-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 15 - 2 - الثلاثاء 24/12/2024

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الخامس عشر

2

تم النشر الثلاثاء

24/12/2024


صعدت غرفتها ودلفت تتنفس بعمق ثم نوت خلع المعطف العائد له لتجحظ حينما تذكرت أمره لذا أردفت معنفة نفسها وهي تخلعه عنها  : 


- يانهار أبيض عليكي يا ديما  ،  أعمل إيه دلوقتي  ؟  لسة هنزل  ؟  


زفرت بقوة ونظرت للمعطف في يدها وامتدت الأخرى تتحسسه  ،  رجولي ثقيل ودافئ وشامخ  . 


هذا ما استشعرته حينما لمسته لذا لم تمنع نفسها من أن تنحني وتشمه  ،  توغلت رائحته أنفها فأغمضت عينيها تستشعر كنه هذه الرائحة التي تشبه شخصيته  ،  مزيج من الهدوء والهيمنة التي جعلتها لا تريد أن تبتعد  . 


تحمحمت واعتدلت تنظر للأمام وتفكر فيه وفي نظرته وكلماته وهدوئه الذي أثار إعجابها  ،  فهل يوجد رجلٌ هادئ رزين عقلاني  ؟  حتى لو كان عقله يعمل في الاتجاه المعاكس  ؟ 


ولكنها ابتسمت وتباهت بنفسها حينما جابهته بنفس ثباته  ،  تباهت حينما لم تستفزها كلماته واستطاعت التغلب عليه بدفاعها عن بنات جنسها  . 


بنظرة تحمل من الثقة والثبات الكثير تحدث لسان حالها يردد مؤكدًا على عقلها 

( لن تنحني مجددًا يا ديما  ،  لن تقدمي أي تنازلات لأي شخص ) 


زفرت بقوة ثم اتجهت لتبدل ثيابها المبتلة ومن ثم ستحاول الوصول إليه لتعطيه معطفه  . 


❈-❈-❈


انشغالها مع رحمة وحملها جعلها لا إراديًا تقصر في حق زوجها ولكنه يتفهم  ،  ولم يقتصر هذا على زوجها فقط بل على صديقتها أيضًا التي سافرت دبي دون أن تودعها ولكنها رأت كلمتها عبر موقع التواصل وكم سعدت وافتخرت بها  . 


جلست على الفراش تعيد مشاهدة ديما وسماع كلماتها وتنتظر زوجها إلى أن ينهي صلاته  . 


انتهى واتجه يجاورها ثم تساءل بعدما لمح المقطع  : 


- كلمتيها يا يسرا  ؟ 


هزت رأسها بلا  : 


- لاء يا دياب  ،  محرجة منها جدًا  ، أنا فعلًا مقصرة معاها  . 


لف يديه حولها يعانقها ويردف بتفهم وإرشاد  : 


- هقولك على حاجة  ،  إنتِ محملة نفسك مسؤولية رحمة لإن ملهاش حد وحتى لما قررنا نتعامل بحذر مانفعش خصوصًا إن حالتها محتاجة مساعدة وعناية  ،  فخلينا نعتبر إن وقوفك معاها عمل خير بس أخرنا معاها لحد ما تولد وتستعيد صحتها وبعد كدة يا يسرا ملناش دعوة بحياتها  ،  هي قررت تحتفظ بالطفل تمام هي حرة وأكيد عندها خطة  . 


زفر ولفها لتواجهه وبنظرة ثاقبة تابع محذرًا  : 


- أوعي يا يسرا تحاولي تعلقي نفسك بالطفل ده  ،  أخرنا معاها لبعد الولادة بأسبوع تكون استعادت صحتها وتشوف بقى هي ناوية على إيه  ،  وعلى فكرة أخوها كلمني وسأل عليها بس طلب مني ماعرفهاش  . 


تفاجأت تتساءل  : 


- بجد كلمك  ؟  امتى  ؟  وليه ماقولتليش  ؟ 


زفر واسترسل بترقب  : 


- اديني بقولك أهو  ، هو مش عايزها تعرف خالص إنه بيسأل عنها لكن ده مؤشر كويس إنه ممكن يتقبلها  . 


أومأت له بتفهم وأردفت وهي تتنعم بحضنه  : 


- أنا عارفة إن معاك حق في كلامك بس لما بقعد معاها بتصعب عليا  ،  أيوة تصرفاتها متهورة وتفكيرها غريب لإني حسيت إنها لسة بتحب الشخص اللي استغلها ده بعد كل اللي عمله  لكن بتأنب نفسها علطول  ،  تعرف لولا إنها بقالها شهور قدام عيني وتقريبًا بتشاركني تفاصيلها أنا كنت فكرت إنها لسة على تواصل معاه  ،  معقول ده سببه من البداية أهلها  ؟ 


شرد قليلًا يفكر ويتذكر كيف كان يعرف عن والدها الصرامة ولكن لم يسمع عنه أنه كان عنيفًا  ،  ربما والدتها هي من كانت تُعرف بقسوتها لذا زفر يهز كتفيه  : 


- احتمال يا يسرا  ،  اللي أعرفه إن والدها كان راجل محترم جدًا ووالدتها كانت مديرة مدرسة ثانوية بس كانت شديدة في تعاملها  ،  إنما حياتهم كانت إزاي مش عارف لإنهم بعدوا  . 


انسدل للأسفل وهي معه يعانقها ويغلق عينيه مسترسلًا بنبرة هامسة  : 


- سيبك بقى من رحمة وأهلها وخلينا ننام  .


ابتسمت بحب وتنفست ثم اقتربت تطبع قبلة حبٍ على شفتيه ليتوغل إليه عشقها لذا نطق محذرًا  :


- مش إحنا اتفقنا مافيش الكلام ده طول ما فيه أجازة  .


ضحكت بخفة وخجل حيث يقصد عادتها الشهرية وأجابته وهي تخفي وجهها في تجويف عنقه لتنام  :


- أسفة  . 


تنفس رائحتها وضمها أكثر ينام مطمئنًا ما دامت معه ونامت بسكينة ما دام يغمرها بعناقه  . 



❈-❈-❈


جلس في غرفته يقرأ قصتها وينتظر اتصالها  ،  يعلم أنها ستهاتفه لتعيد له  ...  معطفه  . 


ابتسم حينما وجدها تتحدث داخل قصتها عن نصيحته فكتبت : 


( حينما شعرت أنني على وشك الانفجار أخذت كوبا ورطمته في الأرض فتهشم وكانت هذه المرة الأولى التي أفعلها عن عمد ولكنها كانت نصيحة جيدة من كتاب قرأته حيث شعرت بعدها بأن جزءًا من طاقتي السلبية قد نفذ  ) 


أدرك أنها تشبهه  ،  هي أيضًا بحر لم يثُر بعد  ،  هي مثله تتظاهر بعكس ما في جوفها  ،  حقًا فاجأته  . 


مرت دقيقتان واستمع إلى رنين الهاتف الخاص بغرفته فابتسم ونهض يتجه نحوه بثبات ثم رفعه يجيب وعقله يستعد لسماع صوتها  : 


- ألو  ؟ 


أجابته بحرج غلف نبرتها  : 


- أستاذ ثائر أنا نسيت أرجعلك البالطو  ،  ممكن حضرتك تقولي رقم الأوضة بتاعتك علشان أجبهولك  ؟ 


أجابها بهدوء وغموض  : 


- مش مشكلة  ،  خليه معاكي علشان لو حبيتي تنزلي في المطر  . 


شعرت بالإحراج لذا تحمحمت تجيب بثقل  : 


- لا متشكرة جدًا أنا معايا البالطو بتاعي  ،  خلاص أنا هسيبهولك تحت في الاستعلامات  . 


- خلاص خليه معاكي وبكرة هاخده منك  ،  تصبحي على خير  . 


أغلق بعدها دون أن يسمع ردها فشعرت بالضيق ولكنها كظمته وجلست على فراشها تفكر قليلًا ثم قررت مهاتفة عائلتها  . 



❈-❈-❈


ها هو يستعد ليغادر المشفى ومعه أحد رجاله يساعده ويخبره بآخر التطورات وأهمها عدم استطاعة صديقه  مساعدة ابنته  . 


ابتسم بتشفي فإن وضع أحدهم في رأسه لن يتركه وهي خانته بل واستدرجته وأوهمته بالعشق  . 


لن ينسى نظرتها آنذاك حينما أطلقت عليه النار دون أن يرف لها جفن  . 


نهض بمساعدة رجله ثم تحدث بتأنٍ وهو يتحرك معه للخارج  : 


- ماذا عن ثائر ذو الفقار  ؟ 


- هو في الإمارات يحضر مؤتمرًا أدبيًا وسيعود خلال أيام  . 


تعجب توماس حيث أن ثائر لم يغادر البلاد منذ أن جاءها ولكنه أومأ يجيبه  : 


- حسنًا  ،  لنستعد للعمل  ،  لقد نمت طويلًا ومن المؤكد أنه كان يسرح ويمرح  . 


أومأ مساعده وهما يتجهان نحو المصعد ليتابع بنبرة ساخرة  : 


- أتعلم يا رجل  ،  انه نحس  ،  بمجرد موافقته على العمل معنا رقدت في المشفى لأشهر  ،  أتمنى ألا يحدث لي عاهة مستديمة حينما يبدأ في الجولات  . 


أومأ رجله مؤيدًا لكلماته واستقلا المصعد سويًا ليغادرا  . 


❈-❈-❈


في اليوم التالي ذهب كل منهما إلى المؤتمر ولكنها لم تلتقِ به بعد  ،  اصطحبتها ليان وتعجبت من حملها لمعطفه على يدها خاصةً وأنها بالفعل ترتدي معطفًا وحينما تساءلت أخبرتها ديما أنه عائدٌ لأحدهم وستقص لها أمره عند العودة  . 


اتجهت لتحضر الندوة وتستمع لكلمته حيث الجموع تتأهب لسماعه بعدما تم الإعلان عنها أمس ،  صعد المسرح وجلس أمام المقدم وعلى مرمى بصره يجلس الكثير من الشباب الذين ينبهرون به ويحبونه وآخرين لا تعجبهم كلماته وأتوا ليناقشوه ولكنه كان مختصرًا بشكلٍ مبالغ فيه . 


فقط بعض النصائح العامة بالقراءة  ،  لم يقل شيئًا مؤثرًا يترك به بصمة هنا كما كانت تعتقد ولكنه ختم حديثه عن كتبه يقدم نصيحة عامة حيث أنه التفت ينظر للجميع وأردف باللغة الفصحى : 


- الكاتب الحقيقي يصعب خداعه حيث أن عقله ومشاعره في انسجامٍ مستمر  ،  هناك كاتب تشعر أنك في خطر حينما تقرأ له  ،  وكاتب آخر تجد الأمان في كلماته لذا فكن على حذر حينما تختار كاتبك واعلم أن العقل البشري هو المحرك الأساسي للعالم فلا تغذيه إلا بما يصلحه  . 


فهمت نصيحته ولكنها لم تصفق له كالبقية  ،  فعلت مثلما فعل معها وجلست تحدق به وتعيد نصيحته على عقلها  ، بالفعل هو صادقٌ في أقواله وبالنسبة لها فهي وجدت الأمان بالفعل في كتبه   . 


أما هو فنهض يودع المقدم ويحيي معجبيه ونزل يغادر المكان محافظًا على هيبته يخطو بين الجميع شامخًا حتى مع عدم قوله لأقوالٍ تخلّد  . 


وللمرة الثانية تنسى إعطاءه المعطف وحينما تذكرته كان قد غادر سريعًا  . 


انتهت حفلة توقيعها واتجهت مع ليان التي اصطحبتها لتتناولا الغداء وتتجولان قليلًا  . 


أخبرتها ديما أثناء سيرهما عما حدث أمس حينما تساءلت عن هويته  ،  لتجيبها بإعجاب سكن ملامحها   : 


- أووو يعني بالطو ثائر ذو الفقار وياج  ؟  إنتِ تعرفين فيه كام واحدة تتمنى اللي حصل وياج ؟  ثائر ذو الفقار برغم مقالاته المثيرة للجدل بس هو ذكي جدًا وغامض جدًا وقِدر يسوي لنفسه مكانة تتخطى الحب والكره  ،  يعني راح تلاقين اللي يكرهونه قليلين بالرغم من تصريحاته  ،  أنا قرأت له بحر ثائر  ،  كتاب حلو جدًا ومفيد  ،  بصراحة شخصيته تخليج تبغين تستكشفينها  . 


نعم هي تدرك ذلك جيدًا  ،  تعلم ذلك عنه وعاشت الحالة التي تتحدث عنها ليان لذا زفرت بقوة وأردفت بهدوء  : 


- أنا ماعنديش أي مشكلة معاه من جهة كتاباته بس عدم انتماؤه لبلده ده عندي اسمها خيانة  . 


- ما ادري يا ديما بس ممكن يكون انظلم فعلا  ،  ماحد يدري وش اللي صار وياه خلاه يوصل لين هني. 


صمتت تفكر ولم ترد  ،  نعم أخبرها أنه ظُلم  ،  ولكن كيف وهو ابن عائلة ذات ثقل كعائلته  ؟  أي ظلمٍ هذا الذي وقع عليه ليصبح هكذا  ؟  ولمَ يهاجم المرأة على وجه الخصوص  ؟


الصفحة التالية