-->

رواية جديدة جونجان (غابة الذئاب والسحر الأسود) لفاطمة الألفي - الفصل 3

 

قراءة رواية جونجان (غابة الذئاب والسحر الأسود) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية جونجان (غابة الذئاب والسحر الأسود)

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة فاطمة الألفي


الفصل الثالث

"مشاعر مضطربةومقايضة عهد" 



انتفض قلب "سيرين" عندما شاهدت ذلك أمام اعينها وكأنها كانت حاضرة تلك اللعنة، نفضت دماغها بفزع وجلست حائرة في أمرها

اما عن جونجان كانت تختلس لها النظرات بشر ثم هتفت متسألة:

-أين صديقتك الثرثارة والطيار؟

هزت رأسها بعدم علم ولم تستطع التفوه بشيء بعد كل ما رأته داخل عقلها


ولكن تذكرت امر "ماري" التي اختفت فجأة فخرج صوتها مرتجف تتسأل عنها بقلق وخوف من أن يكون قد أصابها ذئب ولم يصلون إليها:

-كُنا نتفقد غياب ماري، إلا تعلمين أينما ذهبت ونحن هُنا محاصرين بغابة الذئاب 

أشاحت وجهها مبتعدة عنها فقد عاد الفتيل يشتعل داخل قلبها ثانيًا فقد خسرت التعويذة التي جاهدة كثيرًا من أجلها ولكن لا تهتم لأمر الفتاة فقالت بصوت غليظ:

-لابد وانها وقعت فريسة الذئاب عندما أشتموا رائحتها 


كانت تدلف الكوخ بذلك الوقت وعندما استمعت لحديث جونجان القاسي عند فقد صديقتهم، خرج صوت بكاءها وصدرت منها صرخة قويّة مزقت أحشاء السكون:

-أه يا ماري اكلتكِ الذئاب المتوحشة يا رفيقتي

-كفى صراخك هذا لا اريد ان اسمع صوت ثم اردفت قائلة بحدة:

-أخبرتكم بأن تظلون داخل الكوخ هذا امان لكم ولن تستمعون لحديثي، هذه هي نتيجة أفعالكم الحمقاء

وضعت نيروز كفيها تلثم فاهها وعينيها تزرف الدمع على حالهم ذلك 


تبادلت سيرين النظرات بينهما وجحظت عينيها بصدمة عندما علمت ما يراود صديقتها من خوف وضعف وعندما دققت النظر لذلك الشاب "عزيز" علمت بأنه يشفق على حالة نيروز ويطالعها بحنان غير معهود 

وضعت سيرين كفيها علئ أذنيها لكي تمنعهما من سماع أفكارهم ونكست بمقلتيها أرضا لكي لا ترأ شي يفقدها عقلها، فهي لم تدرك ماذا يحدث لها في  هذة الغابة الملعونة 

❈-❈-❈


داخل الكوخ الخاص ب"ماكسر"

ظل يدور حول الفتاة وهي وفاقدة الوعي ولكي تظل بأمان ظل يلعق جسدها بلعابه لكي لا يشتم احد رائحتها وعندما راء جراح قدميها النازفة ورسغيها أثر مقاومتها من الخلاص من الذئب الذي هاجمها برزت انيابه الحادة وزمجر بغضب وغرس مخالبه يجرح بها قدمه ثم يقطر دمائه ليمتزج بدماء الفتاة


وبعد أن انتهى انبطح بجسدة وظل يتطلع لها بحزن كما انها ذكرته بصغيرته تيا واغمض عيناه بوهن وحزن ليفيق بعد لحظات على صراخ الفتاة

هبّت مذعورة وارتعدت أوصالها عندما وجدت نفسها بمكان واحد مع هذا الذئب، انكمشت  داخل الكوخ وهي تهتف بخوف وهلع تطلب المساعدة

-ساعدوني... 


لم يستطع أن يتحدث معها بلغتها لكي تفهمه وظل مكانه دون حراك لكي لا يفزعها ويرهبها ولكن كانت عيناه تطلعها باشفاق وحنان على ما تمر به الآن في وجوده


عندما هم "ماكسر" الاقتراب منها، وضعت يدها على فمها لتكتم الصرخة التي أحسست أنّها ستنطلق.

وكأن لسانها عُقل وقلبها قد ذاب،كما أصبحت ساقيها غير قادرتين على حملها وسَرَتْ في جسدها رعشة من الخوف والهلع الذي يقترب منها رويدًا رويد

شعر بمدا خوفها فتسمر مكانه ونظر أرضا لكي يحاول ان يخبرها بأنه لن يؤذيها فهو لم يؤذي بشرًا من قبل حتى بعدما إصابته اللعنة كان وحده يتغذى على الحيوانات البرية ورفض التهام لحوم البشر وهو قادر على فعل ذلك.


ولكن خرج صوت عواء قوي من خارج الكوخ

سمعت صوتا مرعبا فاضطربت وأخذت ترتجف من شدّة الخوف وجمدت عروقها فلم تستطع الهرب او الصياح وطلب الاستغاثة 

ذعرت ممّا سمعت، وعلا وجهها الشحوب واصفر لونها وقالت في صوت مضطرب :

-انها النهاية


اغمضت عينيها بقوة وتمسكت بقلادتها التي تضم داخلها صورة السيدة العذراء "مريم" وقبضت بقوة عليها كأنها تحتمي بها وتريد أن تنسى رهبتها بأنها ستموت تلك الموتة البشعة ويلتهمها الذئاب


ركض ماكسر مبتعدًا عن الكوخ ليعلم ما سبب تلك الضجة التي احدثتها الذئاب من عواء متصاعد وترك الفتاة في حالة يُرثى لها..


وجد مجموعة من الذئاب ملتفون حول ذئب ينازع الموت بانفاس لاهثة

منما اشتدّ فزع المستذئبين  فقد كانوا مهدّدين بحدوث بكارثة من المشعوذة"جونجان" لا يسلمون من أذاها، كانوا يظنون بأنها  فعلت ذلك في الذئب الذي ينزف من صدره بشدة، اقترب ماكسر يتفقده بعدما علم بأنه نفسه الذئب الذي هاجمه من قبل لتخليص الفتاة منه ولكن لم يصيبه بهذا الحد. 


عوا عواء مفزع ليبتعد من حوله الذئاب ثم دنا ينحني بقدميه يشتم الذئب الطريح دون حراك ومرمغ رأسه بصدر الذئب ليكشف عن إصابة صدره ليتبين له بأنه مطعون بخنجرًا من فضة بقلبه وهو الآن يزرف أنفاسه الأخيرة، لأن رصاص الفضة واى ألة حادة مصنوعة او مطليه بالفضة تقتل الذئاب، علم ماكسر وقتها بأنه قُتل ولكن من الذي فعلها؟ هل حقا جونجان هي من فعلت ذلك ام شخصًا اخر من خارج الغابة؟ 

❈-❈-❈


داخل المشرحة بعدما أعطى جهة التحقيق تقريره عاد إلى الجثة ثانيًا وبعد أن تأكد من بأن لا أحد يراءه ولا يشعر به، أوصد الباب خلفه بالمفتاح لكي لا يسمح لاحد باقتحام المشرحة وأظهار ما يفعله في الخفاء.

فقد أختار الطب وتخصص التشريح لانه لديه قدرة على فهم لغة الجسد وهذا ما جعله مهووسًا بالترشيح لمعرفة كل الحقائق العلمية من أعضاء الجثة من قلبها وعقلها الذي توقف تمامًا عن أشارته وهذا جعل منه يتقن عمله ويكرث له حياته وداخل منزله لديه معمل خاص لتجاربه العلمية.


تنفس "سادم" الصعداء ثم اقترب من جسد الفتاة وكشف الغطاء عنها وحملها بين ذراعيه ليضعها داخل مغطس المرحاض الذي وضع به مادة معينة يخفى بها أي أثر لبصماته عليها فهو يعلم بأن تلك الفتاة ليست كغيرها فوالدتها سيطالب حتمًا بإعادة تشريحها ولن يكتفى بتقريره


وبعد مرور خمسة عشر دقيقة حملها وجفف جسدها ووضعها داخل إحدى ثلاجات المشرحة ثم بدل معطفه الأبيض المبتل وغادر المكان بهدوء حذر.

غادر سادم المشفى بعدما متوجهًا إلى منزله، وعندما ولج لداخل شقته ذهب أولا لغرفته المنعزله عن باقي المنزل .


غرفة خصصها كمرسم عندما يعود من عمله يقضي طوال وقته داخل تلك الغرفة التي يقسمها إلى نصفين.

في الجهة اليمنى لا يوجد سوا لوحات فنية رائعة من رسماته، وفي الجهة اليسرى من الغرفة الواح زجاجية مصفوفة على الحائط ووضع اعلاها عدة صناديق من الزجاج الشفاف وبداخل كل منهما قلب بشري يضعه داخل محلول لكي لا يتحلل قبل أن ينتهي من تجاربه.


تقدم بخطواته لحيث المرسم ورفع الغطاء عن اللوحة التي كان يرسمها بالامس وأمسك بالفرشاة وغمسها داخل  اللوح الخشبي الخاص بمزج الألوان وبدء في إكمال رسمته والابتسامة تزين ثغره وبعدما انتهى من الرسمة نقش أسفل اللوحة حرف (f)

❈-❈-❈


بعدما فتحت عينيها ببطء تفاجئت من عدم وجود الذئب فتلاشى خوفها قليلاً وحاولت زفر أنفاسها بهدوء ثم جاهدة في النهوض من مكانها وبعدما استقامت في وقفتها وجدت الذئب قد عاد إليها ثانيًا 

جف حلقها وزاد الادرنالين داخل جسدها 

منما زادت عدد نبضات قلبها وعدم انتظامها، التعرق المفرط و رجفة في اليدين و القدمين وزيادة سرعة تنفسها خوفاً من القادم ، انهمرت دموعها كالشلال


شعر ماكسر برجفتها وخوفها منه وعندما رأ دموعها انسابت دموعه هو أيضا ورفع قدمية الاماميتين يضمهما ببعضهما يشهرهما إليها بتوسل ورجاء كأنه يطلب منها الاعتذار 


كفت ماري عن البكاء عندما شاهدته على هذا النحو ، إذا هو لن يؤذيها ، تبسمت على فعلته ودنت منه بخطوات مضطربة مسدت بكفها الصغير الذي يرتجف من هول اللحظة على ظهره برفق وحذر 

كأنها فهمته وشعرت بحزنه كما هو شعر بحزنها ، فالذئاب أوفياء بعضهم يمتلك قلوب كقلوب البشر، يشعرون  دون الحاجة للغة حديث تجمع بينهما ،ومنهم من هو أوفى وأنقى من جنس بني أدم، فبعض الاناس قلوبهم كالحجارة او أشد قسوة. 


اما عن الذئاب لديهم القدرة علي تمييز المشاعر، والتعاطف ينتج عنه فهم ومحاكاة لتعبيرات الوجه بينهم. 

"هناك مقبرةٌ دفنت فيها نصف مشاعر البشر"



داخل كوخ المشعوذ.. 

ظلت جونجان تترقب الفتيات بنظرات ثاقبة تريد أن تعلم من الفتاة التي تحدث عنها المارد"دهمان" 

لم يهدأ لها بال فنهضت مسرعة تستخدم قوتها الخفية على معرفة الحقيقة وجلست تشعل النيران بغضب جامح ثم أمسكت  بريشة الطاووس وغمستها بدماء الغزال التي هي محتفظة به من أجل تعاويذها الشريرة ثم نقشت الطلاسم على بعض وريقات الشجر الخاصة بالسحر الأسود وخطت أسمائهن الثلاثة ثم طوت الوريقات والقتهم  لتلتهمهم النيران المستعرة ثم التقطت البلؤرة السحرية وخرج همسها بتلوي كالحرباء ثم صوبت عينيها التي تبرقان بالدماء لترا بعد لحظات الفتاة الموعودة داخل بلؤرتها


علمت حينها من تكون ودارت وجهها على الفور حيث تقبع "سيرين"

سرت قشعريرة بجسد سيرين عندما تلاقت اعينهن في صمت تام أبلغ من الحديث، طالعتها سيرين بمقلتهين البريئتين لتجد أنظارها التي اعتادت عليهن تمثل بها الشر، فلم تجد داخلهما سوا الشيطان يبرز من خلالهم.



علمت "جونجان" اذا الفتاة المنشودة وظلت طوال الليل تحدق بها، اما عن الفتيات فضمت نيروز سيرين بخوف ونامًا كل منهن بأحضان الأخرى.

تصنعت سيرين النوم من أجل بث الطمأنينه لدا صديقتها ولكن ظلت ساهرة، شاردة تفكر ما الذي أت بهن لهنا؟ وماذا تريد منهن تلك الساحرة.


شعرت بها جونجان فهمست منادية إياها :

-سيرين اريد ان اتحدث معكِ بأمر هام

رغم فزعها من قربها إلا انها نهضت من جانب صديقتها برفق ولبت رغبة جونجان، سحبتها الأخيرة من رسغها وقالت :

-سنتحدث بالخارج لكي لا نُقظ أحد


بعدما غادرتن الكوخ، جلست جونجان أمامه وجلست سيران مقابلة لها، تطلعت لها بقلق تريد أن تخترق عقلها لتعلم بماذا تنوي ولكن فهمت جونجان حقيقتها ونجحت في وضع حاجز قوي بينهما يصعب اختراقة فظنت سيرين بأنها مجرد هواجس تأتي بمخيلتها.

أزرفت دموعها وهي تقول بصوت مكلوم:

-فقدت ابنتي منذ عام، وجدتها مطعونة بخنجرًا داخل قلبها، صغيرتي لم تؤذي شخصًا على الإطلاق، فهي عاشت نسمة بريئة وغادرتني في غمضة عين، وإلى اليوم لم أجد قاتلها، أريد أن أخذ بثأرها

ثم لمعت عينيها بمكر واردفت قائلة:

- اريد مساعدتك سيرين لمعرفة القاتل


أشارت لنفسها قائلة بدهشة:

- مساعدتي أنا..!

-أجل انتِ، أعلم بانكِ تملكين من هو أقوى من السحر، انتِ لديكِ قوة خفية، وحدك  قادرة على إطفاء النيران المشتعلة داخلي، اتوسل إليكِ الوقوف بجانبي، فأنا أم قلبها مكلوم، نُزع قلبي من مكانه بعدما فارقتني قطعة من روحي، دعينا نفعل مقايضة عهد، لا اريد إلا المساعدة وحسب وسوف أُلبي لكي ولصديقاتك كل سبل الراحة، ستعشون هنا بأمان وتحت رعايتي الخاصة 

-كل ما أريده البحث عن ماري والخروج من هنا والذهاب إلى حيث مسكن الجامعة لاكمال دراستنا في "جامعة بافيا"، أنا حزينة على ما حدث لابنتك واذا كان في استطاعتي المساعدة فلن اتأخر 

-اجل في استطاعتك وساخبركي كيف


❈-❈-❈


اشتد الألم باوصالها  وعادت الجروح تطفو ثانيًا على أنحاء جسدها منما جعلها تتأوه بقوة، انتفض ماكسر ونظر لها بقلق وعندما وجد ملامحها شاحبة تقدم منها يلعق ذراعيها النازفة ولكن تلك المرة لم تبتعد عنه وتنتفض خوفًا منه، وبرزت انيابه وغرزها على الفور بمكان الجرح 


يعلم انها ستتألم ولكن ليس لديه فعل أخر سوا عضها من أجل سلامتها فإذا ظلت على هذا الحال ستموت مثلما مات الذئب الذي هاجمها، فالقطيع لن يتركها إلا وهي جثة هامدة

اغمضت عينيها بوهن بعد فعلته وسرت رجفة باوصالها أثر تلك العضة، ركض ماكسر مغادرًا للكوخ يبحث عن ماء ليجلبه لها. 


وصل للبحيرة بسرعته الفائقة ودنا من المياه تطلع لخياله بداخلها ولا يعلم ماذا عليه فعله من أجل جلب شربة ماء لتلك المسكينة التي تركها بالكوخ 

ابتعد عن البحيرة وعاد إليها حزينًا وجدها على وشك الإفاقة، لمع مويض عينيه بفرحه وأصبح لونهما كزرقة المحيط.


حركت ماري ساعديها برفق ثم اعتدلت ونهضت تنظر لاثر جروحها التي أختفت ولم يعد لهما أي أثر بدهشة، ثم تطلعت لماكسر باسمة، فهو منقذها ولم تعد تخافه او ترهب منه 

قبض بفمه على طرف ثوبها القصير يريد سحبها لخارج الكوخ ويركض بها إلى حيث البحيرة لتروي عطشها وتغسل جسدها 


قالت بعدم فهم:

-ماذا تريد؟ 

ظل قابضًا بانيابه على طرف الثوب وسارت هي جانبه إلى أن ركض هو وركضت خلفه بسرعة فائقة لم تشعر بها من قبل، نظرت حولها بعدم تصديق من أين أتت بتلك السرعة التي لم تعتادها من قبل، أبتسم لحالها باعجاب وأكملت ركضها خلف الذئب إلى مكان البحيرة 


دنا هو أولا وارتشف القليل من الماء بلعابه، اما عنها فهي حقًا تشعر بالعطش، اقتربت منه ووضعت كفها تغرف به غرفة ثم قربتها من فمها وشربتها 

ثم ألقت نظرة على جسدها العالق به التراب ولم تتردد في إلقاء نفسها داخل البحيرة وهي تبتسم بسعادة في تلك المغامرة التي تعيشها 


ظلت مقلتيه تتابعها وداخله سعيد من أجلها لو استطع الضحك لقهقه عاليًا من أجل رؤية فرحتها، تذكر بها رفيقته الراحلة وابتعد عنها قليلًا فشعوره بفقد صديقته جعله يتمزق 

انهت ماري استحمامها وخرجت من البحيرة ملابسها مبتلة وملاصقة لجسدها، عندما تبه بوجودها ركض بها لمكان اخر أعلى تله مسلط عليها أشعة الشمس الحارقه لكي تجفف ثوبها 


ولكن شعرت بألم حاد عندما تعرض جسدها لدفء الشمس ولا تعلم ما سبب الوخذات المتفرقة التي احتاجتها 

علم حينها ماكسر ما تشعر به ماري فعاد يقبض بانيابه على ثوبها ليعود بها إلى الكوخ. 

ظل جوازها مترقبًا لحلول الليل ولا يستطيع أخبرها بما هو قادم.. 

❈-❈-❈


ظلت سيرين ساهرة تتقلب على جانبيها كأنها تتقلب على جمر وهي شاردة بحيث المشعوذة واليوم سوف تأخذها إلى المارد "دهمان" الذي اخبرتها عنه. 

تشعر بالتخبط من ناحية تشفق على الساحرة بسبب خسارتها لابنتها ومن ناحية أخرى لديها شعور قوي بالخوف من القادم وأن تلك السيدة تمثل خطر كبير عليها هي وصديقاتها وماذا عن اختفاء ماري؟ واذا كانت وقعت ضحية للمستذئبين ونالوا من دمائها إذا أين جثتها؟ 

حيرة وضياع ولا تعرف ما الحل؟ 


استيقظت نيروز في ذلك الوقت وهي تعود لفزعها ثانيًا بعدما وجدت نفسها حقا مازالت عالقة بكوخ الساحرة الشريرة 

بكت بحرقة وهي تقول:

-كنت أظن بأننا داخل كابوس مفزع وعندما استيقظت علمت بأنه واقع أليم نعيشه 

هتفت سيرين بضجر:

- نيروز ارجوكِ الوضع الحالي غير محتمل، تحلي بالصمت والصبر قليلا من أجلي، حقًا عقلي لم يعد يستعب، اريد ان أصفي ذهني 


نكست راسها بضعف وأستسلام وظلت صامتة ولكن مقلتيها لم تكف عن ذرف الدموع التي جعلت "عزيز" حزينًا على حالها 

زفرت سيرين بضيق وغادرت الكوخ اما عن عزيز فاقترب من الفتاة الرقيقة وقرر أخراجها من حالة الحزن هذه المسيطرة عليها. 


جلس بجوارها يواسيها بهدوء قائلا:

- لا تحزني صديقتك تحت ضغط نفسي، ونحن هنا عالقين بمكان لن نعرفه ونشعر بالخطر مُحاط بنا من كل جانب، كما أن غياب صديقتك الأخرى موتر الأجواء 

رفعت مقلتيها الرمادية اللامعة من أثر البكاء وقالت مبتسمه بوجوده جانبها:

-أشكرك على كل ما تفعله من أجلي 

ثم اردفت بحزن عميق:

- أعلم أن الجميع ينظر لي بضيق بسبب جبني هذا


تردد في أن يرفع يده ليربت على كتفها بحنو ولكن عندما وجد وجنتها مبتلة أثر انهمارها، تجرأ ومد يده برفق ربت على كتفها وهو يقول بنبرة صدق:

-لستِ وحدك نيروز أنا سأظل جانبك 

تطلعت له بعيون خائفتين وجدت مراساها داخل مقلتيه البنيه، والقت بنفسها داخل أحضانه التي حاطها بدفئ مشاعره وتشبث به بقوة، علت شهقاتها تمزق نياط قلبه وظل هو يربت على ظهرها برفق


بعدما فاقت من ثورة بكاءها ابتعدت عنه بخجل وهتفت معتذرة:

-أعتذر

أبتسم بهدوء ورد قائلا:

- لا داعي للاعتذار "نيروز" ثم استطرد قائلا:

-ما رأيك بأن نتبادل الهموم 

نظرت له بعدم فهم، عاد "عزيز" قائلا بحماس:

-اقصد ان نتشارك الهموم، انتِ تحكي لي عن حياتك قبل أن تأتي لهنا وأنا كذلك


أيماءة بسيطة فعلتها توافقه الرأي فهي لم تفتح قلبها من قبل لأحد، حتى صديقتيها لن يعلمان عنها شيء سوا الظاهر من حياتها فقط، لا أحد يشعر بما تكنه داخل صدرها وترفض الإفصاح عنه، لأول مرة شخص ما يطلب منها ان يشاركها حزنها وهمها، كما شعرت بالالفة والأمان وهو جانبها 


عندما شعر بشرودها، عاد يردد قائلا بصوت حاني :

- هيا اخبريني لا تصمتِ هكذا

أخرجت تنهيدة عميقة من داخل صدرها وقالت بصوت خافت حزين:

-الجبن الذي أشعر به ليس من فراغ؛ فأنا ولدت يتمة الأبوين، والدي توفي وأنا في رحم أمي، ام عن امي فتوفاها الله بعد أن وضعتني، جدتي لوالدى هو الذي تكفل بي وجدتي أيضا ولكن جدتي لحقت بوالدي بعد عام من الحزن، وعمي وزوجته متولين رعايتي فهم يقطنون مع جدي بنفس المنزل الصغير


صمتت قليلا تسترد أنفاسها ثم عادت قائلة:

- لا اخفي عليك ما تفعله زوجة عمي وبناتها الاشرار، اقسم لك أننِ اعيش يوميا حكاية مثل حكايات السندريلا، مع اختلاف بسيط لم أجد الأمير الذي سيخلصني من بين براثنهم 

أبتسم على ما تقوله فتلك الفتاة رغم معاناتها لديها حس فكاهي يجعلك تبتسم دون تصنع، ولجت لقلبه دون عناء منها وبلا إستاذان، مرحة وعفوية وتمتلك جمال اخذ للعيون بشعرها الأشقر ورماديتها الساحرة. 


هتف عزيز بمرح:

- لابد وانهن يغارون من جمالك 

هزت راسها مؤكدة وقالت بضحكة رقيقه خرجت من شفاها عصفت بلب قلبه كأنها سيمفونية 

-اجل هن ساحرات شريرات مثل هذه المشعوذة التي ستقضي علينا واحدة تلو الأخرى 

قهقه مجلجلا ثم قال بفضول :

- هيا اكملي حديثك أريد أن أعلم بمغامراتك مع هؤلاء الساحرات 


استرسلت حديثها قائلة:

-لم أشعر يومًا احتواء العائلة، لم أجد الأمان داخل عائلتي، فقد رحل الأمان عن عالمي، أشعر فقط بالخوف في وجودهن، الغيرة تنهش بقلوبهن دائمين ناقطين عليَّ؛ يغارون من جمالي وتفوقي الدراسي، زوجة عمي كانت رافضة بالتحاقي بكلية الطب ولكن بكيت لجدي الذي أصر على إكمال دراستي، ما ذنبي بأن بناتها لا يجدون نفسهن في التعليم، هم فقط يبحثون عن الزواج 

اما عن جدي فهو الشخص الوحيد الذي يشعر بوجودي ومرضى وغيابي، كنت سعيدة بسبب تلك المنحة التي ستبعدني عنهن وزوجة عمي كانت فرحة بذهابي بعيدًا لكي لا أِحمل عمي مصاريف الدراسه ولكن عندما أتت لهنا وجد النار تلاحقني وجنة زوجة عمها وبناتها ارحم بكثير بما نعيشه الان في ذلك العالم الغريب 


تنهد بعمق وشعر بمدا حزنها وما تعانيه من جفاء عائلي وقسوة وعدم الأمان، وهمس داخله :

-كنت تظن بأنك منبوذ يا عزيز داخل أسرتك المصون ولكن هذة الفتاة اكثر حزنًا وأشفاقًا، حقًا من يرا بلاء الآخرين يهن عليه بلاءه.. 



سارت سيرين داخل الغابة برفقة "جونجان" تقودها إلى حيث أشجار الأشباح العملاقة لتحضر المارد "دهمان" مالك ملوك جن الابالسة الذي يساعدها منذ أن خطت قدميها داخل تلك الغابة. 


ركعت جونجان على ركبتيها عندما وصلت للشجرة المنشودة الذي يخرج منها المارد برداءه الأسود الفاحم، عندما أستدعته خرج دخانًا كثيفًا يظلم الغابة بأكملها ثم يتكون أمامها بهيئته المروعة 


شلت الصدمه حواس سيرين وسرت رجفة قوية بجسدها عندما طالعت هيئته المفزعة فقد كانت معالم وجهه مخفية تمامًا وصحاب قرنين سودويين كما رداء وضخامة لم تراها من قبل، رددت سيرين بخوف ورهبة وفزع داخلها تستعذ بالله من الشيطان الرجيم 


سمع همسها الخافت وخرج صوته الغاضب الثائر بفحيح كريه:

-أصمتي يا فتاة

نكست جونجان راسها في ذل وخنوع وقالت :

- مالكي الأعظم أخبرني ماذا علينا أن نفعل الآن؟ 

جف حلق سيرين وهي تشاهده على هذا النحو، تركع أمام ذلك المارد وتتذلل له كما انها تجردة من دينها وتخلت عن كل شيء لتصبح دميمة يحركها كما يشاء، أين غاب عقلها لتتبع الشياطين، تحلت بالشجاعة وعادت للخلف تبتعد بخطواتها تريد الفرار من الغابة الملعونة وتأخذ صديقتها وتبتعد من هنا


استوقفتها "جونجان" بغضب :

-إذا كنتِ تودي تحرير صديقتك "ماري" من قبضتنا انصاغي لاوامرنا وإلا ستلقون حتفكن هنا لا محالة 

تسمرت مكانها وهمست بقلة حيلة موافقة على مقايضة العهد من أجل الخروج من هنا للأبد وبعد ذلك يحدث ما يحدث 


- حسنًا موافقة على الذهاب إلى الطبيب "سادم" 

تهللت اساريرها وقالت :

-كل ما عليكِ فعله جلبه إلى هنا ودعي الأمر لي

قررت سيرين أن تذهب وتخبر نيروز أولا لكي تبعدها عن الغابة وتلك السيدة المشعوذة وهي تلعنها داخلها بغيظ

-تبا لكِ ولماردك هذا، لعنة الله عليكما.


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الألفي من رواية جونجان، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة