رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 10
قراءة رواية نزيلة المصحة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نزيلة المصحة
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل العاشر
واخيراً وصل الطبيب حمزه الى الاسكندريه بعد ساعات من السفر، وبمجرد ان دخل اليها قام، بإيقاظ السيدة كريمه كي تدله على وجهتهم، وعنوان الشقه التي تحدثت عليها..
افاقت كريمه من غفوتها سريعا وفرحت كثيراً بانهم وصلوا وقامت بوصف العنوان له،
واجتاز حمزه الشوارع سريعا حتي وصل المكان المراد، فأوقف السيارة وترجل، وترجلت كريمه هى الاخرى، وفتح الطبيب حمزه الباب الخلفى للسياره وحمل ود على يديه وصعد بها خلف كريمه الى الطابق الثاني والذى فيه شقتهم..
فتحت كريمه الباب بالمفتاح الذي معها ودلفت ومن بعدها الطبيب حمزه،
وقاموا بادخال ود الي احدي الغرف ووضعها علي سرير حتي تكمل نومها لحين ان تفيق،
وبعد ان خرج الاثنان من الغرفه، فتحت السيدة كريمه حقيبتها فوجدت هاتفها الذى كتمت صوته يومض ،
فأخرجته من حقيبتها ووجدت ان حسام هو المتصل، فنظرت للطبيب وبلعت لعابها بخوف وتوتر،
ثم ادارت شاشة الهاتف عليه وهو ماان قرأ الاسم حتى خطف الهاتف من يدها وقام بفتح غطائة وإخراج الشريحه منه،،، ثم قام بغلقه ونظر اليها وسألها :
معاكى تليفونات تانيه؟
اومات له كريمه براسها وهي تدس يدها داخل حقيبتها لتخرج منها هاتف آخر وتمده للطبيب حمزه وهى تقول له :
تليفون ود يبني معايا..
فأخذ الطبيب حمزه منها الهاتف الآخر وفعل به مثل مافعل مع الهاتف الاول تماماً، ولكن هذا زاد عليه انه قلب بطاريته كي لا يعمل ثم اعطاهم لها وهو يقول :
سهل جداً يوصلكم حسام عن طريق التليفونات والخطوط بتاعتكم ،
كده انتوا فأمان،
قالها ثم تلفت حوله وهو يفرك وجهه بإجهاد واضح واردف متأكداً :
اكيد مفيش بن هنا صح،، انا نازل اجيب واشتري حاجه ناكلها،
قالها وتحرك مسرعاً الى خارج الشقه نزولا للشارع،
واخذ يسأل عن اقرب مكان يبيع البن، وقام احد المارة بدله على المكان المقصود،
فتحرك حمزة ذاهباً،
ولكنه لم يستطع ان يواصل السير الي هناك وهو يري كوفي شوب فى طريقه، دون ان يدخله ويطلب قدحاً من القهوة من النادل بإستعجال،،
لانه شعر ان عقله يكاد ان يتوقف كلياً عن العمل، معطياً الامر لباقي اعضاء جسده بإتباعه مالم يأخذ جرعته من القهوة فوراً،
وكالعادة امتثل الطبيب حمزه لتهديدات عقله، ولبى له مطلبه على الفور بدون تأخير خوفاً من ان ينفذ تهديداته..
❈-❈-❈
واخيراً وبعد طول انتظار، هاهو النادل يأتي بقدح قهوة حمزه من بعيد، فتراقص قلب الطبيب فرحاً، ولم لا ومحبوبته قادمة اليه وسيسعد بها بعد الفراق..
وصل النادل اليه ومد اليه القدح، واختطفه الطبيب حمزه اختطافاً،،
وقام بشمه واغمض عينيه، لتتغلغل رائحة القهوة داخل تلافيف عقله،
فينتشي ويعلم أن قربان هدوئه قد اصبح بين يديه ويهدأ ثورانه ،
فإبتسم الطبيب حمزه ومع ابتسامته ابتسم النادل المستغرب مما يفعله حمزه قبل ان ينصرف، تاركاً له المجال للاستمتاع بقدح قهوته كما لم يرى احد يفعل من قبل.
اما حمزه ففتح عيناه ببطئ وارتشف اولي قطرات ادمانه فتعدل ميزاجه فوراً وتحسنت جميع احواله.
انهي الطبيب قدحه وهم ان يغادر بعد ان دفع حساب قهوته،
ولكنه اعدل عن مغادرته حين تذكر شيئا مهماً،
المشفي ومن فيها ومديره وعمله،
فهو لا يعلم ان كان سيعود الليله ام سيضطر ان يبيت هنا معهم ويطمئن عليهم جيداً قبل مغادرته لهم..
اخرج هاتفه و كاد ان يجري مكالمة مع مديره ويطلب يوم الغد عطلة.،
ولكنه تراجع عن رغبته هذه، بعد ان حسبها جيداً، ورأي ان بذلك كل اصابع الاتهام ستتجه اليه هو في حادثة اختفاء ود من المشفي وبذلك سيخسر عمله ومستقبله كله.
فقام بارجاع الهاتف الذي اخرجه الي جيبه مرة اخري، وذهب فاشتري البن وبعض الطعام وعاد مرة اخرى إلى ود وكريمه.
ضرب الجرس الباب، وفتحت له كريمه على الفور بعد ان نظرت من العين السحريه ووجدته هو..
دخل وقامت بأخذ مااحضر معه بعد شكره، ومحاولة جديه منها ان تعطيه بعض النقود ثمناً للاشياء التي قام بشرائها،
ولكن الطبيب حمزه رفض ذلك بشده واخبرها انها اهانته بمجرد التفكير بذلك،
فردت عليه كريمه بأنه ماعاش ولا كان من يفكر ان يهينه، وامطرته بوابل من الدعوات جعلت حمزه يقول لها مبتسماً ان هذه الدعوات عادلت ثمن مااشترى،، بل وذادت عليه ايضاً،، اي انه اصبح مديوناً لها هكذا،،
فضحكت كريمه وضحك هو معها، ثم تركته ودلفت الي المطبخ لتري ماسوف تفعله،، اما حمزه فتلفت حوله ولم يخفي عليه ان كريمه بدأت في تنظيف المكان برغم انه كان نظيفاً الي حد ما وعلي مايبدوا ان هناك من كان يهتم به،
نظر بعدها الي غرفة ود وتقدم اليها وفتح الباب رويداً رويداً، ووجدها لازالت نائمة كغزال برى يستريح بعد ان نجا من الموت بعد مطاردة اسد جائع له وأفلت من بين مخالبه بإعجوبه..
فتقدم نحو النافذه ف وفتح ستائرها،، ثم فتحها لتتسلل من خلالها نسائم الهواء التي اسرعت لتداعب خصلات شعر ود،،
فجعلتهم يتراقصون فوق وجهها بمرح، مما ادى الي جعل ود تحرك وجهها اعتراضاً من صخبهم المفاجئ،،
فتبسم الطبيب حمزه وهو ينظر اليها، ويري ان مفعول المخدر بدأ في الزوال عنها.
وها هي تحرك اطرافها وماهي الا دقائق وتستعيد كامل وعيها،،
وانتظر تلك الدقائق وهو يستند الي النافذه ويراقبها حتي يكون بجانبها حين تفيق،، لانه من المحتمل ان تدخل في نوبة هلع حين تجد نفسها في مكان غريب..
❈-❈-❈
وبالفعل هاقد حدث ما توقعه الطبيب حمزه،، وحين فتحت ود عيناها وتلفتت حوالها، اعتدلت سريعا وهي تجوب بهم ارجاء الغرفه تتفقدها بخوف،
وكادت ان تبكي خوفاً فملامح وجهها قد اوحت بذلك،
ولكن سرعان ما هدأت ملامحها وهي تستوعب اين هي،، وتتعرف على المكان،
وانفرج ثغرها عن ابتسامة صغيره وهي تري الطبيب حمزه يقف هناك فى الزواية يطالعها، ولا تعلم لم شعرت بكل هذا الكم من الامان وهي تراه وكأنها تعرفه منذ زمن بعيد..
الطبيب حمزه : حمداله عالسلامه
ود : انا ايه اللي جابني هنا وجيت هنا ازاي؟!!
حمزه : ايه اللي جابك وجيتي ازاي،،
اجابة السؤالين هو انا،
انا اللي جبتك وجبتك بعربيتي، هربتك من المستشفي لما لقيتك فخطر وعرفت ان حسام ناويلك علي شر..
جلست ود باعتدال وهي تمسك برأسها وظن الطبيب حمزه ان سؤالها هذا هو آخر ماستنطق به ولكنها سرعان مااخلفت ظنه حين اردفت بصوت متعب :
وهو من امتا حسام كان بيجيلي من وراه غير كل شر،،
قالتها ثم رفعت عيناها عليه بلهفة وكانها نسيت شيئ ما وسألته في خوف شديد : ماما كريمه،، ماما كريمه فين حسام هيم.. وقبل ان تكمل تسارع إلى مسامعها صوت كريمه مُطَمئن :
انا هنا ياود، انا هنا ياحبيبتي متخافيش، خلاص ياقلبي احنا اتجمعنا تاني وبعدنا عن حسام، ومش هيقدر يعرف طريقنا ولا يعرف احنا فين..
انسي حسام ياود واللي جرالك منه وانتبهي لنفسك ولصحتك وارجعى تاني ود بنتي بتاعة زمان.
لم تجبها ود ولكنها زفرت بتعب ونزلت بوهن من فوق السرير متوجهة إلى النافذه، ووقفت فى مواجهتها بجوار الطبيب حمزه واغمضت عيناها، وارجعت رأسها للخلف للخلف مستسلمة لنسمات الهواء لكي تحمل خصلات شعرها فتداعبها، وتطبع مثل قبلات منعشه على وجهها،
فإبتسم الطبيب حمزه وابتعد قليلاً عن ود، كي يهرب من بعض الخصلات التي حملها الهواء والقي بها علي وجهه.
❈-❈-❈
كاد ان يتحرك ويترك لها المكان،، حين احس بانها لن تدخل في سجن عقلها الانفرادي هذه المره،
وانها فقط تتأمل الماره والسيارات فبؤبؤ عينيها يتحرك وليس ثابت على نقطه معينه دون غيرها وهذا جعله يطمئن قليلاً،،
ولكن ما ان خطت قدمه خطوة واحدة نحو باب الغرفه وكان لايزال يطالعها،
فتفاجأ بها تلتفت اليه، ونظرت له نظرة امتنان لم يخيبها الطبيب حمزه، وقام بردها بإتكائة من عينيه يخبرها انه لا بأس..
وبعد شكر وعفو بالعيون،
خرج الطبيب حمزه واغلق خلفه باب الغرفه معطياً لها مساحتها الخاصه كي تقوم بترتيب افكارها، فربما يزول كل عرض لديها بعد ان يطمئن قلبها وعقلها ان لا حسام بعد اليوم..
خرج وجلس فى غرفة المعيشه والتي كانت مصممة علي الطراز الامريكى مفتوحة علي باقى الشقه كلها ويطل عليها المطبخ الذي صمم على نفس الطراز الامريكي،
وماأن جلس حتي تسللت الى انفه رائحة طبخ جميله!!
فنظر فى اتجاه المطبخ القادمة منه هذة الرائحه التي داعبت معدته وجعلتها تصرخ بلا توقف تريد من هذا الطعام فقد اعلنت الجوع التام تواً،، ولم تعد تطق صبراً على الانتظار..
فأخذ عقله يحدث معدته بأن الطعام قادم لا محالة وامرها بالصبر،
ولكن هيهات فقد اطلقت نفير ابواقها احتجاحاً، وظلت تخرج اصواتاً مستغيثه لكي يطعمها احد ما.. فعند الجوع لا سلطة تعلوا على سلطتها.
ظل حمزه جالساً يحارب رغبته في اقتحام المطبخ الان،
واخذ حصة مماتطهوا السيدة كريمه من طعام،
واخبارها بان هذا القدر من النضج كافٍ، ولكنه قاوم و تماسك لآخر لحظة،
حتي رأى أن صبره قد اثمر بأطباق من الطعام قد بدأت في غرفها السيدة كريمه، ووضعتها على رخامة المطبخ امامه،
وقد كان الطعام عبارة عن دجاج مقلي ومقرمش مايعرف بالبانيه، مع معكرونة بالصوص الاحمر، مع قطع من اللحم المسمي ستيك، مع ثلاث اطباق من السلطه مع طبق من المخللات، مع طبق كبير من اصابع البطاطا الذهبية المقرمشه،
وبرغم جوع حمزه الشديد الا ان استغرابه كان اشد وهو يسأل نفسه،
ترى من اين اتت السيده كريمه بالمكونات التي طهت بها هذا الطعام؟
ايعقل ان هذه الاشياء كانت بالشقه من قبل؟
ام اشترتهم هي!!
وان كانت موجوداً فى الشقه بالفعل،
فهل لازالت تتمتع بخصائصها الطبيعيه وأنها لازالت صالحة للأكل ام اصيبت بالتلف نظراً لطول فترة الغياب؟؟!
اما إن كان الطعام طازجاً فهنا يحضره السؤال عن متي اتت به وكيف؟!
ولم يستطع كبح جماح فضوله اكثر سألها بفضول واضح :
هو كان فيه اكل في الشقه هنا ولا ايه ياست كريمه؟
كريمه بإبتسامه : لأ يابني دانا لما انت خرجت، اديت فلوس للبواب وقلتله يشتريلي الحاجات اللي طبختها دي،،
الطبيب حمزه : طيب مش انا نزلت واشتريت مقولتليش ليه عاللى عايزاه وانا كنت جبتهولك بالمره معايا؟
كريمه : مكنتش هتاخد تمنهم دول كمان، وبصراحه انا حاسه اننا تقلنا عليك قوي،، وبكفايه جدعنتك معانا باخلاقك، فمتبقاش باخلاقك وفلوسك يبقي كده كتير وحرام بصراحه ..
حمزه : متقوليش كده ياست كريمه انا اعتبرتكم اهلي ومسئول عنكم، ومفيش بين الاهل الكلام دا
كريمه : ربنا يكرمك يابني ويحفظك من كل شر ياحبيبي، ويديك خير على اد بياض قلبك وطيبته،،
ودلوقتي يلا بقى عشان تاكل زمان عصافير بطنك صوصوت من الجوع، وانا هدخل اجيب ود عشان تاكل هي كمان.
وما ان انهت عباراتها حتي تحركت نحو غرفة ود،
واسرع الطبيب حمزه فى اتجاه الطعام فقد قاربت على الحقيقه حينما قالت ان عصافير بطنه بدأت بالزقزقه من الجوع،
وكاد ان يصحح لها ويخبرها. بان عصافير بطنه لم تعد تزقزق،، بل ماتت جوعاً ولم تعد تصدر اية زقزقه..
❈-❈-❈
جلس الطبيب حمزه واختلس بعضاً من حبات المعكرونه بإحدى الملاعق التي امامه واكلهم سريعاً، لكي ينبه معدته بأن تستعد فأن الطعام قادم..
ومن بعدها توقف عن الاكل وهو يرى السيدة كريمه تخرج من غرفة ود وهي ممسكة بذراعها،
ثم اخذتها الي المرحاض وغابت الاثنتان برهة ثم عادتا وقد تغير شيئا ما في ود،، فحملق بها الطبيب حمزه كي يكتشف وجه التغيير،
لكنه لم يجد سوى انها قد رفعت شعرها للأعلى وغسلت وجهها فقط ليس الا،، ولم يصدق ان حركتان بسيطتان يغيران الشكل للأجمل هكذا!!
اقتربتا منه وقامت كريمه بإجلاس ود علي الكرسي المجاور لحمزه،، وقربت منها الطعام،
ثم جلست هى الاخرى بجانبها وبدأ الجميع في تناول الطعام،،
وكم تمني الطبيب حمزه لو أنه كان يجلس امام الطعام وحيداً الان،
لكان تعامل مع الطعام بالطريقه التي يجب ان يكون عليها التعامل مع الطعام اللذيذ ،
فإن محاولته لمجارات ود والسيده كريمه فى طريقة الاكل المهذبه هذه التي يأكلون بها منهكة للغايه،،
فهو يريد ان يأكل ملو فمه،
ويبلع سريعا كما اعتاد ان يفعل حين يأكل،،
فلا طاقة له للتمعن في الطعام واكل القليل ومضغه بطيئا،، وخصوصاً مع هذا الطعام الجميل، والاكله المحببه اليه..
وقطع تفكير حمزه هذا السيدة كريمه وهي تهمس بصوت مسموع ، زمان اللي ميتسماش قالب علينا الدنيا دلوقتي..
تركت ود الملعقه من يدها ونظرت امامها بشرود، قطعه الطبيب حمزه وهو يرد على كريمه :
يقلب براحته انتوا مش بتقولوا انه ميعرفش حاجه عن الشقه دى،،
يبقي خلاص مفيش خوف،
اهم حاجه انكم متتواصلوش الفتره دي مع اى حد تعرفوه ويكون معرفه مشتركه مع حسام،
او يشك انه يكون ممكن يعرف عنكم حاجه ويراقبه ويقدر يوصلكم بسهوله من خلاله..
كريمه : لا يابني احنا لا هنكلم حد ولا عايزين حد يعرفلنا طريق احنا ماصدقنا نفدنا بجلدنا..
حمزه : دى اسلم حاجه ليكم عالاقل فالفتره دي، لغاية ماود تتحسن وتقدر ترتب افكارها وتشوف هتعمل ايه فاللى جاى،، وترجع بكامل قوتها عشان تقدر تحارب الناس دي..
وياريت دا يكون فأسرع وقت،، اتمنى يعني
نظرت كريمه لود بحنو بالغ، وربتت بيدها على كتفها واردفت بشفقه : بنتي ود قوية وهتقدر ترجع زي الاول واحسن كمان، هي شافت الاكتر من كده واتحملته،،
والحمد لله ان ربنا بيكشفلها الناس اللي حواليها والزمن بيغربلها اللمه الكدابه ويبعد عنها الطالح عشان ميفضلش معاها الا الصالح وبس..
نظر الطبيب حمزه لود وحاول تغيير مجري الحديث ليعيدها من شرودها الى تناول الطعام مرة اخري وهو يردف :
بس الاكل تحفه ياست كريمه تسلم ايدك انا بقالي كتير مأاكلتش اكل بيتي، وكمان بالحلاوة دي.
كريمه : اولا ياريت بلاش ست كريمه دي بتحسسني انك بتعاملني برسميه اوي وانا بقيت بعتبرك ابني زي ود بنتي بالظبط،،، فياريت تقولي اي حاجه غير ست حتي لو هتقولي كريمه حاف كده من غير القاب هتبقي منك جميله،،
وثانياً بالنسبه للأكل بقي، ففين هو الطبيخ دا دى نواشف يبني، حاجه كده عالسريع،، الاكل البيتي اللي بصحيح هادوقهولك من هنا ورايح، وهنبتدي من اول بكره هعمل حبة محشي وملوخية بالارانب تاكل صوابعك وراهم..
الطبيب حمزه اردف متحسراً : بصراحه هو عرض مغري يستاهل ان الانسان يحارب عشانه،،
لكن للأسف انا مش هينفع استني بكره هنا عشان شغلى، وكمان عشان محدش يشك اني ورا حاجه من اللي حصلت ،،
فأنا مضطر آسفاً اني اسيبكم على وعد اني هرجعلكم تاني قريب، بس تهدا الاوضاع واتأكد ان الشك زال عني.
كريمه بإمتنان : معلش يابني روح لشغلك عشان مستقبلك مايضعش وانا اوعدك المره الجايه اللي هتجيلنا فيها هعملك وادوقك الحلو كله..
تبسم الطبيب حمزه وهو يرد عليها : تسلم ايدك مقدماً ياست الكل،، لا بس البانيه جميل ومقرمش كده وتحسي فيه نكهه مختلفه وطعم جميل عن اي بانيه اكلته قبل كده،، ولا المكرونه يميييي
قالها وهو يأكل من كل شيئ بإستمتاع بالغ،
وتبسمت كريمه وتبسم هو ايضاً وهو ينظر بطرف عينه للتي اجدت معها حيلته نفعاً، وها هي تعاود امساك الملعقه وتعود لتناول الطعام من جديد ، لكي تكتشف اللذه التي يتحدث عنها الطبيب حمزه مع انها تناولت منه قبل قليل! ،،
فمن الواضح انها تنساق خلف اراء الناس بسهولة بالغه، وترى الاشياء من خلال الغير، وهذه صفة ليست جيده،،
وعاهد الطبيب نفسه انه سيعمل جاهداً على ان يغيرها فيها،
ولكن فيما بعد ليس الان بالمره ،، فالاهم هنا ان تتشافى من حالتها النفسيه وتأتي البقيه تباعاً...
شبع الجميع وقام الطبيب حمزه اولهم، فجلس علي الاريكه واخرج هاتفه، وقام بفتح غطائه الخلفي،
واخرج منه شريحة هاتف من اثنتين كانتا فيه، وقام بإغلاق الهاتف مرة اخري، ونظر الي كريمه قائلاً :
خالتي هاتي تليفونك اركبلك فيه الشريحه دي عشان اعرف اتواصل معاكم بعد مااسافر..
كريمه تبسمت حين سمعته يناديها بخالتي واقتربت منه بعد ان حملت حقيبتها من فوق المنضدة وهى فى طريقها اليه، ثم جلست بجانبه واخرجت هاتف ود ومدته له..
فقال الطبيب حمزه معترضاً :
لا دا مش هينفع لانه حديث وسهل جدا تتبعه من خلال الارقام الموجوده عالعلبه بتاعة العده ،، هاتي تليفونك انتي عشان عده نوكيا قديمه وصعب تتبعها..
اومأت له كريمه برأسها قبولاً، واخرجت هاتفها بعد ان اعادت هاتف ود للحقيبة مرة اخرى ، ومدته اليه واردفت بخوف :
خد يابني،، ولو هيعرف طريقنا من تليفون ود خده ارميه وانت ماشي فأي مكان بعيد عن هنا.
حمزه : لا مفيش داعي انا فصلت عنه البطاريه يعني بقي عباره عن حتتة حديده ملهاش لزمه اطمني..
كريمه : طمنتني ربنا يطمن قلبك ياحبيبي يارب.
قام الطبيب حمزه بوضع الشريحه في الهاتف،
واتصل بها علي رقمه الآخر وسجله لهم بإسمه، ثم اعاد الهاتف للسيدة كريمه وتلفت حوله كمن يبحث عن شيئ ما وفهمته كريمه وقالت له :
رجعت الاوضه بتاعتها وانت بتعمل فالتليفون..
حمزه : خالتي مش هوصيكي متسيبيهاش لوحدها كتير عشان نزعة الانتحار لسه موجوده جواها،
هي متخلصتش من احساسها بالظلم لغاية دلوقتي،، وممكن فأي لحظه عقلها يسولها ان حسام قريب عليها او هيوصلها تقوم تنهى حياتها من الخوف منه ومن اللي هيعمله فيها..
كريمه : لا يابني ازاي اسيبها بس،، وهو انا معايا ايه غيرها انا هفضل طول الوقت جنبها وعيني عليها.
حمزه : وخبي منها اي آله حاده او اداه تقدر تأذي بيها نفسها، وخلي دايما محيطها خالي من الحاجات دى.
كريمه :حاضر
حمزه : طيب انا هدخل اعمل فنجان قهوة اعملك معايا؟
كريمه :لأ والله ابدا ماتعمل انت، انا اللي هعملك ياحبيبي وهشربك احلي فنجان قهوة من ايد خالتك كريمه.
حمزه : تسلم ايدك ياخالتي،، طيب ابقي اعملي فنجان لود معاكي بالمره.
كريمه : بس ود ملهاش في القهوة اد كده مبتحبهاش ، بتشرب عصير بعد الاكل.
حمزه : لأ بدات تحبها بس اعمليلها انتي فنجان عشان هحاول اتكلم معاها قبل مااسافر ربما ترضي تتكلم،،
عايز اعرف باقي الحكايه عن طريقها هي وبلسانها هي، عشان احدد هدخلها ازاي..
كريمه : طيب يابني حاضر،،
قالتها ونهضت في الحال وذهبت الي المطبخ لإعداد القهوة،، اما الطبيب حمزة فنهض هو الآخر وتوجه الى غرفة ود،، متمنياً ان يجدها لازالت صاحية لم تنم،
ولم تهرب إلى عالمها الخاص وتعود لتسكن منزل احزانها من جديد..
ويال فرحة قلبه حين طرق الباب طرقتين وفي الثالثه جائه صوتها الساحر مجيب :
ادخل...
فدلف حمزه متلهفاً،، ووجدها جالسة فوق السرير، تقلب فى بعض الاوراق امامها بإهتمام ،، وعلم انها الأن بدأت تستعيد توازنها ماإن احست بقليل من الامان،،
وانها الآن على اتم الاستعداد للتحدث، وكم سيسعد حمزه بمعرفة باقي القصه من بطلة القصة نفسها..
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية
..