رواية جديدة راهبات الحب لهالة محمد الجمسي الفصل 42 - الثلاثاء 5/10/2024
رواية رومانسية جديدة راهبات الحب
من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية جديدة
راهبات الحب
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الخامس والأربعون
تم النشر الثلاثاء
5/11/2024
ارتفعت ألسنة اللهب على المشعل في المطبخ المكون من خمس شعلات وتراصت
أعلاه خمس قدور مختلفة الأحجام، اختارت ود أن تصنع خمس أصناف مختلفة في وقت واحد حتى تشغل تفكيرها عن ماذا يجب فعله في هذا الموقف؟ كانت تنظر من نافذة المطبخ إلى البيت الخشبي المغلق ولا صوت صادر منه، فقط الريح تهز الأرجوحة أمامه في صمت، أخرجت ود اللحم من الثلاجة وقامت على سلقه و صنعت المكرونة بالصلصة الحار مع صنع قدر من الأرز واختارت
مع هذا أن تصنع فاصوليا خضراء ولسان عصفور، تنهدت في ضيق بالغ وهي تراقب القدور وهي تكاد تضج مما تحمله داخلها مثلها تماماً، أشعلت الراديو
ووضعت يدها على رأسها وهو يبث اغنية ميادة الحناوي
(زمان كان لينا بيت، زمان زمان وأصحاب طيبين يبكو لو يوم بكيت، زمان زمان، ويخافوا عليك يا غالي وعليا من الليالي، زمان زمان )
كلمات الأغنية جعلت ود تتذكر ايام طفولتها مع والدتها مسك، حيث الدفء الحقيقي والحب الذي استطاع لم شمل أسرة كاملة سليم التي كانت تظن في طفولتها أنه شقيقها، وعنان هو والدها، وحين أدركت بعد وقت ليس طويل أن سليم ليس شقيقها لم يتغير الود مسك كانت قد ربطت بينهم الكثير والكثير من الحنان والدفء والمعاملة الطيبة، حتى أن سليم ذاته قد وجد الكثير من الحنان المفقود والحرمان من الأم في وجود مسك، لقد حمل هذا المنزل الكثير والكثير من الأيام الجميلة والأوقات السعيدة والمشاعر الطيبة، هذا المكان هو جزء من روحها وكل خطوة فيه يقص عليها
لحظات عاشتها هنا
لحظات تعنى لها ألف حياة وحياة
صوت ضجة وضحكات و صرير الباب الخشبي قادم من البيت الخشبي
جعلها ترفع رأسها في سرعة وتبتعد من تأملاتها المتشابكة
التي رحلت بها إلى الماضي وجعلها تتذوق الكثير منه وتشعر أيضاً بالفراغ الذي تحدثه رحيل مسك الذي جاء على حين غرة فترك داخل كل منهم فجوة من الحزن فجوة ظنت ود أنها تتقلص بوجودهم معاً ولكنها تشعر الآن أن الفجوة تزيد في عمقها، سليم يكاد ينسلخ عنهم أو هو بالفعل قد انسلخ، ترى إذا كانت مسك هنا في هذا الوقت كيف كانت سوف تفعل؟ ما هو الحل الامثل في تلك اللحظة؟ وما هذا الوضع الذي جعلهم سليم به؟
صوت سليم والفتاة التي معه كان قد ارتفع عن ذي قبل بعض الشيء ، لم تكن قادرة على فهم الحوار بينهم ولكنها استطاعت أن تميز جيداً أن كل منهم في حالة مزاج جيد، نهضت ود في سرعة وهي تشاهد الفتاة تصعد فوق الأرجوحة وسليم يقف على خطوات منها
شعرت ود أن هناك من يلكمها في وجهها بقسوة بالغة، الأرجوحة التي صنعتها والدتها مسك،هذا البيت كله يحمل ذكريات جميلة لديها هي وسليم وعنان ايضاً، كيف استطاع سليم أن يدنسه بهذا القدر؟ وكيف سمحت له ذاته بهذا؟ وإذ كان سليم قد نسى كل تلك الأيام واللحظات و سمح لمثل تلك الفتاة أن تدخل البيت الخشبي فهي لن تقف مكتوفة اليدين أمام تلك المهزلة المشينة
أسرعت الخطى في إتجاه البيت وهي تشتعل غضب كان سليم قد ألقى نظرة سريعة عليها وهي تقترب دون أن يتحرك من مكانه أو يظهر على وجه اي مظهر من القلق أو التوتر أو الخجل، أشارت ود إلى سليم قائلة في لهجة تعبر عن الازدراء والاحتقار في إتجاه كاميليا:
ـ مين دي؟ وبتعمل هنا اي؟
كاميليا رفعت خصلة من شعرها وقالت في لهجة سخرية وهي تقلد صوت ود وتشير لها بيدها:
ـ مين دي؟ وبتعمل هنا اي؟!
ثم صاحت وهي تشهق في صوت مرتفع في لهجة استنكار:
ـ سليم اوعي تكون دي::؟؟
ثم بترت عبارتها في سرعة حين تحركت ود في إتجاهها، ثم جذبت الحبل الخاص بالارجوحة قائلة في لهجة صراخ:
ـ المكان دا مش مسموح لاي حد غريب يدخل هنا٠
هبطت كاميليا من الأرجوحة مجبرة، ثم سارت في إتجاه سليم، اتجهت ود خلفها وقالت في لهجة آمرة:
ـ امشي برا برا المكان دا ، المنطقة دي كلها تطلعي برا منها٠
سليم نظر إلى ود في حدة وقال:
ـ دي ضيفتتي أنا٠
صاحت ود وهي تعترض على كلمات سليم:
ـ مش هسمح لها انها تقعد هنا دقيقة واحدة، المكان دا مش ملكك انت علشان تدخل اللي زي دي هنا٠
نظر لها سليم في استخفاف وقال:
ـ عنان اتصرف في أي تاني؟؟
اقتربت ود من كاميليا حتى أصبحت في مواجهته تماماً وقالت في لهجة آمرة:
ـ يا لا برا بعيد عن هنا٠
نظرت كاميليا إلى سليم في لهجة تساؤل وهي تنتظر منه أن يعطيها جواب شاف، هي لا تعرف من هي؟ ومن اين جاءت؟ ولكنها تلمس أنها صاحبة المكان بطريقة ما، قد يكون المكان في الأساس ملك لها، أو هي شخص مقرب منه، والإ ما كانت تكلمت بكل تلك العصبية والثقة، هتفت كاميليا وهي تحث سليم على أخذ موقف ما فقامت لجذبه من يده:
ـ سليم٠
نظرة عين ود لها جعلها تعلم جيداً أن هناك تحذيرات كبيرة لها، في حين قال سليم وهو ينظر إلى ود في ضحكة ساخرة:
ـ يا لا يا كايما نروح نتغدا برا، أنا عازمك على الغدا، لما نرجع تكون ود هديت شوي وفكرت كويس٠
نظرت ود إلى كاميليا في تحدي وقالت في لهجة وعيد:
ـ لو رجعتي هنا تاني هبلغ عنك البوليس٠
ظلت ود أمام البيت الخشبي إلى أن سار سليم إلى جوار ثم صعدا إلى السيارة وغادرا المكان فدخلت إلى البيت الخ شبي وقامت على سكب الماء بالصابون والمطهر في كل أرجاء البيت، وكذلك الجدران ثم حملت شراشف الفراش وقامت على حرقه أمام المنزل على مقربة من الأرجوحة، وكأنها تريد أن تزيل اثار بصمات الجريمة التي تمت في المكان، قامت ود على فتح نوافذ المنزل حتى تسمح لأشعة الشمس أن
تمنح البيت الدفء وعادت إلى المنزل وقد زال عنها شعور الغضب نوعاً ما، حين عادت إلى المنزل كانت كل القدور على الموقد في حالة احتراق كامل، مما جعل ود تقوم على جلي القدور مرات ومرات،
حتى تعود إلى حالتها الاولى ولكن الوضع كان غير سار وغير ممكن أيضاً، كانت الشمس قد شارفت على المغيب
حين التقطت ود قفل كبير، و اسرعت الخطى نحو البيت الخشبي قامت على غلق النوافذ جيداً وغلق باب المنزل بالقفل، وعادت مرة ثانية
تقاطعت خطواتها في رحلة العودة مع عنان الذي سألها وهو ينظر إلى البيت الخشبي:
ـ سليم هناك؟؟
هزت ود رأسها علامة النفي وتابعت في اقتضاب:
ـ لأ٠
هتف عنان وهو يسير إلى جوارها في إتجاه المنزل الكبير:
ـ كنت شايف أن الوقت دا مناسب اني أكلمه، ممكن دلوقت يفهم وجهه نظري صح٠
لم تجب ود كانت تفكر أن من الحظ الجيد أن عنان لم يشاهد رفيقة سليم، ربما كانت الأمور ساءت إلى ما لا نهاية
❈-❈-❈
نهال أغلقت باب غرفتها جيداً خلفها، صوت رنين الهاتف الذي يدق في تلك الساعة، حدسها يخبرها أنه منيب، هو منيب بالتأكيد لقد كان الحدس صادق٠ ضغطت على زر الموافقة وكان صوت منيب يحمل فرحاً كبير:
ـ عندي لك مفاجأة كبيرة اوي، مش هتصدقي٠
نهال وقد أسعدها صوت منيب المليء بالتفاؤل:
ـ وظيفة اكيد٠
منيب وهو يتصنع التعجب:
ـ ها عرفتي منين عرفيني ؟!
نهال في إبتسامة كبيرة:
ـ ما هو اكيد وظيفة يا منيب، صوتك بيقول أن أول خطوة ليك بدأت خلاص و هتهون٠
منيب وهو يطلق تنهيدة كبيرة ويطرد بها جزء كبير من الأحزان:
ـ زي ما يكون اليأس اللي أنا كنت فيه هو اللي كان قافل باب الفرج٠
نهال في لهجة تأكيد:
ـ اليأس بيقفل كل الابواب٠
منيب أستطرد وداخله شوق كبير إلى البوح:
-تعرفي أن دا اغرب موقف عدى عليا، اقدم في الوظيفة امبارح، ومعايا حوالي عشرين واحد بنفس التقديم والمؤهل، يجيلي اتصال النهاردة اروح استلم الشغل بكرة، تخيلي يا نهال؟؟
نهال وهي تشعر بجزء كبير من الراحة:
ـ تدابير ربنا مع الإنسان الطيب، وأنت يا ما وقفت جنب طلبة وكنت بتسعى ليهم في حقوقهم، يبقى اكيد جزاء الاحسان هو الاحسان٠
منيب:
ـ تعرفي بتهيالي اني مش هنام الليلة دي، حاسس ان حلم من احلامي اتحقق٠
نهال في لهجة ارتياح:
ـ كل مرحلة في حياتنا احنا اللي بنرسم الاحلام، واحنا اللي بنختار نسيبها ونقول مش مناسبة لينا،
بس انا عايزة اعرف نظام الشركة دي اي؟؟
منيب في لهجة حماس:
ـ الشركة لها فروع كتير في مصر كلها، ولما كلموني قال لي مبدئيا انت هتكون في فرع القاهرة، أنا اي فرع مش هقول لأ حتى لو الصعيد،
بس هما أكدوا لي أن هكون هنا في القاهرة
هأكون مسئول توزيعات
المنتجات الجمهورية كلها من خلال الفرع الرئيسي، من خلال خطط التوزيع والتوزيع الشهري، بس لازم اعزز التوزيع بناء على أفكاري أو إعادة توزيع الكثافة في أماكن تانية تحقق المطلوب ٠
نهال في لهجة جادة:
ـ خلاص انا كمان هدور معاك على أفكار و هدور معاك على أماكن جوا القاهرة ممكن يمشي فيها المنتج اكتر من اي مكان تاني٠
منيب معقباً في لهجة مرح:
ـ خلاص يبقى الحوافز من نصيبك والمكافات٠
نهال في سرعة:
ـ نصيبي هو كله انت يا منيب وأنا زي ما وعدتك، وعلى اتفاقنا٠
بترت نهال كلماتها وهي تنظر إلى باب غرفتها ووالدتها تقف أمام الغرفة تتساءل في حدة:
ـ بتكلمي مين يا نهال؟!
نظرت نهال لها في دهشة، أنها المرة الأولى التي تقتحم فيها والدتها باب غرفتها بتلك الطريقة، نهال ظلت ثواني تفكر في اقتحام والدتها للغرفة ثم انتبهت أن منيب لا يزال على الخط ولا ريب أنه استمع الى صوت والدتها فقالت في هدوء:
ـ مضطرة اقفل دلوقت٠
أغلقت الهاتف دون أن تستمع إلى كلمات منيب بالموافقة ونظرت إلى والدتها في حيرة وقالت:
ـ غريبة اوي يا ماما، أول مرة تدخلي اوضتي فجأة كدا٠
أسرعت توحيدة إلى داخل الغرفة ثم أمسكت هاتف نهال في حدة وقالت:
ـ مين دا اللي كنت بتكلميه!؟ ردي عليا؟ سألتك مرة واتنين بتكلمي مين؟؟
صوت صفوان من الخارج وهو يهتف:
ـ توحيدة٠
كان انذار لها أن تتوقف، أقترب صفوان من الغرفة والقي نظرة على نهال توحيدة زوجته وهما يقفون في مواجهه بعض وقال في لهجة حاسمة:
ـ كفاية نقاش كدا يا توحيدة، وأنت يا نهال ادخلي اعملي ل ماما كوباية ليمون٠
كادت نهال أن تتكلم ولكن نظرت عين والدتها جعلتها تذهب إلى المطبخ وهي ترتعش من الاحراج، أمسك صفوان يد زوجته وخرج بها من غرفة نهال، جلسا معاً في الصالة قال وهو ينظر لها في عتاب:
ـ مكنش ينفع الطريقة دي٠
هتفت توحيدة في سخط:
ـ عايزني اسمع منك، أن البنت مستنية حتة عيل من غير وظيفة، وهتضيع الدكتور من أيدها واسكت؟؟
صفوان نظر لها في حدة ثم قال في استنكار:
ـ ايوا تسكتي يا توحيدة، تسكتي علشان حاجات كتير، مينفعش اللي انت عملتيه دا، انت كدا هتخلي نهال تتصرف بطريقة عكس اللي هي متعودة عليها معانا هنا، نهال ادتني ثقة كبيرة وفتحت قلبها وقالت على السبب اللي بيخليها تقعد كتير لوحدها، يبقى لازم منخيبش الثقة دي اللي هي حاطاها فينا، انت فاهمة يعني اي نهال تحس أن احنا بنحارب سعادتها؟ انت لازم تفهمي بنتك بتفكر ازاي؟ و تحاولي تكسبييها٠
توحيدة نظرت في سخرية وقالت:
ـ سعادة اي؟ انت فاهم الشباب اللي بياكل عقل البنات بكلام الاغاني هو دا السعادة؟ هتتعشي كلام هي وتتغدا شعر ؟
اعترض صفوان في لهجة غضب:
ـ وبعدين؟! أنا ندمت اني كلمتك وعرفتك نهال قالت اي، احنا اتفقنا أن احنا نخلي نهال تشوف كل حاجة بعين الصح عيني وعينك، لازم تكسبي نهال علشان طريقة تفكيرها تكون هي نفس تكون تفكيرك، لحد ما تفهم وتعرف أن كل دا مرحلة مؤقته في حياتها٠
توحيدة استمعت إلى صوت الخلاط وهو يضرب بقوة في المطبخ وقالت:
ـ مينفعش اسيب بنتي كدا يا صفوان، مينفعش اسيبها تضيع الحلو من أيدها علشان حد منعرفهوش، هي فاهمة حياتها فيلم من بتوع الابيض والاسود وحب التلامذة ولا اي؟!
أشار لها صفوان أن تصمت وقال وهو يستمع إلى صوت خطوات نهال تقترب:
ـ سيب لي أنا الموضوع دا، زي ما قلت لك٠
اقتربت نهال من توحيدة وصفوان، توحيدة في حالة ترقب شديدة، غيظ يظهر جلياً في وجهها، لا تستطيع أن تكتمه، تريد أن تطلقه ولكن نظرات زوجها لها بالمرصاد، هتف صفوان وهو يشير
إلى نهال أن تضع اكواب عصير الليمون:
ـ نهال مين اكتر ناس هيخافوا عليك وعلى مصلحتك في الدنيا؟؟
نظرت نهال إلى كل منهم ثم قالت:
ـ اكيد حضرتك وماما٠
ألقى صفوان نظرة على زوجته وهو يشير لها أن تتعلم فن الحوار مع ابنتها وقال:
ـ يعني مافيش اختلاف على كدا، وكمان أنا اتفقت معاك أن الشخص اللي انت حكيت لي عنه، لازم أشوفه وأتكلم معاه، افهم عقله وأشوف خططه للمستقبل، اقدر افهم حياتكم هتكون ماشية ازاي، أنا أب ويهمني اطمن انك في أمان، لو قدر يقنعني بشخصيته مش هرفضه، لو مقدرش يبقى مش هقدر اقبل بيه زوج ليك، ولا انت شايفه اي؟؟
هزت نهال رأسها علامة الموافقة في حين تابع صفوان:
ـ السبت الجاي الساعة خمسة بعد العصر وقت مناسب ليا اني اتكلم معاه٠
مع تذمر من توحيدة، وارغام تام على الموافقة على استقبال منيب في المنزل، كان عقل نهال يفكر في عدد من الأمور
وقلبها يخفق في سرعة
كبيرة في جنون و عقلها يحدثها أنه ما يتم ما هو إلا جزء من حلم وردي سوف تستيقظ منه في وقت قريب جداً، ما عليها فقط سوى أن تفتح عينيها وتنهض
حتى ينتهي الحلم
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية