-->

رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 31

قراءة رواية نزيلة المصحة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية نزيلة المصحة

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الحادي والثلاثون


كلمات حسام.. جعلت حمزه، وعبدالله، جالسان ينتظرا اكمال حمزه للحديث بترقب كأسدين متأهبين لإقتناص غزالة بعد جوع دام كثيراً.

ولكن.. قبل أن يكمل حسام.. أوقفه حمزه بإشارة من يده؛ فقد حان موعد جرعته من القهوة. الآن، وأقسم عليه عقله.. بألا يؤخرها عليه أكثر، وإن فعلها وتأخرت قهوته، لن يستوعب حرفاً واحداً من كلام حسام؛ قبل أن يحصل عليها.. 


وهنا حمزه قرر أن يقف مقاطعاً؛ فهو لن يجازف بإن يتحدي عقله، أو يتجاهل له تهديداً.. 

وخاصة عند هذا الجزء؛ الذي من الواضح أنه ذروة الحكاية كلها، وأهم أحداثها.. وتكمن فيه المفاجأه الكبري.. التي قلبت حياة حسام وود رأساً على عقب.


 فأردف بعد أن صمت حسام؛ ينتظر أن يعرف لم قاطعه حمزه! فأجابه حمزه موضحاً:

-ميعاد فنجان قهوة. دلوقتي قبل أي كلمه زيادة.

فتبسم حسام متفهماً، ثم أومأ له برأسه إيجاباً، فنهض عبدالله سريعاً، وفتح باب الغرفه، ومد رأسه للخارج.. وأمال بجسده قليلاً وطلب بصوت مرتفع؛ كي يضمن أنه سيصل لسماح في أي مكان هي متواجده فيه في المنزل:


سماااح.. ٣ قهوة يام علي، ومتتاخريش وحياة عيالك، حطي ٣ كنكات مع بعض مره وحده، متستنيش تعملي فنجان ورا التاني.. ولو لقيتي نفسك هتطولي عن ١٠ دقايق الغي فنجاني.. أقطعيلي حتتة بطيخه أسرع.

أنهي جملته، ثم أغلق الباب، وعاد للداخل مهرولاً، ليجلس بجوار حسام مرة أخري..مترصداً لأية حرف يتفوه به حسام؛ خوفاً من أن يفوته.

أما حسام، فقام بحمل حقيبته فوق فخذيه، وأخرج منها بعضاً من الأوراق، يصحبهم مظروف أبيض كبير، وقام بتفحصهم أولاً، ثم أعطاهم لعبدالله؛ طالباً منه تمريرهم لحمزه،

 فأومأ له عبدالله بالقبول، وسيفعل ذلك بالفعل، ولكن بعد أن تمر الأوراق بمرحلة التدقيق من قِبله هو أولاً.. فلبس نظارته، وبدأ في قراءة الورقة الأولي، ثم بدأ في التنقل بين بين الأوراق، وهو يهز رأسه بأسي واضح، وهذا جعل حمزه يرجح بأن مافي الأوراق إما صدمات جديدة، أودلائل بينه علي ماسبق ورواه حمزه. 

وهاهي الأوراق آتية إليه بيد عبدالله،  وبها تُجاب التساؤلات. 

فأمسكهم من عبدالله، ولكنه أبقي عليهم في يده، دون أن يفتشهم، فعقله قد هدد، وتوعد، وكم هو ضعيف أمام عقله.. فإنتظر حتي يحصل علي قهوته أولاً.. ثم يأتي أي شيئ آخر..ونظر الي عبدالله، نظرة توسل، ففهمها عبدالله، وصرخ بأعلي طبقات صوته، لدرجة أنه أجفل حسام الجالس بجانبه وهو يقول:

القهواااة يام عليييي.. بسرعه يامدام أخوكي بينهاررر.وماإن أنهي جملته حتي جأه صوت زوجته مجيباً.. "جاهزه يابوعلي تعالي خدها." 

فهب عبدالله واقفاً، وقام بفتح الباب، وهرول للخارج، ولم يستغرق الأمر سوي بضع ثوانٍ.. وعاد عبدالله حاملاً صينية بها ثلاث أكوب من القهوة،وبها طبقاً من شرائح البطيخ أيضاً، فأعطي لحمزه كوبه أولاً.. متجاهلاً آداب الضيافه، ثم جلس بجانب حسام، ووضع ما بيده أمامه، ثم أخذ يراقب حمزه، وهو يمارس طقوس إحتساء قهوته، ويناشد القدح الذي بيده.. ان ينتهي سريعاً..

 فمواصلة حسام للحديث متوقف علي إنتهاء حمزه منه.. 

وها هو حمزه ينتهي،.. وماإن فعل ذلك حتي إرتدي نظارته، ورفع الأوراق أمام عينيه، وبدأ في تصفحهم، ومع كل ورقة.. تتسع عيناه أكثر، ويتحرك بؤبؤ عينيه سريعاً، دليلاً علي صدمته، وعدم استيعابه.. فرفع عينيه فور إنتهائه من قراءة جميع الأوراق.. فوجد حسام يومئ له مؤكداً ما جاء بالاوراق، وهو يبتسم علي منظر حمزه، وصدمته، وعدم إستيعابه. 

وأردف فور أن إرتشف آخر قطرات قهوته:

-اللي إنت شايفه دا في حال إنك مصدقتش كلامي، حبيت أقدم حجتي الأول المرادي. 

اللي إنت شايفه دا يادكتور هو الحقيقه المره. 

لما أمي إقترحت إننا نشوف موضوع الخلفه، وأناشفت الخوف فعيون الاتنين، عرفت إنهم مخبيين حاجه، فحبيت أدوس أكتر علي الوتر اللي سببلهم التوتر دا، فأيدت كلام أمي، وقولت لود بنبرة إصرار.. ود

 جهزي نفسك عشان نروح لدكتور النهارده بالليل، أصل كلام أمي صح؛إحنا أحوالنا إستقرت والحمد لله، يبقي أيه اللي يمنع إننا يكون عندنا طفل؟ 

لقيتها وقفت وإعترضت بشده وهي بتقول:

لأ ياحسام مش هينفع خالص في المرحله دي، أنا يادوب بدأت أستقر نفسياً،

 وبعدين أنا لسه كنت إمبارح بتكلم مع ماما كريمه وبقولها إني عايزه اكمل جامعتي.. أنا باقيلي ٣ سنين وأخلصها.. ووجود طفل دلوقتي هيخليني أاجل الموضوع دا أو ألغيه.. وبصراحه دا حلمي ونفسي يتحقق، حتي عشان افرح بابا فتربته، واخليه يحس بالفخر..وكمان شغلنا لسه فأوله ياحسام، ولسه قدامنا مشوار طويل عالاستقرار، إحنا لسه بنقول ياهادي.. وبمناسبة الشغل وضغطه وظروفه، فيه إيفينت كبير جداً هيتعمل في الدنمارك لاكبر شركات الموضه، وانا حابه اقدم فيه، وادخل بإسم شركتنا فيه.. عارف شغلنا لو عجب لجنة التقييم دا معناه أيه؟ 

معناه شهره من اوسع الابواب.. معناه نقله للشركه مكناش نحلم بيها ياحسام.


-أنا متكلمتش، لان حججها بصراحه كانت منطقيه.. لكن برضوا كنت متأكد إن مش دا السبب الوحيد للرفض، وإن فيه أسباب تانيه. 

لكن أمي تولت أمر الرد عليها وقالتلها:

ياود لو هتطاوعوا المشاغل، يبقي مش هتخلفوا طول حياتكم.. 

أولاً انتوا في بداية شغلكم، ولسه الشغل صغير، وزي مابتقولي أهو انكم داخلين علي شغل كبير.. 

وكل مادا هيزيد، يبقي تخلفولكم حتتة عيل دلوقتي.. وإن كان علي ربايته ورعايته.. فأطمنوا ياستي.. أنا مش هخليكم تشيلوا همه، أنا اللي هربيه. 

ردت عليها ود بإصرار غريب:

- لأ مش هخلف دلوقتي يعني مش هخلف.. ولما إنتبهت لحدة نبرتها، رجعت تحاول تبقي طبيعيه، وغيرت نبرة صوتها لنبرة إقناع وقعدت جنبها وقالتلها:


بصي يامرات عمي، أنا عارفه إنك نفسك فطفل، لكن كل شيئ بأوانه حلوا، وإحنا مش عشان نعمل حاجه نفسنا فيها.. يبقا نعملها فوقت غلط، وتبوظ حاجات كتير تانيه، ومنحسش بحلاوتها. 


لقيت أمي هزتلها دماغها بإقتناع، وكريمه شافت إقتناع أمي بكلام ود، وبلعت ريقها براحه هي كمان، أكن جبل هموم انزاح من فوق كتافها. 

وأنا برضوا كملت في سكوتي، لكني حلفت إني مش هخلي الموضوع دا يمر مرور الكرام، وقولت أستني بس لغاية مانخلص موضوع الايفينت الجديد دا..وبعدها ليها ألف حل وحل. 

وعدت الأيام وكريمه وود افتكروا إني نسيت الموضوع، وقدمت ود تصميماتها في المسابقه، وفازت فيها.. 

لكنها دخلت عليا مكتبي بعد يومين وهي بتبكي ومنهاره.. وقعدت علي الكرسي قدامي وبصتلي بإنكسار، وهي بتقولى:

مش هينفع اسافر فعرض الازياء ياحسام.. السفر والمشاركه من أهم شروطه إن المصمم يكونله شركة بإسمه، ويشارك بأسمها؛ عشان لو فاز هناك، وجاتله عروض وطلبات ومضي عقود بطلبيات.. يضمنوا إن  شركته هتوفي الطلبيات وتلتزم بالعقود.. 

عارف دا معناه ايه.. معناه إن فرصه من دهب راحت علينا..أنا هموت ياحسام هموت.. تعبي وسهري وتصميماتي.. 

❈-❈-❈

قمت من مكاني ورحت أخدتها من ايديها، وقعدت بيها علي الكنبه، وفضلت أواسيها، وبصراحه حتي انا صعب عليا تعبها، ومجهودها، اللي أنا كنت شاهد عليه.. فقررت إني أكتب الشركه بإسمها عشان تقدر تسافر و تشارك في المسابقه.. 


وهنا قاطعه عبدالله صارخاً:

-ياحماررر ياحمااار.. ثم تدارك نفسه وأردف معتذراً.. أسف أسف والله طلعت غصب عني حقك عليا. 

فتبسم حسام علي ردة فعله، ولكنه لم يستاء منها؛ فهو حقاً يشعر بأنه كان حماراً في تلك اللحظه.. التي قرر فيها أن يعطي كل مايملك لود،

 ولم يعلم أنه بهذا قرر؛ أن يضع كافة أصابعه تحت ضروسها، فأطبقت عليهم في أول فرصه، وأذاقته الماً لا يُحتمل. 


فأكمل حسام كلامه علي أية حال.. وكتبتلها الشركه بإسمها، وهي طارت من الفرحه، وسافرت معاها.، وبقينا سهرانين ليل نهار؛ عشان نعمل شغل المسابقه، لدرجة إنها أحياناً كانت بتخليني أنا موديل.. تقيس عليا الفساتين اللي بتصممها، من حيث الطول وقياس الخصر.. 

قالها ثم تبسم وهو يذهب بخياله لتلك اللحظات.. 


ود : إثبت بقي ياحسام مش كده!

-هو إنتي خليتي فيها حسام باللي عملاه فيا دا.. قولي إحسان، حسناء، إنما حسام، مأعتقدش..هههههه أجابته ود بضحكة مماثله:

هعملك إيه يعني، مادام مفيش موديل صاحية دلوقتي؛ عشان أستعين بيها، وبكره لازم الفستان يدخل علي التطريز.. وقبلها لازم يكون جاهز خياطه. 


حسام: لأ بس أيه رأيك فيا يابت، مزه مزه.. يلا لو اتزنقتي فعارضة ازياء فيوم أديني موجود..وأديكي شايفه بنفسك رشاقتي وعودي اللي ملوش منافس. 


فأردفت ود.. بعد أن ضربته علي ذراعه المكشوف ضربة خفيفه:

-أيوه موافقه؛ حتي توفر عليا إيجار العارضات، بس في الأول نشيلك الشوك اللي فجسمك دا ونحلقلك شنبك. 


فرد عليها حسام بنبرة مازحه:

-دنا كنت أحلقلك شعرك، وأولع فكل فساتينك؛ لو فكرتي بس تقربي من شنبي. 


فضحكا هما الإتنين.. وطلبت ود منه إنه يقلع الفستان؛ عشان خلصت تظبيطه بالدبابيس، وإبتدت تساعده فخلعه، لكنها دورت وشها بسرعه؛ وهي شايفه أثر الحرق اللي فجسمه؛ لما الفانيله بتاعته إترفعت مع الفستان. 

كمل حسام قلع، ومدلها الفستان، ونزل هدومه، وإبتدا يتأسفلها علي المنظر اللي شافته، واللي بتدايق منه جداً.. 

وهو حاسس إنه عامل جريمه، وود بتحاسبه  عليها.. وقد أيه اتمني لو يقدر يزيل أثر الحرق دا.. اللي بيسببله أذمه نفسيه، فكل مره ود تشوفه فيها.. وقرر إنه فأقرب فرصه هيروح لدكتور تجميل؛ ويحاول يلاقيله حل يلطف المنظر دا.. 

واللي المفروض إن الندبه مع السنين، وكبر جسمه، تصغر وتختفي، لكنها بسبب حظه العاثر، فضلت تكبر معاه.. لغاية ماأخدت مساحه كبيره وواضحه جداً..وبسببها كانت بتتعكر أكتر الاوقات صفواً. 


عاد حسام من ماضيه لحاضره، وبدأت إبتسامته في التلاشي وأكمل.. 


وفازت الشركه في المسابقه، واخدت المركز الأول، وأخدنا مبلغ مالي محترم قيمة الجايزه.. 

دا غير تعاقدات من منظمين حفلات كتير من جميع أنحاء العالم؛ للمشاركه في مهرجانات الموضه. 

ورجعنا علي مصر، وقررنا بالفلوس إننا نشتري فيلا صغنونه كده.. 

تليق بصاحب شركه ومراته.. وبالفعل لقينا الفيلا اللي علي قد فلوسنا، وفيها جميع مواصفاتنا. 

وكان ناقصها شوية تعديلات عملناهم فيها، ونقلنا. 

وبعنا الشقه المشتركه بتاعة عمي، وغيرنا العربيه.. وعشان ود متقولش إني جبت العربيه من فلوس الشقه، وإني أخدت حاجه منها، وتعايرني زي ماسبق وعملت.. كتبت العربيه بإسمها

وإبتدت مرحله جديده من الشغل.. وود انشغلت فيها جداً.. لدرجة اننا مبقيناش نلاقي وقت نقعد مع بعض؛ 

وحتي أنا كمان كنت مشغول بشغل الماركتينج للشركه. ومقابلة الكاستومرز، وتنظيم الحفلات. 

والشركه يوم عن يوم بتكبر، وإبتدت ود تتشهر.. وصورها وشغلها يحتلوا مواقع التواصل الإجتماعي.. 

وإبتدت تكون سيدة مجتمع من سيدات الطبقه الراقيه.. 

وكل دا وانا براقب تطورها وتحولها، وكنت فخور بيها وفرحان، ولقيت إن كل طيش زمان إختفي، وإتحول لعقل ورزانه. 

مفضلش مكمل معاها.. غير بس اللي لسه بتشوفه دا كل فين وفين.

ودايماً في الوقت دا بكون جنبها، وباخدها فحضني، وأحميها منه، واهدي خوفها..لأن أغلب الاوقات كانت بتشوفه بالليل، لأن النهار كله بتكون مشغوله. 

وعشان أخفف عنها.. أبتديت أقنعها إنها مش هي السبب فموت أبوها، وإنه قضاء وقدر.. 

كنت بقنعها بحاجه أنا مش مقتنع بيها.. لكن دا كان عشان حالتها تتحسن، وتتغلب علي خوفها، وإحساسها بالذنب يختفي، أو يقل.

ومع الوقت المشاغل بعدتنا عن بعض.. مبقتش أشوفها في اليوم غير دقايق معدوده.. كانت بتوحشني جداً.. إبتديت أعمل أي حاجه عشان أخليها تقضي شويه وقت معايا.. 

اخدها في خروجه فجأه. رغم إعتراضها. وتفضل طول الوقت تقولي.. الوقت دا كنت نفذت فيه تصميم ولا اتنين.. وبرغم إن كل كلامها بيكون في الشغل.. الا اني برضوا كنت بفضل أسمعها واستمتع وأنا قاعد معاها..

واراقب بنتي اللي كبرت قدام عيوني وبقت ليدي جميله بتخطف أنظار الجميع.. 

حبها فقلبي كان كل يوم بيزيد.. نسيتلها كل حاجه، مبقتش اقدر أستغني عنها، وهي كمان كنت بشوف فعنيها الحب ليا.. 

ووقت مانكون مع بعض بحس إنها مش عايزه تبعد عني..بعد ماعدت عليها فترات ماكانتش طايقاني. 

وقضيت كل سنين عمري اللي عشتها معاها.. وانا بتمرجح بين أحاسيس مختلفه، 

ساعه تطلعني سابع سما.. والساعه اللي بعدها تنزلني سابع أرض.

والفتره الأخيره فضلت في السما كتير.. وإطمنت، وقولت خلاص كده، هفضل فوق علي طول.. لكن للأسف؛ ود خلتني آمنت وإطمنت.. وقامت شداني من السما بخيط خفي كانت رابطاني بيه.. خلتني وقعت الوقعه اللي مكانليش قومه بعدها..


فيوم قررت إني ازرع الجنينه بتاعة الفيلا.. وازرعها بأنواع الورد اللي ود بتحبها، وازينها.. عشان نقضي مع بعض وقت جميل فيها..

 وتحب قعدتها، وتتعلق بيها بسبب الورود.. كنت عايز اعلقها بالبيت وبقعدته، واخليها تحاول تفضي نفسها شويه؛ عشان ترجع لبيتها ومملكتها الجميله. 

إشتريت أسمنت وطوب؛ عشان أبني أحواض للورد.. ودخلت المخزن بتاع الفيلا عشان أجيب منه معدات البنا.. وفضلت أدور في الكراكيب.. واللي من بينهم كانت حاجات قديمه من شقة عمي مكانش لها مكان في الفيلا.. ومن ضمنهم كانت كنبة انتريه بخزنه سحريه.. ومش عارف ليه فضولي أخدني ليها، وخلاني أحاول أفتحها؛ وأشوف فيها أيه.. ربما يكون فيها حاجه مهمه، ولا أوراق تاكلها الفيران ولما نعوزها ندوخ عليها..لأني من صغري كنت بشوف أي ورقه مهمه، كريمه كانت بتحطها فيها، وتقفل عليها. 

وبالفعل فتحت القفل بتاعها، كسرته بشاكوش؛ لأنها كانت مقفوله بقفل صغير وملوش مفتاح. 

وفعلا إحساسي طلع صح.. ولقيت فيها كمية أوراق كتيره جداً فشنطه بلاستيك شفافه، وكتب عمي كلها كمان.. دورت علي حاجه احط الورق والكتب دي فيها.. ولقيت كيس بلاستيك كبير،، ولميت فيه كل حاجه، وطلعتها للجنينه خليتها جنبي لغاية مااخلص.. 

وإبتديت شغل بنى، وبعد ماخلصت دخلت الحمام اللي في الجنينه..أخدتلي شاور وخرجت أخدت الأوراق، وطلعت علي أوضتي أنا وود.. شلت الورق فوق الدولاب.. وكلمت ود سألتها هترجع


 إمتا..وقالتلي إنها هترجع بالليل، ونزلت عشان أستناها تحت، وأقعد جنب أمي شويه.. وكالعادة حبيبتي كانت في المطبخ بتعملنا الأكل. 

جبت كرسي وقعدت جنبها.. وفضلنا نتكلم كتير.. ومن بين كلامنا فتحت معايا موضوع الخلفه مره تانيه.. وقالتلي إنه خلاص السبب اللي كانت بتتحجج بيه ود زال.. وحتي الكليه اللي إتحججت بيها أهي نسيت امرها خالص.. يبقي أيه بقي؟!. 


ولسه هرد عليها لقيت صوت كريمه سبق صوتي؛ وهي بترد عليها بلجلجه:

يعني يام حسام مانتيش شايفه البنت مشغوله ازاي! .. دي ياحبة عيني مبتلحقش تقعد ساعتين علي بعض..


كانت واقفه ومستنيه رد علي كلامها.. لكن لا أنا ولا أمي ردينا عليها.. وأمي بصتلي بصه؛ فيما معناها.. إن الموضوع دا فيه إن.. ورجعت تكمل اللي بتعمله.. وانا سكت،وكريمه لما لقتنا معبرناهاش مشيت من سكات.

والغريبه إن يومها طلبت إنها تخرج تروح للدكتور.. وعشان أنا عارف إن ورا كل خروجه ليها بتحصل مصيبه..

قولت لأمي متسيبهاش تروح لوحدها. وتروح معاها متفارقهاش لحظه.. وفعلاً دا اللي حصل.. ورجعت يومها كريمه مع أمي ووشها مرسوم عليه الغضب.. واتأكدت إنها كانت مخططه لحاجه وإحنا فشلنا خطتها. 

❈-❈-❈

ورجعت ود للبيت يومها بالليل متأخر.. وأنا كلمتها فموضوع الخلفه دا مره تانيه.. 

ولقيتها المرادي بتستقبل الموضوع بهدوء تام.. وجات عليا وقالتلي إنها موافقه، وحتي هي نفسها تكون أم.. بس الأول فيه خبر حلو عايزه تفرحني بيه.. وهو.. 

إن فيه مستثمر كبير حابب إنه يدخل شريك معانا فشركتنا.. وإنه بالمبلغ اللي هيدخل بيه شريك.. هيتعمل مصنع تابع للشركه، وهتبقي أكبر شركة ديزاين في الشرق الاوسط.. ومش بس كده..دا مع كل المبلغ دا متنازل عن حقه في الإدراره.. وكمان الأرباح هتكون التلتين لينا..للتلتين ليه. 

انا بصراحه.. مشفتش اللي عرض العرض دا غير واحد غبي. 

أصل يعني دا واحد رامي فلوسه ومستغني عنها!.

ولا هو شايف حاجه محدش مننا شايفاها وباصص لقدام مثلاً؟! 

 ملقتش إجابه للسؤال.. لكن العرض بصراحه مكانش يتفوت.. فقبلناه..وتمت الشراكه مع المدعوا عبد السلام الاسيوطي.. واللي إسمه عمري ماسمعت بيه قبل كده في عالم رجال الأعمال!.. لكن قولت مش مهم.. طالما هو اللي له عندنا.. أنا هقلق ليه؟ 

وإبتدت مرحله جديده من إنشغال أكبر لود.. مرحله مبقتش أشوفها فيها حرفياً.. وحتي أنا كمان المصنع الجديد اللي إبتدينا نجهزه أخد كل وقتي.. واللي اتكتب بإسمي تحت إصرار من ود مكنتش فاهم سببه .. 

ونسينا موضوع الخلفه دا خالص.. وكيان "ليفاد"للموضه والأزياء، أخد كل وقتنا.. 


لغاية مافيوم إنطلب مني أقدم للضرايب تقرير ذمه ماليه عشان المصنع.. وكان مطلوب مني أوراق عشان أعمله.. فروحت البيت وإفتكرت الأوراق اللي لقيتهم في كنبة الانتريه في المخزن.. وقولت أكيد هلاقي كل حاجه أنا محتاجها فيهم.

فنزلت الكيس من فوق الدولاب وابتديت أدور فيه.. والغريبه إن كل الأوراق كانت تخص ود وكريمه بس.. ومن بين الأوراق كان فيه جوابات من البنك بحساب كريمه واللي إتصدمت من المبالغ اللي فيه.. وكمان من ضمن الأوراق.. كانت ورقه بتفيد تحويل ٢ مليون جنيه لحساب بنكي بإسم ود.. ودا كان ففترة سجني! المبلغ من مين، وكان مقابل أيه.. معرفش.. ودا خلي عقلي شت مني فساعتها.. وإفترضت أسواء الإحتمالات.. وبصراحه ملمتش عقلي علي تفكيره دا ابدا. 

ولكن دا كان ولا حاجه قدام الكارثه التانيه.. االي لقيتها من ضمن الأوراق.. واللي قريتوها بنفسكم.. 

فأردف عبدالله بأسف:

-وأي كارثه يابني، دي كارثة الكوارث.. وتقولك قال مشغوله والشغل وأبصر أيه ومدرك إيه.. دا أيه الجبروت دا! 


فرد عليه حسام بقهر:

عشان انا مغفل ياأستاذ عبدالله، أصل مفيش غير المغفل اللي يدي الأمان لوحده.. من صغرها متعرفش يعني ايه عيب ولا حرام.. وحده ربيبة إبليسه ومتربيه على أديها. 

مفيش واحد يآمن لوحده؛ كذا مره تجرحه فرجولته، ومتصونهوش فحضوره قبل غيابه، ويقول إتغيرت.. اصل مكدبش اللي قال"من شب على شيئ شاب عليه". 

واتاري طول الوقت الهانم هي وكريمه.. منيميني، ومستغفليني وبيلعبوا من ورايا.. 

ومن هنا بدأت توصح قدامي حاجات كتيره مكانش ليها تفسير وهي بتحصل. 

زي خوف ود وكريمه كل ماحد يجيب سيرة الخلفه والعيال. 

أتاري الست هانم شايله الرحم من ساعة ماسقطت ومكتمه علي الخبر هي وكريمه، وعايشين معانا لابسين توب الحملان، ومحدش عارف إن الحملان دول تعابين متنكرة.


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة