-->

رواية جديدة كله بالحلال لأمل نصر - الفصل 1

 

قراءة رواية كله بالحلال

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية كله بالحلال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر


الفصل الأول



تحت السماء وزرقتها الصافية والتي توشك على الإحمرار الاَن باقتراب المغيب، وهذا الوسيم الجالس أمامها يجدف بزراعي المركب النيلي فيميد بهم وهو يخترق  الأمواج الهادئة في أجواء رومانسية رائعة ، تستمع لكلمات الغزل  التي يلقيها على أسماعها بكل عشق وهيام؛ وكأنها موسيقى تطرب اذنيها التي تزينت هي الأخرى بوردة حمراء، وشعرها الكستاني يطير حول وجهها بفعل النسمات المداعبة له :

- وشك يا ليلى غلب القمر في جماله؟

شهقت بابتسامة:

-  معقول ! ازاي بس هو في حد بقى في جمال القمر عشان يغلبه كمان؟

- ايوة في طبعًا، انتي ياليلى ولا انت مش شايفة نفسك ؟ دا كدة يبقى العيب في مرايتك بقى.

 ابتسامتها ازدادت اتساعًا وهي ترد :

- انتي بتحرجني أوي بكلامك ده ، وانا بصراحة مش عارفة اقولك إيه؟

- ما تقوليش حاجة يا ليلى، انتي بس تؤمري وانا انفذ ، انتي جميلة وتستحقي الغزل، وعلى فكرة بقى ، انا مجهزلك مفاجأة .

سألته بفضول :

- مفاجأة أيه تاني كمان بعد الجو الجميل ده؟

لوح لها بكف يده وهو صامتًا ليستدير للخلف وهو جالس ، و أخرج لها علبة مخملية زرقاء اذهلتها من جمالها فقالت ببلاهة :

- يانهار ابيض، ايه العلبة الحلوة دي اللي على شكل قلب دي ؟ انتي جايبهالي انا؟ .

اومأ برأسه مبتسمًا باختيال وقال:

-  هي العلبة حلوة صح، بس الأهم هو اللي جوا العلبة .

قالت وقلبها ضرباته تدق كطبول افريقية داخل صدرها وهي تخمن او بالأصح تؤكد لنفسها انه أتى اخيرُا بخاتم خطوبة كي يطلبها :

-  طيب اا ماتخرجها كدة وخليني اشوف انت جايب إيه؟

حينما دنى برأسه على العلبة كي يفتحها ، مدت كف يدها بحركة خاطفة تنظر لها ان كانت نظيفة  جيدًا ام لا، حتى لا تشعر بالحرج وهو يلبسها الخاتم، وبداخلها تتسائل ان كان من الدهب الخالص ام تراه مرقط بقطع الألماظ، او يكون هو نفسه من الألماظ الخالص ؟ ما اجمل ان يتزين إصبعها بخاتم من الالماظ ، ستطير من الفرح حينما تراه يلمع بيدها.

رفعه رأسه فجأة يخاطبها بابتسامة كبيرة يغلفها الحماس:

- انا مش هاخرج الهدية غير لما  تغمضي عيونك يا ليلى .

على الفور أغمضت عيناها بلهفة لاتقل عن الحماس:

- اهو اديني غمضت عيني، وريني بقى .

- مغمضة كويس ولا بتستهبلي ؟

ضغطت أكثر على عيناها بعدم صبر:

- والنعمة يا بني مغمضة ما بتستهبل، خلصني يالا بقى  .

- طب خلاص فتحي عيونك وشوفي الهدية.

بمجرد سماعها لجملته فتحت عيناها وهي تشهق بفمٍ مفتوح اغلق على الفور بصدمة فور أن رأت قطعتين من الذهب متشابهتبن ولكن لم تكن واحدة منهم خاتم للخطبة او حتى تشبه الخاتم من الأساس، خرج سؤالها دون ان تدري :

- ايه ده ؟ هو انت جايب حلقين لوداني؟

- طبعًا يا حييبتي ، هو انتي مش شايفاهم كويس، انا جيبتهم يا روح قلبي لما لاحظت ان ودانك دايمًا فاضية من غير حلق يزينهم..

حاولت التريث في ردها وقالت ببعض الصبر :

- انا وداني مافيهاش حلقين عشان انا ما بطقش اي حاجة فيها، يعني مش لعدم مقدرتي على تمنهم.

خبئت ابتسامة الحماس على وجهه وهو يرد :

- يعني انتي معجبتكيش هديتي ولا عايزة تقبليها حتى؟

- لا طبعًا ازاي بس؟ عجبتني أكيد وهاخدوها، بس السؤال بقى ؛ هو انت مخبي ايه تاني في كيس الهدايا اللي وراك؟ عشان اعرف.

قالتها وهي تشير بسبابتها نحو خلف ظهره ، فعادت ابتسامته مرة اخرى وهو يلتف ليتناوله ويخرج منه عبوة كبيرة لصابون الشعر يلوح بها امامها قائلًا :

- ماهي دي بقى هديتي التانية ، جبتلك علبة شامبوا من اللي تمنها ١٢٠ جنيه عشان انا لاحظت ان شعرك كمان مقصف .

صاحت كالمجنونة وهي تحاول التوازن في الوقوف:

-  يعني انت جايبني هنا وعاملي جو رومانسي ومركب ونيل عشان تذل امي بحلق لوداني وشامبوا لشعري المقصف، وكل اللي عليك لاحظت لاحظت، في أيه ياض؟ ولا عشان انا سكتالك من الصبح، وديني لاطلعهم عليك.

نهض هو الاَخر ليقابل طول جسدها الصغير بحجم جسده الكبير وهو يتكلم بسخط:

- يعني هو دا جزائي اني راجل عندي نظر وباخد بالي من التفاصيل ، ولا دا بقى مش كلامكم انتوا يا ستات؟ اللي طول النهار فالقينا بيه في السوشيال ميديا والتليفزيون ؟ اهم حاجة الإهتمام اهم حاجة الأهتمام؛ اديني يا ختي بهتم ، غلطت انا في إيه بقى؟

فغرت فاهاها وتوسعت عيناها غير قادرة على النطق،

 للحظات تستوعب كلماته قبل ان تصرخ فيه :

- يخربيتك ويخربيت تفاصيلك ، معدتش عايزة منك اهتمام ولا زفت ، دا انت سديت نفسي عن الدنيا كلها ، جاتك نيلة عليك وعلى جوك الرومانسي قال وانا اللي كنت فاكراك جنتل مان، دا انت طلعت جركن مان، رجعني ياض عشان انا قفلت منك .

تكتف بذراعيه والتوى فمه المطبق وهو يشيح بنظره عنها فقال بسماجة  :

- انا ما ليش دعوة ، لو عايزة ترجعي قدفي انتي لوحدك ، انا مش هاقدف تاني .

كاد ان يطير عقلها من بروه وانتفخت أوداجها وهي تشعر بعدم  التوازن في المركب الصغير ، تود ان تقفز عليه لتغرز اصابعها على بشرته السليمة، لتحفر بها خطوطًا طولية، تشوه وجهه الوسيم ،حتى تشفي غليلها منه، فخرج صوتها باهتزاز:

- ياض انا مش عارفة اوزن نفسي في المركب كويس ولا عارفة ارجع اقعد حتى، خلي عندم دم وازن المركب .

ظل على وضعه متكتف الذراعين وذقنه ممدودة للأمام بخيلاء :

- مليش دعوة ولا متحرك من مكاني ، اتشطري انتي بقى.

زاد خوفها وعدم قدرتها على التماسك، وازداد اهتزاز المركب وهي تشعر بقرب انقلابه على الماء، حتى صرخت به:

- الله يخرب بيتك مش وقت تناحتك دلوقتي، اتحرك ياض المركب هاتغرق بينا .

هزعز برقبته مع صوت قرقعة من فمه:

- مهما تعملي برضوا مش متحرك ، عشان تعرفوا بس قيمة الرجالة في حياتكم .

مع صدور كلماته الأخيرة مالت المركب بشكل اقوي ليقع هو بثقله داخل المياه،  وسقطت هي جالسة بالمركب متفاجئة وقبل ان تخرج ضحكتها الشامتة فيه وجدت نفسها هي الأخرى سقطت  بالمركب داخل المياه فشهقت صارخة والمياه تغرق وجهها، فتحت عيناها جيدًا، فتفاجأت بوجه أخيها عزيز وضحكة سمجة اعتلت ملامحه،  وقد كان بيده دورق من المياه فارغ ، استدركت لوضعها، والمياه تقطر من أعلى رأسها، حتى نهاية الجزء العلوي من بيجامة النوم، هتفت عليه غير مصدقة:

- انت دلقت عليا مياة ساقعة ع الصبح ياعزيز ؟ 

صدحت ضحكته المجلجلة :

- اصل لقيتك بترفسي بإيدكي ورجليكي عالسرير واكنك بتتخانقي مع حد، قولت افوقك يالولة، ايه رايك بقى ؟

نهضت بجذعها وهي تزيج عن جسدها الجزء المبلل من بيجامتها وهي ترد بقلة حيلة :

- رايي في إيه ؟ انت مصحيني بمية ساقعة على اول الصبح من غير ما تخاف عليا ليجيني التهاب رئوي واموت بسببك ان شاء الله يعني، دا غير انك مراعتش خصوصيتي كفتاة ناضجة ومن الممكن أكون لابسة حاجة بنص كوم ولا من غير كوم اساسًا وعيب عليك كأخ كبير تشوفني كدة من الأساس 

- عيب إيه ؟ 

انطلقت ضحكاته السخيفة مرة اخرى بصورة أشعرتها بالقهر قبل ان يكمل قائلًا :

- عيب إيه يا بت؟ هو انتي افتكرتي نفسك بقيتي ست بجد ؟ قوم يا ختي ساعدي امك في تحضير الفطار ، قال فتاة ناضجة قال ؟ هو انتي فيكي جسم اساسًا، عشان يبقى ليكي خصوصية.

ذهب من أمامها ومازالت ضحكاته ترافق خروجه من الغرفة وخارج الغرفة أيضًا .

مسحت بيدها على وجهها المياه وبيدها الأخرى تزيح الجزء المبلل عنها وهي تنهض عن التخت وشعور بالقهر ملأ قلبها ، وقفت أمام المراَة لتشاهد وضعها المأساوي ، وكلمات اخيها تنعاد برأسها :

- ( فاكرة نفسك بقيتي ست بجد ؟ قال فتاة ناضجة قال) .

تمتمت بغيظ :

- هو يوم وباين من أوله؛ يعني مش كفاية حظي الزفت في الحياة وفي الواقع، حتى في الأحلام كمان لما احلم بفارس الأحلام ، يطلع تنح ومعندوش دم، دا إيه الهم دا بس ؟


❈-❈-❈


- بقولك دلق عليا مية ساقعة يصحيني بيها يا ماما، هي دي حاجة هينة ؟

القت منار نظرة نحوها وهي تقشر بيدها البيض المسلوق على المنضدة الخشبية الصغيرة في المطبخ، قبل ان تعود لما تفعله مرة اخرى وردت بعدم اكتراث :

- اه وعايزاني اعملك ايه بقى؟ اروح ازعقله مثلًا واشتمه عشان صحاكي بزمة زيادة شوية ؟

هنفت من مكانها بجوار البراد :

- اقولك دلق عليا ميه ساقعة  تقوليلي صحاكي بزمة ، وهو في إيه يا ماما؟ انتي مش خايفة عليا لاموت؟

- ان شالله بجد يا بعيدة عشان اخلص منك ومن قرفك، كل اللي على لسانك ، عزيز عزيز، اشحال ان ما كان دا اخوكي الكبير ، وهو اللي شايل المسؤلية من ساعة ابوكي ما اتوفى ومات .

هتفت بعدم سيطرة :

- عزيز مين اللي شايل المسؤلية ؟ هو انتي بتسمي الكام ملطوش اللي بيرميهم في حجرك كل شهر ، شيل مسؤلية ؟ احنا عايشين في عز بابا يا ست ماما ، ولا انتي فاكراني عيلة صغيرة ومش دريانة بالبلاوي اللي بيعملها عزيز ، وعلاقته مع البنات والستات، ولا انتي افتكرتي كمان ان رانيا صاحبتي ماهتعرفش بمغامراته و........ اه .

قطعت حديثها مجفلة وصارخة من الهجوم المباغت من والدتها، ملوحة بقبضتها في الهواء والأخرى ممسكة بتلابيب ملابسها وعيناها احمرت بشراسة:

- عارفة ما اسمعك تكرري كلامك دا تاني ولا اعرف انك غلطي بيه قدام رانيا ، هايحصل ايه ؟

هزت رأسها برعب وأعين جاحظة .. فتابعت منار :

- هاخلص عليكي بإيدي يا ليلي او اقطعلك لسانك الطويل ده عشان تعملي الف حساب بعد كدة للكلمة قبل ما تخرج منك.

ردت بأسف وجزع لتتدارك غضبها:

- انا أسفة يا ماما ، واوعدك اني مش هكررها تاني ، مبسوطة كدة .

فلتت منار قبضتها منها وهي ترتد لتعود لمكانها بجوار الموقد الغازي، فقالت بتجبر وعيناها ما زلت محدقة بها :

- ايوة كدة اتعدلي عشان مقلبش عليكي ، اخوكي ها يتجوز رانيا عشان مؤدبة وهي أكيد هاتوافق بيه ، يعني انتى تخرسي خالص وما سمعش صوتك فاهمة ؟

أومأت برأسها دون المقدرة على النطق وهي تحاول الخروج من المحيط الضيق بجوار والدتها وقد كانت على وشك التهامها في لحظة،

تحركت قدميها من أجل الخروج ولكن الأخرى أوقفتها بأمر:

- استني عندك هنا يا بت.

- نعم يا ماما.

هتفت بها تجيب النداء على الفور، قبل أن تشير لها منار نحو الجهة الأخرى قربها لتخاطبها بشر:

- التليفون عندك ع الرخامة، اتصلي برقم خالتك مروة عشان اكلمها انا وانتي ونطمن عليها:

على الفور اتجهت بانصياع، تضغط على الرقم المعروف، فجائتها الإجابة سريعًا:

- الوو.... يا خالتو  عاملة ايه؟

وصل لأسماعها الصوت الرجولي المستفز، ابعدت الهاتف عن أذنها بقرف تخاطب والدتها بصوت خفيض:

- الحقي يا ماما، سامح البارد هو اللي بيرود عليا.

اشرق وجه منار، ثم ما لبثت أن تعود لتجهمها وتخاطبها بحزم هامس:

- طب ردي عليه.

ارتفع طرف شفتها لتردد باحتجاج:

- لا طبعًا، دا غتت وانا مش ناقصة تلامة ع الصبح...

قطعت مجبرة وقد هالها مشهد والدتها التي دنت نحوها بأعين مخيفة تكز على أسنانها بتهديد:

- هاترضي ولا افتح دماغك الجزمة دي واستريح منك بالمرة؟ 

لم تنتظر استيعاب الصدمة، رفعت إليها الهاتف سريعًا تجنبًا لجنون منار:

- أيوة يا سامح، انا مش خالتو انا بنتها ليلى، هي مامتك فين؟

- ليلى!

لفظ الأسم ليتبعه بتنهيدة ذات صوت عالي أثارت القشعريرة بأسماعها، حتى بدا على ملامحها التي تقلصت مع متابعته:

- دا ايه الصباح اللي زي القمر ده، يعني انا اقعد اتصل بيكي وابعتلك في الرسايل متروديش، لحد ما جاني احباط من تجاهلك، قوم الاقيكي فجأة انتي اللي بتتصلي بيا، اَخيرًا قلبك حن يا لولو؟

زاد الحنق بداخلها حتى تغلب على جزعها من رد فعل الأخرى، لتردد له بشراسة:

- لا يا حلو، مش انا اللي متصلة، دي امي عايزة تكلم امك، بترد على تليفون امك ليه ياض:

هددتها منار تبرق بعينها لتحذرها ولكن روح العند بداخلها جعلتها تتجاهل بعدم اكتراث،  ليأتيها صوته من الناحية الأخرى:

- بقيتي بيئة وقليلة زوق اوي يا ليلى، دي مش طريقة ناس كلاس خالص دي، ثم ايه حكاية مماتك دي كمان؟ هو انتي متعرفيش ان انا اللي برد ع التليفون اليومين دول، عشان مامي مانعها الدكتور من الكلام في الفون، على ما تخف من تعبها الاخير، دا بدل ما تتصلي وتسأليني زي أي بنت رقيقة، عاملة ايه خالتو مروة يا سامح؟

تلاحقت انفاسها بانفعال بدا جليًا على صفحة وجهها التي امتقعت بشدة لتوجه النظر نحو والدتها في الرد عليه:

- كل الموشح ده عشان قولتلك عايزة اكلم خالتي، طب مش انا اللي عايزاها يا ريس، امي هي اللي عايزها، اتفضل كلمها. 

ختمت الاخيرة واضعة الهاتف بكف والدتها، ثم انتفضت بسرعة قبل أن تتمكن من النيل منها، وركضت خارجة من المطبخ.

تفاجأت منار بفعلتها، همست مغمغمة ببعض السباب والتوعد قبل أن تندمج في المكالمة الهاتفية:

- ايوة يا حبيب خالتك، ازيك يا سموحة.


❈-❈-❈


- والله عال، مابقاش الا سامح ابن مروة كمان عشان يعلمني الأدب والزوق، بصوته المسرسع دا كمان.

غمغمت بالكلمات بعد أن تمكنت من الهرب من براثن منار وهذه المكالمة الثقيلة على القلب، حتى تفاجأت بصديقتها، التى واقفة بوسط الصالة، رافعة احدى حاجبيها بشر، وهيئة لا تنبئ بالخير.. قطبت ليلى بدهشة فخرجت كلمتها وكأنها سؤال :

- بسمة !!!


❈-❈-❈


من وقت ان رأتها داخل بيتهم بوسط الصالة؛ بعد ان كانت خارجة من المطبح هاربة من غضب والدتها، وهي تشعر بالغرابة منها، وقفتها المتحفزة ، نظرتها الغريبة نحوها ثم ردها التحية والمصافحة ببرود، والأهم من ذلك كله؛ زيارتها الغريبة وقد مر على تبادل الزيارات بينهم أكثر من سنتان ، من وقت ان انتهوا من دراستهم الثانوية، وهن الاَن في السنة الدراسية الثانية من الجامعية ولا يوجد زيارات كالسابق .

- هاتفضلي واقفة عندك كتير ؟ ولا انت لازقتي جمب الباب.

اجفلت ليلى من شرودها على هذه اللهجة المتهمكة منها فقالت بتردد وهي تتقدم بداخل :

- معلش يا بسمة ، انا بس استغربت شوية من الزيارة يعني؟ ودي بصراحة مش من عادتك ؟

قالت بلهجة غير مريحة وهي تعود لخلف المقعد وتضع قدم فوق الاَخرى :

-  حبيت اعملك مفاجأة يا لليلى ، ايه بقى معجبتكيش الزيارة؟ ولا صاحبتك ما وحشتكيش؟

قطبت حاجبيها وهي تجلس أمامها على طرف التخت، مرددة بزوق:

- ازاي بس يا بسمة متعجبنيش الزيارة ولا انتي نفسك ما وحشتنيش ؟ انا كل الحكاية اني بس مستغرباكي انتي نفسك النهاردة، ودا غير طبعًا انك جيتي من غير ميعاد ودي عمرها ما حصلت .

ظلت للحظات تحدق صامتة بنظرات غامضة نحو ليلى التي شعرت بالإرتياب منها ومن نظراتها  المخيفة، ثم ما لبثت ان تباغتها بقولها:


- جوزيني اخوكي .

- نعم!!

- نعم الله عليكي يا حبيبتي، بقولك جوزيني اخوكي . 

رفرفرت ليلى برموش عيناها تتحرى المزاح من كلماتها الغرببة  والصادمة ، فتابعت الأخرى :

- بلمتي ليه؟ ما تردي ولا اتكلمي بأي حاجة، انتي اتخرستي؟

خرجت ضحكة غرببة من ليلى ترد:

-  انتي أكيد بتهزري يا بسمة صح؟ ولا شكلك عاملة فيا مقلب ولا إيه بالظبط؟

ردت بهدوء :

- لا ياختي انا لا بهزر ولا عاملة فيكي مقلب، انا بتكلم بجد،  ولا شكلي مش باين عليه الجد؟

وكأنها اصيبت بمرطقة في رأسها ردت بصدمة :

- يا نهار اسود، ماهي دي المصيبة؛ إنك بتتكلمي جد وانا مش قادرة استوعب، ازاي يعني؟

- إيه هو اللي ازاي؟ مش انتي ووالدتك بتدورا على عروسة  لاخوكي عزيز؟ يبقى يا حبيبتى تخلي عندك دم وتوفقي ما بيني وبين اخوكي؛ دا لو عندك دم ؟


هكذا ببساطة، قالتها بوجهها دون حياء ولا خجل، جعلتها تحدق مرة أخرة منعقدة اللسان لعدة لحظات، ولكن لحكم الصداقة  بينهم  وفهمها الجيد لشخصيتها، كصديقة مقربة لها منء سنوات، فهي  تقدر موقفها لعلمها التام باندفاعها وجرأتها الدائمة في الإقتحام .


- مالك يا عنيا؟ سكتي ليه وما بتروديش على كلامي؟ 

اجفلت من شرودها على لهجتها المستتفزة في السؤال، فقررت الإجابة ببعض الحكمة:

- هاقول ايه بس يا بسمة؟ انا طبعًا ما اتمناش لاخويا واحدة أحسن منك في الجمال ولا في...الأدب، بس هو اصل الحكاية يعني...

قاطعتها فجأة قائلة بحدة :

- الحكاية هي انك خاينة، وروحتي فاتحتي رانيا؛ اللي هي يدوبك معرفتك من سنة واحدة بس ونسيتي صاحبتك، صاحبة عمرك في حاجة ضروري زي دي .

ردت بتوتر :

- يا بسمة ما هي مكانتش اختياري، دي اختيار والدتي .

- ووالدتك بقى تعرفها منين يا حبيبتى؟ مش منك برضوا؟ ولا ما تعرفنيش انا عشان ترشحني لاخوكي؟ ولا يكونش الست رانيا احلى مني وانا مش عارفة؟

- لا طبعًا يا بسمة،  انتي أكيد احلى، بس انا والدتي طلبت مني اشوف لها بنت خام وخجولة عشان تعجب عزيز ويوافق بيها ف..

- وانا مش خام ولا مؤدبة عشان ترشحيني؟


وكأنها لا تعلم مثلًا ؟ هل هي تمزح ام لا تتكلم من عقلها، فنسيت انها دائمًا كانت  شاهدة على مغامراتها العاطفية بالجامعة وأيام الثانوي، مع معرفتها أيضًا بعدم تعديها الحدود معهم رغم ذلك، ولكنها تحادث الشباب وتعدهم وتخرج معهم، وهنا لا تنطبق عليها الشروط..


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة