-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - 26 - 6 الجمعة 24/11/2023

 

قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل السادس والعشرون

1

تم النشر يوم الجمعة

24/11/2023


في منزل سالم، كانت ليلي جالسة فوق الفراش بغرفتها تخفي وجهها بين قدميها التي كانت تضمهم الي صدرها بقوة وهي تبكي بصمت، وفي ذلك الأثناء دخلت ناهد غرفه ليلي دون أن تطرق الباب فاقتربت منها وهي تحدجها بنظرات غاضبه هاتفه بامتعاض

 

= مش هتقضيها نوم طول اليوم قومي ذاكري شويه ده اللي هينفعك في الآخر، عشان لو سقطتي السنه دي ولا جبتي مجموع وحش هتشوفي مننا وشي تاني اكتر من اللي شايفاه دلوقتي.. خلاص بطلنا نعديلك اخطائك إللي في الآخر احنا اللي شيلنا الطين فوق دماغنا

 

رفعت رأسها وأخذت الأخري تنتحب بقوة وهي تسمع توبيخها وتهديدها لها، نظرت لها ناهد بانزعاج، فهي أصبحت تكره رؤيتها لتذكرها مصائبها، لذا اضافت باقتضاب

 

= كفايه مصايبك اللي مش عارفين نلمها لحد دلوقتي بسبب الولد الصايع اللي انتٍ عرفتيه وبقي عمال يبيع ويشتري فينا وبيساومنا عشان يفضحك ويفضحنا، مبسوطه باللي انتٍ عملتيه.. نفسي افهم ايه اللي استفدتي ولا قصرنا معاكي في ايه عشان تعملي فينا كده .

 

وضعت ليلي يدها على فمها كاتمة شهقاتها و هي تشعر بالندم ولا الاحتقار من نفسها بعد تلك المعامله التي تلقتها من الجميع بدأت تعيد حساباتها وتفكر في أفعالها، التفتت الأخري نحوها لترمقها بنظرات مزعوجة اعتقدت انها تصطنع البكاء حتى تعطف عليها لكن ذلك من المستحيل أن يحدث بعد الآن، لترد بتهكم

 

= بتعيطي! ويا تري دموع ندم ولا بتفكري في حاجه ثانيه عشان تصعبي علينا خلاص بطلنا الجو ده، و اياكي تعملي حاجه تاني فينا، حتى ابوكي خلاص بيته بيتخرب بسببك وهيطلق قريب مش ده اللي كنتي عاوزه توصليله تبعدي تسنيم، أهي رفعت عليه قضيه طلاق بسبب عمايلك السوداء فيها.. ورفضه تتصالح بأي شكل مبسوطه دلوقتي مش كده

 

بدأت ليلي تلوم نفسها مثل كل ليله وهي بهذه الغرفه أصبحت تمر بفتره صعبه للغايه وهي ترى الجميع يبتعد عنها ويشمئز من رؤيتها.. حتى والدها من حينها لم يتحدث معها، وابتعد عنها .

 

شعورها بالخسائر وتلك المعامله القاسية منهما جعلها تبدأ تراجع نفسها مؤخراً، لاعنه ما فكرت فيه وما جانته بحقهم، وحتى عندما ندمت على ذلك، لا أحد يريد أن يصدقها أو حتى يمنحها فرصة لتبرير موقفها. لقد فقدت ثقتهم بها ولا يمكنها استبدالها. وهي في وضع صعب ولا تعرف من تلجأ ومن سيصدقها ويقف معها. لقد بدأت تشعر بالخوف منهم في الأساس! فلم تتوقع طوال حياتها أن تتلقى منهم هذه المعاملة وأن تتعرض للضرب على يد والدها.

فأضافت جدتها بسخط

 

= دي الست حتى بعد اللي عملتي فيها لسه عماله تقول لنا نوديكي لدكتور نفساني وانتٍ ما عملتيش كده في وعيك وبتدافع عنك.. و خايفه عليكي وبتقول لنا نتعامل معاكي بطريقه غير كده.. بس انا بقى شايفه ما فيش مبرر للي انتٍ عملتيه خالص وتستاهلي المعامله دي من الأول كمان، عشان احنا زمان كنا عمالين ندلع وندادي وفي الاخر ده اللي خدناه منك.. وطيتي راسنا

 

اتسعت عيون ليلى في دهشة، رافضة تصديق أن تسنيم، بعد كل ما فعلته بها و وقاحتها الشديدة معها، ولا تزال تفكر بها وتهتم بها وتنصحهم بكيفية التعامل معها، لكن عندما سمعت انفصالها عن والدها لم تكن سعيدة كما كانت تتمنى مؤخرًا. ضغطت ناهد على شفتيها هاتفة بضجر

 

= هتفضلي ساكته ومش لاقيه رد صح؟؟ ماشي اصلك هتقولي ايه؟!. انا ما بقتش طايقه أشوف وشك على رأي ابوكي.. انا هغور من هنا أحسن .

 

--

 

صعد رسلان على الدرج الكبيرة بخطوات قافزة ليصل إلى أمام باب الفيلا، ثم دلف إلي الداخل حيث كان الباب مفتوح ليردد كعادته قائلاً بهدوء

 

= بونجور على الجميع، ماذا. لما تقفون هكذا هل حدث شيء .

 

لم يرد عليه أحد علي غير العادة ثم ارتفع حاجبيه بدهشة، متسائلاً بتوجس

 

= مهلاً سيده وفاء هل تبكي؟ يا إلهي ما الذي حدث هل الجميع بخير.

 

ظلت وفاء مستمرة في مكانها تبكي بحسرة ، بينما ضغط سراج على شفتيه متمتماً بضيق

 

= رسلان جيد انك وصلت، مهره اختفت ولم نجدها حتى الان .. ولا نعرف الى اين ذهبت

 

فغر رسلان شفتيه مصدوماً من كلماته، وكانت وفاء تبكي بحرقة وهي تردد بتخوف

 

= انا عاوزه بنتي يا سراج ابوس ايدك

رجعها لي.. انا ماليش غيرها ومش عاوزه اخسرها هي كمان.. كفايه اللي عملوا فيها اهلها و طليقها، انا كنت فاكره نفسي هعوضها بس ضيعتها .

 

لم يفهم رسلان بالطبع حديثها، بينما احتوائها زوجها بين ذراعيه يخفف عنها وهو يقول بصوت حنون

 

= اهدي يا وفاء صدقيني هنلاقيها انا والله ما ساكت اهو قدامك وبعت اللي يدور عليها.. ان شاء الله هتكون بخير و دلوقتي ترجع لوحدها .

 

هربت الدمــاء من وجه رسلان وكان غير مصدق ما يحدث، ثم أقترب من والده هاتفاً بقلق كبير

 

= أبي اشرح لي ما الذي حدث بالضبط.. ما معنى أنها اختفت فجاه .

 

أبتعدت عنه وفاء ليجيب الآخر بتنهيدة مطولة

وهو يحاول استجماع ما حدث وسرده بإيجاز

 

= ذهب كنان السائق ليأخذها من المدرسة كالعادة. انتظرها كثيراً لكنها لم تخرج رغم أن كل الطلاب كانوا يسيرون أمامه إلا هي! و عندما شعر بالقلق عليها دخل ليسأل عنها في المدرسة، لكن قيل له إنها غادرت اليوم قبل موعدها المحدد... ولم نجدها ولم تعد حتي الآن، وهاتفها مغلق... الوقت تأخرا جدًا بالخارج وجميعنا نشعر بالقلق عليها.

 

رمق رسلان وفاء بنظرات مليئه بالعطف و التأثر، ثم اضطربت أنفاسه وهو يرد متوجساً

 

= حسنا فهمت، لا تقلق واخبر السيده وفاء بانني ساذهب للبحث عنها أيضا ولم أعود الا بها.. ساجدها أبي! هي بالتأكيد بخير ولم يحدث لها شيء سيء .

 

تحرك رسلان للخارج بخطوات سريعة و ظل يبحث عنها هنا وهناك، بدأ أكثر إنزعاجاً وتخوفاً عن ذي قبل بسبب تخيله أن ربما حدث لها شيئا خطير ولم يراها مره أخري! هز رأسه برفض وظل يبحث عنها بإصرار شاعراً بقلبه ينقبض بشده بخوف أشد عليها، ابتلع ريقه بقلق وأكمل سيره بشرود مذعور .

 

في أحد الشوارع دفنت وجهها بين ركبتيها مجبرة عقلها على عدم التفكير في أي شيء، يكفيها ما نالته من ألم متواصل أنهك قواها على الأخير.. رجف جسدها وشحب لون بشرتها نوعاً ما، فتحت عيناها المتورمتين و رفعت رأسها للأعلى وهي تتنفس بصعوبة ...

 

فقد كانت دائماً تحاول دفن ذاتها بين طيات صفحاتها حتي تنسي واقعها الأليم الذي تعيش به مثل هذه الليله، تحاول ان تتجاهل ذلك.. خوفاً من أن تتعرض لتلك المضايقات و يرمقها الآخرين بنظرات غاضبه نافرة كانت دون أن يتركون لها فرصه توضح لهم الأمر وأنها لم تفعل ذلك برضاها؟ إلا أن لم يصدقها احد منهم مفضلين تصديق ما يرون ويسمعون عليها.....

 

أحيانا تشعر بأنه قد أقسم على قلبها بالتعاسة للأبد عقابا دون ذنب.


الصفحة السابقة                        الصفحة التالية