-->

رواية جديدة عقاب ابن البادية الجزء الثاني لريناد يوسف - الفصل 4 الأثنين 16/9/2024

  

قراءة رواية عقاب ابن البادية الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




قراءة رواية عقاب ابن البادية

الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الرابع


تم النشر يوم الأثنين

 16/9/2024



البارت الأربعون


في خيمة عوالي..

- ياشيخه طلع الضي وماسمعنا ضرب بارود ولا ولا زغاريد السعد! ليكون سالم عايف البنت وسود رايتنا 

-لااا ماتخافي، سويلم شب والشباب ضعاف عزم، ومزيونه فانص كبيره وعاشقه وعيونها ناعسات، واللي عيونها ناعسات اعرفي انها ماتحط راسها وتنام إلا وهي واخده حقها.


-وليش تعممين ياشيخه، مو كل اللي عيونها ناعسات فانص.

- لا كلهن فنص ياكبيرة الفوانص انت.

ردت عليها مايزه بضحكة:

- توا كنت راح نقول انا قدامك مثال، عيوني ناعسات وماني فانص، طلعتي حاطتني  كبيرتهن؟

- اي والله، ماانا من هيك انقول فوانص.

هيا أمشي لخيمة العرسان وقولي لمزيونه الشيخه تريد تطمن، وشوفي بعينك وردي طمنيني، واذا كل شي تمام قولي لسويلم عدي لعمتك عوالي تريدك.

-تم ياشيختي.


في خيمة سالم.. 

تململ سالم على صوت رنات هادئة ناعمة، ففتح عينيه ببطئ وكانت هي تحاول لملمة خصلات شعرها ولا تستطيع السيطرة عليهم من طولهم.. إعتدل ومد يده يساعدها.. فاجئتها حركته فإستدارت لتنظر إليه، ولما رأته يفعل هذا عادت لوضعها السابق ووالته ظهرها بخجل وهي غير مصدقة! سالم بذاته يساعدها في ربط شعرها؟ 

أغمضت عينيها واستسلمت للمساته الحنونه وحركته الخفيفة.. ثوانٍ واردف لها بصوت ناعس:

-هكي لملمنا  اللي بسببه انقطع نومنا وانزعجنا برنات الأساور. 

إستدارت نحوه وكأنها لم تنتبه لنفسها، ولكنها كانت منتبهة ومثلت العفوية، فهمست له بصوت ناعم:


- حقك علي ياسالم من الحين اذا انت بالخيمة هنقلع الأساور وماعاد تسمعلهن صوت.

-نظر إليها وجفت الكلمات في حلقه، فرؤيتها بالنهار مختلفة تماماً عن الليل، وكأنها أخرى، اذدادت جمالاً، وما ترتديه اذهب عقله، لم يعرف ماذا يقول في هذا الموقف، ايتغزل بها أم يشكرها، أم يخفى إعجابه بما ترى عيناه؟ 

وكيف إذا ألجم لسانه سيلجم عيناه من البوح، لا يعلم للآن كيف واتته كل هذه الجراءة ليفعل مافعله بالأمس، كيف أختفت رجوه من ذهنه واحتلت مكانها غريزته وسيطرت على كل حواسه؟ وكيف له ان يستمتع إلى هذا الحد مع غيرها؟!

وكيف لشيئ ان يكون غريباً وجميلاً وصعباً على القلب في نفس الوقت، ماكل هذه الأحاسيس المتضاربه؟!


نعم في كل لحظة تمناها هي بدلاًا عن مزيونه، ولكنه أكمل الأمر على كل حال دون ذرة تأنيب واحدة من ضميره! وبرر هذا لنفسه بأنه شاب وأمامه حلاله وقد ضعف، والإنسان ضعيف أمام شهواته. 


تنحنحت وهي تحاول التقاط ملابسها لترتديها، فساعدها وقربهم منها!

كان حنوناً معها كثيراً، لم تشعر ولو للحظة بنفوره منها، وهذا كان سبب إستغرابها وسعادتها في نفس الوقت! 

ولكن سعادتها كلها تبخرت حين سألته بخجل:

- سالم اقول ليش ابي ماجانا  بالغبشه وليش أمي ماجاتني متل مايصير مع كل بنيات القبيلة؟ 


رد عليها وهو يجذب جلبابه:

-انا اللي نبهت مايجينا حدا إلا أنا ادز عليه، كل الأمور اللي ماكانت تعجبني ماراح اخلي حد يسويها معي..

 ماطارت الدنيا ولا بتفنى إذا اتأجلت الطقوس كم ساعه.. 

انتي الحين لملمي حالك وانا طالع انطمن ابوكي وابوي وادز لأمك تجيك. 

- آااا... طيب اقووول... 

- قولي يارجوه ليش التردد، حكيتلك ماتترددي بشي أنا صرت زوجك الحين. 

نطقه للإسم ذبحها، ولكنها تجاهلته كما لو أنه لم ينطقه، فقالت بخجل:

- يعني أنت وين رايح الحين، انا اعرف المعرس مايبارح خيمته إلا بنهاية اليوم.هاد اقل تقدير يعني. 


أما هو فإنقبض قلبه حين انساب إسمها على لسانه دون ان ينتبه علي نفسه، ولما أكملت حديثها دون تعقيب، إفترض أنها لم تنتبه، فتنفس الصعداء، ثم سألها:

- أي وايش تاني تعرفينه يتم بهاليوم غير ان المعرس يضل بخيمته لنهاية اليوم؟ 

- إقتربت منه واجابت بخجل:

- يعني اسمع أن العروس تحمم العريس والعكس يتم، ياكلوا سوا ويرتاحون من تعب العرس ومايهتموا لأي حد غير لبعض وبس..ويحكيلها كل شي يريده منها ويملي عليها اوامره ونواهيه ،يعرفها ايش له وايش عليه ،  واخر اليوم وقت الغروب يطلعو فوق الربوة ويشاهدو غروب اول يوم زواج ،يعني هاد اللي كنت اسمعه، بس اذا انت تريد تسوي شي اخر ماعليك قيود ولا تهتم.. انا بس قولت يمكن ماتعرف. 

- الباين اني جاهل وما نعرف شي من هادا كله غير شي يسير ، واذا هاد اللي يجرا بالاعراس يصير علينا متل اللي يصير على الناس.. اهو  قعدنا. 


تبسمت مزيونه فقد كانت تظن أنه سيترك الخيمة على اي حال ويفر مبتعداً ويخالف العادات ولا يهتم، ولكنه فاجأها.. 

صمت دام لدقائق أخذ سالم يتأملها فيهم من أخمص قدميها حتى شعرها الغجرى المُلفت، ذبلت عيناها من نظراته لها، وتعالت أنفاسه هو  وإقترب منها وجذبها من خصرها، ولكن صوت مايزه قاطعهم وهي تقول:

- هاااا يالمعرسين وينكم.. هيا فيقوا كافيي طلع النهار. 

إبتعد سالم وزفرت مزيونه بحنق، ورد سالم عليها:

- فايقين ياخاله تعي تعي فوتي. 

دخلت مايزه وهي تمشي علي استحياء وقالت:

- انريد نطمن ونطمن الشيخه عوالي. بشروني


أدار سالم وجهه بعد ان أومأ لمزيونه بالموافقة، فطمئنت مايزه وأخبرتها بأن كل شيء على مايرام، فهلهلت مايزه على الفور، ثم قالت:مبارك عليك ياوليدي 

- منها العيال ومنك المال ياسويلم..تو نمشي انشيعلكم مي ساخن وفطور العرسان، وبعد تتحمموا وتفطروا الشيخه تريدك ياسويلم. 


- نظرت مزيونه لمايزه وقالت بغضب طفولي:

- ليش الشيخه تريده الحين ياخاله، يعني ماتعرف ان العريس مايترك خيمته أول يوم غير فالمغارب؟ ليش تريدون تبعدونه عني وتاخدونه مني وانا ماصدقت

 لترد عليها مايزه بغضب:

-انكلبتي ولا ايش؟ تحشمي يافانص وين الحيا الهي تلوشك حيه بسبع روس.. كيف يعني ناخدو منك، راعي ملافظج يابغله وللا انقول للشيخة تعلقك من لسانك والله. 

صمتت مزيونه ونظرت للأرض ولكنها أمسكت بطرف ثوب سالم خفية دون ان تراها مايزه، واعطته نظرة إستعطاف سريعة، فتبسم وفهم أنها تطلب مساعدته، فنظر لمايزه وقال:

- ياخاله شوي شوي عليها هي ماتقصد شي، هي عروس وعم تدلل اتركيها الحين وبعدين انا بعلقها من لسانها إذا نطق كلمة مو بمحلها، اتركوها علي وسويلم يعرف يأدب. 


نظرت مايزه لمزيونه التي تبسمت برضى وهي تنظر لسالم بوله وبعيون لا تقاوم، وهمست بصوت مسموع:

- والله الشيخة عوالي ماكذبت وقالت الصدق.. انا رايحه ياسويلم وما تنسى الشيخه تريدك. 


- بالليل اجيها، قوليلها سالم يقولك هو ما راح يطلع اليوم كتير تعبان. 


- صُدمت مايزه ورفعت حاجبيها وهي تتمتم:

-راح سويلم راااح، والله. 

مانك هينة يا ام سيقان اطوال.

غادرت مايزه وبعد مغادرتها نظر سالم لمزيونه وهمس:

- لا تعيدين هي النظرات لي وخاصة إذا حد موجود فهمتي؟ 

 بصوت ناعم سألته:

-ليش؟ 

- هو هيك بدون ليش، وماتتمايعي زايد يامزيونه انا ماأنحب المايعات. 


- تؤمر على الروح والقلب يادقة القلب،قالتها بصوت لا يقاوم ونظرة تهدم اقوى الحصون، ففرك سالم وجهه بتوتر ودون مقدمات أكمل ماكان ينويه قبل مجيئ مايزه، وانفصل عن العالم أجمع. 


أما في خيمة رجوه:

- رجوه ليش ما طلعتي من الخيمه للحين، ايش هاد الوخم كله؟ قومي قومي جهزت الوكل تعي ناكلوا سوا رابح راح يفطر مع الشباب. 


ردت عليها رجوه بصوت متعب:

- لا يامعزوزه انا ماعايزه وكل ولا شي اتركيني انام بالله عليكي. 

- إقتربت منها معزوزه وأزاحت الغطاء عنها فوجدتها كحبة الطماطم، جستها بيدها وانتفضت من شدة حرارتها المرتفعة، جلست بجوارها واخذت تتفحصها بخوف وهي تقول:

- ايش فيك، عشيه كنتي زينه وعين الله عليكي ومابيكي شي، من ايش لهب بجتتك الحريق يارجوه وصرتي ناار؟ 

- ماادري يامعزوزه مانعرف ايش صارلي  غطيني ودثريني وكتري الغطا حاسة روحي في بركة تلج

- هااا فقتي وحسيتي بالخساره وتعبك الندم يارجوه ولا ايش؟ 

- بالله عليكي حليني وروحي من هنا  بلا سالم بلا ندم. 

- طيب قومي غيري اتيابك هي اللي بقت  مي من العرق وانا ماشيه نعملك شي دافي تشربيه وانعدي للشيخه انجيب من حداها اعشاب تطيبك وتهدي النار بجوفك. 


- اعملي اللي تعمليه بس روحي يامعزوزه واتركيني. 


غادرت معزوزه الخيمه، وذهبت لخيمة الشيخه عوالي واستأذنت بالدخول.. 

- عمتي عوالي انريد اعشاب للسخونه. 

-لمين تريدينهم يامعزوزه؟ 

- رجوه ياشيخه غاديه نااار وحرارتها ماتحملتها يدي. 

- الفانص مرضت.. هاكي الاعشاب جيبيلها منها يامايزه. 

- احضرت مايزه الاعشاب وأعطتهم لمعزوزه، وتحركت معزوزه خطوتان بعد ان شكرت الشيخة، ولكنها توقفت واستدارت وسألت عوالي بقلق:

- عمتي انا ايش انسوي مع رجوه وهي من الحين نار الغيره نومتها؟ 

- لا هي مو نار غيره، هي نار قهر وحسرة ، الفانص مرضت من حكي عقاب اللي صدها ورجعها خايبة الرجا وقالها انه خطب غيرها ومايريدها وماراح ياخدها لو اخر بنت بالدنيا. 

- وهو صدق خطب ياعمتي؟ 

- خطب ولا ماخطب بيش تفرق يامعزوزه، عقاب مو من مجاويزنا ولا يصير ياخد من بنات قبيلتنا حتى لو متربي على يدنا، وانتي تعلمين اعراف القبايل والفانص تعرفها زين.

والحين خدي الاعشاب وامشي سويهن وخليها تتزهمر منهم وقوليلها لسا ماشفتي شي من الوجع تحملي. 


غادرت معزوزه دون ان ترد، فكل ماقالته الشيخة هو الحقيقة الكاملة، ولا تعلم لم اختها ترفض الاعتراف بها. 

وصلت عند باب الخيمة وتوقفت وكأنها نسيت شيئ ما، فإستدارت سريعاً وسألت مايزه:

- اقول ياخاله مايزه، ريتك راده من خيمة سالم، ايش الاخبار؟ 

 اجابتها الشيخه عوالي:

- الاخبار زينه يامعزوزه وسويلم سيد الرجال، ومزيونه مهره وتعجب أي خيال. 

- الله يهنيهم ياعمتي، سويلم خوي وانا بس خفت يكون مكسور على شويقه. 

- لا يامعزوزه، مايفل المره غير المره، وسالم حب، وإن ماطال مارح توقف حياته.. يلا روحي لاختك وبس تطيب قوليلها امشي لعمتك عوالي تريدك.

عادت معزوزه واعدت لاختها الأعشاب واجبرتها على شربها، وتركتها تستريح، وذهبت للخلاء حيث رابح كان علي مسافة من الخيام يجلس بجوار الأغنام..


 اقتربت منه وجلست بجواره دون أن تلقي عليه السلام، فقال لها متعجباً! :

-ليش الزين مارمي السلام؟ من اللي زعل مليحة قلبي؟ 

- رجوه وحالها اللي زعلوني يارابح.. حزينه عليها وحزينه على سالم وماادري ايش اخرة الطريق اللي سلكوها.. بنت روحي مرضت وهو الله اعلم بحاله. 


- شوفي يامعزوزتي، اذا على سالم لا تخافين عليه، احنا الرجال، وخاصة رجال القبايل فينا قوة مايضعفها غياب الف حرمه ولا حضورهم.. ونعرفو نعيشو حتى بقلب ميت. 


واذا على رجوه الله يعين قلبها ويصبرها عاللي جاي. 

اختك مطيورة 

نظرت معزوزه لرابح وأردفت بعتب:

- يعني يارابح اذا انا غبت عنك راح تواصل حياتك وتتزوج وحده غيري وتخلف منها؟ 

- اي 

جحظت عينا معزوزه واعتدلت في جلستها كنمرة تأهبت للهجوم وسألته مرة اخري:

- وتقول اي يارابح؟ 

-اي. 

شوفي يامعزوزه بدون زعل ولا هجوم ولا اخذ مواقف.. احنا الرجال نعرفو نفصلو بين القلب والغريزه.. يعني القلب مسكون بشويقه والجسد مافي داعي ينحرم من المتعه.. بس هاااد اذا الشويق مو موجود.. يعني ماقدر ياخذ الوليف ولفه.. مضطر يعيش ويمارس الحياة.. يتزوج ويجيب ولاد ويمشي دنيته. هادي سنة الله في خلقه


- متل البهايم يعني، يعيش بلا احساس ولا شعور، يعيش يتكاثر وبس. 

- ليش، مين قال انه ماراح يكون فيه شعور؟ المشاعر اكيد بتكون موجوده، بس مشاعر غير، مشاعر مختلفه، تشبه لمن تكوني جوعانه ونفسك تاكلي شي معين، بس ماكان موجود، وانحطلك نوع اكل ثاني، فتاكلي لجل تسدي جوعك وجايز يكون الوكل زين ويعجبك واااجد. 


تلفتت معزوزه حولها، فعرف رابح انها تبحث عن شيء ما يصلح للضرب،

 فأنفاسها العالية ووجهها المحتقن يقولان أن كلام رابح لن يمر عليها مرور الكرام. 

ضحك رابح وأمسك يديها وجذبها عليه وهو يقول:

-افهمي يابهيمه.. انا انقول اذا الوليف ماكان معاه ولفه، لكن انا معي ولفي وشويقي، أمامي كل الأكل اللي نحبه وماني بحاجة شي ثاني.. اني شبعان شبعااااان. 

تنهدت معزوزه، وشعر بأنها بدأت تهدأ قليلاً، فبدأ يترك يديها شيئاً فشيء،

 وما إن تحررت يداها حتى شعر رابح برجة قوية ومؤلمة فى رأسه من الخلف.. كانت ضربة من معزوزه بحجر، اخبرته بها بأن كلامه السابق لن يمحوه أي تبريرات ولا حتى إحتضانه لها، وأن الألم بالألم. 


إبتعد عنها ونظر لها وهو يفرك مؤخرة رأسه وقال : حيه على امك يابقرة.. انكلبتي؟ 

-اي انكلبت، ماكان في داعي تحكي هكي، قال الراجل لزوم يعيش ويخلف وياكل وخرابيط توجع القلب.. انا بس لولا اني نحبك واجد كنت ذبحتك يارابح ودفنتك بمطرحك. اتمووووت وما توطا وحده غيري   

- معزوزه لا تكتري كلام مالو داعي، تذبحي من انتِ؟

- اذبحك انت يارابح، اذبحك لجل ماتتزوج علي بعد موتي ولا تاكل من الزاد شي لا الوكل اللي تحبه ولا اللي ماتحبه. 

- يامجذوبه افهمي علي. 

- لا ما افهم ولا أفهم، والحين انا عايفالك المكان كلو وراده خيمتي، وبس ترد ماتحكي معي ولا حرف ولا تيجي يمي. 

- زين وانا من الحين أنوازي بين صبايا القبيلة واختاريلي عروس بس انعاود القبيلة انتزوجها، نحكي معاها واروح يمها، وانتي خليكي بخيمتك لحالك حلال عليكي وحدتك. 


لم يكاد ينهى كلامه حتى ارتطم شيئ برأسه جعله يتألم أكثر وهو يمسك رأسه بكلتا يديه، وحينما رفع رأسه رآها تجري مبتعدة تغوص قدماها في الرمال من شدة الغضب. 


فضحك ونظر في راحة يده ليجدها تلونت بالدماء إثر الضربة، فهمس لنفسه:

- والله ماينمزح معك ياكلبة القبايل انتِ. اتريدي تبقي ارمله من جَدك يا بهيمة؟ 


أما فى مسكن آدم:

عايده:

- انا حبيت القعده هنا أوي خلينا شويه كمان.. بصراحه هنا المكان الوحيد اللي بحس فيه بالراحه والأمان، واني مطمنه علي آدم من كل حاجه، بحس انه هنا محمي ومتحاوط بسور عالي محدش يقدر يخطيه.. غير هناك خالص. 


رد عليها محمود قائلاً:

- فعلاً ودا إحساسي انا كمان، وبجد الحياة هنا هاديه ومريحه وحلاوتها فبساطتها. 

ترك آدم اللابتوب الذي كان يعمل عليه واستدار ليرد عليهما:

- اقول بما أن العيشه هون عجبتكم واجد، ايش رأيكم اذا بعنا كل شي وجينا هون، نعيش بالقبيلة وانا انقل مقر شغلي قريب عليكم، احنا مالنا شي هناك غير القصر ومقر الشركات، القصر ابنيلكم احسن منه اذا تريدون، ومقر الشركات يتغير.. ايش قولكم؟


- لا القصر لا،مقدرش ابيعه، دا المكان اللي اتربيت فيه من صغري وفيه كل ذكرياتي.. وكمان اخوك مدفون فيه، القصر محدش يفكر يبيعه نهائي. 


- خلاص ياآدم سيب القصر، أما بخصوص نقل مقر الشركات فاشوف المكان اللي هترتاح فيه واحنا معاك. 


-الحق يابوي انا مانرتاح غير هون، احس اني اتنفس وانعيش، اما بالحضر انحس حالي سمكه طلعوها من المي. 

-خلاص ياحبيبي احنا في الأول والآخر كل همنا في الدنيا راحتك وانك تكون بخير، احنا عايشين في الدنيا دي عشانك انت ياآدم.

 الفتره الجايه حاول تصفي كل حاجه وتعالا واحنا معاك، وانا حاسس إن الجاي هيكون احلى بفضل الله. 


تبسم آدم وعاد ليكمل عمله علي حاسوبه، فالآن فقط سيعود العقاب لسمائه التي اعتاد التحليق فيها حراً طليقاً، ولن يضطر للتحليق وسط أسراب لا ينتمي إليهم ولا هم يرغبون به معهم. 


مرت ساعات النهار وغابت الشمس، وها هو سالم يستعد لمغادرة الخيمة تحت انظار مزيونه المراقبة. 

نظر أليها وهو يعدل شماغه، بعد ان ربط حزامه على خصره ووضع خنجره فى جرابه وسألها:

- ايش فيك تناظريني بعيون فيها وااجد كلام؟ 

- لا ياولد عمي ولا كلام ولا شي،، انا بس راح اشتاقلك واريد انقولك  ماتغيب علي.. ولا تنساني.. يعني خليني ببالك..وانا بنتظر رجعتك بكل شوق ولهفه وراح نعد الدقايق والثواني وانت غايب من شوقي لك، فياريت ترأف بحالي. 


رد عليها سالم وهو يقترب منها إلى أن وقف أمامها وأخذ يداعب خصلات شعرها :

-كيف انساكي يعني، انتِ صرتي حقيقة وأمر واقع مايتنسى، بس اللي اريد انبهك ليه يامزيونه اني ماراح ارد للخيمة رأفة بشوقك وانتظارك.. أنا برد وقت اللي انهي كل مصالحي واحس اني محتاج للراحة.. خليني اعتبرك انت وخيمتك راحتي مو واجبي؛ لأن الواجبات تنكره والناس تتهرب منها وتملها. 


أومأت له بالموافقة، فهو يخبرها الآن وبطريقة غير مباشرة بأنه ليس رهن مشاعرها، وأن تتركه وشأنه، وأن كل شيئ سيسير على مزاجه هو وحسب هواه، 

وسيفعل هذا حتماَ وعليها أن تختار، إما ان يتم بالطريقة السهلة وبموافقتها، إو بالطريقة الصعبة وتجلب لنفسها المتاعب وهي لا تزال في البداية. 


تبسم لها وهو يرى طاعتها له وموافقتها علي كل مايقول، واردف سائلاً:

- زين انا بمشي للشيخة عوالي الحين، تريدين شي قبل مااروح؟ 

- لا مااريد بس غير انك تدير بالك ع حالك.. وتردلي سالم.. ياسالم. 


غادر الخيمة سريعاً قبل أن ينظر لعينيها ويعدل عن قرار المغادرة، فلا يعلم أي سحر تمتلكه تلك الملعونة، وأي تعويذة أُلقيت على عينيها! 


فتح باب الخيمة وخرج منها، ونظر حوله، فإذ بشعور غريب يضرب قلبه كالبرق! 

شعر بأنه كان داخل عالم آخر والآن عاد إلى عالمه الطبيعي! 

وأن الخيمة التي خلفه وماعاشه فيها هو مجرد حلم واستيقظ منه الآن، ووجد عيناه يبحثان عنها بشوق وقلبه إجتاحه الحنين، 

والرغبة في قربها عادت تراودة من جديد، وبإلحاح أكبر. 


تقدم نحو خيمة الشيخه عوالي، وأوشك على الإستئذان ولكنه تراجع وهو يسمع مايزه تقول للشيخه:

- ياشيخه رجوه تهزي والسخونه ماعايزه تروح، انا بروحي مشيتلها اشوفها والبنيه حالها صعيب واااجد. 


- والله يامايزه انا ماعارفه احس نحوها بالشفقة ولا بالشماتة.. اقول كل هاد من تحت إيدها والله يزيدها، ولا اقول مازالت صغيره ماتدري ايش سوت بروحها؟ 

-انتي اذا شفتي حالها ماراح يكون بقلبك عليها غير الشفقة والخوف، البنيه شكلها يقول ماراح تصحى من هاد التعب 


- ليش ترجفين قلبي وانتِ تعرفين قلبي رجيج يامايزه، امشي نروح نشوفها وجيبي معك حقيبة الأعشاب كلها. 

نزلت هذه الكلمات على قلبه كالسهام، كيف ومتى حدث كل هذا لحبيبته؟

لقد غفل عنها يومان، فقط يومان ووصلت لهذا الحال؟! 

هرول سريعاً نحو خيمتها، نادى بإسمها مرة تلو مرة ولم يتلقى رد، فأزاح باب الخيمة ونظر داخلها وليست عادته، 

لقد فعل فعلة شنعاء وتعدى على حُرمة خيمة، ولكن عقله الآن ليس بحالة تسمح له بالتمييز بين الخطأ والصواب. 

رآها ممددة ولا أحد بجوارها، فدخل مسرعاً وركع بجانبها، همس بإسمها وكم تمنى لو يستطيع إحتضانها وأخذ الداء منها، أدار وجهها نحوه وفتحت عينيها فرأى الجحيم فيهم، أغمضت ولم تفتحهم مرة أخرى حتي مع كل محاولاته ليجعلها تعود لوعيها.. 

جسدها يخبر الناظر بأنها وضعت فوق موقد وأُشعلت تحتها النار، أنفاسها لفحت يد سالم وكأنها نفس تنين! ومع كل هذا جسدها يرتجف كورقة شجر تواجه الريح! 


تلفت حوله باحثاً عن أي شيء يفعله لها، فلم يجد سوى لحاف إضافي وضعه عليها، وجلس يتأملها بقلة حيلة.. ياإلهي طفلته مريضة إلى هذا الحد وتركها وإلتهى بغيرها! 

 دقائق وسمع أصوات خارج الخيمة ميزهم على الفور، كانوا للشيخه ومايزه ومعزوزه، دلفوا ثلاثتهم وصدموا جميعاً من وجوده، نعم كان أمر طبيعي فيما سبق، وأينما تواجدت رجوه تواجد سالم، 

ولكن الأن الوضع يختلف، وخاصة اليوم!


تقدمت الشيخة عوالي منهم وجلست بجانب رجوه وسألت سالم:

- هاه من نقلك خبرها بهالسرعة، ولا تشم ظهر يدك وتعرف الغيب؟ 

-- همليني واشقي برجوه ياعمتي، شوفيلها شي يطيبها، رجوه مريضه وااجد. 

-اطمن مارح يجرى عليها شي، غدوه تقوم وترد ترمح بالصحاري مثل النيقان..الفوانص مايموتون. 


فحصتها جيداً وقامت بفرك بعض الأعشاب في فمها وسقتها بعض الماء، وأعطت أعشاب أخرى لمعزوزه تغليهم لها، وغادرت بعد أن حاولت تأخذ معها سالم وهو رفض التزحزح من جوارها ابداً. 


وصلت عوالي لخيمتها، وبعد قليل سمعت صوت يستأذن فى الدخول. كانت مزيونه.. 


عوالي:

- عرفتك جايه وانتظرت قدومك يامزيونه. 

- لكن انتي دزيتي على سالم بس، من وين عرفتيني جايه؟ 

- لا تنسي انا شيختك وشيخة قبيلتك واعرف العقول بيش تفكر من قبل مايبوح اللسان، وماجابك لي الحين غير غيرتك يامزيونه. 


تبسمت مزيونه وهي ترد على عوالي:

- لا ياشيختي، ماغيرتي اللي جابتني، انا جابتني محبتي،واذا مفكره اني جايه اشكيلك الوجع من سالم وفوته على خيمة رجوه فراح اخيب ظنك. 


-لكن ليش جايه؟ 

- جايه آخد من حذاكي اعشاب تساعدني احبل سريع وبطني يشيل من سويلم ولد، اريد اعطيه كل شي، اريده يشوف الفرح بس مني. 


مايزه:

- شالك ثور فوق قرونه ورماكي من فوق التله، انتي من اليوم ضار اسمك مجنونه بدال مزيونه..حبل ايش اللي تدوريه من اول يوم زواج ياقليلة العقل يافانص؟ 


- مايزه انا ماجيتك، انا جايه لعمتي وهي اللي راح تفهم علي.. انتي فاهمه علي ياعمتي ما هيك؟ 


اومأت لها عوالي ، وقامت للحقيبة واحضرت منها بعض الأعشاب وأعطتهم لمزيونه وشرحت لها طريقة إستخدامهم. 


غادرت مزيونه دون التحدث في أي أمر آخر، ولا حتي ذكرت شيء عن ذهاب سالم لرجوه الذى بالتأكيد لم يخفى عليها. 


مايزه:

- والله أمرك غريب عجيب يامزيونه! 

- يجوز غريب عندك، بس عين العقل اللي تسويه مزيونه، هي عارفه زين ايش تريد، هي البنيه اذكى منك ومن  نص نساء القبيلة، هي تريد تعمل رصيد لها عند سويلم وبعدها تفرد قلوعها وقت تحس السفينه اصبحت ملكها وان الريح والربان صاروا رهن إشارتها. 

- اي فهمت، يعني هي تتمسكن لحين تتمكن؟ 

- لا.. هي تتودد وتبني جسور محبة، مزيونه تدور محبة سويلم وبس تحسها راح يتغير كل شي. 


- ماأظن سالم بهالسهولة، وما أظنه يحب بعد رجوه.. بت مكاسب خدت كل المحبة اللي بقلب سالم. 


-لااا مااظن،، انتظري وراقبي والأيام جايه والخصم ذكي وعاشق وباله طويل. 


أما هو فلم يبارح مكانه، عرفت كل القبيلة بأمر مرض رجوة ومكوثه بجوارها، ذهب إليه رابح وآدم، وحتى هلال.. الجميع حاولوا أن يخرجوه من الخيمة ويرسلوه لخيمته، هو عريس وعروسه إن غضبت وثارت وحرقت القبيلة لن يلوم عليها أحد..وكان الرفض هو لسان حاله. 


ولكن مزيونه خلفت كل التوقعات، وصدمت الجميع حين رأوها تدلف لداخل الخيمة، مبتسمة وهادئة الملامح وكأن الذي يحدث لا يحرك لها ساكناً! 

إقتربت من سالم ورجوه وجلست بجانبهم وقالت لسالم:

- سلامتها انشالله مابيها الا العافيه. 


- صمت سالم وقد ظنها تستهزء به وبتركه لها وبجلوسه بجوار رجوه، ولكنه وجدها تهتم برجوة إهتمام حقيقي، تدثرها وتدلك يديها وتحاول خفض حرارتها بالكمادات، وتبحث مع معزوزه علي حل لخفض حرارتها! 


، فشعر بأنها لم تأتي ناقمة او ساخطة، بل أتت مواسية ومشفقة! فتسائل في نفسه وهو ينظر لها ويراقب تصرفاتها:

-اي قلب اللي تملكينه هاد يامزيونه.. كبير ومحب لهادرجة ولا ميت مابي إحساس ولا شعور؟ 


إنقضى بعض الوقت وكافة العقول ترفض تصديق مايحدث أمامهم وما تفعله زوجة سالم، والسلام النفسي الذي ينعكس على كلامها وملامحها وتصرفاتها، وكأنها لم تعرف شيئ يسمى غيرة، ولم تسمع عنها من قبل!


مرت ساعات وإنتصف الليل، حال رجوه يسوء.. المداواة بالأعشاب لا تجدي نفعاً.. تهذي وتتحدث عن مواقف حدثت بالماضي، تبتسم تارة وتارة أخرى ملامحها تأخذ وضع البكاء.. 

بدت وكأنها تستعيد الذكريات بالترتيب، بدأت بذكريات الطفولة، كانت تقول جملة واحدة فيتذكر سالم والجميع بقية الموقف، حتى وصلت لوقتها الحالي، همست بملامح باكية:

- سويلم سامحني انا نحب عقاب، اعرفك تحبني واجد بس سامحني مو بيدي. انا نحبك ياآدم ليش انت ماتحبني لييش. 


كلاماتها خرجت كقنبلة ألقتها عليهم، نعم الكل يعلم ماقالته، ولكن أن يقال بوجود جميع الأطراف إنه لأمر مخجل وموجع أيضاً. 


غادر هلال الخيمة على الفور وهو يشعر بالخذي ويتمتم بصوت منخفض ويسبها بأبشع الالفاظ.. 

وآدم أخفض عيناه خيفة أن يلتقيا بأعين سالم فيرى فيهم مايؤلم قلبه. 


 أما سالم  فشعر بطعنة أخرى وكاد يتألم، ولكنه نظر لمزيونه ورأها كيف تتحامل على نفسها، تتجاهل غيرتها وتحاول أن تتحلى بالقوة والتقبل،  وأنه رجل، 

وماتتحمله إمرأة من قهر يجب ان يتحمل الرجل أضعافه. 

فظل صامتاً واستمر يراقبها، ولما لم يرى اي تحسن في حالتها لم يتحمل اكثر.. 

نهض، وبحركة سريعة شد الغطاء من فوقها وإلتقطها كما يلتقط الأب طفلته المريضة وغادر بها الخيمة مسرعاً ، لم يسأل أحد ولم يستأذن، فلطالما أمر رجوه كان يخصه وحده. 


تبعه رابح وآدم ومعزوزه وحتى مزيونه.. سار بها حتى وصل سيارته، كان يحتضنها بحب وخوف جعل قلب مزيونه يصرخ طالباً منه الرحمة، ولكن صرخاته لم تتعدى أضلعها. 

فتح له رابح الباب وهو يسأله:

- على وين ياسالم؟ 

- ما يلزملها ذكاء يارابح، على طبيب يشوف حالها ويداويها،ولا تريدني اتركها حتى تموت؟ 

صعد بجانبها وصعد آدم في كرسي السائق وبجواره رابح، أما مزيونه فركبت دون سؤال، وقامت بإحتضان رجوه وأخذها عنه، 

أما معزوزه فأبى رابح إن تذهب معهم خيفة من أن يحدث للطفل الذي بداخلها مكروه.. وانطلق آدم بالسيارة حتى وصل المدينة. 

وهناك توجه لأكبر مشفى إستثماري وقاموا بإدخالها، وبدأ الأطباء رحلة إكتشاف علتها والعمل على مداواتها. 


ومضى الوقت في الانتظار، 

القلق يأكل في قلب سالم. أما مزيونه فكانت تشعر بالخوف من ان تنهار في أية لحظة وتفقد تحكمها في نفسها وإنفعالاتها، وكان هذا أكبر إختبار واجهته لقوة تحملها علي مدى سنوات عمرها. 


أما هو فبقدر خوفه على رجوة كانت شفقته على مزيونه، يعلم أنها تجاهد لتبدوا بهذا الهدوء، يعلم بأنها تتجرع الخيبات الآن في صمت، ولكنه لا يستطيع ان يفعل لها شيئ،

 نعم سيحاول إصلاح كل هذا، ولكن لاحقاً، والآن لا شيئ سيشغله عن رجوته


خرج الطبيب مع الممرضة وأخبرهم بانها تحسنت وعادت لوعيها، ففرك سالم وجهه وهو يزفر بإرتياح،

 وسأل الطبيب اذا بإمكانهم الدخول لها، فسمح لهم الطبيب بذلك فلا ضرر عليها. 

دخلوا جميعاً ماعدا آدم الذي بقي بالخارج  ينتظرهم. 


نظرت نحوا الباب ورأت سالم أول من دخل عليها، تبسمت وانفجرت من عينيها الدموع، ودخل من بعده رابح ومزيونه، 

تعلقت عيناها بالباب وهي تتأمل أن  يدخل هو الآخر،، فربما يرأف بحالها إن رأها.. فقد هُيئ لها انها سمعت صوته وهم في طريقهم إلى هنا، ولكن يبدوا أنها كانت تهزي. 


إقترب منها سالم وعلى وجهه خوفه المعتاد عليها وسألها:

-طمنيني كيف صرتي الحين يارجوه، ريت المرض مايعرفلك سبيل بعد اليوم يالغاليه. 


لم ترد عليه واغمضت عينيها خجلاً من مزيونه وخوفاً ايضاً، نظرت لرابح وسألته عن معزوزه فأخبرها بأنها تنتظرها في القبيلة، وانه هو من منعها خوفاً عليها وعلى الطفل، ورجوه تفهمت ذلك. 


ظلوا حولها لبعض الوقت وهموا بالخروج وتركها تستريح قليلاً، ولكنها طلبت من سالم البقاء قليلاً لانها تريده في أمر ما. 

خرجت مزيونه سريعاً وخرج رابح بعدها، وبقي سالم.. 

إقترب منها ماإن أشارت له بالإقتراب، ولما فعل ذلك أمسكت بطرف كمه، وهمست له :

- قديش تحب رجوه ياسالم؟ 

-ليش هالسؤال يارجوه؟ 

-اريد احلفك بمحبتك لي واطلب منك شي، انت بعمرك مارديتلي طلب ولا كسرتلي خاطر ولا بيوم اشتهيت شي إلا وجبته لي، وانا اليوم اريد منك شي ياسالم، اخر شي بطلبه منك واتمنى ماتردني. 


- اطلبي والروح تهون لجلك يابت عمي. 

- اريد عقاب ياسالم، اريد اتزوج عقاب، اريده وماحد يقدر يجيبه لي غيرك انت.. انت الوحيد بهالدنيا اللي ماتخلي بنفس رجوه شي إلا وتعمله. 


صمت وإبتلع ريقه ومعه غصته، وأردف وهو يشعر بأن الكلمات تخرج كحد السيف منه:

- صعبه يارجوه، اطلبي اي شي غير هالطلب وشوفي اذا سالم توانى.

- لا مااريد شي تاني، اريد عقاب وبس، واذا ماكان لي ولا كنت له بموت حالي.. واللللله اموت حالي وانهي عمري بجرة خنجر على هالرقبه. 

تنهد سالم وهو لا يدري ماذا يفعل، هذا أصعب واغرب طلب يُطلب، كيف لها أن تفعل به هذا، متى أصبحت قاسية هكذا؟

وكيف له أن يطلب من صديقه هذا الطلب وبأي صفة وعلى أي اساس؟ 


وفي نفس الوقت يعرف أن التي أمامه الآن مجنونة ولا جدال في ذلك، وإن هددت.. نفذت. 


..يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة