا أن يحدث أي شجار بينهما، لا تريد ان تُحصر في أي موقف بين شقيقها وزوجها، تعلم جيدا انها ستكون أول المهزومين في ذلك الشجار، لكنها حاولت أن تبتلع ريقها الجاف بتوتر وتمتمت مجيبة إياه بهدوء زائف استشعره الجميع
:- لأ طبعا يا ياسين مبسوطة أكيد، أنا بس اتفاجأت مش أكتر، مقولتش ليه إنك جاي كنت جيت أنا وعمر استقبلتك وأخدتك من المطار.
كان عمر يتابعه بصمت، و نظراته مصوبة عليه بغضب شديد، يعلم جيدًا نواياه الحقيقية؛ لذلك اردف بحدة وصرامة
:- طيب يا ياسين بما أنك رجعت فتعالى معايا المكتب عشان عاوز اتكلم معاك في كم حاجة.
سار خلفه ببرود تحول إلي غضب ما أن اغلق باب المكتب عليهما بمفردهما، ووقف ياسين قبالته يضع يده في جيب سترته بلا مبالاه، فأردف عمر متحدث بلهجة غاضبة مشددة بحزم، ضاغطًا فوق كل حرف يتفوهه
:- غريبه يعني يا ياسين إيه اللي رجعك دلوقتي متقولش عشان آلاء لأنك عارف إني فاهم كويس وخرج آلاء من الحوار لأنك لو كنت بتفكر فيها كنت جيت الفرح.
ضحك على حديثه باستهزاء مما جعل الغضب يزداد و يشتعل بداخل عمر، ثم رد عليه بتهكم ساخرا
:- طب ما فعلا أنا مش جاي عشان آلاء، والاء متهمنيش اصلا، بس أنتَ عارف برضو كويس أوي أنا جاي ليه
سار عمر مقتربًا منه قاطعًا المسافة بينهما مكورًا قبضة يده ثم بدأ يضربه في وجهه بعنف حاول ياسين أن يسدد له العديد من الضربات، لكن عمر كان الأقوى بغضبه المشتعل بداخله.
ابتعد عنه محاولًا تهدئة ذاته رافعًا سبابته أمام وجهه بعصبية ولهجة متشددة وقد برزت عروقه بغضب
:- اطلع برة حالًا عشان مفقدش أعصابي عليك وأنا متعصب وعلى اخري منك.
خرج ياسين وتركه في غرفة المكتب مبتسمًا ياستفزاز جعل غضب عمر يتضاعف ويزداد، خرج هو الاخر متوجهًا نحو خارج المنزل بسرعة البرق شاعرًا أن بداخله بركان من الغضب على وشك الانفجار، ركب سيارته و منطلق بها بغضل متجاهل هتاف آلاء باسمه التي حاولت أن تلحقه وتسير بخطوات شبه راكضة لكنها فشلت وقفت تطالع اثر سيارته التي اختفن من أمام عينيها بأعين حزينة شاردة، ثم توجهت نحو الداخل مقتربة من ياسين تسأله بقلق وتوتر
:- يـ... ياسين هو في ايه؟! إيه اللي حصل بينكم وخلى عمر يتعصب كدة.
طالعها من اعلاها الى ادناها ببرود، ثم رد عليها بلا مبالاه رافع كتفيه إلى أعلى
:- معرفش بعدين أنتِ اكتر واحدة عارفة عمر وعارفة أنه بيتعصب بسرعة من غير ما حد يعمله حاجة ولا هو أي حاجة ياسين بعدين هو دة الاستقبال الكويس اللي قولت هلاقيه منك ومن جوزك.
صمت لوهلة ثم استرد حديثه بمكر شديد بعدما عبست ملامحة
:- فين بابا وماما يجي يشوفوكي وأنتِ بتتعاملي مع اخوكي الكبير كدة وبتستجوبيه عشان جوزك خرج زعلان هي دي آخرة تربيتهم فيكي يا آلاء انا حاولت اعمل حاجة تفرحك لما حسيت إني قصرت في حقك عشان مجيتش فرحك.
اجتمعت الدموع داخل مقلتيها بحزن شديد متذكرة والديها اللذان تحتاج إليهما وإلى وجودهما في حياتها اكثر من احتياجها للهواء الذي تتنفسه، ضغطت فوق يديها بقوة حتى تمنع دموعها من النزول فزق وجنتيها أمامه، ثم ردت مجيبة إياه بخفوت وضعف
:- خلاص يا ياسين معلش أنتَ عارف ان مكانش قصدي أنا بس استغربت لما لقيت عمر خارج وهو متعصب كدة ومشي على طول متزعلش مني.
تدخلت سناء بعدمت رأت الجو المشحون بالتوتر حولها، متحدثة بلطف وهدوء بعدما أشارت له للجلوس بحانبها
:- تعالى بس اقعد يا حبيبي ارتاح من السفر، وهبلغ أي حد يجهزلك اوضة هنا.
شحب وجه آلاء بقلق وخوف فور تذكرها لأمر فريدة تخشى أن يذهب ياسين الفيلا الخاصة بوالديها وازداد قلقها عندما راته يرد على سناء نافيًا
:- لا يا عمتي، مش هكون مرتاح وأنا قاعد هنا.
نعم هو يريد أن يثير غضب عمر بأي شي لكنه إذا فعل ذلك يعلم أن عمر لن يصمت حينها، تمتمت آلاء متسائلة بقلق متوتر
:- طب وأنتَ هتقعد فين يا ياسين، هتقعد في البيت بتاع ماما وبابا؟
رد عليها بلا مبالاه وبرود متعجب من مغزى سؤالها لكنه لم يبالي
:- لأ مش هقدر اقعد في البيت لوحدي، أنا هحجز في أوتيل هكون مرتاح كدة أكتر.
التقطت أنفاسها بارتياح وقد أشرق وجهها من جديد اومﭢت له برأسها أمامًا، بينما ياسين كان مبتسم بمكر شديد لم يعلم أحد مقصده..
❈-❈-❈
أوقف تامر سيارته أسفل البناية السكنية التي تسكن بها بسملة تلك الحبة التي تلونت له بكذبها وحيلها وهو كالأبله صدقها، ترجل من السيارة ثم أغمض عينيه لبضع من الثواني المعدودة محاولًا استجماع ذاته وعقله المشتت بالعديد من الأفكار للأماكن التي ممكن أن تذهب اليها فريدة.
صعد البناية متوجه نحو الشقة التي تسكن بها بسملة متوعد لها بغضب شديد متمني قتـ ـلها هي السبب في كل ما حدث، حاول نفض أفكاره الشياطينية التي تدفعه للقبض فوق عنقها وقتـ ـلها بمجرد فتح الباب له ويرى وجهها الذي أصبح لا يطيق رؤيته أو لمح طيفه.
ضرب الجرس عدة مرات بعنف شديد سرعان ما وجدها تفتح له الباب وكأنها عالمة أنه هو مَن كان يدق فوق الباب، فتحت الباب مرتسم فوق وجهها ابتسامة ماكرة خبيثة تعكس مدى نواياها الحقيقية الذي كان يغفل عن رؤيتها، ثم تحدثت منتصرة تلف ذراعيها فوق عنقه
:- شوفت يا تامر عرفت اجيبك ليا تاني ازاي، أنتَ اصلا يا حبيبي ملكش غيري في الدنيا دي بس مش عارفة ليه مش مقتنع بكدة، فريدة مين دي اللي هتاخدك مني، اصلا يا تامر هي مش بتحبك لو بتحبك كان سامحتك زي مانا هسامحك على الفترة اللي بعدت عني بسببـهـ..
قبل ان تواصل حديثها الثرثار الذي لا فائدة منه ابعدها تامر عنه بعنف شديد مما جعل توازنها يختل بسبب أثر دفعته القوية لها فسقطت أرضًا، بينما هو ظل يرمقها بنظراته الغاضبة والكره يملؤه من جهتها ثم اردف متحدث معها بتحذير وازدياء وحدة
:- كلمة كمان على فريدة وهنسى إنك بت قدامي وهمد ايدي عليكي هخليكي تكرهي اليوم اللي اتولدي فيه، فريدة مراتي وحبيبة قلبي ضفرها بس برقبتك أنتِ وعشرة من عينتك وبحياتك كلها، أنتِ لو آخر واحدة في العالم كله عمري ما هبصلك ولا هرجعلك تاني، أنا بندم دلوقتي ندم عمري و بأنب نفسي عشان كنت فاكر إني بحب واحدة زيك.
شحب وجها بصدمة، غير قادرة على تصديق انها تستمع منه حديث مثل ذلك، لكنها سرعان ما تخطت صدمتها ونهضت تقف قبالتع وهي تضع يدها فوق خصرها ثم اردفت ترد عليه بغضب ووقاحة
:- لأ يا بابا فوق وركز اعرف أنتَ بتكلمني أنا بسملة مش السنيورة الهبلة بتاعتك، و بعدين لما هي ضفرها برقبتي كنت مبهدلها ليه ومش طايق تبص في وشها وبتتكسف تاخدها معاك في اي مكان ليه زي ما قولتلي، وبعدين فوق يا تامر أنتَ فاكر أني ممكن ابصلك لأ يا بابا أنتَ بالنسبالي زي البنك فلوس وبس لكن إني أحبك دة مستحيل وابقى شوف هتلاقي السنيورة بتاعتك ازاي وحتى لو لقيتها فكرك انها ممكن تسامحك دة في أحلامك.
ضحكت بسخرية واستهزاء قبل أن تسترد حديثها مجددًا
:- تبقى أهبل يا تامر لو فاكر أنها هتسامحك دي شافتك بعينها وأنتَ بتخونها معايا يعني انسى انها تسامحك اصلا ختفضل فاكراها طول عمرها، ويلا بقى مع السلامه عشان في الآخر هتلف تلف وترجعلي يا تامر أنا عارفاك كويس.
ظل يرمقها بذهول تام لاعنًا ذاته على غباءه الذي كان يجعله لا يرى حقيقتها الواضحة كوضوح الشمس كما يُقال، نادم على كل ثانية من عمره مضت عليه وهو معها، نادم على جميع الذكريات التي تهاجمه وهي معه متمنى أن يمحيها من حياته وللأبد حتى يرتاح...
نزل من عندها متمني أن يجد فريدة معه وبحانبه مثل كل مرة يكون تائه بها، يريد أن يجدها دائما تقف بحانبه من دون أن يطلب منها ذلك، تهتم به وبكل تفاصيله من دوم أن يخبرها بها، تفهمه من نظرته تفهم ما يريده و ما يحتاجه، كيف كان ساذج إلى هذة الدرجة وضيعها من بين يديه؟!
يريد أن يشرح لها الأمر وسبب مقابلته مع بسملة التي كانت خارج عن إرادته، يريد أن يجدها ويخبرها عن العديد والعديد من الأشياء الذي يكبتها الآن بداخله.
التمعت عيني بسملة بالقسوة والغضب، فمسكت الهاتف الذي التقطت له به بعض الصور بتاريخ اليوم وهو معها الآن، وأرسلتها إلى فريدة مبتسمة ابتسامة شيطانية حتى تؤكد لذاتها استحالة رجوع فريدة له بعد تلك الفعلة الحقيرة، تعلم جيدًا أن من بعد رؤيتها لتلك الصور ستبتعد عنه وتصبح تكرهه وتكره رؤيته تماما..
❈-❈-❈
كانت نغم تجلس في غرفتها تفكر في حالها شاعرة بالندم الشديد بسبب معاملتها الحادة مع آلاء في البداية كانت تغار منها بضراوة وكأنها عدوتها اللدودة لكنها علمت بحقيقتها بعدما تأكدت من نواياها الحقيقية، ولكن للأسف بعدما فعلت بها شئ سئ لم تستحقه، لا تعلم لولا وجودها ماذا كانت ستفعل مع ذلك الشاب الذي كانت توهم ذاتها بأنها تحبه لكن بعد فعلته تلك قد نهى هو على كل الاوهام و الافكار التي كانت تظنها.
شعرت بالفارق شديد بينها وبين آلاء، هي قد ساعدت في أذيتها بينما آلاء فعلي عكسها تمامًا تساعدها الآن في الخلاص من الآذي الذي تتعرض له.
ظلت شاردة مع ذاتها تفكر في صمت حتى دلفت سناء عليها الغرفة فانتفضت نغم واقفة بخوف وكأنها رأت عفريت أمامها، مما جعل سناء تطالعها بريبة وشك بسبب حركتها المباغتة فأردفت متسائلة باهتمام شديد وحنان
:- في إيه يا نغم مالك يا حبيبيتي مش ملاحظة إنك الأيام دي على طول سرحانة وبتفكري كدة، لو في حاجة مخبياها عليا عرفيني؟
لا تعلم لماذا بدأ الشك يزحف بداخلها خوفًا من أن تكون آلاء قد قصت لوالدتها كل شئ؛ لذلك تستجوبها الآن، لكنها حاولت نفض الفكرة من رأسها وردت تجيبها بهدوء زائف يخالطه القلق و التوتر اللذان تشعر بهما في نفس الوقت فقد تسارعت دقات قلبها بسرعة ملحوظة وكأنها تتسابق مع بعضها
:- مـ.. مفيش يا ماما متقلقيش عليا يا حبيبتي أنا كويسة.
ظلت تحاول أن تقنع ذاتها بأن والدتها ليست على علم بما يحدث معها فإذا اخبرتها آلاء بالطبع كانت ستخبر عمر الذي لن يصمت قط بعدما يعلم شئ مثل هذا، اقتربت سناء منها ثم قامت باحتضانها بحنو شديد وظلت تربت فوق ظهرها بحب مبتسمة أمام وجهها بلطف تدعي ربها أن يظل مع ابنتها دومًا فهى عالمة بطيش ابنتها واندفاعها الدائم.
ابتسمت نغم بسعادة شديدة وكأنها كانت تحتاج الى حضن والدتها الدافئ، و كأن ذلك العناق البسيط قد جعلها تكتسب العديد من المشاعر اهمهم ثقتها في ذاتها التي تشعر أنها ستكتسبها من جديد، تشعر بالعديد من المشاعر الممزوجة قد اجتاحتها بعد عناق والدتها لها الذي تشعر انه بمثابة السحر العظيم..
❈-❈-❈
في المساء
كانت آلاء تجلس في غرفتها تحاول أن تتصل على فريدة حتى تطمئن عليها لكن هاتفها مغلق من الواضح أنها لم تفتحه حتى الآن..
تنهدت بعدم ارتياح وضيق لكنها أخفت حقيقة مشاعرها عندما رأت تامر يعود إلى المنزل فهي لم تراه منذ ما حدث، وجدته في حاله سيئة لم تعتاد عليه هكذا، أردفت متسائلة في دهشة تطالع هيئته بذهول وعدم تصديق
:- في إيه يا تامر مالك؟
اسرع يسألها على الفور بقلق شديد من دون ان يعط اهتمام إلى حديثها
:- آلاء متعرفيش فين فريدة؟ أو محاولتش تتصل بيكي خالص؟
ردت مجيبة إياه بجدية وتوتر
:- هعرف منين يا تامر هو عمر حكالي وسألني عليها بس معرفش واتصلت بيها كذا مرة كان تليفونها مقفول، ليه يا تامر تعمل معاها كدة وأنتَ عارف انها بتحبك أنتَ مش قفلت صفحة بسملة من حياتك فتحتها ليه تاني، وبعد ما خلاص بنيت حياة جديدة مع فريدة والبيبي اللي جاي.
تنهد تامر بصوت مسموع ثم تحدث معها بألم ولوعة
:- يا آلاء أنا مش كدة ومتربتش على كدة وأنتِ اكتر واحدة عارفة أنا لما فتحت صفحة جديدة مع فريدة كنت مخرج بسملة من حياتي ومن حساباتي اصلا، لكن هي قبلها بكم يوم كلمتني وكانت عاوزة تبعت كلامي القديم معاها لفريدة فاتفقت اشوفها عشان كدة عشان مش عاوز فريدة تشوف كلامي مع واحدة غيرها أنا يعتبر مقولتش لفريدة كلمة حلوة غير الفترة دي، مكنتش عاوز أنها تزعل ولو بأي سبب من الأسباب يا آلاء، كنت بفكر لو شافت كلامي معاها ممكن متقدرش تسامحني، لكن متوقعتش كل دة يحصل، آلاء أنا حبيت فريدة بجد، حبيتها ومش عاوزها تسيبني فريدة هي الحب الحقيقي اللي كان عمر دايما بيكلمني عنه كل احساس مكنتش فاهمه فهمته معاها، أنا مش قادر اعرف اللي بيني وبين بسملة كان إيه بس والله كل اللي بينا كانت مشاعر مزيفة راحت، لكن كل احساس حسسته مع فريدة كان حاجة جديدة و كأني أول مرة احب.
شعرت بالشفقة تجاهه كانت ستخبره عن مكانها على الفور لكنها منعت ذاتها بصعوبة بالغة لأجل وعدها لها، ردت عليه بهدوء بعدما تجمعت الدموع دتخل عينيها
:- معلش يا تامر هي اكيد هتهدى وترجعلك بس برضو كنت المفروض تفهمها كدة من الأول يا تامر انت مكنتش عاوزها تشوف كلام ما بينك وبين بسمة اهي جت وشافتك انت ذات نفسك مع بسملة اللي هي مقتنعة انك لسة بتحبها حتى لو قولتلها غير كدة هي مش هتفهم كدة يا تامر.
اومأ لها برأسه أمامًا و سار متوجه نحو غرفته لعله يرتاح قليلا قبل أن يعاود بالبحث عليها من جديد، شاعرًا بنيران متأهبة في قلبه خوفًا من أن يكون حدث لها شئ..
قررت آلاء أن تخبر فريدة بكل ما حدث وتجعلها تتحدث معه لتفهم كل شئ منه..
❈-❈-❈
في الصباح...
جلست آلاء مع ياسين في الغرفة بمفردهما كما طلب منها ، حيث أخبرها أنخ يريد التحدث معها بمفردها، اردفت متسائلة بجدية واستنكار وهي نحلس فوق الأريكة بهدوء
:- نعم يا ياسين إيه هي الحاجة المهمة اللي عاوزني فيها!؟
اومأ لها برأسه أمامًا، ثم بدأ يتحدث معها بصوت منخفض ماكر كنواياه السامة، كان يتحدث بخفوت حذر على ألا يجعل صوته يصل الي أي أحد سواها بالرغم من غلقه للباب جيدًا
:- بصي يا آلاء طبعا أنتِ اختي حبيبتي مش هقدر اضحك عليكي ولا أخد حاجة من حقك طبعًا وفلوسك بتوصلك على طول بس انـ..
كانت الاء تستمع إليه بضيق متمنية أن يتحدث معها في شي آخر لكنه سيظل كما هو لا يهمه شئ سوى أطماعه؛ لذلك قطعت حديثه بحدة وجدية
:- لأ يا ياسين اتكلم بصراحة أنتَ عارف كويس انك متقدرش تضحك عليا في جنيه واحد لأن عمر مش بيسكت هو بيراجع كل حاجة تخصني وبيحاسبك عليها عشان متعملش زي ما كنت ناوي تعمل في الأول معايا.
طالعها بضيق متأفأفًا بمكر محاولا اخفاءه، وتمتم بكذب مخادع
:- بقى أنتِ يا آلاء تصدقي أن أنا اعمل كدة، دة أنا اخوكي حبيبك وتهمني مصلحتك بس والله تصدقي أن اعمل زي ما عمر بيقول؟
صمتت لوهلة ثم ردت عليه بجدية حادة بعض الشئ
:- بس عمر مش بيكدب يا ياسين وأنتَ عارف كدة كويس.
استرد حديثه مجددا يرد عليها بضيق، موزع عليها نظرات مليئة بالكره
:- ماشي يا آلاء معاكي حق وحقك ومحفوظ ايه رأيك لو تطلبي مبلغ حلو من عمر و تحوليهولي ودة ليه مقابل حلو هيعجبك، بصي أنتِ هتطلبي من عمر مبلغ محترم كدة هتديهوني و طبعا ليكي نسبة وعمر مش هيسألك حتى الفلوس راحت فين وكل فترة على كدة.
وقفت قبالته تطالعه بذهول غير مصدقة طلبه منها، شاعرة أن الصدمة قد شلت عقلها تماما، لكنها سرعان ما تجاوزت صدمتها وصاحب به بغضب عارم حاد
:- إيه اللي بتقوله دة أنتَ اتجننت خالص ولا إيه؟ عاوزني اسرق عمر، أسرق جوزي لمجرد أنه مش هيسألني هعمل بالفلوس إيه، ياسين أنتَ زبـ ـالة بجد مش عاوزة اشوف وشك تاني عمري ما كنت اتخيل إنك تبقى بالحقارة والقرف دة.
اقنرب منها على الفور والغضب يعصف في جميع خلاياه من حديثها المهين له، رفع يده بقوة وهوى بها فوق وجنتها صافعًا إياها بقوة شديدة جعلها تسقط أرضا وهي غير مصدقة ما فعله بها، قبض فوق خصلات شعرها يجبرها على النهوض، وتحدث بغضب أمام وجهها
:- قسما بالله ما حد زبـ ـالة غيرك يا زبـ ـالة يا **** انتي متستاهليش حاجة اصلا هتفضلي زي ما انتي كل اللي همك الحب وشوية المشاعر والزفت دة، انا هوريكي يا الاء، طبعا لو الكلام دة اتقال لـ عمر هقوله إنك أنتِ مشتركة معايا يا **** أنا متشرفش ان اختي تبقى واحدة ساذجة زيك وملهاش قيمة.
انهى حديثه والقاها أرضًا بغيظ عن طريقه ثم سار بغضب شديد، لم يبالي براسها التي قد التي ارتطمت بالحائط بقوة.
ظلت آلاء جالسة في مكانها أرضًا بضعف تبكي بصوت خافت حتى لا يستمع اليها أحد، بعدما قررت عدم إخبار عمر باي شئ، كيف ستخبره عن نوايا شقيقها؟! بالطبع ستخجل منه فكيف تقص عليه شئ هكذا؟!
بكت بضتف شديد و الألم يصعف في جميع انحاء جـ ـسدها، ولكن بقرارها ذلك قد فعلت اكثر شئ خطأ ستندم عليه بسبب شقيقها الذي سيستغل صمتها لصالحه..
يُتبع
إلى حين نشر فصل جديد من رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني للكاتبة هدير دودو، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية