رواية جديدة كله بالحلال لأمل نصر - الفصل 2
قراءة رواية كله بالحلال
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية كله بالحلال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثاني
- بنتك قليلة الزوق أوي يا خالتو، دي لازملها كورس مكثف عشان تتعلم معاملة اولاد الذوات، هي ازاي طالعة كدة أصلًا في وسط عيلة هاي كلاس زيكم؟
استرسل سامح بالنقد، يعبر عن احتجاجه لأسلوب ليلى في التعامل الجاف معه، وكالعادة بررت منار بذكائها، متغاضية عن ذمه الصريح في ابنتها:
- يا روح قلبي ما انت عارفها اَخر العنقود وياما والدها دلعها، ثم انت كمان بتقفش معاها على أي حاجة، لازم تبقى لين كدة شوية، هي برضوا بنت وتحب اللي يعاملها برقة
- الله، ما انا كمان بعاملها بمنتهى الرقة، لكن بنتك زي الدبش، بتصدمني على طول بألفاظها البيئة.
عقبت مرددة من خلفه بعتب:
- ما تقولش عليها بيئة يا سامح، اخص عليك، دي بنت خالتك حبيبتك برضوا.
رد من جانبه بغضب:
- ما انا عارف انها بنت خالتي، بس كمان مخنوق منها يا خالتو، عشان مش مدياني فرصة، يعني يرضيكي عاميلها معايا.
اطلقت ضحكة منتشية وقد وصلت معه لمبتغاها، لتردف له بلهجة ماكرة:
- قول كدة بقى من ألاول، هو دا سبب عصبيتك منها، على العموم طمن قلبك، خالتك في ضهرك يا روح خالتك، يعني سيبك من امور العيال دي، وقت الجد بيبقى الكلام غير.
شعرت بابتسامته حينما رد على قولها بارتياح:
- بجد يا خالتو؟ انا كنت عارف من الأول انك اجمد ست في عليتنا وفي البلد كلها.
عادت بضحكتها العالية قبل أن تخاطبه:
- حيث كدة بقى مدام اطمنت وقلبك هدي، طمني انا كمان على اختي، هي قاعدة جمبك وسامعة كل الكلام صح؟
❈-❈-❈
وفي داخل الغرفة كان الحديث بين الفتاتين ما زال على أشده.
- يا بسمة افهميني، انتي يا حبيبتى ست البنات وانا أكتر واحدة عارفاكي وفهماكي، بس بصراحة بقى وعشان تبقى واضحين، انتي كنتي بتكلمي ولاد، وياما وعدتي وخليتي بيهم، يعني من الاَخر كدة مش خام زي رانيا اللي بتتكسف من خيالها .
- وهبلة وعبيطة زيك وبتتلبخ في الكلام، لو أي ولد سلم ولا صبح عليها، هي دي اللي امك عايزاها يا ليلى؟ إشحال ان ما كان اخوكي مقطع السمكة وديلها، يعني اللي زي رانيا دي لاهي ها تفهمه ولا هو ها يفهما .
هتفت بالاخيرة بحدة اجفلت ليلى، رغم اقتناعها بوجهة نظرها، فهذا كان رأيها من البداية، فهي الأعلم بطبيعة شقيقها المتلاعب بقلوب الفتيات، وقد كان الإشفاق على الفتاة من طباعه السيئة؛ هو سبب اعتراضها في البداية، ولكن مع إصرار منار، اذعنت صاغرة لمطلبها.
ومن ناحية أخرى فكرة ارتباط بسمة بعزيز، رغم التشابه العجيب في الصفات بينهما، إستبعدتها بمجرد ان خطرت بذهنها، فهي رغم قوة شخصيتها ووقوفها معها في أشد اوقاتها احتياجًا لها، ولكنها كانت هي الأخرى تحادث الشباب، حتى خبثها هذا ورأسها الممتلئة بالمؤامرات، افادتها جدًا حينما كنت تقع في مشاكل أو أخطاء بسبب طيبتها وحسن نيتيها التي استغلها العديد من الأشخاص، ولكنها تحادث الشباب!
- سرحتي في إيه تاني يا بني ادمة انتي؟
سألتها رافعة حاجبها بشر وكأنها قرأت ما تفكر به على صفحة وجهها، ردت ليلى غير مستجمعة شجاعتها:
- سرحت في كلامك المفاجئ ليا ده، وانا بصراحة شايفة انه ملوش لازمة بما إني فاتحت البنت خلاص .
- بس هي مردتش ولا قالت اَه، عشان طلبت منك مهلة تفكر فيها
اجفلت باطلاعها على هذه التفاصيل الدقيقة، وحديثها عن ثقة، فخرج السؤال لها باستفسار.
- وانتي عرفتي منين؟
وضعت قدم على الأخرى تجيبها بزهو:
- منها يا حبيبتي، عشان طلبت تاخد رأيي ومشورتي، وانا بقى عملت نفسي معرفوش ولا اعرف عيلتكم اساسًا.
ابتلعت ليلي ريقها بارتباك، لا تعلم بما تجيبها، فواصلت الأخرى بضغطها:
- ما هو يا توافقي تجوزيني أخوكي بالحلال يا اتصرف انا بقى من نفسي زي بقية البنات الوحشين واروح لدجال يعملي عمل يجوزهوني وبلاها منك انتِ خالص.
- لا طبعًا يا بسمة دا حرام .
هتفت بها دون تفكير، حتى استدركت لتنتفض فجأة وهي تستوعب الكلمات، فتوسعت عيناها وانسحبت الدماء من وجهها لتردف بذعر ونبرة باكية:
- يا نهار أسود يا بسمة هو انتِ ممكن تعملي كدة فعلًا وتجيبي العفاريت في بيتنا؟ دا انا بخاف ادخل المطبخ بالليل اشرب من التلاجة امال لو حصل ونفذتي؛ هامنع كمان من دخول الحمام.؟
ردت تزيد بإصرار وتمكن:
- والله انا بقولك على طرق البنات الوحشين، أتمنى انك متضطرنيش اعملها ولا حتى انتي تزيدي بغبائك وتخلي الضرر يطولك.
شحب وجه ليلى بفزع، مع تخيلها لتنفيذ التهديد من قبل صديقتها المجنونة، والتي استغلت تتابع بأساليبها العديدة لإقناعها وهي كالصخرة، تتدعي التعنت، وعدم التراجع عن موقفها، أو حديثها مع الفتاة، حتي صدح صوته من خارج الغرفة.
- بت يا ليلى الشاحن عندك ؟ .
- دا صوت اخوكي عزيز صح؟
هتفت بسمة بالسؤال المتلهف نحوها، فردت تجيبها بسأم:
- ايوه هو نفسه يا بسمة، بغلاسته ورزالته.
كرر بندائه:
- ما تردي يا بت، الشاحن عندك ولا لأ؟
- أيوة عندي يا عزيز عشان شحنت بيه الفون بتاعي
- طب هاتيه ياختي، مستنية إيه بقى؟
لكزتها بمرفقها لتحثها على الرفض :
- ما تتحركيش من مكانك وخليه هو يدخل يا ليلى .
- ما ينفعش يا بسمة، دا ممكن يديني بالقلم على قفايا لو اتلككت.
- قوليلوا بتذاكري .
- الشاحن يا زفنة
صدح الصوت مرة أخرى، ليزيد من تشتتها، مع ضغط الأخرى حتى أذعنت لرغبتها تجيبه:
- تعالي انت خدوه بنفسك عشان انا مشغولة بالمذاكرة مع صحبتي بسمة .
قصدت ذكر اسمها لمعرفتها الجيدة بطبع شقيقها، وهوايته المريضة لمشاغلة صديقاتها الفتيات، وكما توقعت، لم يتأخر دقيقة واحدة حتى وجدته يدلف اليهما بهدوء ودماثة مصطنعة، بخطواته المتمهلة، يستعرض طول جسده وعضلاته التي لاطالما تفاخر بها أمامها، حتى ألقى التحية عليهن:
- مساء الخير يا بنات .
- مساء النور يا باشمهندس عزيز .
- اخبارك إيه يا اَنسة بسمة؟ على الله تكوني بخير .
- كويسة اوي يا باشمهندس، ربنا يخليك على السؤال .
تتحدث برقة وصوتها خارج كالهمس، أما هو فيتحدث بابتسامة ومودة يدعي الأدب وليلى تناظره بدهشة شديدة فهي اعلم الناس بنظراته الماكرة، لماذا تشعر بصفة التشابه الذي يجمع هذان الاثنان بشكل مستفز؟
بعد خروجه من الغرفة، أجفلتها بجذبها من ذراعها بشراسة تخاطبها:
- اديكي شوفتي بنفسك، نظرات اعجابه بيا وهي هتنط من عنيه ولا كلامه المزوق معايا.
- يا بنتي افهمي بقى، أخويا اساسًا بجح وبيعجب بأي صنف انثى معدي قدامه، أمال انا أمي عايزة تجوزا ليه؟ مش عشان يتلم .
صاحت بها علّها تفهم، وجاء رد الآخرى بمزيد من التصميم:
- جوزهولي وانا المه .
- ودي اعملها ازاي دي؟
سألتها ليلى بتذمر وقد ضاقت ذراعًا بها، وكان ردها صمتت مفاجأ، مضيقة عيناها ورافعة حاجبها الرفيع بنظرات متوعدة، جعلتها تتوجس خيفةً منها وهي تتناول هاتفها وتتلاعب بهِ، فصدح منه فجأة الصوت الذي جعل قلبها يقفز بسرعة ارنبٍ بري في حديقته الغناء، فرحةً وسعادة بسماع الصوت المحبب، ممدوووح!
- ايوة يا أخويا يا حبيبي .... انا عند صحبتي بنراجع شوية محاضرات.... طبعًا أكيد تعرفها .... دي ليلى.. تحب تكلمها بنفسك عشان تتأكد؟.
الملعونة، كانت تطالعها بخبث، وهي تتحدث في الهاتف مع شقيقها الوسيم، بكلمات ذات مغزى وترت ليلي، وجعلتها تشعر بعدم الإرتياح، وقد بدا جليًا أنها وجدت لها نقطة ضعف.
حينما أنهت اخيرًا توجهت نحوها تخاطبها بابتسامة مرواغة:
- ها يا قلبي، احنا كنا بنقول إيه بقى قبل ما اتكلم انا مع اخويا في الفون؟
نهرتها بغضب محذرة:
- تتكلمي ولا تتزفتي حتى، إنتي ازاي يا بسمة تعرضي على اخوكي يكلمني عشان يتأكد؟ انت عارفاني بكلم ولاد أصلًا؟
- اممم يعني انتي ما بتكلميش ولاد عشان مؤدبة زي رانيا، طب إيه رأيك لو اتجوزتيه ؟
هكذا وبشكل مباشر، تكلمت بها، غير مكترثة بالحنق الذي سرى بداخلها، ولا بملامحها التي امتقعت بانفعال شديد تهدر بها:
- انتي بتقولي إيه يا بسمة؟ يخربيتك، مخك لسع ولا ايه؟
اقتربت منها تفاجأها بقولها:
- انا هاجيبلك من الاَخر يا ليلى، جوزيني اخوكي وانا اظبطك تتجوزي اخويا، ويبقى زيتنا في دقيقنا .
توسعت عينيها، وافتر فاهاها بشهقة خنقتها بداخل حلقها قبل أن يخرج صوتها بما تعدى الذهول:
- زيت إيه وبتاع إيه يا مجنونة انتي؟ هو انت ازاي بتبسطي المواضيع على مزاجك كدة؟
ارتخت بسمة لتجيبها ببساطة وكأنها تتحدث عن عرض ملابس ولابد من اللحاق به قبل أن ينفذ:
- بلاش تتشنكي يا ليلى واسمعي كلامي، امشي معايا على الخطة اللي هارسمهالك بالظبط و احنا الاتنين نكسب، انا عارفة انك معجبة باخويا ومكسوفة تكلميه، ولعلمك بقى هو كمان معجب بيكي، ومستني فرصة بس عشان يتعرف، وانا هاموت واتجوز اخوكي، يبقى نظبط بعض وبلاها من الغباء بقى؟ بدال وديني لاخلي اخويا يكرهك من البداية كدة واحرم انا ما ادخلك بيت تاني ولا اعرفك من الأساس.
- لقد جنت، هذه الفتاة طار عقلها بالفعل،
هذا ما ورد بعقل ليلى في هذا الوقت، رغم توجسها من التهديد المتجبر، باستغلال نقطة ضعفها، والضغط عليها بقوة، هذا ما يطلق عليه لعب غير نظيف.
- ها قولتي إيه يا بنت الناس، وافقتي ولا ها ترفضي؟
هتفت بها بسمة متسائلة بإلحاح أضعف مقاومة الأخرى، حتى لانت لهجتها في الرد:
- طب وافترضي وافقت انا عليكي، اخويا ووالدتي، هانتصرف معاهم ازاي بقى؟
ابتسامة منتشية اعتلت ملامحها لتردف برضا:
- حلو النتيجة دي، ان كان على اخوكي ولا والدتك يا قلبي، فا انا هاعرفك كويس تتصرفي معاهم ازاي؟ ودلوقتي بقى يا حلوة، مدام اتفقنا، يبقى نبتدي في اول خطوات الخطة بتاعتنا، طلعي فونك واتصلي على رانيا.
- نهار اسود وانا هاتصل برانيا واقولها إيه؟
- انا هارسيكي تقوليلها إيه ؟
❈-❈-❈
خرج من غرفة شقيقته يتلفف للخلف بارتباك، وكأنه يود العودة مرة أخرى ليتبادل الحديث مع هذه المدعوة بسمة، صديقة شقيقته التي غابت عن زيارتهم من منذ مدة طويلة تقارب السنتين أو أكثر، لتعود اليوم خالعة عنها ثوب المراهقة، وتبدله بثوب فتاة جامعية مكتملة الأنوثة، لقد تفاجأ بها اليوم، بجلستها متغيرة مئة وثمانون درجة، باختلاف جذري عن شقيقته النحيفة ذات اللون الباهت، قطته الصغيرة ليلى .
- عزيز.
هتفت منار تناديه بإسمه بعد أن انتبهت عليه اثناء خروجها من المطبخ، سمع منها ليتجه نحوها يجيب النداء بصوت خفيض:
- نعم يا ماما، عايزة حاجة؟
رمقته باستغراب سائلة:
- مالك بتكلمني وانت موطي صوتك كدة، هو احنا عندنا ضيوف؟
تبسم بأعين تضيء بها النجوم، يجيبها بمرح:
- أيوة يا ماما، دي البت اللي اسمها بسمة صاحبة بنتك بتاعة ثانوي، البت اتغيرت وبقت جامدة أوي يا ماما.
ذوت ما بين حاحبيها بتفكير سريع، حتى ارتفع حاجبها واعتلت قسامتها حدة ظهرت جليًا حتى في نبرة الحديث، قائلة بتهكم:
- ودا بقى اللي مخلي وشك مورد وفرحان كدة، ليه بقى كانت السفيرة عزيزة هي نورت بيتنا؟
خبئت ابتسامته وظهر عليه الاضطراب ليدمدم باعتراض:
- وانتي شوفيني يعني مشغلها مزيكا حسب الله؟ جرا إيه يا ست الكل، بلاش الخنقة دي بقى.
اخرجت من فمها زفيرًا كثيف، لتقبض بكفها على ذراعه وتسحبه معها لداخل المطبخ، ثم أجلسته معها حول الطاولة الصغيرة، لتحادثه بمهادنة:
- اسمعني يا عزيز، احنا يا حبيبي اتفقنا انك هتتعدل، يعني تخف بص على البنات خصوصًا صحابات اختك، كفاية عليك رانيا دي بجمالها واديها بيهم كلهم، فاهمني؟
أومأ لها برأسه، لكن بعدم اقتناع، حتى تجرأ مجادلًا:
- يا ستي ما انا عارفة انها حلوة وعجباني، بس كمان دا ميمنعش ان الواحد يمتع عينه بالجمال اللي حواليه، واهو الواحد ياخد فكرة برضوا، لو منفعش موضوعي مع رانيا، اهو ندور على بسمة....
- أوعى.
هتفت بها مقاطعة لتردف بتحذير:
- احنا بنقول تتعدل، يعني تتجوز وربنا يهديك مع واحدة مغمضة تبقى تحت طوعك وتصونك، بسمة غير رانيا يا حبيبي، دي بت مروشة لكن دوكها قطة مغمضة، يعني عجينه تشكلها على كيفك.
تابعت تربت على كفه بتشديد:
- انا عارفاك لافف وداير، وأي واحدة حلوة بتشدك، بس
يا حبيبي، مش أي بنت فيهم، تنفع تبقى ست بيت، انا عايزة اجوزك واريح دماغي، مش ابقى شايلة همك العمر كله.
عبس عزيز وظل صامتًا، يستوعب كلماتها بتفهم، وسكنت هي حينما شعرت باقتناعه.
❈-❈-❈
في صباح اليوم التالي وأمام مراَتها، كانت واقفة تتفحص هيئتها بالملابس التي تظل واسعة دائمًا عليها، مهما أكلت، وجاهدت بالأنظمة الغذائية لعلاج النحافة، ولكن لا شيء يفلح.
بشفاه مقلوبة تناظر وجهها الصغير ولون الخضار بعينيها الضيقة، لا يظهر سوى للقريب، ثم هذا المسح في الأمام، يضيف عليها مزيدًا من الذل بين أشقائها الكبار، ريهام أكبرهم والتي ورثت عن والدتها الجسد الممتلئ بإثارة، بالإضافة للطول الفارع، ورهف شقيقتها الثالثة، والتي لا تقل عنها نوثة، والتي هاجرت مع زوجها ابن القنصل إلى إحدى الدول الأوربية، ليتبقى عزيز والذي ينافس في وسامته ولياقته البدنيه، نجوم الفن والرياضة على صفحات السوشيال ميديا، لا عجب أن تتقاتل الفتيات من أجل الإرتباط به، هي بالفعل تعذر بسمة......
على خاطرها الاَخير، قطعت سيل افكارها البائسة بتذكرها، لهذه اللقاء اللعين بعد ساعة من الاَن تقريبًا، بعد أن اجبرت على تدبيره، بفضل الإتفاق مع الاَخيرة، زفرت تلعن حظها، فكل شيء يسير على غير إرادتها، اجبرت ساقها لتتجه نحو خرانة ملابسها كي تنتقي ما يصلح اليوم من الملابس للخروج منه، تناولت احدى الكنزات وقد حسمت الأمر بارتدائها، بعد أن طالعتها للحظات قبل أن ترفع رأسها متضرعة بالدعاء:
- هديها على خير يارب، ويسترها من المشوار الملغم ده.
❈-❈-❈
- اخويا زفت وبارد زي لوح التلج، وأي بنت ناس لو عندها ذرة عقل واحدة لا يمكن تقبل بيه ........ دا غير انه يعرف بنات بعدد شعر راسه وعمره لا قدر اصول ولا عرف .... وانا اَسفة اوي اني فاتحتك في موضوع جوازك منه عشان انتي بنت ناس واخاف عليكي تتبهدلي معاه وو......
- يا ألهي، بماذا أكمل؟
كانت تغمغم بالكلمات التي قضت ليلة كاملة تحفظ بما أملته عليها بسمة ليثبت بعقلها، وها هي الاَن قد تناست معظمه، بفضل القلق الذي كان يعصف بها اثناء انتظار الفتاة.
عادت لتحادث نفسها:
- سامحكِ الله يا بسمة، أنتِ السبب في وضعي هذا، ترى ماذا سيكون رد فعل الفتاة حينما أصدمها بهذه الحقائق الكريهة عن أخي؟ اخاف أن تكرهني وتظنني اتلاعب بها.
توقفت مع ظهور الفتاة الجميلة الرقيقة، تتهادى خطواتها بنعومة وخجل، لاتتناسب ابدًا مع زوجة مستقبلية لشقيقها عزيز المتبجح، حتى شعرت بوهلة أن بسمة معها حق.
وصلت رانيا إليها تبادرها الحديث بإلقاء التحية الروتينية:
- صباح الخير يا ليلي .
- صباح الخير، اخيرًا جيتي يا رانيا، دا انا بقالي ساعة مستناكي.
خرجت منها بحدة تفتعلها بغرض داخلها، تغاضت رانيا، لتعتذر منها:
- معلش يا حبيبتي سامحيني، اصل الدكتور النهاردة طول شوية في المحاضرة، ومحسش بالوقت غير بعد مدة طويلة..... ها، إيه بقى الأمر الضروري اللي كنتي عايزاني فيه؟
تردف برقة متناهية ثم تسألها ببرائة عن معرفة السبب لاتصالها بها بلأمس، فماذا تفعل الاَن مع هذا الصراع الدائر بعقلها؟ بين نون النسوة التي تطالب بحفظ الفتاة لمن يستحقها ادبًا وخُلقًا بعيدًا عن عزيز ، وخ الاخوة التي تطالبها باختيار الزوجة الصالحة المطيعة حتى لو كان أخيها لا يستحق! وفي كلتا الحالتين تشعر بداخلها الاَن أنها سيئة وجزائها هو الجحيم .
- سرحتي في إيه يا ليلى وانا بكلمك؟
- همم.. لا يا قلبي انا بس مخي كان مشغول بحاجة كدة.. أاا اصلي كنت بفكر يعني في العرض اللي عرضته عليكي امبارح بخصوص خطوبتك لاخويا يعني وو..
توقفت بصدمة تبصر الفتاة التي تخضب وجهها بالحمرة بمجرد ذكر اسمه، تبتسم بدلال وخجل، وهي تكور كفيها على حجرها بتوتر.... كلها علامات تصعب عليها مهمتها ولا تبشر بالخير ابدًا، ابتلعت ريقها تحاول مرة أخرى:
- انا اقصد يعني اصل ااا
- اصل أيه يا ليلى؟ ما انا عرفت خلاص .
- عرفتي إيه؟
- عرفت ان اخوكي مؤدب اوي وباشمهندس محترم !
- اخويا مين اللي مؤدب ومحترم ؟
- اخوكي عزيز يا ليلى .. هو انتي نسيتي؟ دا انا عرفت انه ملتزم قوي ومعظم خروجاته غير من البيت للجامع او البيت للشغل .. دا غير انه بيساعد والدتك في شغل البيت وحنين معاكي انتي بالذات عشان اصغرهم ولا اكنه والدك حتى .
- والنبي!!! وانتي عرفتي بقى المعلومات القيمة دي كلها من مين يا رانيا ؟
- عرفت من والدتي يا ليلى، ما هي قابلت والدتك في السوبر ماركت، وحكت لها والدتك بطولات عن اخوكي، الباشمهندس عزيز .
حسنًا لقد انجلت الرؤية الاَن بشكل واضح، كان يجب عليها أن نعلم من البداية، فكلمات الشعر الكاذبة هذه، لن تصدر سوى من منار، الاَن فقط تأكدت انها ليست وحدها السيئة .
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية