رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 5
قراءة رواية نزيلة المصحة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نزيلة المصحة
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل الخامس
نظر الطبيب حمزه الي السيدة كريمه وانتبهت لها كل حواسه وهو ينتظر خروج الكلمات منها كأنتظار اب لولادة طفله، فأردفت الاخري سريعا لكي لا يطول انتظاره اكثر :
روحنا بيت خالتها يبني وكان بيت بسيط وباين عليهم انهم ناس علي اد حالهم اوي..
استقبلونا وسعاد الشهادة لله كانت غاية فالجمال بالفستان اللي اختارهولها قاسم.. وبصراحه كل اللي اشتراهولنا كان علينا جميل ويخطف،
من يومه قاسم وهو ذواق وذوقه جميل في كل حاجه،،
دخلنا وكانت الست لامه جيرانها وحبايبها وعاملين هيصه، واخدت مننا الجاتوه ودخلت المطبخ عشان تحطه فأطباق وتقدمه للناس، وانا دخلت وراها اساعدها،،
طلعت هي الاطباق والشوك وانا ابتديت احط فيهم الجاتوه وهي واقفه جمبي بتاخد وترص على الصواني عشان تطلع بيه،
لكنها سابت اللي فأيدها وخرجت لما سعاد شاورتلها من باب المطبخ قبا ما تدخل الاوضه اللي قصاد المطبخ وخالتها دخلت وراها وقفلوا الباب عليهم..
فالوقت دا انا كنت خلصت حط الجاتوه على الاطباق وشلت الصينيه وخرجت بيها عشان اوزع علي الناس، لكن استوقفني كلامهم اللي برغم انه بصوت واطي لكنه كان مسموع،،
سعاد : هاه ياخالتي الست جابتهولك؟ انا كنت شايفاها بتناولك حاجه فالمطبخ..
خالتها ردت عليها : ايوه ياسعاد اهو،، خدي خبيه فصدرك واول ماتروحي شقتك انتي وجوزك اعملي زي المره اللي فاتت بالظبط، مع اني عند كلامي انه ملوش لزمه طالما الاولاني شغال وجايب نتيجه زي الفل اهو والراجل متدهول على بوزه!
سعاد : معلش ياخالتي زيادة خير وزيادة تأكيد وزيادة دهوله، قالتها وتبعتها بضحكه قطعتها عليها خالتها وهي بتقولها :
ايوه بس ياريت بقي متنسينيش وانتي بتكبشي من الخير وتحطي فعبك يابنت اختي، خالتك تعبت معاكي برضوا ومتنسيش ان كل دا تخطيطي ولولايا عمر قاسم ماكان هيتجوزك ولا يبصلك،
سعاد : متخافيش ياخالتي والله اول ماايدي هيجري فيها القرش مش هنساكي ابدا..
ردت عليها خالتها : والله يابنت اختي عارفه انك كلامنجيه واني مش هاخد منك لا حق ولا باطل،، دانتي لما بتسلفيني ١٠٠ جنيه بتقفيلي فنص زوري لغاية مااردهالك..
سعاد : طيب وهو انا كان فأيدي ياخالتي ولا معايا واتأخرت؟
مانتي عارفه البير وغطاه،، وعارفه ان المجحوم جوزي التاني نفضني وخلاني عالحديده، وخد اللي ورايا واللي قدامي ابن الجزمه دا، وسابني اشحت اللقمه انا وابني من قاسم شحاته..
الخاله : مانتي لو كنتي جيتيلي وقتها كنت خليته زي الكلب تحت رجلك..
بس معلش محدش بياخد اكتر من نصيبه..
سعاد : ايوه بس دا ميمنعش اني هجيلك فاقرب فرصه تعمليلي حاجه ليه تخلي كل قرش اخده مني ياخد من روحه وصحته راق ويبقي عايش لا طايل حيا ولا موت..
الخاله : من عيوني بس انتي شخللي وانا اعملك اللي عايزاه..
وصمتت كريمه لثانيتين لتلتقط انفاسها ثم اكملت :
انا يبني سمعت الكلام دا والفار لعب فعبي وفدماغي وقلبي وقع فرجليا وقولت فسري اعوذ بالله،، ايه الناس الكفره اللي بتتعامل بالسحر والاعمال دي؟
مشيت من قدام الاوضه وانا خايفه وجسمي بيترعش وبقيت ابص شايفه كل اللي فالبيت شياطين والعياذ بالله،،
ابتديت اوزع عليهم الجاتوه بأدين بتترعش واثناء منا بعمل كده سمعت صوت خلاني فزيت من الخوف لدرجة ان الاطباق اللي عالصينيه عملوا صوت..
خالة سعاد ' اسم الله عليكي ياحبيبتي مالك اتخضيتي كده ليه دنا بقولك عقبال ماتفرحي بود وحسام!! لا دانتي نجمك خفيف اووي..
قالتها واخدت مني الصينيه وابتدت توزع هي مكاني وانا رحت مكان ماواقفه ود وقعدت عالكرسي، وحضنتها وضميتها عليا بخوف، وبصيت للاستاذ قاسم وانا حاسه انه ميستهلش انه يناسب الناس دي ابدا وندمت اني فلحظه اشتركت فجريمة. اقناعه بسعاد ،،
لكني لما شفت السعاده اللي علي وشه سكت وقولت خليها تعدي وبعدين دا عمل بالمحبه اكيد مش هيضره يعني،،
انما لو سابها ممكن تعمل فيه زي ماهتعمل فطليقها وتأذيه وممكن تموته،، خليه عايش ومبسوط بالخداع بدال مايموت بالمرض وبنته المسكينه دي تتيتم من كله..
❈-❈-❈
خلص كتب الكتاب ورجعنا كلنا انا وقاسم وود وسعاد وحسام،، ووصلني انا والولاد الاول علي شقتنا عشان يروح هو وسعاد على شقة سعاد ويباتوا هناك الليلادى..
نزلت انا والولاد وبصيت لقاسم وانا محتاره عايزه اقوله خلي بالك ومتاكلش او تشرب حاجه من ايد سعاد النهاره،، لكني تراجعت،، اصل ازاي اقوله متاكلش من ايد مراتك ولما يسألني عن السبب هقوله ايه؟؟
سكت وباركتلهم كمان مره واخدت الولاد وطلعت بيهم وهو مشي بالعربيه،، وفضلت ادعيله كتير ان ربنا يسترها معاه وينجيه من كل كيد..
اغمضت عيناها مع انتهاء جملتها الاخيره وهي تلقف انفاسها وقامت بوضع يدها علي صدرها لثوانٍ اخري ثم اكملت حديثها حين ادركت ان المسافه قد تقلصت والطريق اوشك على الانتهاء..
وباتوا الليله دي فشقة سعاد وقضوا كمان النهار ورجعوا تاني يوم بالليل،، ووش الاستاذ قاسم كان منور كأنه رجع عشر سنين لورا..
وابتدت الايام تمر وللحق شفت الاستاذ قاسم سعيد جدا وسعاد شايلاه على كفوف الراحه، وهو اي حاجه نفسها فيها يجيبهالها، واي حاجه تطلبها يلبيها،،
لكن هي طلبتها مكانتش بتخلص ابدا،، لدرجة انه مسكها هي المرتب وقالها هاتي اللي تجيبيه واللي نفسك فيه وانتي اصرفي عالبيت براحتك.. وريح دماغه منها ومن كلمة هاتلي وهاتلي كل شويه.
بس لاحظت حاجه غريبه،، انها بتجيب لحسام كل حاجه واي حاجه من غير مايطلب ولما ود تطلب منها تفضل تماطل فيها ومتجيبهاش على طول، وتتحجج باي حجه،، وعشان ود عاقله ومؤدبه كانت بتسكت وتصبر مع ان باباها كان معودها ان الحاجه تجيلها بمجرد ماتنطقها..
َواستمرينا عالحال دا واتأقلمنا، ويوم عن يوم ابتدت ود تكبر وجمالها يوم عن يوم يزيد،
وحسام كمان بيكبر معاها، وبصراحه انا مكنش عاجبني ان ود وحسام يكونوا مع بعض فمكان واحد وخصوصا انهم بقوا ففترة المراهقه والدنيا متؤتمنش،،
وبرغم ترددي وصعوبة الموضوع الا اني عرضت علي قاسم انه يفصل مابين حسام وود بانه يوديه هو وامه فشقتهم وانا افضل مع ود هنا فشقتنا واللي بينا يبقي زيارات وبس،،
قاسم خد يومين يفكر فالموضوع ولاحظت انه طول الوقت عينه علي حسام وود وضحكهم وهزارهم وضربهم فبعض والظاهر انه اقتنع عشان فاليوم التالت سمعت صوت قاسم وسعاد بيتخانقوا فاوضتهم وصوتها كان عالي وواضح جدا وواصل لمسامع الكل،،
سعاد : ودا من امتا القرار دا بقي ياسي قاسم؟ يعني ايه اروح فشقه انا وابني ونعيش لوحدنا؟
وسيادتك بقي هتعيش هنا ولا هناك؟ واصلا ايه اللي حصل لدا كله ومتقوليش الولاد كبروا دي تاني عشان دي حجه عبيطه هدفك انك تبعدنا بيها عن هنا..
قاسم : وليه اتحجج عشان ابعدكم ياسعاد،، وليه هتبعدوا اصلا واحنا مفيش بينا وبينكم غير فركة كعب!
سعاد : بينا وبينكم؟ يعني جامع نفسك معاهم مش معانا،، يعني معني كده ان استقرارك هيكون هنا مش كده ؟
قاسم : امال يعني هسيب اتنين ستات لوحدهم؟
سعاد : اه هما مينفعش يتسابوا لوحدهم وانا اتساب لوحدي عادي صح؟
قاسم :معاكي حسام راجل وملو هدومه..
سعاد : حسام ايه دا اللي راجل دا يادوب ١٦ سنه ياقاسم، دا لسه عيل..
قاسم :سعاد خلاص قفلى على الموضوع دا انا اخدت قراري وخلاص ومن بكره ابتدي جهزي نفسك وحاجتك عشان ترجعي لشقتك القديمه،، وانا هحاول اقسم وقتي بين هنا وهناك..
سعاد بضحكة سخريه : والله عال،، ماتقول كمان انك هتبات ليله هنا وليله هناك زي ماتكون متجوز اتنين وبتقسم وقتك مابينهم!!
ولا آااااه،، بس بس بس انا فهمت دلوقتي،، تلاقيك حنيت للذي مضي
قاسم : ايه هو الذي مضي دا كمان؟
سعاد : قعدتك مع الست كريمه لوحدكم فالشقه،، واللي اكيد مكانتش خاليه ابدا..
قاسم بحده : تقصدي ايه ياسعاد بكلامك دا؟
سعاد : اقصد اللي بيحصل بين اي اتنين راجل عازب وست عازبه بيتقفل عليهم باب واحد ياقاسم..
انا كنت بسمع الكلام وانا منهاره،، اصل كله الا سمعتي وشرفي،،
بس هي خلصت الكلام من هنا وسمعنا صوت صرخه طلعت منها والظاهر انه ضربها بالقلم عشان طلعت بعدها من الاوضه زي الاعصار وجات ناحيتي، وغضب الدنيا كله باين عليها، وهجمت عليا هجوم عدوا علي عدوه وابتدت تضرب فيا بكل قوتها، وتقولي اقذر الالفاظ،،
وكل دا قدام الولاد اللي مكانوش فاهمين هي بتعمل معايا كده ليه،،
منجدنيش منها غير قاسم وهو بيشدها من فوقي ويضربها قلم ورا قلم وهو بيقولها بغيظ :
الست اللي بتتهجمي عليها دي وبترميها بالتهم الباطله اشرف من الشرف،، اشرف منك انتي شخصيا لانها عمرها مااتكلمت على عرض حد، ولا جابت سيرة حد غير بكل خير،، ولا عقلها القذر صورلها فيوم ان كل راجل وست بيجتمعوا مع بعض بتحصل مابينهم القذاره اللي بتتكلمي عليها دي.. عقلها وقلبها وتفكيرها واخلاقها انقي وانضف منك مليون مره،،
سعاد بصدمه وهي حاطه ايدها على خدها : الكلام دا بتقوله ليا انا ياقاسم؟
قاسم : ايوه ياسعاد بقوله ليكي،، ودلوقتي اتفضلي لمي حاجتك وحاجة حسام عشان تروحوا الشقه التانيه،، قالها واتحرك من قدامها وراح قعد على الكنبه فالصاله وحط رجل على رجل وباصص قدامه فالفراغ بتركيز، وتصميم باين علي كل ملامح وشه،،
وانا اشفاقا عليه وخوفا من ان الحاله تتأذم مابينهم اكتر من كده، مرضتش اتكلم ولا اقول لسعاد حتى ليه عملتي كده واكتفيت بدفاعه هو عني واللي مقصرش فيه ابدا..
❈-❈-❈
اخدت الولاد ورحت على اوضتي وسبت قاسم هو اللي اتولى باقي مهمه الشتيمه لحد ما قال يابس..
وكل دا وانا حاسه ان اللي حصل دا سعاد مش هتعديه بالساهل ابدا لا ليا ولا لقاسم..
وبعد مناوشات كتيره، سكتت ودخلت اوضتها تلم حاجتها وحاجة ابنها في هدوء، وكأنها رضخت للأمر الواقع،،
لكني عارفه انه ماهو الا السكوت اللي بيسبق عاصفه،، وعرفت نوع العاصفه القادمه لما آخر النهار جات بهدوء لقاسم اللي قضي يومه كله قاعد على الكنبه فالصاله وقالتله : قاسم انا هاروح ازور خالتي دلوقتي تعبانه واتصلت بيا ومحدش جمبها غير البنات هروح اشوفهم لو محتاجين حاجه،،
قاسم شاورلها بأيده بمعني انها تروح وهي اتحركت من قدامه بس بعد مابصتلي بصه خلت الرعب دب فقلبي...
تنهدت السيده كريمه بعدها وهي تردف : الفيلا الجايه دي يابني،، وصلنا خلاص..
نظر حمزه امامه وتجهم وجهه لوصولهم سريعا،، ولكنه تقبل وقرر ان يتحمل الفضول الذي سيجعل روحه تتآكل الي ان تحين له فرصة اخري ان يلتقي بكريمه،
فيبدوا ان هذا لن يحدث قريبا،، او في القريب الذي يرضيه،،
❈-❈-❈
توقف بالسيارة امام بوابة الفيلا ونظر الي كريمه وقد ارتسمت على عيناه و ملامحه علامات الترجي مما قد جعل السيده كريمه تتبسم له اشفاقا وجاوبته رحمتاً بفضوله وهي تهمس له في حنو بالغ :
متقلقش هكلمك فالتليفون بالليل وابقي اكملك باقي الحكايه، عارفه انك مش هتصبر لبكره،،
واعقبت جملتها بضحكة خفيفه جعلت الطبيب حمزه تنفرج اساريره فقد تحقق للتوا ماكان يتمني في قرارة نفسه ان يحدث ولن يطول انتظاره ولن تتآكل روحه فضولا...
همس لها شاكرا : متشكر ياست كريمه،، معلش انا عارف اني بتعبك معايا لكن كل دا لمصلحة ود صدقيني..
كريمه : كل تعب الدنيا يهون عشان مصلحة بنتي ود يادكتور ..
قالتها ثم التفت فورا تحاول فتح الباب مما جعل الطبيب حمزه يترجل من السياره سريعا،،
ثم قام بالالتفاف حول السياره ليصل الي الجانب الاخر منها، ففتح لها الباب وقام بمساعدتها في النزول وقال لها مودعا :
مع السلامه ياست كريمه وخدي بالك من نفسك وارتاحي عشان تعبتي النهارده جامد.
كريمه : متشره يادكتور علي كل حاجه بتعملها عشان بنتي،، وأسفه لو مش هقدر اقولك اتفضل عشان دا مش بيتي وفيه خطوره على ود لو حد شافني معاك او شافك معايا منهم وعرف بعد كده انك. دكتورها وهما مانعيني اني ازورها.
نظر الطبيب حمزه سريعا من خلال بوابة الفيلا ذات الحديد المفرغ ليكتشف من هم من تتحدث عنهم كريمه،،
وياتري كم عددهم؟ وماسر تلك الخطوره التي تتحدث عنها!
فلم يجد ما يشبع فضوله فقد كانت حديقة واسعة خاليه من البشر وهذا كل ما رآه.. عاود النظر لكريمه وتنهد وهو يعدل نظارته مردفا :
اطمني مفيش حد الطريق فاضي،، وعموما ياستي انتي بكلامك. معايا كأني دخلت واخدت ضيافتي وقضيت يوم كامل فبيتك كمان،،
قالها ثم تحرك مبتعدا عنها موسعاً لها المجال لكي تدخل لبيتها وتنال قسطا من الراحه،،
فصعد سيارته وكاد ان ينطلق بها لكنه توقف عن ذلك حين، وقفت بجواره سيارة سوداء عالية فارهه،
ماأن رآها حتي نظر للسيده كريمه خوفا ويكاد يجزم انه في هذة اللحظه قد رأي وجه السيدة كريمه شاحب كشحوب الموتي، وقد زالت منه كل مظاهر الحياة حتي ان شفتيها ابيضت خوفا..
كان بإمكان الطبيب حمزه ان ينطلق فور رؤيته للسيارة، تاركا كريمه لتواجه الموقف بمفردها، ولكن خوفه عليها من ان يحدث لها مكروها علي يد من تصورهم بأنهم وحوشا ضاريه، ثم فضوله ثانيا أبى ان يترك المكان قبل رؤية الوحوش من هم وكيف يكون شكلهم..
❈-❈-❈
سرعان مافُتحت ابواب السيارة من الجانبين ونزل منها ثلاث اشخاص تباعا،، رجل وامرأتان احداهما صغيرة فالسن تحمل طفلا صغيرا لا يتعدي عمره ثلاتة اعوام..اما الاخري فقد كانت تقريبا في سن كريمه او اصغر قليلا،، او ربما اعتنائها الواضح بنفسها من مظهرها العام هو مااحدث ذلك الفرق بينهم في السن،،
اما الرجل فكان الرجل طويلا ذات بنية ضخمه ولكن جسده متناسق مفتول العضلات حسن المظهر،، تقريبا لا تشوبه شائبه..
اخفض الطبيب حمزه عينيه ممثلا انه يبحث عن شيئ ما في سيارته،
وهو يرى الرجل قد نظر اليه نظرة حاده كصقر يراقب تحركات شيئا ما على الارض بتركيز شديد لعله يكون فريسه..
تحرك الرجل في اتجاه الطبيب حمزه بخطوات بطيئة وحذرة،
الي ان وقف بجانبه ثم مال بجسده ليتقابل وجهه بوجه الطبيب حمزه من نافذة السيارة ثم سأله بنبرة هادئه لكنها تنم عن ريبة :
انت مين وواقف هنا تعمل ايه بالظبط؟
فتح الطبيب حمزة فمه محاولا التحدث رغم انه لا يعلم ماذا يقول، وما يجب ان يقال في هذا الموقف،
ولكن كريمه كانت بمثابة طوق نجاة لكلماته الغارقة في جوفه حين ردت بدلا عنه وقد اكتشف حمزه انها تقف خلف الرجل مباشرة :
دا الدكتور بتاعي ياحسام وصمم انه يوصلني فطريقه عشان كان مروح وكمان عشان شافني تعبانه..
حسام بدون النظر اليها او اعارتها ادنى اهتمام ومازال مستمراً في النظر للطبيب حمزه وسأله مرة اخري : دكتور ايه دا ياكريمه؟
فى هذه اللحظه بديهياً قمت بالتطوع انا بالرد : دكتور الصدر والجهاز التنفسي..
وهنا تفحصني هذا الحسام بنظرة اخيره،
ثم اعتدل مبتعدا وقد بدا ان كذبتي قد انطلت عليه،، فالتف مواجها لكريمه وللوهلة الاولي ظننت ان هناك بوادر شفقه عليها بدأت تظهر على ملامح وجهه،
ولكن سرعان ماتحولت الي علامات غضب وهدر بها بصوت غاضب : ولما رايحه لدكاتره مقولتيش ليه ياكريمه؟
ردت عليه كريمه بتلعثم : ماما ماهو انا بعد مامشيتوا تعبت فجأه ومقدرتش استحمل ياحسام يابني، يعني خروجي من وراكم مكانش متخططله وكان صدفه..
حسام : والتليفون ياكريمه كان ايه مشكلتك انك تتصلي بيا منه وتبلغيني؟
كريمه : وهو انا كنت فأيه ولا ايه بس ياحسام يابني بقولك كنت تعبانه مش قادره آخد نفسي..
وهنا صمت حسام وقد تجهم وجهه وهو ينظر الي كريمه وقد سكن جسده كتمثال تجسد للغضب،، لم تدب به الروح ويتحرك الا حينما سمع نداء العجوز قائله :
حسام سيبها ويلا تعالى..
وهنا تحرك بخطوات بطيئة في اتجاههم وترك كريمه ترتجف مجهدة كورقة شجر كانت في مواجهة عاصفة قويه ونجت منها بفضل الله وحوله..
حمل حسام الطفل الصغير حين وصل اليهم ووقف للحظات،
وفي هذه الاثناء كانت العجوز تودود له بصوت هامس وهي تنظر الي كريمه بكره واضح، وحين انتهت كان رد حسام عليها بايمائة من راسه، ثم تقدمهم دخولا الي الفيلا وهن اتبعنه مباشرة..
اما كريمه فكانت تلتقط انفاسها كغريق تم انقاذه للتوا وإخراجه للبر ولا يصدق كيف نجا..
نظرت الي نظرة رضى ثم قامت برفع يدها والتلويح لى بها مودعة، وتحركت بعدها نحوا الفيلا، وما ان فعلت ذلك حتي تحركت انا بالسيارة مبتعدا وانا افكر بعقلً مشتت :
لم يعامل ذلك الحسام سيدة عجوز بهذه الفطاظه،، وعلى حسب ماقصت لي وما استشفيته من حديثها فهى من قام بتربيته والسهر على خدمته والاعتناء به بجانب اعتنائها بود لسنوات؟
وصل الطبيب حمزه بيته وكالعادة لم يجد لسؤاله هذا إجابة فقد كان كل مايحيط بود او له علاقة بحياتها لغز صعب بالنسبه لحمزه يتمني ان يُحل قريبا..
دخل الي مطبخه بعد ان ابدل ملابسه بأخري بيتية مريحه،،
وقام بتحضير غداء له من المواد المتاحه عنده،
فأكل ثم جلس على اريكته المحببه امام التلفاز ولكن هذه المره لم يفتح التلفاز ولكنه فتح حاسوبه لكي يتصفح المواقع الالكترونية قليلا ويعرف مالجديد الذي حدث في السويعات القليلة الماضيه،،
ولكن كل ماتصفحه من المواقع هو الانستاجرام، وتحديدا حساب ود،،
ولم يعلم كم مضي وهو يتأمل صورها المحمله عليه، والتعليقات التى تحت كل صوره،،
الي ان ثبت على صورة لود ووقف امامها وقتاً طويلا يطالعها بإعجاب شديد، فقد كانت هي الاجمل من بينهم،
حيث ابتسامتها كانت تعكس سعادة حقيقيه،،
وكذلك لمعة عينيها وحتي شعرها الكيرلي المتطاير وقد التصقت بعض خصلاته بوجهها وللوهلة الاولى تظنه يتراقص هو الاخر فرحاً لسعادتها.
ثبت الطبيب حمزه الصوره على شاشة حاسوبه ونهض متوجها لمكتبه،،
ثم عاد بعد دقائق حاملا معه دفتراً للرسم وقلماً من الفحم،
وجلس امام الصوره وبدأ في ممارسة هوايته المفضله،، فأمضي وقتاً طويلا لم يشعر به وهو منخرط في تجسيد تلك الملامح على ورقته البيضاء، فيتأملها برضى بعد انهاء كل خط من خطوط وجهها وهو يراه مطابقا لصورتها ،
الي ان توقف اخيراً،، ورفع الرسمه وابتسم ابتسامة رضي وهو يطالعها وقد اصبحت نسخة من الصوره الاصليه لا يوجد بها اي اختلاف سوى انها بلون واحد، ولكن هذا لم يؤثر علي جمال الرسمه اطلاقا بل زادها جمالا.
تركها بجوار الحاسوب ونهض ليرى مايحتاجه المنزل من اعملال وتنظيف،، وايضا اليوم هو ميعاد غسل ملابسه، فبدأ في جمعهم من جميع انحاء المنزل وهو يتذمر داخليا لقيامه بتلك المهمه الشاقه بالنسبة له والتي كم تمني لها حلاً ولكنه لم يجد حلا انسب من غسلهم بيديه وتوفير المال ووقت النزول الي المغسله والتي كانت بعيدة عنه نوعا ما.
❈-❈-❈
جن الليل وظل الطبيب حمزه ينتظر مهاتفة السيدة كريمه له مثلما وعدته،، وللأسف انتظر طويلا وهو يطالع شاشة هاتفه بين الحين والآخر كانه يحثه علي الاعلان عن مكالمتها،
ولكن للأسف هذا لم يحدث،، فاضطر الي الاستسلام للنوم قليلا، لكي يعطي حق بدنه عليه، فغداً ينتظره يوما حافلا جديدا ويجب ان يواجه مرضاه وهو يتمتع ببعضا من القوه،، وبعضا من النشاط،، والكثير الكثير من الصبر..
مر الليل وبدأت صيحات المزعج الصغير تتعالى وتتعالي لتصل لمسامع حمزه ويؤدي مهمته في ازعاجه ثم ايقاظه،، وها هو يتلقي ضربة شديده من حمزة على رأسه اخرسته وهذا دليل انه نجح فى ايقاظه واتم مهمته بنجاح..
نهض حمزه وقام بصنع معشوقته وبدأ بها يومه،، فعادت الاشياء الي وضعها الطبيعي امام عينيه،، وبدأت الافكار تترتب تلقائيا داخل رأسه،، وعادت اليه مظاهر الحياة رويدا رويدا مع كل رشفة. الي ان انهي قدحه كانت الدنيا قد عادت الي نصابها الصحيح..
هم ان يغادر المطبخ بعد ان انهى قدحه،، ولكنه توقف، وقام بالالتفاف، وتقدم نحو خزانة المطبخ، ففتحها واخرج منها مجاً حراريا، مهمته هي الاحتفاظ بالمشروبات ساخنه،،
فقام بصنع المزيد من القهوة ووضعها به وحمله وخرج مبتسما،، فارتدي ملابسه،، واخذ حقيبته بعد ان وضع بها فنجانان فارغان،، والمج المملوء بالقهوهبعد ان اغلقه بإحكام ،، والدفتر الذي به الرسمه،،
وغادر منزله الي وجهته اليوميه وهو يشعر بقليل من التفائل اليوم، لا يعلم مصدره ولكن لا يهم،، المهم انه موجود..
وصل الي مشفاه وبعد روتينه اليومي مع مديره ومروره بطقات المشفي المعتاده، وجد قدماه تاخذه اليها هي اولا فدخل اليها هي ليستهل بها يومه،
فقد اصبحت لديه مثل قدح قهوته ،، لا يكتمل يومه بدونها... متي حدث هذا وكيف وليس لها الا يومان فقط في حياته؟! حقيقتاً لا يملك اجابة لهذا السؤال،، ولكن هذا ما قد حدث بالفعل.
واصبحت هذه الجميله تستولي هي وحالتها على كل تفكيره منذ ان رأها لاول مرة.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية