-->

رواية جديدة تمر د عا شق الجزء الثالث (عشق لاذع) لسيلا وليد - الفصل 33- 7 - الأربعاء 5/6/2024

  

قراءة رواية تمرد عا شق

الجزء الثالث (عشق لاذع) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية تمر د عا شق 

الجزء الثالث

(عشق لاذع)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد 



الفصل الثالث والثلاثون

7

تم النشر الأربعاء

5/6/2024

بعد عدة أيام مساءً بحي الألفي 

جلس الجميع بحديقة منزل جواد يفترشون الأرض يمزحون مع بعضهما البعض. ..، توقف بيجاد يساعد زوجته 


تعالي نقعد هناك..وصل بأحد الأركان تمدد بيجاد على ساق غنى 

-غنون انا هرجع اسكندرية الصبح وهرجعلك تاني يوم رمضان علشان نفطر اسبوع مع ريان المنشاوي 


مسحت على رأسه وإحالته:

-إن شاءالله حبيبي ،  ليه جاي تسأل دلوقتي، توقفت تسأله:

-يعني اول يوم مش هتفطره معانا ..هز رأسه بالنفي وأردف: 

-لا حبيبي، مش عايز بابا يزعل كفاية انك كل سنة بتفطري اول يوم هنا 


تنهدت بحزن واردفت:

-مبعرفش ابعد اليوم دا عن اهلي يابيجاد، عارفة عمو ريان بيزعل بس انا اتحرمت كتير منهم 

نهض جالسًا يستند على تلك الشجرة خلفه:

-غنى عايز اتكلم معاكي في حاجة مهمة، انصتت إليه بإهتمام 

-باباكي عايز يعمل حفلة بعد يومين، يعني قبل رمضان بيومين بحجة أنه محتفلش بقصي اي رأيه 

ضيقت عيناها متسائلة:

-الحفلة دي وراها ايه يابيجاد، يعني بابا عايز يعمل حفلة بعد ماقصي كمل خمس شهور معقولة، جذبها إليها حتى أصبحت بأحضانه 

-غنون قلبي اكيد باباكي يقصد ايه معرفش، بس عايز يعمل حفلة كبيرة ويعزم الكل عليها من جهة عودة جاسر بالسلامة ومن جهة يفرح بحفيده، طبعا أنتِ عارفة المشاكل اللي كانت بتحاوطهم 


استمع لصوت جواد حازم 

-عاملين ايه ؟!

أشار له بيجاد بالجلوس 

-إنت عامل ايه، واخبار المجرمين ايه مسكت كام حرامي 

قهقه جواد وهو يجلس بجوارهما، ثم جذب طبقًا يوضع به بعض الفواكه:

-فراولة يابيجاد، يابني ارحم نفسك، كلها املاح

ضربه بيجاد على كفه :

-ابعد علشان صحتك يابابا كلها املاح اخرك بلحة من فوق النخلة 


قهقهت غنى عليهما عندما جذب الطبق وتوقف به قائلاً :

-والله ماهكل غير الفراولة والتفاح دا ..الله الله دا كمان كريز، ايه يابني واخد كل الفاكهة اللي بحبها 

توقف بيجاد يشير إليه: 

-خطوة كمان هخليك تزحف على الأرض ..وصل عز وأوس عندما استمعوا لضحكات غنى وهي تصيح بصوتًا ضاحك

-خلاص بقى يابيجاد، سيبه، تزاحم الشباب على بيجاد وضحكاتهم تصخب بالمكان ..هرول خلف جواد وأوقعه ارضًا ملقيًا مابيديه وظل يتقتلان وهما يمزحان..صعدت ربى لغرفة جاسر، واطرقت على غرفته..ثم فتحت ودلفت إليه بهدوء 

-جاسر!!فتح عيناه يتململ بنومه 

-فيه حاجة حبيبتي!! 

-قوم بابا عايزك تحت، مسح على وجهه معتدلا ينظر بساعته 

-شوية هنزل، اخد شاور واصلي العشا 


تمام حبيبي متنمش تاني ..أغلقت الباب مستندة عليه بحزن فمنذ تلك الحادثة ومعظم وقته بالنوم ..تحركت للأسفل وامسكت هاتفها 

-عاملة ايه ياجنى..خرجت من المطبخ وهي تحمل كاسة من الأيس كريم واجابتها:

-باكل ايس كريم تعالي ادوقك، عملته الصبح قبل مااخرج على الشغل ورجعت اكلت نصه ..جلست ربى أمام المسبح وهتفت 

-جنى مش ناوية ترجعي حي الألفي تاني 

-لا ..قالتها سريعًا ثم تابعت 

-ربى انا كدا مرتاحة، وقبل ماتلومني لومي اخوكي، انا مش هفضل أتنازل وفي المقابل قلبي بيوجعني ..ابتلعت ريقها تحتضن احشائها 

-فيه سفر لانقرة قريب وممكن اغيب شهرين هناك، عايزة منك تمهدي الموضوع لعمي ..

-طب وجاسر مش الاولى يعرف

تنهدت بعمق في محاولة السيطرة على دقات قلبها العنيف من مجرد اسمه 

-هقوله قبل السفر، المهم عرفي عمي، انا مش عايزة مواجهات مع حد تاني ياروبي 

أسبلت ربى جفنيها متراجعة بجسدها تستند على المقعد عندما شعرت بإرتفاع ضغط دمها من أفعال ابنة عمها فأردفت 

-واخرك ايه ياجنى ..

وضعت جنى كوب الأيس كريم على الطاولة مردفة:

-إنتِ كان اخرك ايه لما عز خير بينك وبيني، نسيتي، اهو اخوكي خيرني، علشان نفضل صحاب لو سمحتي ماتدخليش في حياتي انا وجاسر، زي ماانا مدخلتش بينك وبين عز ومتخافيش عز أتربى في بعدك ومستحيل يتخلى عنك، أما جاسر عايزة اربيه بس بطريقتي، مش هفضل جنى الهبلة اللي كل مايشاورلها تجري عليه

اوف ياجنى اوف عليكم انتوا الاتنين 

أغلقت وهي تضرب فوق المقعد 

-دي غبية ، بس معذورة برضو، والله ياجاسر عايز تنضرب انت كمان 


بدأت تأكل بأظافرها تفكر بشيئًا حتى تفجر نيران الحب بينهما..خطرت على ذهنها فكرة، استمعت إلى صوت فارس وهو يحمل أيهم 

-بدور عليكي ..ابنك بيعيط والدادة خرجت مشوار عز بيقول 

أخذته وأشارت له بالجلوس 

-بقولك يافارس انت بتزور جنى مش كدا !!

قطب جبينه وتسائل:

-ايه السؤال الغبي دا يامرات اخويا، طبعا يعتبر يوميا ..

-حلو قوي اسمعني بقى علشان اختك المجنونة واخويا الاهبل دول لازم نظبطهم ..استمعت لصوت خلفها وهو يلوك الطعام بفمه 

-وأنا كمان عايز اسمع ، قالها عز وهو يدفعها ويجلس بجوارها 

لكزته بكتفه قاىلة بعيونًا نارية 

-تسمع ايه، وبعدين مين الست هانم اللي كانت هنا و كل شوية شكرا ياباشمهندس تعبناك معانا، مين دي ياحضرة المهندس النابغة 

حاوط أكتافها يطعمها من الفواكه 

-كلي ياروحي وبطلي تفكري، خليكي في ابنك ..نهضت بغضب تضع ايهم على ساقيه

-خد ابنك وبما انك سمحت لمربيته بالخروج يبقى تولى امره، انا عندي مذاكرة..قالتها وتحركت 



❈-❈-❈



بمكانًا اخر بالحديقة 

تجلس على الطاولة وتقوم بتحديد بعض الرسومات على تلك الأوراق التي أمامها..استمعت لأحدهم 

-بتعملي ايه يابت ياهنون، تاكلي كريز مسروق...رفعت عيناها البندقية:

-اوعى تقولها ياحضرة الظابط، وياترى سارقه من مين..جذب المقعد وجلس عليه يشير لتلك التي تجلس بجوار راكان متسائلا 

-مين الأستاذة الحلوة اللي كانت بتتكلم مع عز من شوية، اللي جنب راكان البنداري ..


استدارت تطالعها، ثم اتجهت إليه تدفعه بقدمها

-وليه ياحلو بتسأل، ليكون عجباك، انحنى بجسده يرمقها بتغزل 

-أنا حلو ، اومال القمر اللي قدامي دا ايه ..أمسكت مسطرة رسمها وضربته فوق رأسه

-اتلم يابن عمتي، بتسأل عليها ليه 

رفع حاجبه ساخرًا ثم وضع حبة الكريز بفمه يرمقها 

-إنتِ مضايقة ليه؟!

توقفت تجمع رسوماتها الهندسية قائلة:

-دمك خفيف يابن عمتي، دي بنت عم سيادة المستشار، وكانت جاية لشغل مع أوس عز

جذب يديها وتوقف، ثم سحب نفسًا يزفره:

-هنا !!انا مش صغير، وفاهم معنى كلامك ونظراتك، مش عايز اوجعك وازعلك مني يابنت عمتي، أنتِ رقيقة اوي وصغيرة وجميلة، ولسة حياتك طويلة، احنا بينا عشر سنين، ومستحيل اوجعك معايا، بعد اللي حصل مع جنى 

اقتربت بخطواتها منه ودققت النظر بعينها

-جواد إنت لسة بتحب جنى 

ابتعد ببصره بعيدًا عنها وتذكر حديث جواد ثم اتجه بنظره إليها 

-مش موضوع لسة بحبها، موضوع بلملم قلبي اللي ضيعته، انا مش هخبي عليكي وأقولك انا كويس، انا دلوقتي عايز اكون أسرة، بس مش ناوي مع حد من العيلة ..رفع ذقنها ونظر لداخل عيناها:

-هنا بلاش اوجعك، لأن اتضح لي ماليش نصيب في حد من العيلة ياكتكوتة..لمس خديها بأنامله وغمز بعينيه 

-خلينا صحاب ايه رأيك، تعرفيني على البت الحلوة اللي هناك دي

ابتسمت تضربه بمسطرتها 

-قليل الادب، هروح اقولها فيه واحد بيعاكسك ..قهقه عليها بعدما تحركت من أمامه واردف 

-أنا مستني هنا ياهنون يمكن تجبيها وتيجي ..قالها ثم جلس على المقعد ، شعر بمن يضع كفيه على كتفه

-دورت عليك كتير، مش قاعد معاهم ليه ..

-صح النوم، ايه مرحتش لوالدك ليه ، راكان البنداري هنا...جذب سجائره وبدأ يشعلها يهز رأسه بالرفض

-سيبك من راكان، دا فتان ومش هعرفه حاجة، عملت ايه في اللي طلبته

-جاسر الموضوع خطير، غير لو خالو عرف هيولع فيا، اقترب وطالعه

-عمك صهيب عرف، ومش هيسكت


نفث سيجاره ورمقه قائلًا

-عمك صهيب مالوش دعوة، طول ماانا بعيد عن بنته مش هيقرب مني 

هز جواد رأسه رافضًا حديثه:

-تبقى غبي، وحياة ربنا عمك صهيب هيقول لابوك..

ظل ينفث سيجاره وكأن حديث جواد لم يعريه، فنهض من مكانه:

-اعمل بس اللي بقولك عليه، توقف وغرز عيناه به:

-هزعل منك لو بابا عرف، أنا لازم اوصل للتميمي بأي طريقة..نهض جواد وتوقف أمامه 

-وأنا مش هقدر اعمل كدا، صعب اللي بتطلبه 

مط شفتيه للأمام ثم رمقه ساخر وتحرك قائلًا:

-طيب مالكش دعوة ولا تقرب مني تاني..


مسح جواد على وجهه بغضب

-الواد دا اعمل فيه ايه، صمت للحظة، ثم امسك هاتفه

-عرفت مين هيوقفك عن جنانك ياجاسر

لحظات رنين لهاتفها فرفعته مجيبة:

-أيوة ياجواد 

-جنى لازم اشوفك فيه موضوع ضروري لازم نتكلم فيه..تحركت بقوتها متجهة لغرفة الرسم 

-جواد أنا مشغولة ومش فاضية، ومسافرة بعد فترة 

أجابها مقاطعًا:

-حتى لو الموضوع متعلق بحياة جاسر


بعد اسبوعين، وهو اليوم المقرر لاولى أيام الشهر الفضيل ..الجميع بحي الألفي يجهزون الأطعمة والحلويات التي يتميز بها تلك الشهر، 

عصرًا بغرفة ياسين 

كانت تشعر بالدوار، وألمًا يغزو معدتها هرولت إلى الحمام لتقوم بإخراج مافي معدتها ..استمع الى تأوهها، ظل للحظات ثم دفع باب الحمام واقترب منها، وجدها تنزل بركبتيها وتقوم بالتقيئ، اقترب منها وحاوط جسدها من الخلف يساعدها على النهوض عندما فقدت القدرة على الوقوف 


تراجعت بجسدها عليه 

-ياسين جسمي بيرتعش..ضمها لأحضانه وسحبها للخارج 

-اهدي، قولتلك ماتصوميش، ربنا مرخص لك الفطار، وضعت رأسها على كتفها وتعلقت بجسده 

-مش قادرة امشي..حاوطها بقوة ذراعيه إلى أن وصل للفراش 

-ارتاحي، احتضنت كفيه بعدما نهض 

-خليك جنبي انا تعبانة..

جلس بجوارها على الفراش، وقام بتهدئة المكيف عندما وجد إرتداءثيابًا خفيفة..

وضعت رأسها بأحضانه فلف ذراعيه مبتسمًا عليها

-ياريتك تفضلي طفلة كدا على طول، بتبقي قمر رغم جنانك 

أغمضت عيناها وتحدثت

-بتتريق عليا علشان عارف مش هقدر ارد عليك..قهقه عليها حتى تغيرت ملامح وجهه يلمس وجنتيها

-لا والله مش تريقة، بس بجد بحسك طفلة قوي لما تبقي هادئة

اعتدلت وجلست بجواره بعدما شعرت بالتحسن 

-ياسين عايزة اتكلم معاك في موضوع خالد ..توقفت ابتسامته فنهض من مكانه 

-عايز اقرأ شوية قرآن، بعد إذنك

أمسكت كفيه وترجته بنظراتها 

-لازم نتكلم لو سمحت

ذهب ببصره ليديها المتشبسة به واردف:

-اتحايلت عليكي كتير، ودلوقتي انا مش مستعد اسمع حاجة ..وقت لما احب اسمعك، عن إذنك لازم اروح اصلي وأقرا وردي


بعد فترة استمعوا لاجمل صوت بالاذهان وهو صوت قرآن المغرب ليستعد الجميع بالمساعدة بتلك الطاولة التي تجمع كل خيرات الله..وصلت جنى لسيارتها وجلست بها لبعض الدقائق تحتضن احشائها وعيناها على غرفته

-احنا وصلنا حبيبي عند بابي اخيرًا، النهاردة لازم نقوله كل حاجة، يمكن لما يعرف بوجودك يبعد عن فكرته المجنونة..ملست على بطنها ولمعت عيناها بالسعادة:

-الليلة بابي هينام معانا وغصب عنه، تعرف كل مدى مابعشقه اكتر، معرفش ناوي على ايه ، بس خلاص مبقاش فيه هروب وجودك جه لأنقاذه ..مجنون جاسري مفكر هيقدر بكدا يبعد ويحميني

ترجلت من السيارة وهي تهمس لنفسها:

ياله ياجنى انزلي وخليكي واثقة من نفسك 


اتجهت لمنزل جواد ..قابلتها رمقتها بنظرة معاتبة ..اقتربت منها 

-كل سنة وحضرتك طيبة، قالتها بوصول صهيب 

-مقولتيش ليه انك وصلتي ياروح بابا

ابتسمت له

-لسة واصلة..اتجهت بأنظارها لتلك المائدة التي تنتظر وجود الجميع، لحظات واندفع المدفع ..ليتجمع الجميع بعد صلاة المغرب، انتظرته كثيرًا ليظهر فارسها المغوار، فمنذ مشاجرته مع يعقوب بذاك اليوم فهي لم تراه ..وجدت من يجذب كفيها متجهًا للطاولة الطعام يهمس لها

-واقفة كدا ليه، شوية وهينزل كان نايم، لازم نقعد نشرب العصير يامامي

رمقته سريعا وتحدثت محذرة إياه:

-عز اياك تقول حاجة لجاسر، سمعتني 

وبعدين يابنت ابويا آخرة عمايلكم ايه 

نزعت كفيها وتحركت 

-محدش له دعوة ومحدش يدخل بيني وبين جوزي، مش دا جوزي 

قالتها وتحركت لتلمع عيناها عندما وجدت يتحرك بجوار غنى وهو يحاوط جسدها وبطنها المنتفخة..توقف للحظات يطالعها بإشتياق، سبح بنظراته عليها من أسفلها لأعلها حتى توقفت عيناه لتخترق عيناها..ورغم ذلك تحرك ولم يكترث لوجودها 


انتهى الافطار الجماعي الذي أقره جواد غصبا، تعودًا لفضل الشهر الكريم..تحركت ربى وهي تحمل ابنها بعيدًا عن الجمع واتجهت تبحث عن فارس، وصلت للمكان المنشود، فأشارت بيديها إليه


تحرك وهو يتلفت حوله قائلاً:

-ممكن اعرف ناوية على ايه..أشارت له بالجلوس ثم نظرت حولها وتحدثت بهدوء :

-لازم تسمعني كويس وتعمل اللي هقولك عليه..، دا الوقت المناسب ، ظل يستمع إليها إلى أن انتهت من حديثها 

زوى مابين حاجبيه وتساءل:

-وتفتكري إن جنى هتعمل حاجة، ولا بابا هيخليها تجي لي 

سحبت عدة أنفاسًا متواصلة ثم رفعت كتفها ولا تعلم إجابة سؤاله 

-مش عارفة يافارس، بس الاتنين صعبانين عليا، مضحكش عليك انا عايزة ارجع ضحكة اخويا تاني، إنت شايف جاسر عامل إزاي 

نهض من مكانه يضع كفوفه بجيب بنطاله وتحدث :

-عندي خطة تانية، هجربها احتمال تنجح عن الصعب اللي بتقوليه، ومن مانزعل بابا


على بعد مسافة كان الجميع يجلسون بالحديقة يتناولون بعض الحلوى التي يشتهر بها هذا الشهر الفضيل..نهضت غنى بخطوات متمهلة إلى أن وصلت إلى جلوسه منفردًا حيث يجلس ينفث سيجاره بشراسة ..وضعت كفيها على كتفه حتى جلست بجواره بهدوء 

ساعدها حتى جلست ووضعت أمامه بعض الحلويات 

-قاعد لوحدك ليه حبيبي ، جبتلك خشاف دوقه 

هز رأسه رافضا ثم نظر للأمامه: 

-شبعان ياغنى، نظر لأحشائها ثم ابتسم 

-بقالك اد ايه ونشوف حبيب خالو التالت

وضعت رأسها على كتفه حتى حاوطها بذراعه 

-عاملة ايه مع بيجاد..كان واقفًا بالخلف يتناول المكسرات فهتف قائلا:

-هتكون عاملة ايه يعني، بطلع قلوب حمرا مش زي ناس..استدار برأسه مبتسمًا

-ابو نسب مش مبطل أكل ..هوى بجواره يلكزه بكتفه 

-صحتي ياحبيبي، عايز صحتي لسة مفرحتش بشبابي..تسطح على العشب يضع كفيه تحت رأسه ينظر للسماء الصافية ثم اجابه 

-شاطر يابيجاد، حافظ على صحتك علشان محدش هينفعك، هو انت جيت ليه، مش قصدي معروف انك بتفطر أول يوم عند باباك

-بابا معزوم عند عمتو النهاردة اصريت أنهم يفطروا في بيت جدو، وانا قولت هفطر مع مراتي فيها حاجة اخدها وامشي

-اقعد ياخويا وبطل رغي، طولها زي عرضها


رفع رأسه لغنى قائلاً 

-اخوكي زهد في الدنيا ياغنون، شكل جنى كرهته في الحياة 

اتجه إليه بنظرات معاتبة: 

-بيجاد عايز اقعد لوحدي ممكن تاخد غنى وتسبني لوحدي ..اومأ له متفاهمًا، هزت غنى رأسها رافضة ثم اردفت:

-عايزة اقعد معاك شوية بتطردني، أطبق على جفنيه ثم سحب نفسًا ومازالت نظراته على السماء

-سبيني شوية ياغنى لو سمحتي، ساعدها بيجاد وهو يطالعها يغمز لها بالصمت ..توقفت وظلت تطالع أخيها لفترة من الوقت ثم تحركت بجوار زوجها دون حديث 

وصل إليه عز محمحمًا 

-جاسر!!..فتح عيناه يطالعه بصمت ، جلس بجواره يدقق النظر بملامحه ثم هتف 

-هتفضل كدا ..اعتدل جاسر ثم نهض يعدل من وضعية ملابسه، ثم اجابه 

-أنا عملت اللي انتوا عايزينه ياعز، اتمنى تبعدوا عني، انا نقلت شغلي بعيد علشان عمو يرتاح، تحرك خطوة ولكن توقف عندما صاح عز 

-فيه اللي يخليني اتكلم يابن عمي، لم يعير لحديثه أهمية وتحرك بعض الخطوات مرة أخرى ولكنه توقف عندما صاح غاضبًا 

-جنى حامل!! قالها عز وتوقف متجهًا إليه، يتابع اثر كلماته عليه 

أما هو الذي تسمر بمكانه، محاولا استيعاب ماسقط على مسامعه كنسمة ربيع بيوم قائظ الحرارة..إستدار سريعًا ينظر لجلوسها مع بنات العائلة وسلط رماديته عليها بقوة، وقعت عيناه على ضحكتها الصافية، أيعقل تغيرها بسبب حملها ام بسبب مااخبرته ..هزة عنيفة سرت بسائر جسده وتمنى أن يزهق روحها بطريقته..خطى إليها، فأوقفه عز 

-جاسر لو سمحت مينفعش اللي ناوي تعمله، اسمعني الأول 

دفعه وتحرك دون أن يعري لحديثه أهمية ..وصل حيث جلوس الجميع ونظراته اخترقتها دون غيرها..توقف جواد بمقابلة صهيب الذي وصل إليهم اولا وتوقف أمامه 

-عايز ايه ياجاسر..هنا صمت الجميع، بينما لم يزيح بصره عنها 

ارتجف جسدها من نظراته، رفرفت اهدابها لعدة لحظات تبتعد من نظراته..اقترب خطوة اخرى، ولكن توقف صهيب يزيحه ونظر لجواد وصرخ به 

-إنت وعدتني ياجواد، قولت هنفطر كلنا مع بعض في جو عائلي، وعدتني إن إبنك مايقربش للبت ..انزل ذراع عمه وهتف بنبرة شجية حزينة ومازال نظراته عليها 

-متخفش ياعمو مش هعمل حاجة بس هقول حاجة لبنت عمي، مش هي لسة بنت عمي برضو ياعمو، ولا حتى الدم قطعته بينا..رفع نظره لجواد الذي ترجاه بعيناه فتراجع للخلف حتى تحرك إليها ابتعدت الفتيات عن وجودها حتى توقف أمامها وانحنى بجسده يحتضن وجهها واقترب منها 

-اولا كل رمضان وأنتِ كويسة، طبع قبلة مطولة على جبينها وجذبها لأحضانه يضمها بقوة يهمس لها 

-"مبروك ياجنى، كنت هكون أسعد واحد لو عرفت منك، بس للمرة المليون تكسري فرحتي بأغلى حاجة" تراجع بعيدًا لبعض الخطوات ثم وزع نظراته على الجميع 

-أنا وعدت حضرتك ياعمو مش هقرب منها، ثم اتجه بنظره لوالده 

انا خلاص يابابا نقلي اتقبل وهسافر الفجر العريش، اتجه بنظره لغزل وأشار على جنى 

-ماما وصيتك ابني لحد ما يجي على الدنيا، ثم ثبت نظراته عليها 

خلي بالك منه، انسي كل الوحش اللي بنا وافتكري إن اللي في بطنك دا اغلى من روحي..قالها ثم ارتدى نظارته واستدار متجهًا لسيارته ..أشار جواد برأسه لأوس للحاق به..ثم اتجه ببصره لصهيب لبعض الوقت بصمت مريب يهز رأسه واستدار متحركًا للداخل، انسابت عبرات غزل وهتفت بحزنٍ

-إنتِ حامل ياجنى، يعني كنتي مخبية على ابو ابنك، ليه يابنتي 


رفعت نظرها لصهيب الذي توسعت عيناه بذهول مما استمع إليه 

-حامل..متى وكيف ..جاسر، ازاي 


استمع لبكاء ابنته فرفع نظره إليها ونظرات خرساء بأسئلة تكاد تفتك بعقله ..تحركت سريعًا متجهة لسيارتها تقودها بسرعة ومازالت شهقاتها مرتفعة، ظلت تسير بالسيارة تتذكر نظراته وهمسه المميت، توقفت أمام النيل واغمضت جفونها من إثر الرجفة التي اعترتها عندما أحست بأنفاسه على وجهها، أمسكت هاتفها بيد مرتعشة وهاتفت أخيها

-مين اللي عرّف جاسر ياعز، اكيد إنت، زفر عز بقوة يرجع خصلاته للخلف وأجابها:

-كان لازم يعرف ياجنى..صرخت به ..مين اللي قالك ربى مش كدا 

-مش مهم عرفت منين، المهم كان لازم يعرف ياجنى، انا لو مكانه هزعل اوي 

انكمشت ملامحها بإعتراض، وآلامها قلبها قائلة :

-ربنا يسامحك ياعز مكنش المفروض حد يقوله غيري، ليه تعمل كدا ..ليه!!

همس لها بصوتٍ دافئ

-مظنش يابنت ابويا نسيت عنوانه

ارتعش قلبها وآهة خرجت من جدار قلبها، وبمقلتين دامعتين همست:

-لا ياعز مش فكراه..قالتها وأغلقت الهاتف ..قامت بتشغيل محرك سيارتها وتحركت إلى وجتها، كفى عصيانك ياقلبي ..كيف لي ان اكرهك ونبضي لا ينبض سوى بقربك..رحماك ربي بقلبي اليتيم 


وصلت بعد قليل إلى منزله الذي اتخذه بعيدًا عن الأجواء السكنية، بحديقة دائرية، ومسبح بمنتصفه، ويحاوطه الكثير من الخضرة بمختلف الأنحاء..ترجلت من السيارة بعدما وجدت سيارته المصفوفة بمكانها، ابتسامة تلقائية لاحت على وجهها بعدما هاجمتها تلك الليلة..خطت وعيناها تحاوط المنزل بسعادة، فهذا المشهد بلوحتها التي تمنته، خطت للداخل وتذكرت ذاك المفتاح الذي جلبه بتلك الليلة يهمس لها 

-دا مفتاحك مكانه هنا، لو قلب حن لقلبي هتلاقيه هنا..فتحت الباب ودلفت للداخل بهدوء، ثم خطت تبحث بأرجائه تبحث عنه بعيناها، ليته يكون هنا، هي تشعر بوجوده بكل ركنًا صعدت للأعلى وتوقفت أمام إحدى الغرف، فتحت إحداها ولكن لم تجده بها ..اتجهت للأخرى استمعت لأحدى المقطوعات الموسيقية فتحت الباب بهدوء وولجت للداخل بقلبًا ينبض بعنف، كاد أن يخرق سمعها، من دقاته، رعشة قوية أصابت جسدها وجحظت عيناها عندما شاهدته وهو يخرج من مرحاضه يلتف بمنشفة على خصره متوقفًا أمام خزانة الملابس..كل هذا وهي تراقبه بصمت، لقد اشتاقت إليه حد الجنون، ذهبت ببصرها لمحتويات الغرفة المنظمة، أخرج كنزته فهمست 

-اللون الزيتي احسن عليك..استدار بجسده ..وبشفتين مرتجفتين همس اسمها 

-"جنى"...

خطت إلى أن توصلت إليه، دقات عنيفة لكل منهما، أمسكت من كفيه كنزته والقتها بالخزانة ثم استدارت إليه تعانقه بنظراتها الحزينة تهتف بنبرة شجية متألمة من فراقه 

-أيوة جنى ياحضرة الظابط اللي عايز تهجرها وتموتها وتدفنها بقلب بارد..رفعت كفيها تمررها على صدرها وانزرفت عبراتها رغمًا عنها قائلة بنبرة متحشرجة:

-قولي اعمل فيك ايه واعاقبك ازاي وانا مش قادرة اتحمل البعد، ريحني ياجاسر، ريح قلبي اللي بينزف جوايا وقولي اعمل ايه وانا مش قادرة اقاوم وبقيت زي مابابا قال بالظبط أنا مجنون بيك 

وضع يديه على كفيها الذي تحركه على صدره، ثم اتجه إلى قلبه 

-وانت قوليلي ازاي اوقف النبض دا من الاشتياق ياجنى، ازاي اخليه ينساكي وكأنك ماجيتي ولا قربتي 

رفعت ذراعيها تحاوط عنقه وبكت بشهقات مرتفعة تضع رأسها على صدره..ضمها يسحقها بقوة عندما أحس بضلوعه تتحطم من حالتها 

أغمض عيناه متنعمًا بأحضانها الناعمة..ردد بصوت هادئ اخترق روحها 

-اشش اهدي، عارف تعبتك كتير، ووجعتك اكتر، بس والله غصب عني..أخرج رأسها يحتويها بين كفيها ويتعمق بالنظر بعينها 

-مش عايزك تتوجعي تاني، مبقتش متحمل دموعك، عندي تعيشي بعيدة عني وتكوني سعيدة احسن من نار قربي توجعك يابنت عمي ..وضعت كفيها على فمه واقتربت تغرز عيناها بمقلتيه 

-اخرس ياجاسر، تعرف تخرس خالص، عايز تموتني ولا ايه، انت عارف ومتأكد اني كنت ميتة وأنا بعيدة عنك ورغم كدا بتقولي لو هتعيشي سعيدة

لكمته بصدره وتحدثت بغضب 

-هتتحمل اكون ملك لغيرك، هتتحمل اكون مع راجل تاني غيرك، بتر حديثها عندما ابتلع كلماتها يعاقبها بأقوى أسلحته ليدمر كل ماتتفوه به، لحظات ماهي الا لحظات عقاب لينقلب ذاك العقاب إلى بحر لُجي من الأشتياق، لتترك كل مايؤرق حياتها وتلهو معه بحياة العشق اللامتناهي، وهو ينثر لها إحدى مقطوعاته المعذوفية بطريقة خاصة لها وحدها، ينعم بها وتنعم به ..لا يشعر بكم من الوقت مر بهما وهما يغوصان ببحر من العشق ولا يوجد به سوى نبض العذوف بألحان القلب الغارق بالعشق اللاذع ..ساعات مرت كنسمة ربيع بصيف قائظ بالحرارة

غفت بصدره تلهو بأحلامها مع حبيب روحها مبتسمة منعمة بنبض قلبه تحت اذنها، أما ذاك العاشق الذي مهما اقتطف من حديقة جناتها يظل ظمآن لبحر الهوى، يشعر وكأنه بصحراء بها سراب من المياه لظمآن يخطو مترنحًا من شدة عطشه، اينعم ياسادة فالعاشق عاشق للروح والهوى وليس عاشق لكلمات الجمال..ظل يبحر فوق ملامحها التي تخطف قلبه وعقله بآن واحد، نعم مجنون بها حد الثمالة ..يجد بها نبض القلب ويجد بها كأس المخمر، ولا يخلو له من إدمانها كالمتعاطي ..تمدد يرفعها على الوسادة يضع رأسه بالقرب منها يلهو بطيب أنفاسها

.وضع كفيه على أحشائها يمرر أنامله بهدوء ثم انحنى وكأنه يحادث ابنه 

-حبيبي بابا معاك هنا سامعني، عايز اقولك انت اجمل هدية ربنا بعتهالي في وقت كنت فقدت الأمل، اتمنى من ربنا يكمل وصولك لأحضاني بخير، علشان انت مفتاح السعادة ..شعرت به فرفعت كفيها تخلل أناملها بخصلاته 

-خيانة على فكرة، تراجع بجسده إليها مبتسمًا

-غيرانة!!

قالها بأعين لامعة ..اقتربت تحاوط خصره 

-جدا، غيرانة وياسلام لو بنت هتحبها اكتر مني .. رفع خصلاتها من فوق عيناها، ثم رفع ذقنها 

-تفتكري هقدر احب حد قدك..هزت رأسها مفتعلة صوت من بين شفتيها وهي تتلاعب بخصلاته

-تؤ..تؤ، عارفة مفيش حد هياخد مكاني 

قهقه بصوت مرتفع بعدما ضاعت ضحكاته منذ فترة فهمس يداعب أنفها

-مغرورة ياجنجون 

وضعت رأسها بأحضانه تهز رأسها رافضة حديثه ثم إجابته 

-مش غرور قد ماهو ثقة ياحبيب جنى ..قابل خاصتها بعشق مبعثر من ثغره يغمز لها قائلاً:

-يمكن اغير رأيي وأشوف حد تاني 

لكمته ومازالت رأسها بأحضانه 

-مش هتقدر ، علشان انا بجري في دمك يابن عمي، رفعت نظرها تحاوره بعيناها مرة وبشفتيها مرة قائلة:

-إحنا زي الروح والجسد مينفعش نبعدهم عن بعض..التمعت عيناه بسعادة الدنيا ثم اقترب يعانق خاصتها بأعذب لحنه ينثر ترانيم عشقه عليها، فصل قبلته بأنفاسًا متقاطعة قائلاً 

-لسة بتحبيني زي الأول..تمددت تجذب الغطاء على جسدها بعدما اكتشف معظمه يغمز لها ثم لكزته 

-احترم نفسك، أغمضت عيناها تستعد لنومها مرة أخرى..فتلاعب بها هبت من نومها تلكمه وهي تضحك بصوتها الجميل 

"بس بقى ياجاسر، بغير بجد"

ضمها لأحضانه يمسد على خصلاتها 

-ربنا مايحرمني من الضحكة الحلوة..مجوبتيش على سؤالي ياروح جاسر



يتبع ...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سيلا وليد من رواية عازف بنيران قلبي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة