رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 20
قراءة رواية نزيلة المصحة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نزيلة المصحة
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل العشرون
جلس الطبيب حمزه لباقي اليوم وحيداً في غرفته بعد غادر عمرو المنزل، وبقي عبدالله مع زوجته واولاده بالصاله،
الاولاد يتقاتلون فيما بينهم علي اتفه الاسباب،
وعبدالله وسماح يفصلون بينهم،
وتصل الاصوات الي مسامع حمزه كصافرات الانذار مزعجه، فيصرخ عقله طالباً الرحمه، فما بداخله يكفيه ولا يحتمل فوق تشويشه تشويشاً اكثر،
فمال بجسده الي أن وصل الكوميدينو الذي بجانب السرير، ففتح أحد ادراجه، واخرج كيساً من القطن واخذ منه مايكفي لسد كلتا اذنيه كي لا تصل الاصوات اليهم،
وبالفعل هدأ الضجيج قليلاً حين فعل ذلك، واغمض حمزه عيناه وهو يتنفس الصعداء،
ثم تمدد علي فراشه وهي يفكر في النوم قليلاً كى يعطي لعقله قسطاً من الراحه،
فقد تعب كثيراً من الحيره وكثرة التفكير والتحليل طوال الساعات الماضيه.
وبالفعل اغمض عيناه ودخل في ثبات عميق يهرب فيه من كل ما يشغله.
وفي هذه الاثناء في الاسكندريه
دلفت كريمه الي داخل غرفة ود وهي تحمل صينية محملة ببعض الطعام وكوباَ من العصير، وتقدمت حتي وضعتهم بجانب ود علي الفراش، ثم جلست بجانبها واخذت تنظر لها فى شفقة، وتتأمل حالتها المذريه ثم اردفت في حنو بالغ:
يلا ياقلب ماما كريمه كليلك لقمه وكفايه بقي سرحان وتوهه، يلا ياود محصلش حاجه يابنتي لكل اللي بتعمليه فنفسك ده.
فتنهدت ود ثم نظرت اليها وقد اختلط في مقلتيها الحزن مع الندم مكوناً سحابة من الدموع التي تحجرت بين جفونها واردفت بصوت يحمل من الألم ما جعل قلب كريمه ينفطر عليها:
انا كنت بحب بابا اوي ياماما كريمه وعمري مافكرت فيوم اني أءذيه، انا بابا دا كان عندي الدنيا ومافيها،
ازاي انا افكر اموته وانهي حياته!
قولي اني مش انا اللي كنت السبب في موته ياماما، قولي انهم غلطانين وبيقولوا كده عشان يموتوني من القهر والندم.
كريمه: والله عارفه ياود انك كنتي بتحبي باباكي وانه كان اغلي حد عليكي في الدنيا، وعارفه انك ملكيش اى ذنب فأذيته ولا موته،
وأن حسام وامه هما السبب،
بس تقولى ايه فاللى يعمل العمله ويلصقها فغيره عشان منها يتخلص من اللوم ومنها يموت غيره من الحسره، لكن ربك مش بيسيب حق حد وبيخلص الظلم، وصدقيني حقك وحق الاستاذ قاسم هيرجع ولو بعد حين،
وعشان تكوني واقفه بكل قوتك وشموخك وقت وقوع عدوك، وعشان يكون فيكي حيل تفرحي بعدل ربنا لازم تاكلي وتتغذي كويس، لأن حتي الفرحه محتاجه حيل ياود، كل حاجه في الدنيا محتاجه حيل يابنتي.
فأومات لها ود براسها قبولاً، وفتحت فمها تتلقي مابيد كريمه من طعام حين مدتها لها،
ومضغته وبلعته دون ان تستسيغ طعمه، او تعرف له طعماً من الاساس،
فما اثاره الطبيب حمزه اليوم في نفسها كفيل بأن يغير طعم الحياة كلها في عينيها باللون الاسود، ويضفي حتي علي الهواء الذي تتنفسه طعم المرارة.
❈-❈-❈
حملت كريمه ما تبقي من طعام وخرجت به بعد أن اكلت منه ود لقيمات قليله، تعلم كريمه انها لا تسمن ولا تغني عن جوع، ولكنها كافيه لتقتات عليها لحين تحسن حالتها وعودة الرغبه لديها للطعام من جديد.
وظلت كريمه فى المطبخ قليلا تنهي تنظيف الاطباق المتسخه قبل العودة لود مرة اخري ومحاولة الهائها بالحديث،
ولكنها تركت كل ما تفعل حين سمعت صرخة ود التي افزعتها، وعلمت منها ان هذا الطيف قد زارها من جديد،
فهرولت اليها ووجدتها متكورة علي نفسها فى آخر السرير، وتنظر الي زاوية الغرفه بخوف،
وما أن رأتها تطل عليها من باب الغرفه حتي صرخت بإسمها استنجاداً واسرعت تحتمي بحضنها من ذلك المجهول عديم الوجود الا بمخيلتها هى فقط،
وهاهي كريمه تقضي ساعات اليل مستيقظه مع ود التي لم يغمض لها جفناً من الخوف، مثل ليالٍ كثيرة قضتها الاثنتان بنفس الوضع تماماً، ساهرتين، تطويا ساعات اليل طياً كي يأتي النهار،
عل المخاوف تتبدد وترحل مع رحيل الظلام وبزوغ نور الشمس.
اما حمزه فنام ملئُ عينيه نوماً،
وكلما فتحت عليه اخته باب الغرفه واختلست النظر كي تطمئن عليه، وجدته باسطا ذراعيه ورجليه،
ويغط فى نوم عميق، فتتراجع للخلف وتغلق باب الغرفة مرة اخري حتي يتمتع بأكبر قسط من الراحه،
فهي تعلم كم يعاني عقله من الانشغال فى كافة امور الحياة وهو مستيقظ،
فحياته عبارة عن شيئان لا ثالث لهما،، عمل وقهوة،
والاثنان من وجهة نظر نظر سماح لن يجني اخيها من خلفهم سوى الدمار، مهما كان يستمتع بفعلهم،
وها هي تجلس بجوار عبد الله في الصاله بعد أن نام الاطفال اخيراً، وعم الهدوء المكان، وهمست له بنبرة قلقه:
خايفه علي حمزه قوي ياعبدالله، هو مقالكش ايه سبب العلقه اللي اخدها دي؟
اصلي مش مصدقه انها محاولة سرقه زي ماقالي، انا الحكايه دي مش داخله دماغي، حاسه ان فيه إنه غير كده في الموضوع.
اردف عبدالله سريعاً كي يجعل فكرها يحيد عن اتجاه الشك الذي يسلكه:
ولا إن ولا اخوتها، الحكاية حكاية محاولة سرقه بجد، وعرفوا اللي عمولها كمان وجاري البحث عنهم، شافوهم في كاميرات مراقبه.
فتنفست سماح الصعداء، وقد اطمأنت الأن أن الموضوع ليس شخصياً، ولا توجد عداوة بين اخيها واحد.
اما عبدالله فأستغفر الله في سره علي كذبته هذه،
فهو قالها مضطراً، والأ سيأكل القلق قلب زوجته علي اخيها، وتصر علي الا ترحل من جواره ابداً،
فهو يعلم كم تخاف عليه، وخاصتاً لو علمت ماأقحم ذلك الابله نفسه فيه من صراعات ومشاكل كان في غنى عنها!
❈-❈-❈
صمتت سماح قليلاً بعد أن دعت علي من فعلوا بأخيها حمزه هكذا،
ونهضت كي تذهب للنوم فقد استغاث جسدها هي الاخرى طلباً لبعض الراحه بعد يوم شاق قضته مابين اعمال المنزل ومتطلبات الاطفال التي لا تتوقف،
هذا غير ثرثرتهم المتواصله.
وبعد أن دخلت واغلقت باب الغرفة عليها، جلس عبدالله اما التلفاز يستمع الي الاخبار، ولكن لم يكن تركيزه اليوم معها نهائياً،
فكل ما يدور في عقله الآن هي القصة التي رواها علي مسامعه المدعوا حسام اليوم،
والتي يبدوا أن بها احداثاً تساوى اضعاف ما رواه غرابة وهولاً.
واخذ يتمني أن ينتهي اليل ويأتي الغد سريعاً، كي يأتي حسام ويستمع منه الي مايرضي فضوله القاتل الذي جعله يتحرق شوقاً لسماع المزيد.
اما عند حسام:
فها هو يتقلب ذات اليسار وذات اليمين، لا يعرف النوم لجفونه سبيلاً،
وكيف السبيل الي المنام وهي بعيدة عن محيط عينيه، ولا يعلم ماذا تفعل او لماذا تخطط،
وخاصة انه متأكد أن جل ما تصبوا اليه ود هو الانتقام منه بأكثر الطرق شراً،
وستحاول الايقاع به بأشد الحيل دهاءً.
فنهض من فراشه وتوجه الي الشرفه، فتحها ووقف فيها عارِ الصدر سانداً بكلتا يديه فوق سورها، ينظر الي السماء الواسعه متأملاً النجوم تارة،
وتارة اخري يعود بناظريه الى نوافذ البيوت المضيئه علي مد البصر متمنياً لو كأن يستطيع الطيران فى هذه اللحظه،
لكان سبح فى الفضاء الواسع، وضرب بجناحية الهواء محلقاً،
وجاب الأرض من مشرقها لمغربها باحثاً عنها ، من يمينها ليسارها ،
يقف على كل نافذة من نوافذ البيوت ويبحث داخلها حتي يجدها،
فينقض عليها قابضاً على جسدها النحيل بمخالبه كصقر ينقض على فريسة قد اتعبته فى ملاحقتها.
وتنهد وهو يعود من سماء امنياته لواقعه ويدرك أنها مجرد امنية لن تتحقق، وأن ود ستفعل ماتستطيع كى لا يجدها مرة اخرى،
فما من طير كان حبيساً سيحلق حول قفصه مرة اخري، او يقترب من صيادة بعد أن تحرر من أسره.
وليس امامه للوصول اليها سوى سبيل وأحد فقط، وهو الطبيب حمزه.
ظل على نفس وقفته طويلاً،
ولا يعلم ان هناك عيوناً تراقبه منذ مغادرته للفراش وحتى هذة اللحظه،
عيون تتنقل بين ثنايا جسده الممشوق الذى انعكس عليه ضوء القمر، ليلمع ببريق خاص،
ليأسر لب من لا ينقصها أن يذداد فى عينيها جمالاً،
فيكفيها انها تشعر بأن كل رجال الدنيا قد اُختزلت فيه وحده، وأنها لا ترى رجل مثله أو سواه على وجه الارض،
وتنهدت بألم وهي ترى حاله، فهي تعلم جيداً فيما يفكر الآن،
ومالذي يؤرقه ويطرد النوم من عيونه ويقض مضجعه، وكم تمنت أن تنهض وتذهب اليه،
فتحتضنه من الخلف وتضمه اليها، وتتلمس ندبته التي لايسمح لها بإن تضع يدها فوقها أبداً،
وتشعر بقربه ودفئ جسده،
ولكنها تظل امنيات في نفس يعقوب،
فهي تعلم جيداً ان حضنه او احتضانه محرم عليها، وأن اقترابه منها له شروط وقوانين لا تستطيع خرقها.
وكم تتألم حين تتذكر أن قوانينه هذه كان تُدهس تحت اقدام ود، لتسود قوانينها هي فوق قوانينه،
وتكتب بيدها من جديد بنود دستوره وتغير البنود كما يحلوا لها، وهو لا يملك سوى الموافقه ويختم بختم واجب التنفيذ.
زفرت بحنق واستدارت الي الجهه الأخري كي تمنع عيناها من مراقبتة اكثر، والغوص في بحر امنيات لم ولن يتحقق اياً منها وهي تعلم هذا جيداً.
فهو معها منذ أن شاء القدر أن تتزوجه وهو الحاضر الغائب، القريب البعيد،
ويبدوا أنه سيبقي هكذا حتى النهايه ولن يتغير شيئ، ولكنها فى كل الأحوال لن تتوقف عن المحاوله والتمني ، فإن زوجها حقاً يستحق.
لا يعلم حسام كم من الوقت ظل على وقفته،
لكنه شعر بخدرٍ في ساقيه من طول الوقوف،
وظن أنه قد انتهي من عد نجوم السماء جميعاً،
وشعر انه بحاجة الآن الى بعض الراحه،
فدلف الي الداخل واغلق باب الشرفه، وعاد لينام فى فراشه،
فصعد علي الفراش واخذ يريح عضلات جسده بالتمدد،
ثم انقلب على جانبه الايمن، ووقعت عيناه على تلك السمراء النائمه بهدوء يشبه هدوء الاطفال،
وثبات لم ير مثله من قبل، فهو يكاد يقسم ان لا حركة تصدر منها اثناء نومها، ولا يتحرك لها ساكناً،
هادئة لدرجة تجعل النائم بجوارها يظن ان ليس لها وجود.
تأملها قليلاً ثم انقلب على جانبه الايسر وبدأت جفونه تثقل شيئاً فشيئاً بعد أن داعبها النوم، فأغمض عيناه مستسلماً لسلطانه.
وها قد لاح فى الافق يوماً جديداً يلتهم نوره ظلمة الليل، وزقزقت العصافير تعلوا اكثر فأكثر محتفلة بقدومه،
فأفاق من نومه كل من كان ينتظر الصباح الجديد على احر من الجمر،
نهض حسام من فراشه بعد أن نظر بجانبه لم يجدها ودلف الي المرحاض فتحمم سريعاً ونزل الى الطابق السفلي،
ليجد ابنه قاسم يلعب بألعابه على الارض،
وجدته جالسة بجواره تلعب معه،
فجاب المكان بعينيه باحثاً عنها،
فوجدها هي من تقف اليوم في المطبخ تعد الفطور علي غير العادة!
فتوجه الى امه متفحصاً اياها ليتأكد جيداً انها بخير،
فهي لا تسمح لسمر بأخذ دورها فى إعداد الطعام الا إن كانت متعبة لا تقوي علي الوقوف في المطبخ!
وكم شعر بالراحة حين رفعت وجهها اليه تستقبله بإبتسامتها المعهوده، فتيقن من إشراقة وجهها انها بخير تماماً،
جلس بجوارهم علي الأرض وامسك بيدها وطبع قبلة عليها، وهي مسدت على ذراعه بحنو،
ثم انحني بجسدة، فوضع رأسه بين ارجل الصغير مداعباً،
ليضحك قاسم وهو يحاول أن يبعده من فوق العابه،
وبعد أن فشلت محاولاته امسك بإحدى العابه وقام بضربه علي وجهه ضربة جعلته يستقيم فى الحال وهو ممسك بأنفه ويضحك،
وامه أيضاً ضحكت معه وشاركتهم في الضحك تلك التي رأت الموقف من بعيد وهي آتية بطعام الافطار لوضعه علي الطاولة.
انهت تحضير الطعام وجلس الجميع وتناولوا الافطار في صمت خلى الا من النظرات المتبادله،
بين حسام وامه بلغة خاصه يفهمونها هم الاثنين فقط،
ومن سمر لحسام وهي تتأمله وتتمني لو يشاركها حديثاً صباحياً علي الطعام كأي زوجين جمعم فراش واحد طوال اليل،
انهي حسام فطوره ونهض متوجهاً لمكتبه اولاً،
فاحضر حقيبته الخاصه بالعمل وعلقها علي كتفه وبعضاً من الاوراق خرج وهو يقرأ فيها والسجار في فمه، واخبر والدته انه ذاهب الي العمل الآن، وانه سيتأخر اليوم فلا ينتظرانه علي الغداء،
وربما يفوت معهم وجبة العشاء ايضاً،
وسارخطوتان نحو الخارج تصحبه دعواتها بحفظ الله له ورده اليها سالماً،
ولكنه وقف فجأة كمن نسي شيئاً!
واستداد ببطئ ناظراً الي الوراء، فنظر الجميع حيثما ينظر، فوجدا عيناه متعلقتان بباب غرفتها.
فنكست سمر عيناها ارضاً وهي تشعر بالأسي على نفسها من وضع كهذا، وعليه هو ايضاً،
اما امه فزفرت بضيق وهي تراه يتراجع عن خروجه. ويعود ادراجه بخطوات بطيئه الي تلك الغرفة الملعونه،
التي لم يروا من أو ممن كانت تقطن فيها سوى كل شر.
وصل حسام الى الغرفه وادار مقبضها وفتحها متمنياً ان يجدها مازالت فيها وقد كان كل مامضي حُلماً مزعجاً،
ولكن للأسف وجدها خاوية،
وهروب ود منه هي الحقيقة الوحيده،
فنفخ دخان سيجاره داخل الغرفه كي يحجب عن عينيه رؤيتها فارغة من شيطانتة الصغيره،
ولكن سرعان ماطار الدخان واختفى في الهواء كما اختفت هى، وعاد يرى كل شيئاً خالياً مرة اخرى.
فزفر بديق واغلق الباب بعنف، وهرول مسرعاً الي الخارج وهو عازم ان يجعل الطبيب حمزه هو من يأخذه بنفسه اليها بعد أن يحكي له باقى الحكاية.
اما حمزه فتقلب في فراشة على صوت مزعجه الصغير الذي نسي ان يخرسه قبل أن ينام، فهو بإجازة ومن المفترض أن ينعم فيها بغفوة الصباح الجميله، ولكن للأسف نسيانه قد اضاع عليه فرصته الذهبيه هذه. وقام بإطفائة وهو يتعجب لم صوته منخفض قليلاً اليوم!
فنهض بتثاقل، وكم فرح وهو يحاول الوقوف بمفرده ووجد انه قد استطاع ذلك بمفرده بدون مساعدة،
فاخذ له غياراً، وفتح باب الغرفة كي يذهب ليتحمم،
ولكنه وقف مكانه وهو يرى اولاد اخته الاربعه يتسلقون اثاث البيت كقرود تسكن غابات الامازون!
وتعجب حين رآهم يصرخون ولا يأتيه صوتهم الا منخفض!
وأدرك السبب حين تذكر القطن الذي وضعه بآذانه بالأمس لتجنب صوتهم العالي المزعج، والذي لا زال موجوداً، فرفع يديه ينتزعه، لينصدم بالاصوات العاليه،
فأغمض عيناه محاولاً استدعاء الجلد اللازم على تحمل مايحدث هذا ليوم كامل آخر ،
وهو اليوم.
فقد قرر ان يرسلهم اليوم الي بلدهم ليبيتوا في منزلهم،
فهو اصبح بصحة جيدة الآن ولا داعي لمكوثهم معه وتعكير صفوا حياته اكثر ،
وتوجه الي الحمام بعد أن القي تحية الصباح علي الجميع، ورد عليهم انه بخير حين سأله الجميع عن صحته وكيف اصبح،
حتى انه مشى امامهم. مستقيماً بحركة طبيعيه متحاملاً علي كاحله الذي لازال يشعر فيه ببعض الألم،
وذلك فقط كي يثبت لهم انه بخير حقاً،
فيطمئنوا ويرحلوا فورا أن يطلب ذلك منهم،
وأدرك بعد أن دلف الي المرحاض واغلق بابه، لما شعر ان صوت المنبه كان منخفضاً قليلاً اليوم، وهو الذي تعجب حين ظن انه يخفض صوته رأفتاً على حاله!
فاردف عقله مذكراً له للمرة المليار كم هو ابله بسبب تفكير كهذا !
وخرج بعد أن انهي حمامه، ليجد أخته فى انتظاره بقدح قهوته الصباحية ،
ليذهب اليها متلهفاً فيأخذه منها بعد أن قبل جبينها شكراً وعرفاناً، وجلس بجوار عبدالله يتلذذ بقهوته،
فصمت عبدالله وطلب من اولاده الصمت ايضاً، فهو يعلم ان لحمزه في شرب قهوته طقوساً ومراسم يجب ان تتم علي اكمل وجه،
ومن اهمها التركيز، وقد حاول توفير الهدوء له لذلك.
انهي حمزه قهوته، ومن بعدها تناول الجميع الافطار سوياً، في حالة هرج ومرج لم يراها حمزه قبل الأن من اولاد اخته نهائياً!
فهو يقضي معهم ساعة او اثنتين في كل مرة يزورهم فيها،
ولا يجد منهم كل هذه الغوغاء!
وتسائل في نفسه:
ايعقل كانت حينها تجبرهم على السكوت!
وها هي ساعات اليوم تمر بطيئة، قضاها حمزه في الصاله وسط اخته وزوجها وأولادها،،
يؤكد لهم بالكلام والضحك وكافة الوسائل الممكنه انه تحسن تماماً،
ظلوا علي هذا الحال حتى رفع اذان الظهر، وإذ بحمزه يتلقي اتصالاً علي هاتفه، فأخرجه ليري من المتصل..
متأملاً ان تكون هي، لتخبره انها اصبحت بخير اليوم، او حتي كريمه تخبره بذلك،
ولكن الاتصال لم يكن منهم للأسف، ولكنه لم يقل اهمية لديه عن اتصالهم،
فقد كان من حسام يخبره أنه سيكون عنده في غضون ساعة علي الاكثر.
فرحب به حمزه، واخبره انه بإنتظاره، واغلق هاتفه، ليفاجاً بعبدالله يقف في منتصف الصالة يزأر في أولادة كأسد غاضب بعد ان سمع المكالمه:
اسمعوا ياولاد سماح، فيه ضيف جاي هنا بعد ساعة،
وهو وهنا لو سمعت صوت حد فيكم طلع، انتوا وامكم متلوموش غير نفسكم سامعين؟
وانتي ياسماح اعملي حساب الراجل علي الغدا معانا عشان ميقعدش شوية ويقوم بحجة انه جاع.
فنظرت اليه وهو يقف في المنتصف يعطى الأوامر كقائد يخطط لغزوة ما، وقد تجلي الحماس عليه كمن علي مشارف خوض مغامرة عظيمة.
ولكني اعطيته كل الاعذار، فهو الفضول وانا سيد من يعلم كم هو قاتل.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية