رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 42
قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة ميرا كريم
الفصل الثاني والأربعون
هناك نوعان من القوى الدافعة الأساسية: الخوف والحب.
-جون لينون
❈-❈-❈
-شــــــــمس"
قالها وبينه وبين ذاته يرجو أن لا تخذله، قبل أن يحث المسؤول قائلًا بصوت جهوري مُنفعل أمرًا:
-أتأكد أن "شمس" في البيت وخليني معاك على التليفون بســــــــــــــــــــــــــرعة
قالها وهو يصعد بالفعل داخل السيارة وتنطلق به أما المسؤول فقد حث "صباح" الماثلة أمامه أن تتبعه و حث أخر على تفقد الكاميرات وحينها لم يجدوا لها أثر، واستبين بواسطة كاميرات المراقبة أنها من افتعلتها وحين أخبر "سليم" بذلك كان سيجن جنونه وخاصًة كونه بفضل مراقبته لهاتفها حُول له المكالمة التي دارت بين ذلك اللعـ ين "سلطان" وبينها، وحينها استطاع المختصون تحديد موقع هاتف "بدور" الذي حاكاها منه لتترابط الخيوط ببعضها وها هو في طريقه لهناك وهو يلـ عن غبائها واستسلامها لتهـ ديد "سلطان" الذي استغل مرة أخرى وبكل دناءة بواطن ضعفها،
فقد انهى المكالمة بملامح مُستوحشة تنم عن براكين
مُلـ تهبة من الغضب تتفاقم بداخله و
تُهـ دد بتطاير حمـ مها فإن أصابها مكـ روه يقسم أنه لن يرحمه فسوف يقـ تلع قلبه من جـ سده وينهـ ش به بأسنانه.
❈-❈-❈
أما هي فكانت تُسند رأسها على النافذة الزجاجية داخل سيارة الأجرة التي استقلتها للوصول لذلك العنوان الذي أخبرها به عبر تلك المكالمة التي كانت تترقبها،
فقد اضطرت أن تفتعل الحريق لإلهاء الجميع حتى تتمكن من الخروج دون أن يشعر بها أحد، حقًا لا تعرف ما تفعله صائب أم لا ولكن كل ما تعلمه أنها لم تستطيع أن تخبر "سليم" و
تخـ اطر بحياته وايضًا لن تستطيع أن تظل مكتـ وفة الأيدي وتترك "بدور" و"رامي" بين قبضته.
-وصلنا العنوان اللي انتِ عايزاه يا مدام بس لا مؤاخذة في السؤال دي حتة مقـ طوعة انتِ جاية هنا ليه؟!
قالها سائق الأجرة لينتشلها بها من شرودها لتنظر له تستوعب ما نطق به ثم تجول المكان حولها وتخرج حفنة المال تمنحها له قائلة دون أن تُعير حديثه اهمية:
-شكرًا
قالتها ونزلت من السيارة تُحدد وجهتها بعيناها تاركة السائق يضـ رب كف على آخر يتعجب أمرها قبل أن ينطلق بسيارته.
لتخطوا هي بخطوات وئيدة نحو المخزن القريب
وهي تدعوا ربها أن يمنحها العون والقوة التي تحتاجها.
لمحها هو من بعيد أثناء جلسته في الخارج ليـ هب واقفًا وعلى وجهه بسمة واسعة مُهللٍ:
-يا اهلًا يا اهلًا يا زبادي والله وليكِ واحشة
رشقته بنظراتها الكـ ارهة وقالت بهـجوم شـ رس وهي تتمـ سك بحقيبتها وتضـ مها على صـ درها:
-فين بدور ورامي يا سلطان
اعتلى جانب فم" سلطان" متهكمًا على ردها المخـ يب لآماله وعقب عليه:
-قولتلك في الحفظ والصون تعالي معايا
قالها وفرد يـ ده يدعوها لتسير أمامه ولكنها توجست وابتلعت رمقها قائلة:
-امشي قدامي
حانت منه بسمة ساخرة يسخر بها منها قبل أن ينصاع لرغبتها ويخطو للداخل وهي خلفه وحينها رأت "بدور" مقـ يدة ومكـ مم فمها و "رامي" منكمش بوجه شاحب مذعور جوارها، لتهرول لعندهم مُتلهفة بخوفهاو مُعـ ذبة بسبب تقريع ضميرها:
-حقكم عليا...حقكم عليا
أرتمي "رامي" في أحضانها مغمغمًا بحروف مُرتعشة قطـ عت نياط قلبها:
-عمتو اخيرًا جيتي تاخدينا انا خايف اوي
طمأنته "شمس" وهي تنثر
قُـ بلات متفرقة على وجهه:
-متخافش انا معاك و هنخرج من هنا
اعتلى جانب فم "سلطان" ساخرًا من آمالها الواهية بينما هي نزعـ ت كمام "بدور" وايضًا وثاقها قائلة:
-سامحيني يا "بدور" اتبهدلتي بسببي
أجابتها "بدور "بنبرة مُتعبة بعض الشيء وهي تتنفس براحة أكثر:
-متلوميش نفسك...انتِ ملكيش ذنب هو اللي ربنا ينتـ قم منه
قالتها وهي تنظر ل "سلطان" شذرًا وتبـ صق عليه
وحينها عقب "سلطان "على فعلتها متبجحًا:
-بقى كده دي اخرتها طب تصدقي انا غلطان علشان مخلتش الرجالة تحفل عليكِ
قصاد ابنك وتكـ سر عينك
شهقت" بدور" بقوة وضـ مت صغيرها تسد أذنه بكفوفها بينما هبت "شمس" ناهرة إياه
بشـ راسة:
-انت شيـ طان في هيئة بني آدم
ومشوفتش احـ قر منك
جـ ز على نواجـ ذه وعقب على قولها وهو يغـ رس أصابعه الغليـ ظة داخل لحـ م ذراعها:
-وماله وضيفي عليهم أن محدش حبك أدي
رغم قبـ ضته التي تعتـ صر ذراعها إلا أنها صمدت وهدرت بنظرات مُشـ تعلة يتطاير منها
حِـ قدها:
-وانا بكـ رهك ومكـ رهتش حد أدك انت لعـ نة حياتي...
جذبـ ها لعنده لترتـ طم بصـ دره وهسهس من بين اسـ نانه مُتحسرًا أمام معالمها المُتـ قلصة دليل على نُفـ ورها:
-انا اللي اتلعـ نت بيكِ مش انتِ.... انا اللي عشت سنين بحلم باليوم اللي تكونِ فيه ليا وعملت المستحيل علشان اوصلك وفي الاخر روحتيله هو على الجاهز وقدمتي نفسك ليه على طبق من دهب...
قال آخر جملة بصوت مُنفـ عل للغاية وكأن يحق له أن يلو مها على انتماء قلبها، فقد حاولت إفلات ذراعها دافـ عة إياه باليـ د الأخرى كي تفض ذلك القرب الذي يثير اشمئزازها هادرة بمجابهة:
-انت ليه مش عايز تفهم الحب مش بالعافية وقلبي هو اللي اختاره
زئر "سلطان" يشعر بأن كلاب
سَـ عرة تنهش دواخله بعد قولها ولم يعي لذاته إلا وهو يلـ وي ذراعها خلف ظهرها ويديرها ليرتـ طم ظهـ رها بصـ دره مع معافرتها، لتشهق "بدور" وتقترب بحذر منهم قائلة بطريقتها في محاولة ردعه عنها ولكن يبدو من نظراته الشـ يطانية أنها اغاظته أكثر :
-سيبها ربنا ينـ تقم منك هي مش قالتلك مش بطيقك هو بالعافية فين نخوتك بتقولك بتحب الباشا هو انت معندكش د م ولا احساس سيبها وسيبنا في حالنا بقى...
ابتسم بسمة مسـ مومة تخفي الكثير من النوايا خلفها وعقب وهو يحاوط برفق عُنق "شمس" بيـ ده الأخرى، يُصر بطمع على عدم تنازله:
-طب اسيبكم ممكن لكن هي لأ على جثـ تي مش "سلطان" اللي يبقى نفسه في حاجة وميعرفش ياخدها
ليتابع بجوار أُذن "شمس" المتقـ لص وجهها بنبرة تنم عن رغبته الممـ يتة في حب إمتلاكها:
-مش مهم قلبك ميلزمنيش في حاجة المهم أنك هتبقي ليا لوحدي و ملكي...
أَنت بخفوت لضغطه على ذراعها ورغم الألـ م الذي يعتريها إلا أنها صمدت أمامه مغمغمة بصوت خرج متـ ألم دون قصدها:
-يظهر انك نسيت إني مراته وعلى ذمته
هسهس بعدم اكتراث وهو كالمغيب يشتم عبقها:
-مش مشكلة قضية صغيرة هنكلف المحامي بيها وهيخلعك منه وساعتها عدتك تخلص وهكتب عليكِ
لم تستسيغ ما تفوه به وهدرت تُحـ بط مسعاه في إمتلاكها:
-انا مش لعبة في ايـ دك تحركها زي ما تحب و "سليم" مستحيل هيسيبك تعمل كده
وعلى ذكر غريـ مه تشنـ جت قسماته وضغط دون شعور على عُنـ قها يخـ نق أنفاسها هادرًا بغـ ل:
-الباشا بتاعك انتِ اللي عطياله قيمة لكن هو ولا حاجة من غير نفوذه ومنصبه و انا بقى هاخدك وهسافر المركب هتطلع بكرة من المينا وجوازات السفر معايا ومعايا فلوس هتعيشك ملكة ويبقى يفرجني هيمنعني إزاي
عقبت بضعف وهي تلتقط بصعوبة أنفاسها بسبب قبـ ضته التي تضغط اكثر فأكثر على عُنقـ ها:
-انت...مجنون...مستحيل اروح معاك في حتة...
كان كالمغيب الغضـ ب يُسدل ستائره القاتمة على عينه و لم يشعر إلا بأنقضاض الصغير عليه غارس أسنانه الصغيرة الحـ ادة في ساقه في محاولة ليردعه عنها فقد نفض "سلطان" ساقه دون أن يفلتها وإذا بضـ ربة قوية على ظـ هره من يـ د "بدور" التي تسللت خلفه وانهلت عليه بحذائها بضـ ربات جعلته يحل قبضته عن "شمس" ويلتفت لها دافعها عنه بعزم ما به جاعلها ترتطـ م بالأرض الصلبة متأوهة ويلحق بها صغيرها الذي دفعه ايضًا لعندها، ودون مُقدمات كان يُخرج سـ لاحه من تحت ملابسه ويصوبه نحوهم مُتوعدًا بشـ ر قاتـ ل:
-هوريكِ الجنان اللي على اصله وهقـ تلهم قصاد عينك
صـ رخ الصغير برعب وفرت
د ماء "بدور" من اوصالها حين شد اجزاء سـ لاحه المُصوب نحوهم، لتخـ ور مقاومة "شمس" وتهر راكـ عة تحت قدمه تتوسله والدموع تتدفق في عينها:
-لأ يا "سلطان" بلاش هما ملهمش ذنب خليهم يمشوا وانا هعملك اللي انت عايزه
اعتلى جانب فمه ينظر من عليائه لخنـ وعها أمامه بنظرات
مُنـ تشية كونه استطاع ترهـ يبها وعقب وهو يخفض سـ لاحه بعض الشيء:
-ما كان من الأول لازم الفرهدة على العموم هما مش هيخطوا خطوة بره المخزن ده ولا حد هيعرف طريقهم غير لما اضمن ان انا وانتِ بقينا على ضهر المركب وهانت كلها سواد الليل
تناوبت نظراتها المُـ رتعبة بين "بدور "و" رامي" والدموع تهطل كالشلال من عينها فسلامتهم وسلامة مالك قلبها اولآ من هنائها و أحلامها وآمالها التي تبخرت أثر تضحياتها فلم يكن أمامها غير أن تومأ برأسها وتنخرط في بكائها وهي تناجي الله في سرها أن يرأف بقلبها ويُعينها على فراق أحبابها وحينها وكأن ابواب السماء فُتحت واستجاب الله لها استمعت لصوته العميق الذي لطالما يبث السَكينة بقلبها يزعـ ق بأسمها، فلوهلة شعرت أنه يُهيء لها ولكن مع اقتراب صوته تأهبت حواسها وتراقص قلبها وقبل أن تُقيم رأسها صـ رخت بكل ما بها حين جـ ذبها "سلطان" من خُصلاتها لمستوى وقفته واضع سـ لاحه على رأسها يحتمي بدنـ ائة خلف جـ سدها، وفي ذات اللحظة كانوا افراد الشرطة يقتحمون المكان وعلى رأسهم "سليم" الذي كان يهـ رع زاعـ قًا بجنون بأسمها لحين وجد ذلك اللعـ ين أمامه وهي بين قبضته في حالة مُرتـ عبة تُرثى فقد نفـ رت عر وقه واستـ وحشت نظراته الضيقة هادرًا بغيظ من بين أسنانه المصطكة ببعضها وهو يُشهر سـ لاحه ايضًا:
-مفيش فايدة من اللي بتعمله يا "سلطان" سيبها وسلم نفسك المكان كله محاصر ومفيش مجال للهروب
بجح "سلطان" واصر وهو يدعي القوة رغم اختبائه خلفها:
-مش هسيبها وانت بنفسك اللي هتديهم أمر يخلوني أخرج من هنا بيها ده لو انت خايف على عمرها
حديثه كان ساذج لحد كبير بالنسبة له فمن واقع خِبرته في التعامل مع أمثاله تعلم أن يتحكم في ردود فعله ولا يُظهر نقاط ضعـ فه كي لا يستغلها خصـ مه للاطا حة به لذلك التزم بثباته و ادعى البرود رغم نيران الخوف التي تتأ كل قلبه بسبب خوفه عليها:
-عيب تتحامى في واحدة ست مش حلوة في حقك
صدر صوت ساخر بـ زئ من فم "سلطان" وعقب على قوله مُتبجحًا:
-متحاولش تستفزني وخلي رجالتك ينزلوا سلاحـ هم ويوسعوا علشان اخرج
ضاقت نظرات "سليم" التي تنم عن تفكير عميق ومع رؤيته لرُعبها البادي على وجهها الغارق بدموعها زفر انفاسه دفعة واحدة و أمر رجاله بأن يخفضوا أسلحـ تهم، ليضيف "سلطان" أمرًا بشكل جعل "سليم" يستـ شيط غيـ ظًا:
-وانت كمان ارمي سـ لاحك على الأرض
اعتـ صر "سليم" قاتمتيه بقوة لكي يتحكم في زمام نفسه وإن فعل منحها نظرة تفهمت ما ورائها حين اوهمه وهو ينحني
بجـ ذعه أنه سيلقي بسـ لاحه ولكن بسرعة بديهية ودون ادنى تردد كان يُطلق على ساقه
ليتأ وه "سلطان "ودون أن يخور او يُفلتها غير وجهة سـ لاحه نحوه واطلق رصاصة تفاداها" سليم" بأعجوبة واطلق مرة أخرى عليه ولكن تلك المرة كانت الناهية حين صوب في مُنتصف رأسه،
ليسقط "سلطان" جـ ثة هامدة في أرضه وتسقط هي معه ولكن وهي فاقدة لوعيها، ليهرع "سليم" لعندها ينطق بأسمها وهو يرفع رأسها جاعلها تستقر فوق خافقه الذي تَهر نبضاته من شدة إرتعابه عليها:
-شمس...ردي عليا....شمس
وهنا رفرفت بأهدابها بضعف وهمست بشبح بسمة خافتة بين الوعي ولا وعي:
-"سليم"
قالتها واستسلمت من جديد لدهاليز عتمتها التي قرر عقلها أن يُعلن انسحابه ويستسلم لها تاركته يضـ مها لصـ دره بقوة وكأنه يتأكد من وجودها ويحمد ربه كونه سَلمها حفِظها.
❈-❈-❈
بعد مرور عدة أيام
كانت صاحبة الرماديتين تقف تطالع التجهيزات النهائية لشركتها ببسمة واسعة وهي لا تُصدق أن حُلمها قد تحقق أمامها، فلولآ توفيق الله وهو ما كانت خطت تلك الخطوة وحدها،
فكانت غار قة في افكارها حين انتشلتها "سعاد" تعبر عن إنبهارها:
-المكان تحفة يا "رهف " والديكورات تجنن وكمان اختيار موفق جدًا لموقعه ومساحته...
اتسعت بسمة" رهف" وعقبت بِعرفان على قولها:
-البركة في ربنا وفي" نضال"
هو اللي أصر عليا و اختار المكان بنفسه
ابتسمت "سعاد" ومَدحت دون مُزايدة:
-عارفة يا "رهف" الدكتور كل مدى ما بيبهرني
بصراحة بحس أنه متربي مرتين
قهقت "رهف "على قولها وعقبت بخفة:
-ده كده لازم نشكر ماما" كريمة" بقى على تعبها
أيدتها "سعاد" بتفسير منطقي بحت:
-اومال والله الامهات اللي بتربي صح وبتطلع الرجالة سوين نفسيًا ومن غير عُقد يستاهلوا يتعمل ليهم تمثال في مـ دان عام تمجيد ليهم
راقها ما تفوهت به وردت تؤيدها:
-والله عندك حق وبتقولي حكم يا "سعاد"
أكدت "سعاد" بثقة:
-طبعًا عندي حق الأم هي الأساس
لتتابع ببسمة صادقة تنم عن محبة خالصة وسعادة حقيقية لرفيقة دربها:
-عارفة مجرد ما تبصي في وش الست تشوفي انعكاس اخلاق وتربية الراجل اللي معاها وانتِ حتى ملامحك اتغيرت يا "رهف" عيونك علطول بتلمع و وشك الضحكة مش بتفارقه ودي حاجة يرجع الفضل ليها للدكتور ابو عيون خضرا
تنهدت "رهف" تنهيدة مُسـ هدة تُعبر عن ما يجتاح قلبها:
- "نضال" غربل كل حاجة فيا وخرج الحلو بس؛ انا بجد مش عارفة من غير نعمة وجوده في حياتي كنت عملت إيه
دعت "سعاد" بصدق من صميم قلبها:
-ربنا يخليكم لبعض ويدمكم العمر كله سوا ويارب يرزقكم بنص دستة ويكونوا زي الدكتور كده نفسنا نحسن نسل البلد
قالت آخر جملة مازحة دون نوايا أخرى غافلة عن تأثير كلماتها في نفس "رهف" فنعم تتمنى ذلك وترجوا الله ليل نهار أن تكتمل سعادتهم وترزق منه بالذرية الصالحة؛ فرغم ثباته وعدم خوضه في الحديث عن ذلك الأمر الشائك معها مرة آخرى إلا أنها تعلم أن تلك هي أمنيته الوحيدة التي يتمنى تحقيقها
من كل قلبه، ومع دوار أفكارها فتل رأسها لتعـ تصر عينها و
تُمـ سد جبينها وهي تُأمن على دعوتها:
-يارب يا "سعاد"...
انتبهت" سعاد" على ما أصابها لتدعم جـ سدها مُتسائلة بقلق:
-مالك يا "رهف"
أجابتها ببسمة باهتة تدعي بها أنها بخير:
-انا كويسة مفيش حاجة... يلا نمشي
أومأت "سعاد" دون أن تُشكك في قولها ثم سـ حبت يـ دها تضعها بذراعها داعمة إياها وتساير خطواتها وهي تُأمن ايضًا على دعواتها .
❈-❈-❈
أما عنه فكان يقف أمام شاهد القبـ ر بملامح مُتهدلة حزينة متأثرة، ينظر لأسم شقيقه المنقوش ويخاطبه وكأنه يمتثل أمامه معاتبًا:
-كان نفسي تراجع نفسك يا "سلطان" وترجع عن اللي بتعمله، بس انت الله يسامحك طمعت في كل حاجة...ليخـ تنق صوته ويضيف بنبرة مُرتعشة يقاوم رغبته في البكاء:
-كان نفسي اعرف اسامحك بس واللهِ غصب عني صدقني حاولت...حاولت...لكن انت صعبتها عليا اوي و عطيتني الف سبب علشان يخليني افضل بعيد عنك...لتفر دمعاته ويزيحها سريعًا بيـ ده وكأنه يخجل منها ويتابع:
-انا كل اللي هقدر اعمله دلوقتي إني هدعيلك ربنا يسامحك
قالها وتلمس شاهد قـ بره مُرددًا الفاتحة وبعد أن صَدق غمغم قبل أن يُغادر:
-مع السلامة يا اخويا
ودعه بتلك الكلمات التي رغم بساطة تعبيرها إلا أنها كانت تحمل بين طياتها مزيج من الحُزن والخـ ذلان، والحـ سرة التي تأكـ ل فُـ تات قلبه على شقيقه الذي غفلق الشـ يطان بصيرته وكانت حياته ثمن أفعاله الأثـ مة.
❈-❈-❈
أما عنهم؛ فمنذ ما حدث ذلك اليوم وهي تتجنبه و تنفرد بذاتها داخل تلك الغرفة التي قضت بها أول أيامها، ففي بادئة الأمر لم يضغط عليها واراد أن يمنحها بعض الوقت لتلملم شتاتها وتُريح أعصابها فبعد معرفتها من المؤكد تجددت أحزانها على عزيزها ولكن حقًا فاض به واصبح لا يطيق صبرًا بسبب ابتعادها الجـ بري التي فرضته عليه وحرمته وهجها ودفء قربها.
وللمرة التي لا يعلم عددها خلال تلك الأيام همس بصوته العميق الذي يعلم أنه سيصل لها وهو يقف أمام بابها الذي دومًا موصدًا في وجوده:
-معرفتش انام النهاردة كمان ومش مسامحك على بُعدك
لم يصله رد ككل يوم ليتنهد بتثاقل مُعاتبًا:
-قوليلي انا غلطت في إيه!
ليه مُصرة تعاقـ بيني على اللي حصل
انا قدرت وتفهمت خوفك عليا وعلى "بدور "و" رامي" ورغم أن كان لازم تثقي فيا اكتر من كده إلا إني مالومتش عليكِ انك خبيتِ عليا، ليه انتِ كمان مش عايزة تِعقلي وتقدري أسبابي إني خبيت عليكِ
ايضًا لم يصله ردها ولكنه يُقسم انه يستمع لصوت تعالي أنفاسها، ليعتـ صر عينه ويُسند جبهته على باب الغرفة ويُهمس
متـ لوعًا:
-وحشتيني يا "شمس"
قالها وصمت لبعض الوقت لحين يأس، وفي الأخير زفر أنفاسه ثم خطى خطوات واسعة وهو مُستاء من تجاهلها.
أما هي فكانت تستمع لكل كلمة منه وقلبها يُرفرف يود أن يُغادر ضلوعها فنعم حزينة ولكن اشتاقت له، وبعد ما حدث شعرت أنها لم تقوى على المواجهة أو بالأحرى تفر منها فقد نكـ ست وعدها معه وضعفت واستسلمت لتـ هديد ذلك اللـ عين ...ولكن يشهد الله أنها لم تخبره إلا خوفًا عليه، أما حين ذكر أنه قَدر خوفها نمت البسمة على ثغرها وشعرت أنها تود أن تخرج ترتمـ ي بين أحضانه وربما لمائة عام لتعوض غيابها ولكن كيف وهي استمعت لتوها صوت ابتعاد خطواته وتبعها صوت اغلاق باب البيت الذي يَدل على مغادرته،
فقد تنهدت والإحباط كسى وجهها وبعد بعض الوقت طرق بابها و أتى صوت "صباح" من خلفه مُستنجدة:
-ياست "شمس" بالله عليكِ تلحقيني ست" ليلى" تعبانة أوي
فور استنجدها فتحت بابها وقالت بنبرة قلقة للغاية وهي تهرول لها:
-مالها يا "صباح"
اجابتها "صباح "مُسرعة وهي تتوجه نحو باب البيت تفتحه:
-انا هروح اجيبلها دكتور بيقولوا في دكتور كويس على اول الشارع وانتِ ادخلي شوفيها
قالتها وهي تغلق الباب وتغادر تاركة" شمس" تهرول مُتلهفة لغرفة "ليلى" و إن دلفت و وقعت عيناها على الفراش لم تجدها لتتقـ لص معالمها مُستغربة وإن كادت تلتفت تستبين حقيقة الأمر وجدته يتمثل أمامها يُطالعها بنظراته الضيقة التي تختـ رق روحها وتكشف دواخل قلبها، لتشهق بخفوت مُتفاجئة وتهمس والقلق يُسيطر على تقاسيمها:
-"صباح" قالت ان ماما تعبانة بس لما جيت هنا ملقتهاش هي فين ومالها
اختصر هو المسافة بينهم بتروي هامسًا وهو يلتـ همها بنظراته الضيقة:
-"ليلى" كويسة وهي و"صباح" قاعدين في الشمس جوة ساحة البيت
برقت عيناها بعدما تفهمت حِيلته وإن كادت تتخطاه باغتها هو بطـ وقه لخصـ رها وضـ مها له مُعاتبًا بنظرات ولهة تكاد تفقدها صوابها:
-اظن خدتي وقت كفاية...علشان تعذ بيني
رغم تلك الرعشة التي سارت في سائر جـ سدها إلا أنها حاولت دفعه عنها بمقاومة بالية ليتابع عتابه وهو يُشـ دد على خصرها أكثر وكأن مُحال تركها:
-هُونت عليكِ كل ده يا أم قلب اسود
ابتلعت بصعوبة رمقها وتلاشت مقاومتها وتشبثت بذراعيه لتدعم جـ سدها هامسة وعيناها حزينة مُسبلة تُشبه جرو صغير ضائع:
-عمرك ما تهون يا "سليم" بس اللي حصل مكنش هين عليا وكنت اضعف بكتير إني اتخطاه بسهولة
شملها بدفء عيناه وعقب بجدية مُتفهمًا وهو يضع غرتها خلف أُذنها:
-عارف أنه مش هين عليكِ وعلشان كده حبيت اسيبك تاخدي وقتك وتفكري بمنطقية لأن وقتها هتفهمي إني مليش ذنب وبعدين
انتِ وعدتيني أن مهما حصل هتقوي بيا؛ و انا قدرت خوفك ومش هنلوم بعض على اللي فات إحنا لازم نتخطى ونكمل حياتنا ولو حاجز الثقة اتهز بينا هنرممه سوا وانا متأكد أننا هنقدر وهنبدأ بداية جديدة مفهاش ضعف أو خـ وف ولا قلق
رفعت عيناها الذابلة له بنظرة كأنه كل ما لها ثم أومأت برأسها دليل على إقتناعها لتبتسم عيناه ويُقـ بل جبينها بقبـ لة حنونة للغاية قبل أن يد س أنامله بين خصلاتها ويجذ بها من مؤخـ رة عُنـ قها دافن رأسها بين طيات صدره وكأنه يُخبرها بطريقة محسوسة أن مكان الضلوع مكانها، لتحاوط هي خـ صره وتستكين بين أحضانه بحميمية ودفء اشعل حواسه وجعل كل خلية به تنبض تُعبر عن أشتياقه لها وبعد دقائق من السَكينة ابتلع رمقه بحلق جاف وتسأل بأنفاس مُتثاقلة وهو يشعر بقلبه يطـ رق أضلعه بعنـ ف مُترقب جوابها:
-واحشتك زي ما وحشتيني وكنت هتـ جنن عليكِ؟
رفعت رأسها وفصلت عناقها تستند بكـ فوفها على صـ دره وخاصًة موضع خافقه وكأنها تطمئن نبضاته المُتسارعة وهمست صادقة وغاباتها زيتونها تزدهر من جديد بثمار عِشقها:
-اوي يا "سليم"
زمـ جر هو راغبًا وشعر بالد ماء تتـ دفق في اوردته بسـ خونة فور قولها ودون مقدمات تُذكر كان ينـ قض على شفـ اهها في قُـ بلة عاصفة، مُتبادلة، شـ غوفة لأبعد حد لدرجة أنها شعرت أنه يكاد يلتـ همها وقبل أن تستوعب كانت قد مها تُرفع عن الأرض بعدما حمـ لها لتأن تحت وطأة شفا هه التي لم تسلت شفا هها وتتعلق بعُنقه اثناء سيره بها لغرفتهم...التي أغلق خلفه للتو بابها بكعب حذائه وهو لا يطيق صبرًا على نِيـ لها و يكاد يمـ وت شوقًا ليـ حصل على ترياقه من نبع عِشقها الذي لم ينضب وفاض فيض بِعطائها.
❈-❈-❈
كل فِنية وآخرى ينظر لساعة يـ ده اثناء وقفته أمام متجر الألعاب بعد أن تلقى مكالمة هاتفية من "حسن" و طلب منه وعلى غير المتوقع أن يُساعده في إنتقاء هدايا تناسب ذوق أطفاله الذي يوافق عيد مولدهم غدًا، وبعد طول انتظار لمحه من بعيد يأتي بخطوات بطيئة بعض الشيء وبيـ ده صبي صغير باكيًا و يُشبهه لحد كبير وقد استنتج أنه ابنه، فقد تنهد "نضال" وتهكم مازحًا:
-مكنتش اعرف ان مواعيدك يتظبط عليها الساعة يا بشمهندس...
تحمحم "حسن" بشيء من الحرج كونه استعان به، ورغم تردده في بادئة الأمر إلا أن ذلك كان حله الوحيد نظرًا لضيق وقته وعودته اليوم من سَفرة العمل ونظرًا ايضًا كونه يجهل تلك الأشياء ولم يعتاد عليها لذلك وضع حرجه جانبًا بعدما برر موقفه أمام ذاته، و زفر أنفاسه يخبره بضجر من بكاء الصغير الذي لم ينفك عنه طوال الطريق:
-معلش يا دكتور مراتي صممت أخد "علي" معايا
ومن ساعة ما نزلت بيه وهو بيزن زي ما انت شايف
مط "نضال" فمه بعد قوله وجلس القرفصاء أمام الصغير يُخرج محـ رمة ورقية من جيب قميصه يـ زيح بها دمعاته معاتبًا إياه بِخفة:
-ايه يا عم بتعيط ليه كده ده اللي يشوفك يقول انه كان خاطـ فك وبيـ عذبك
شهق الصغير واعتـ صر عينه بحركة عفوية تنم عن حُزنه ليتابع "نضال" وهو يُخرج من جيبه قطعة من الشوكولاته المغلفة التي تُفضلها "شيري" ودائمًا يحتفظ بها ليكافئها بها، مانحه إياها، ليخفت بكاءه شيء فشيء ويفض غطائها ودون تمهل كان يلـ تهمها
ليقهقه "نضال" على فعلته وينحني عليه يُقبله ويداعـ ب وجنته قائلًا بمشاكسة:
-على فكرة انا هسامح ابوك على الساعة اللي وقفتها علشانك بس خليك جدع بقى وزق معايا اليوم
ابتسم الصغير وتجاوب معه بهزة من رأسه، مما جعل "نضال" نظراته تتجمد عليه ثوان قبل أن يَتأمر معه بِخفة غامزًا بعينه:
-طيب يلا ندخل ونخـ رب الدنيا ونغرم ابوك فلوس كتير
هز الصغير رأسه مرة آخرى ولكن أكثر حماسًا و وجهه تعتليه بسمة واسعة حين ثأثأ بحروف متكسرة:
-ماشي
قالها وعينه تبرق أمام العارضة الزجاجية للمحل، ليبتسم "نضال" بسمة واسعة ويحمله من أرضه ويدخل به للداخل تارك "حسن" يلحق بهم وهو يضـ رب كف على آخر من أفعال ذلك ال "نضال" التي تثير دهشته في كل مرة فحتى صغيره الملـ عون الذي غُلب معه لساعات استطاع هو التأثير عليه في غضون ثوانِ.
❈-❈-❈
وقفت بالقرب من الورشة التي يعمل بها تقدم ساق وتُأخر آخرى حقًا لا تعلم ماهية رغبتها في رؤيته كل ما تعلمه أنها ارادت أن تأتي تواسيه فيما أصاب شقيقه ولتكن صادقة مع ذاتها لم تتأثر بمـ وته حين علمت فهو يستحق ما ناله فمع مـ وته طوت صفحات الماضي الأليـ م معه، ورغم ذلك لم تستطيع أن تكبح رغبتها في مواساة من آذرها في أشد اوقاتها فقد شجعت ذاتها و وقفت على اعتاب الورشة وفور أن لمحها تقاذفت دقات ذلك الخـ ائن بصـ دره وهرول لها هامسًا بأسمها:
-"بسمة"
ابتسمت لنطقه لأسمها وقالت وهي تفـ رك بيدها مُرتبكة بعض الشيء:
-البقاء والدوام لله انا لسه عارفة أمبارح قابلت" روحية" جارتكم في السوق وهي اللي بلغتني
سَكن الحُزن عيناه وعقب على مواساتها:
-ونعم بالله
دام الصمت بعدها وإن رفعت نظراتها وجدته عينه الناعسة تشملها بنظرة لم تتفهم المغزى منها إلا حين نطق:
-زعلتِ عليه؟
اجابت على سؤاله بسؤل أخر مُتوجس وهي تُعدل حجاب رأسها:
-لو قولتلك هتزعل...
نفى برأسه، لتخبره هي بصدق ظهر جلي على وجهها:
-لما عرفت اتاخدت شوية لكن بعد كده مــــ....
ترددت في إخباره فموقفها تُحسد عليه فإن أخبرته بالحقيقة ربما يحزن أن الحديث يخص شقيقه وإن ادعت أنها تأثرت قد يظن أنها مازالت تلك الساذجة التي فرطت من أجل شقيقه بكل ما لها، لذلك تلعثمت وهي تتهرب بنظراتها:
-أذكروا محاسن موتاكم
بلاش نفتح في القديم علشان بالنسبالي أدفـ ن قبله...انا جيت بس اعمل الواجب وامشي عن أذنك
قالتها قبل أن تواليه ظـ هرها وتغادر تاركته يُبرر قولها ويفسر ردود أفعالها وجذوة من الأمل تتجدد بداخله تخصها.
❈-❈-❈
كعكة كبيرة وطاولة عامرة من الحلويات كانوا جميعهم ملتفين حولها يرددون تلك الاغنية الشائعة خاصة عيد الميلاد
فقد حضر الأهل والأصدقاء وبالطبع "حسن" وزوجته التي خالفت توقعاته ووافقت على المجيء معه، وعلى غير المتوقع ايضًا كانت هادئة تُتابع عيون زوجها التي تختلس النظرات كل حين وآخر ل "رهف" وهي بين صغاره المُهللين وتبدو في أوج سعادتها مع الطبيب الذي لطالما سمعت عنه فبعد إطفاء الشمعات انطلقت "رهف" بين المدعوين تُرحب بهم وبالطبع الطبيب لم يفارقها فكان يحـ اوط خـ صرها ويُلازم خطواتها ويطالعها بنظرات وَلهة تفضح ما يكنه لها وحتى كلما فتحت فمها للحديث مع أحد عينه تتلقف حروفها بنظرات دافئة تنم عن عِشقه لها وهنا بشكل ما تفهمت ما يدور برأس زوجها لتقرر أن تجعله لا يُحيد بأفكاره بعيدًا عنها، فقد تعلـ قت بذراعه تضـ مه لها تطالعه بنظرة فسرها هو تنم عن ضجرها حين قال:
-عارف انك زهقتي، ودقايق وهنمشي
أجابته وهي تبتسم وتربت على ذراعه التي تتعلق به:
-انا مقولتلكش إني عايزة امشي
بالعكس انا مبسوطة إني معاك
جعد حاجبيه يستغرب قولها وتلك البسمة التي تعتلي فمها،
تزامنًا مع أقتراب "نضال" الذي بادر بالترحيب قائلًا وهو يصافح "حسن":
-كل سنة وهما طيبين يا بشمهندس عقبال ما تحتفل بيهم وهما في الجامعة
صافحه" حسن" و أمتن له بصدق بعدما نال استحسان أطفاله هداياه وسعدوا بها للغاية وشكروه على انتقائه الذي ناسبهم كثيرًا، ولكن ذلك لم يُثير دهشته كما دُهش أن "نضال" لم يُخبر احد أنه استعان به بل افتعل أنه تفاجأ مثلهم فحقًا عجيب ذلك ال "نضال" يوم عن يوم يختلف منظوره المقعر له:
-تسلم يا دكتور معلش تعبتك معايا
عقب "نضال" ببسمة بشوشة وببساطة دون تعقيد:
-ولا يهمك احنا عيلة واحدة
قالها ثم رحب بـ "سميرة" بتحفظ، قبل أن يأخذ "علي"من يدها يحمله مُشاكسًا:
-يا عم مفيش معرفة كده الله يسامحك
ابتسم الصغير كونه وجهه مألوف له ومال يمنحه قُـ بلة على وجنته بشكل خاطف جعل" نضال" يقهقه قبل أن يستأذن منهم:
-طيب عن أذنكم بقى انا هاخد" علي" و هنروح نلعب مع الولاد
اومأ "حسن" يسمح له بينما "رهف" التي انضمت لهم لتوها ابتسمت وقالت ببسمة صافية لا يكمن شيء خلفها:
-نورتيني يا مدام "سميرة"
منحتها "سميرة" نظرة شملتها من رأسها لأخمص قدمها وتسائلت في نفسها ما بها مميز لذلك الحد الذي يجعلها للأن ترى الحسرة مُنعكسة مع صورتها بعين زوجها
فحسنًا هي تتمتع بجمال مميز عن غيرها بخصلاتها البندقية ورماد عينها ورقة حديثها مهلًا! أتتغزل بها أم تلوم حظها فرغم أنها لا تملك حُسنها ولا هدوء أطباعها إلا أنها تتيقن أن لا أحد يستحقه غيرها، فقد رسمت بسمة تنم عن ثقتها وأجابتها وهي تتشبث بذراعه أكثر كأنها تُريد أثبات شيء لنفسها:
-شكرًا وكل سنة والولاد طيبين وعقبال كل سنة
ابتسمت "رهف" بود لم تتصنعه وألقت سلام عابر على "حسن"
قبل أن تخطو مُبتعدة
وإن رأت "سميرة "عينه مُتعلقة بظهرها جذبت وجهه لمرماها وقالت بهدوء لم يكن يومًا من طباعها وهي ترسم على وجهها بسمة مُدللة استغرب توقيتها:
-انا كلمت ماما هنمر عليها علشان اسيبلها "علي"
اعتلى جانب فمه وعقب مُتعجبًا من قولها:
-ليه مش بعادة يعني تخلي "علي" يبعد عنك
داعبـ ت طرف ياقة قميصه وقالت مُتـ غنجة وهي تحجب رؤيته وتقف أمامه كل لا يرى غيرها:
-اعمل إيه أصل جـ وزي حبيبي كان مسافر وبعيد عني وعايزة النهاردة مفيش حاجة تشغلني عنه أصله واحشني أوي وكنت بعد الساعات في غيابه
ابتسم وهو لا يُصدق أن ذلك الحديث يخرج من فـ مها لتهمس هي على غير المُعتاد مُعبرة عن ما يجتاحها دون سؤاله لتُفحمه أكثر:
-انا بحبك يا ابو علي وانت كمان مش كده
اتسعت بسمته الرائقة حين نطقت بها خالصة، دون أن تُشعره أنها تَمن عليه بها مما جعله يطالعها بنظرة راضية هامسًا ايضًا وهو يميل يُقـ بل جبهتها:
-اه يا "سميرة "انا كمان بحبك ومليش غيرك.
قالها بصدق وهو يُقن أن لا فائدة من السخط ف "سميرة" هي واقعه الملموس الذي لابد أن يرضى به كما هو و يتعايش معه.
..يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميرا كريم من رواية ذنبي عشقك، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية