-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 2 - 3 - الثلاثاء 12/11/2024

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الثاني

3

تم النشر الثلاثاء

12/11/2024



جلست دينا على مكتبها الجديد تتحسسه بسعادة حلقت فوق ملامحها وهي ترى أنها تلملم شتات أحلامها واحدًا تلو الآخر  . 


دينا تختلف عن ديما في كثير من الأشياء  ،  فهي تفضل نفسها في المقام الأول وقبل أي شخص  ،  تسترق سعادتها من الحياة مهما كانت النتائج  ،  أما ديما فهي تضع سعادتها في السطر الأخير من قائمة أحبائها  . 


دلفت عليها شابة في مقتبل عمرها تخطو بثقة ظاهرية ثم اتجهت تجلس على المكتب المقابل ونظرت إلى دينا بابتسامة مصطنعة ثم أومأت لها بصمت فبادلتها دينا نفس الابتسامة والإيماءة ثم تنهدت وحاولت الاندماج في حاسوبها متجنبة وجودها ولم يدم ذلك طويلًا حتى دلفت أخرى تردف بمرحٍ  : 


- صباح الخير  ،  اتأخرت كالعادة  . 


جلست الفتاة ثم نظرت نحو دينا واسترسلت بعفوية  : 


- إيه ده معانا وجه جديد  ،  ازيك  ، اسمك إيه ؟ 


ابتسمت لها دينا بهدوء وتحدثت بنبرة واثقة  : 


- دينا الصابر  . 


أومأت لها الفتاة مبتسمة ثم التفتت إلى الأخرى وتساءلت بنظرة مندهشة حينما لاحظت خلو المكتب الرابع في الغرفة  : 


- هو شريف لسة ماجاش يا مايسة  ،  معقول  ؟ 


زفرت مايسة بنزق وتحدثت وهي تنظر لحاسوبها بطريقة عملية بحتة  : 


- مش عارفة ومايهمنيش يا فرح   . 


طالعتها فرح بغيظ ثم نظرت نحو دينا تشتكي لها جفاء مايسة لتجد ملامحها ثابتة أيضًا لذا تحمحمت بحرج وتابعت عملها بصمت بعدما اكتشفت أن دينا تشبه مايسة في نفس ردود أفعالها  . 


❈-❈-❈


بعد عدة أيام في فرنسا  . 


يجلسان يشاهدان  عرضًا  تمثيليًا بطولة ابنهما معاذ وآخرين من زملائه المقام على مسرح المدرسة حيث تم دعوة أولياء الأمور لمشاهدة هذا العرض  . 


جلست مارتينا تصفق بحماس في ظاهره تشجيعًا لابنها ولكن الحقيقة هي سعيدة بتواجدها بالقرب من ثائر خاصةً وأنه يعد الرجل الوحيد هنا  ،  أو يعدان الثنائي الوحيد هنا  ،  فجميع الطلاب إما مع أمهاتهن فقط أو أبائهم فقط  . 


لذا فهى ترى ابنها محظوظًا بأبٍ مثله يحبه ولم يؤثر انفاصلهما عليه في شيء  ،  لما لا يعودان سويًا ويريحها فهذا ما تسعى لتحقيقه في الفترة الراهنة  . 


مالت عليه تتحدث بهمسٍ عند أذنه  : 


- انظر إلى دور ابننا  ،  إنه البطل  ،  مميز كوالده  . 


لم يحرك ساكنًا غير شفتيه التي نطقت بثباتٍ وعينيه على ابنه  : 


- إنه لا يشبه سوى نفسه  ،  لا تحاولي مارتينا أنا لا أحب أن يشبهني وبالطبع لا أحب أن يشبهكِ  . 


لم تغضب بل ابتسمت واسترسلت بثقة زائدة ونبرة حماسية نسبةً لحديثه معها  : 


- لا عزيزي فهو يشبهني شئت أم أبيت  ،  لهذا أنت تحبه جدًا . 


كاد أن يبتسم ساخرًا ولكنه لم يفعل بل تجاهل حديثها وأطلق صافرة تشجيعية لابنه الذي تحمس ونظر له مبتسمًا فبادله ثائر الابتسامة وتجاهل مارتينا التي زفرت بضيق وعادت تتابع العرض بملل  ،  دومًا التجاهل صفته المعهودة الذي تغذى عليه جنونها  . 


في الصف الخلفي جلس عدوه الثاني يمعن النظر إليه وإلى ثباته وشموخه بحقدٍ بلغ مبلغه   ،  حتى أنه جاء هذا العرض ليراه هو بدلًا عن ابنه الذي ينظر إلى والده بحزن حينما لم ينظر الأول له لذا انشغل عقل الطفل عن التمثيل فزجره معاذ في كتفه ينبهه لينتبه الصغير سريعًا ويحاول لملمة شتاته  . 


أما شيرلي فظلت نظراته الحاقدة مصوبة على ثائر والآخر لا يبالي بأي شيءٍ حوله  .  


❈-❈-❈


يقود سيارته عائدًا بشقيقته التي بات مؤخرًا يوصلها ويحضرها من عملها بعدما تأخرت من زحمة السير منذ يومين  . 


تحدثت دينا بنبرة مراعية مبطنة بالخبث   : 


- معلش يا داغر بتعبك معايا كل يوم  ،  وأكيد وراك ورشتك وشغلك  ،  لو بس تخليك أنت وتسيب لي العربية  . 


- بعينك  . 


نطقها بصرامة بعدما فهم إلام ترمي بحديثها ليتابع ناظرًا أمامه  : 


- نفسك تاخديها وتسوقي إنتِ أنا عارف  ،  بس مش هيحصل يا دودو  . 


تذمرت ونطقت بنبرة تملؤها الدلال   : 


- ليه بقى يا داغر ما أنا اتعلمت السواقة وطلعت رخصة ولا هي يعني خيال مآتة  ؟ 


- أيوة خيال مآتة  ،  معلش خديني على أد علقي أنا مش بثق في سواقة الستات  . 


- ليه بقى إن شاء الله ؟  وانت اللي محترف أوي  ؟   نسيت لما كنت هتدخل في شجرة إمبارح  ؟ 


تذكر ما حدث أمس فهو لا يقود دومًا بل يفضل ركوب المواصلات العامة كما اعتاد  ،  يبدو أن حياة الرفاهية لا تناسبه أبدًا بالرغم من شرائه لسيارة جديدة منذ عام حتى تساعده في الوصول بشكلٍ أسرع إلى زبائنه المتعطلين في الطريق  . 


زفر بقوة واسترسل مبررًا بملامح مقتضبة وهو يتطلع إليها  : 


- لاء دي حاجة مش مقصودة وربنا ستر  ،  وبعدين احمدي ربنا إني بوصلك وبجيبك بدل ما تتبهدلي في المواصلات ويتخصم منك تاني  ،  صحيح البني آدم مابيملاش عينه غير التراب  . 


لم يكد يلتفت أمامه حتى وجدها تجحظ وتردف صارخة ويداها تحاول إيقافه : 


- حـــــــــاسب يا داغــــــر  . 


تشتت في لحظة ولم يلحظ إشارة المرور التي تجاوزها ليصطدم بمؤخرة سيارة أخرى أمامه  . 


ارتدا سويًا بعدما توقف وتحدث بصدمة تجلت في نبرته  : 


- يانهار أبيض  . 


- قال مش بيثق في سواقة الستات قال 


قالتها دينا بعدما تجاوزت صدمتها نسبةً لبساطة الاصطدام ليلتفت مشيرًا لها بسبابته وهو يستعد للنزول  : 


- اخرسي خالص  . 


ترجل يتجه نحو السيارة التي ترجلت منها فتاة فلم يلحظها بل انحنى قليلًا يصب كامل تركيزه على فحص الجزء المصطدم من السيارة ليومئ قائلًا لنفسه  : 


- بسيطة بسيطة  . 


- والله  ؟ 


نطقتها الفتاة التي وصلت إليه وسمعته لذا اعتدل يطالعها وتحمحم بحرج يتابع  : 


- أنا آسف يا آنسة حصل غصب عني بس ماتقلقيش أنا هصلحها  . 


- يعني إيه هتصلحها  ؟ 


نطقتها بسمة ثم نظرت نحو سيارتها وزفرت بقوة لتترجل دينا تجاور شقيقها وتنطق بدفاع مبررة  : 


- هيصلحها لإنه مهندس ميكانيكا وفاهم بيقول إيه  ،  وعلى فكرة إنتِ كمان غلطانة لإنك وقفتي فجأة  . 


نظرت لها بسمة بتعجب ثم رفعت إصبعها تشير نحو الإشارة موضحة  : 


- ماشوفتيش دي ولا إيه  ؟ 


نطق داغر بنبرة رتيبة جادة  : 


- يا آنسة حصل خير أكيد وزي ماقلتلك أنا هصلحها  ، هي ملهاش علاقة بالميكانيكا بس بسيطة وهعرف اظبطهالك   ،  اتفضلي بس معانا لما الإشارة تفتح هنوصل لحد ورشتي وأوعدك هترجع أحسن من الأول في ساعة واحدة  . 


تعجبت من ثقته ولكن نبرته جعلتها تتنفس وتردف بهدوء  : 


- لا خلاص مافيش داعي  . 


كادت أن تتحرك ولكنه أوقفها قائلًا بنبرة تحمل تصميمًا صريحًا  : 


- يا آنسة لو سمحتِ امشي معانا لإني هصلحها حتى لو فضلت ماشي وراكي لآخر الطريق  . 


تعمقت فيه قليلًا ثم التفتت تنظر نحو دينا التي تطالعها بتباهٍ بشخصية شقيقها لذا عادت إليه تومئ باستسلام قائلة  : 


- تمام  ،  اتفضلو  . 


استقل كلٍ منهم سيارته وتحركا بعدما أعطتهم الإشارة الضوء الأخضر  .


الصفحة التالية