-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 15 - 1 - الثلاثاء 24/12/2024

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الخامس عشر

1

تم النشر الثلاثاء

24/12/2024



بعض النساء يرينني مثيرا للجدل


وبعضهن... 


يرين اني مثير للغزل.... 


ولا واحدة منهن لمَحت!!! 


خيبات الأمل... 


في القلب... 


والألم المختبئ في المُقَلْ


وحدك أنت لمستِ فيَّا 


ذلك الألم الخفيَّا


( بقلم فيروزة  ) 

❈-❈-❈


لم ينَل إعجابه ما يحدث مع ابنة أخيه منذ أشهر  ،  علاقتها مع ذلك المهندس لم ترُق له على الإطلاق  . 


وجاء إنتاج المصنع الجيد ليكون عائقًا له عن تنفيذ أي مخطط لطرده أو اتهامه بالتقصير بل على العكس فهو يعمل بشكلٍ جيد وصارم مع العمال الذين يحبونه وما زاد الأمر سوءًا هو ذلك الشاب الفلسطيني الذي أصبح يعمل معه وكأنهما استوليا على المصنع  . 


نعم هذه هي خطتهما سويًا  ،  يعززان ثقلهما في المصنع كي يحصلا على ثقة بسمة وخاصةً هذا الداغر الذي يسعى ليوقعها في شباكه وهذا لن يحدث سوى على جثته  . 


بسمة لن تكون لأحدٍ سوى ابنه وميراثها لن يتنعم به أحدٌ غيرهم  . 


بصرامة منه وتحريض من زوجته قرر تهديدها تحت قناع الخوف لذا اتجه إلى غرفتها كي يتحدث معها بعدما نفذ صبره خاصةً وأن ابنه لم يفلح التصرف  . 


طرق الباب فانتفضت  ،  باتت تخاف منهم  ،  ترى في عيونهم الانزعاج الذي يمكنه التحول للكره لذا زفرت بقوة واتجهت نحو الباب تتساءل بتوتر مغلف بقوة زائفة  : 


- مين  ؟ 


- أنا عمك  . 


مدت يدها تفتح الباب وطالعته بترقب فأمعن النظر فيها واستطرد متعجبًا : 


- من امتى بتقفلي على نفسك بالمفتاح  ؟  


هزت كتفيها تجيبه بهدوء متكتفة  : 


- عادي يا أونكل  ،  حضرتك بس اللي مش بتاخد بالك  . 


زفر يجيبها بنزق   : 


- طيب أنا عايز أتكلم معاكِ  . 


أفسحت له المجال مسترسلة  : 


- اتفضل  . 


دلف يتجه نحو الأريكة وجلس يفرد نفسه فاتجهت تجلس أمامه منتظرة حديثه الذي بدأه على الفور يردف بنبرة مدروسة بعد تفكير ومساعدة من زوجته : 


- بصراحة كدة من وقت ما بعدتي عن الشركة والأوضاع مش ولابد  ،  وخليني أعترف إن جديتك في العمل وأسلوبك بيحلوا عقد كتير  ،  زي أبوكي الله يرحمه  ،  هو كان عارف يمشي الشركة صح  ،  علشان كدة إيه رأيك لو ترجعي الشركة معايا تاني وماجد هو اللي يدير المصنع  ؟ 


وجدها تحدق به بنظرات مبهمة ليستطرد بنبرة خبيثة  : 


- كان الأول المصنع وضعه مش تمام إنما دلوقتي أنا شايف إن العمال شغالين كويس جدًا  ،  وخليني اعترفلك بردو إن المهندس اللي إنتِ جبتيه شايف شغله كويس ووجود ماجد هناك هيكون مناسب زي ما وجودك في الشركة مناسب أكتر  ،  ولا إيه رأيك  ؟ 


تكمن بين طيات حديثه نوايا خبيثة تشعر بها ولكنه منطقي إلى حدٍ ما  ،  الشركة التي شيدها والدها بجهده لم تعد كسابق عهدها وسمعت عن بعض التسيب الذي حدث بها مؤخرًا على عكس المصنع الذي يعمه الالتزام  ،  فماذا تفعل  ؟  


هي تثق في داغر وتدرك أنه سواءً تواجدت هناك أم لا سيعمل بجدٍ ومعه صالح والعمال حتى لو كان ماجد مديرهم هذا لن يؤثر في شيء  . 


وبرغم أنها ستحرم من رؤيته كل صباح إلا أن واجبها نحو شركة العائلة يحتم عليها التواجد فيها لذا زفرت بقوة وأجابته ببعض الحيرة التي لم تظهر في حديثها  : 


- معاك حق من جهة المصنع هو في إيد أمينة وأنا مطمنة من ناحيته بس بردو الشركة مع حضرتك يا أونكل والمفروض إنك بتديرها أفضل مني  ،  وحضرتك كمان عندك جدية وصرامة في العمل  يبقى إيه سبب الخلل اللي بيحصل  ؟  


ألقت الكرة في ملعبه ليجيبها ببعض الضيق الذي تجلى في عينيه  : 


- يمكن كبرت والسن ليه أحكامه وبعدين ده الطبيعي  ،  أنا بفكر اتقاعد وانتِ وماجد اللي تمسكوا الشغل كله بس وضعكوا مش مطمني  ،  بعد ما كنتوا قريبين من بعض بقيتوا تبعدوا عن بعض أكتر  . 


دلف في المنطقة المحظورة بالنسبة لها ليسترسل بتوضيح كاذب  : 


- على فكرة أنا بردو اتكلمت معاه في النقطة دي وهو قال أسيبك براحتك بس أنا مهما تشوفيني قاسي ومتسلط لكن بخاف عليكي ويهمني أمرك  ،  بخاف على اسم العيلة وثروتها ولازم تفهمي إن الأطماع كتير  . 


وجدها تتمعن فيه دون حديث فزفر ونهض يواري غيظه ثم تابع قبل أن يغادر بنبرة تحمل لينًا خبيثًا  : 


- حاولي تدي لماجد فرصة من حياتك يا بسمة  ،  ومش لأنه ابني بس انتوا الاتنين تهموني جدًا  ،  وبردو فكري في موضوع الشركة وبلغيني قرارك  . 


تحرك يغادر وتركها تجلس تعيد كلماته  ،  للمرة الأولى تشعر أن حديثه منطقي مهما كانت نواياه خاصة في أمر الشركة ولكن ماذا عن داغر  ؟  عليها أن تتحدث معه وتخبره وإلا فلن تطمئن  .  


❈-❈-❈


وقفت تحدق به بذهولٍ جعلها لم تعد تشعر بالمطر الذي يتساقط فوقها لذا كرر جملته وهو يحثها على التحرك معه داخل المطعم  : 


- ماينفعش وقوفك هنا  ،  أدخلي بسرعة  . 


انتهبت لنفسها وله حيث ابتلت ملابسه أيضًا لذا تحركت معه نحو المطعم سريعًا فدلها على طاولته فاتجهت تجلس وتحتضن معطفه كأنه عائدٌ لها ولكنها فعلت حينما نهشها الصقيع فجأة  . 


تمعن فيها والتفت يجلس قبالتها ثم أشار للنادل ليأتي وجاء ليتحمحم ثائر ويردف وعينه مسلطة عليها  : 


- اسبريسو  ! 


- لا شكرًا  . 


نطقتها بحرجٍ وهي تداري ارتعاشها ليتجاهل شكرها حينما رفع نظره للنادل يستطرد  : 


- واحد اسبريسو  . 


أومأ الرجل وغادر فعاد ينظر إليها ليجدها تمعن النظر في روايتها التي ترتكز أمامه لذا أردف بخبث  : 


- كنت بقرأ قصتك  . 


- مش قصتي  . 


لا تعلم لمَ أجابته هكذا على الفور وهي تُمعن النظر فيه كأنه ألقى عليها اتهامًا بأن ما كتب عائدًا عليها لذا رفع الكتاب أمام عينيها ثم أشار بإصبعه نحو اسمها يردف بخبث  : 


- ديما الصابر  . 


وعت على نفسها لترتعش وتضم المعطف أكثر ثم أردفت موضحة بشموخٍ ومغزى بعدما تذكرت منشوراته  : 


- آه فكرتك تقصد اللي مكتوب مش الكاتب  ،  بس أظن إنها مش هتعجبك لإنها بتتكلم عن مميزات وقوة المرأة العربية  . 


أومأ يردف بنبرة باردة مستفزة  : 


- فعلًا أنا شايف إنك بالغتي شوية في الوصف   ،  وبالغتي أكتر لما قلتي في الندوة إنها قصة واقعية خصوصا النهاية الخيالية  ،  مافيش في الواقع العربي ست تقدر تقدر تخرج سليمة من تجربة زي دي بالعكس بتخرج مشوهة وبالتالي الجيل اللي هيتربى على ايدها هيكون مشوه وهكذا   .


فرد ظهره واستطرد بتباهٍ أمام سهام نظراتها يوضح بكفيه :


- ممكن لو كنتِ ذكرتي إن البطلة من المجتمع الغربي كنت اقتنعت لإن العوامل في الدول الأوربية بتساعد الست إنها تتجاوز أي تجربة سيئة مرت بيها  ،  المجتمع إدراكه واسع وبيساعدها تتعافى أسرع  ، على عكس المجتمع العربي طبعًا  . 


استشاطت غيظًا وكادت أن تبصق مافي جوفها وتخبره أن هذه قصتها ولكن لاااا  ،  نهرها عقلها بألا تفعل وإلا أثبتت له صدق حديثه لذا كظمت غيظها وابتسمت ابتسامتها لتجيبه بثقة وثبات برغم برودة جسدها  : 


- بيتهيألي ماينفعش تحكم حكم مطلق زي ده وانت أصلًا عايش برا ومش عارف ولا عايز تعرف المجتمع العربي بيفكر إزاي  ،  صحيح جزء كبير من كلامك صح بس هتفضل النخوة العربية موجودة على عكس الانحلال اللي بيعاني منه الغرب واللي بيتسبب في كوارث بنسمع عنها   . 


تنهدت ثم تابعت بنبرة هادئة تحمل الأسف  : 


- للأسف جزء كبير جدًا مننا انحرف وبقى مبهور بالتطور الغربي زي حضرتك كدة بس الجزء الأكبر بينتمي لوطنه وأصله  ،  ولا إيه يا سيادة الكاتب  ! 


صمت لهنيهة يُمعن النظر بها لتستطرد وقد حررت يديها تعبر بهما بعدما شعرت بالدفء من المكان ومن ثقتها  : 


- الحقيقة أنا قرأت كتب كتير ليك وطبعًا عجبوني جدًا وأثاروا فضولي لدرجة إني شكيت إن اللي كتب الكلام ده مش هو نفسه اللي بينشر منشورات هجومية على وطنه  ،  فيه عمق غريب بين سطورك مخليني أحس إنك فعلًا بحر  ، حسيت بكلمات مشفرة تبان عادية وفي المجمل بتدل على معاني عامة بس كإنها لغز إنت قاصد توظفه بالطريقة دي  ، إيه السبب  ؟ وليه بتعمل كدة  ؟  


يبدو أنه لأول مرة إحداهن تغوص في بحره  ،  تحاول استكشاف أعماقه  ،  لأول مرة إحداهن تستطيع قراءة ألغازه أو تحاول لذا أفلت عينيه من قبضة نظراتها حتى لا تقرأ ما فيهما لينظر نحو أصابعها الخالية من أي دليل يثبت له أنها ليست صاحبة القصة وكاتبتها لذا تأكد من شكه فعاد يحدق بها ويبتسم مسترسلًا بنبرة مبهمة  : 


- خيالك واسع يا حضرة الكاتبة  ،  كل ما في الأمر إني بكتب اللي بحس بيه وأكيد إنتِ فهماني في النقطة دي  ،  إنتِ متجوزة  ؟ 


سألها بشكلٍ مفاجئ لتتوتر نظرتها ثم أخفضت عينيها وأجابته بنبرة تجاهد لتجعلها طبيعية  : 


- مطلقة  . 


ابتسامته الساخرة جعلتها تباغته بنظرة محذرة بألا يستهين بها لتعاود رفع رأسها بثقة وتستطرد مترقبة  : 


- هو ممكن اسألك سؤال  ؟ 


أردفت بعينين تمعنان النظر به  : 


- بعد النظرة دي ممكن نسميه استجواب  . 


هزت رأسها تجيبه بصدق  : 


- لا أبدًا إنت ليك مطلق الحرية تجاوب أو لاء  ،  هو مجرد سؤال  . 


أومأ يعطيها الإذن فتنفست بعمق ثم أردفت بنبرة مبطنة بالشك  : 


- اللي عرفته عنك إن أهلك كلهم في مصر  ،  عيلتك كلها ناس مهمة وشخصيات محترمة رجالة وستات  ،  إنت بقى إزاي بتفكر بالطريقة دي  ؟  مافكرتش إن تفكيرك اللي بتنشره ده ممكن يؤذيهم  ؟ 


أطرق رأسه وتحركت يداه تتلاعب بفنجان قهوته ثم أردف بغموض  : 


- ما هما أذوني  ،  أنا وكتاباتي ومنشوراتي رد فعل ومهما قرأتي ودورتي ورايا مش هتلاقيني الفاعل أبدًا  ،  بس هو إنتِ عرفتي عني كل ده منين وليه  ؟ 


عاد يوترها بأسئلته ويتلاعب على خجلها بعدما أثارت انتباهها إجابته  ، كيف آذوه يا ترى؟! ولكنها هزت كتفيها تردف بثقة  : 


- زي ما قرأت كتبك سهل جدًا اقرأ سيرتك الذاتية  ،  خصوصًا إنك شخصية مشهورة  ،  وأنا من الناس اللي لما تحب كتاب بتحب تعرف عن الكاتب تفاصيل عامة   ،  انتماؤه وأفكاره وعيلته  . 


- وانا زيك  . 


قاطعها بمغزى متعمد لتقام بينهما حفلة نظرات قطعها النادل حينما جلب لها القهوة ووضعها أمامها وغادر  . 


زفر ثائر ولف نظره نحو النافذة ينظر منها ليجد أن المطر قد توقف فزفر وعاد لها ليجدها تنهض وتردف بابتسامة مجاملة  : 


- متشكرة جدًا لذوقك  ،  وفرصة سعيدة جدًا إني اتعرفت عليك وحقيقي كانت صدفة غريبة  ،  عن إذنك  . 


- الاسبريسو  ؟ 


نطقها بعدما التفتت تواليه ظهرها فعادت تطالعه وتردف بابتسامة معنية : 


- إنت اللي طلبتها  ،  أنا مش بشربها كدة  ،  شكرًا مرة تانية  . 


التفتت تغادر بتباهٍ تشعر بانتصارها عليه ولكن من العجيب أنها تحتضن معطفه ولم تعِده إليه  ،  لقد أحبت دفئه وانتشلته لنفسها دون أن تشعر  . 


جلس يتأملها بعينيه حتى دلفت الفندق وعلى محياه ابتسامة رسمت حينما وجدها تعانق المعطف الخاص به  ،  إنها بحاجة لعناق  . 


دس يده في جيب جاكيته يستل محفظته ليترك حسابه على الطاولة ونهض يلتقط كتابها في يده وباليد الأخرى استل هاتفه يجري مكالمة هامة وهو عائدٌ إلى الفندق  .


❈-❈-❈


أنهت ترجمة الخطاب إلى الصينية لتوها وتسللت إلى الفراش  .


كادت أن تغفو بعدما غفى مالك على الفراش المقابل لفراشها أما الصغيرة تقى فتنام مع جدتها  . 


رنين هاتفها جعلها تتعجب وتلتقطه لتجده مديرها  ،  قطبت جبينها وعادت ترفع جسدها وتستند على الفراش مجيبة  : 


- مرحبًا سيد لو تشي   ،  هل هناك خطب ما  ؟ 


لا يعلم لمَ هاتفها الآن ولكنه وجد حجةً لذلك لذا تساءل  : 


- مرحبًا دينا  ،  كنت سأسألك عن خطاب الغد  ،  هل أنهيتيه  ؟ 


تعجبت ولكنها أجابته بعملية  : 


- نعم أنهيته  ،  لا تقلق  . 


- بالطبع لن أقلق ما دمتِ أنتِ الفاعلة  ،  أنا أثق بكِ  . 


تحاول استكشاف نواياه ولكنها أجابته بجدية  : 


- شكرًا لك  ،  عن إذنك سأنام الآن  . 


لم يجبها بل صمت لهنيهة يفكر هل يسأل سؤالًا يراوده أم لا لتتساءل بترقب  : 


- سيد لوتشي  ؟  هل أنت معي  ؟ 


أجابها  : 


- نعم معكِ  ،  حسنًا دينا الآن نامي وغدًا سنتحدث  . 


- هل هناك شيئًا تود قوله  ؟ 


تساءلت بما شعرت به ليزفر بقوة ويجيبها  : 


- دعينا نتحدث غدًا  ، هيا تصبحين على خير  . 


أسرع يغلق وتركها في تعجبها  ،  ليست غبية كي لا تلاحظ اهتمامه بها ولكنها تتساءل عن سبب هذا الاهتمام  . 


هما من عالمان مختلفان تمامًا ولا يمكن أن تقتنع بمَ يحاول عقلها طرحه عليها لذا فالسبب البديل الذي يحوم حول رأسها هو أنه يريد التسلية وحينها سيجد ردة فعلٍ صارمة ربما تسبب في تركها للعمل وهذا آخر ما تريده  . 


لا تسعى للتخلي عن أحلامها الكثيرة وطموحاتها التي ستنتشلها من الحياة عنوة مع أي فرصة  ،  ما رأته يحدث مع والدتها ثم شقيقتها لن يتكرر معها على الإطلاق لذا فهي ستحاول التعامل بغباء والتغاضي عما تفكر به  .


الصفحة التالية