اقتباس - الفصل الثاني - كما يحلو لكِ - النسخة العامية
اقتباس
الفصل الثاني
النسخة العامية
التقمه السواد التام ليُعانقه بطيات الماضي.. قد يكون هو من خط تلك الكلمات بأنامله، وربما قد اعترف لها بهذا، ولكن أن تكون بمفردك معانقًا وحدتك أمرًا، وأن تتذكر الماضي شعورًا كئيب، بينما أن تقرأ وتُقر أمام إمرأة تعشقها ونظراتها تزلزل كيانك بكل ما ارتكبته من شرور أوشكت على قتل نفسك الحية وقتل آخرون غيرك لن يكون بأمرٍ يسر سلس تستطيع خلاله التحفظ على الباقي من ماء وجهك ذو الملامح الصارمة!
شحب وجهه وهو يشرد بالأرضية، غلفه السواد الحالك وكأنه سواد الموت كمن لا يتبقى بملامحه ذرة واحدة تعبر عن الحياة.. بقعة تتجه لها فحميتيه وهو يُنادي صارخًا بإستغاثة بينه وبين نفسه، أنه لم يكن عليه التحدث بهذه الكلمات بصوتٍ مسموع..
نظرت إليه هي الأخرى، يا لها من كلمات رائعة يُخفي بطياتها العشق كلص بارع محترف، يسرق قلبها كل مرة خلال ما قام بكتابته، خلال مجرد كلمات يُجبر كل ما بها من وعي وعقل وجسد وأنفاس أن تتابعه مهرولة ناهمة بالمزيد.. شره ضاري بداخلها يحثها على الركوض ولو لآلاف الأميال حتى ترى المزيد من تلك الإعترافات والكتابات الرائعة والمزيد من الحقائق المُفجعة عنه التي تُخبرها بأنه أسوأ الرجال على وجه الأرض.. أسوأ رجل على الإطلاق.. أسوأ ما قد يتوصل له عقلها بالحكم على إنسان بأنه قاسي متعجرف ولئيم.. وفي النهاية تقر كل ليلة لنفسها أنها تعشقه.. وفي الصباح تستيقظ لتكمل دوامتها العشقية التي لن تتركها سوى غارقة بأغور اعماقه مسلوبة الأنفاس والحياة لتستقر بالقاع المؤلم لهذا العشق اللعين!
اغمضت عينيها وهي تتناول نفسًا مطولًا ثم زفرته متريثة، عله يُساعد عبراتها في معانقة عبراتها التي تريد التواتر بشرهٍ لن تنجح في ايقافه.. تحس بفحميتيه مسلطتان عليها، يُتابعها، لا تكترث، لم تعد تحتمل شعور التقزز وهي جالسة أمامه وهي على يقين بأن مجرد ملامحها ومشابهتها لتلك المرأة اللعينة هي كل ما دفعه للزواج منها..
اندفعت الذكريات برأسها، كل مرة نطق بها بالعشق لها، كل حرفٍ تغزل به بخطاباته وبكلماته، عناقه وهمسه بأذنها.. أكان يتخيلها هي؟
تركع أمامه، يُقيدها ويقوم بتعذيبها، يُداهمها بوابل من ساديته، وكل ما يفعله ليس لأجلها بل لأجل إمرأة أخرى يراها بها وبوجهها، إمرأة يكرها أم يعشقها؟
قد تنتهي الحياة ويُبعث الموتى من قبورهم للحساب.. كلٌ يبكي على ليلاه، كلٌ يستعد لجنة ونار، دار الآخرة حيث سينتهي كل شيء والمصير المحتوم لكل إمرؤ في استعداد تلقي ما كسبت يداه.. وهي، ستكون بكلماته مشتتة! لا تفكر سوى بما يقوله ويكتبه ويعترف لها به!
فتحت عينيها لتجد فحميتيه باهتتين، عينيه باتت زجاجيتين، لا تعرف ما السبب لتلك الأعين التي لم ترها بوجهه قط.. أيتصنع الحُزن بما قرأه؟ هذه هي حيلته هذه المرة على ما يبدو.. لقد طفح الكيل من حيله، وكلماته وجاذبيته، وكل ما به، لقد طفح الكيل من عشقه الذي بات لا يُسبب لها سوى الآلم!
نظرت للساعة تتفقدها وهو يبدو أمامها كالجثة، لا تدري ما الذي يُفكر به ولا يدور بعقله، هي حتى لاحظت أنه لا ينظر لها بل كان شاردًا بشحوب وجهه الذي كان بالصباح مجرد وجه لزوج سعيد يعشقها وتعشقه..
تنهدت وكادت أن تحذر بضياعه لساعتها الثمينة التي سمحت له بها وهو يقرأ عليها كلماته المتلاعبة المحتالة ولكنه حدثها بتلعثم وهو يثقل على لسانه تكوين الحروف التي لطالما استطاع أن يجتاز بها آلاف النزاعات وعشرات القضايا ومئات النقاشات:
- مبقاش فيه كلام تاني .. مش مهم باقي الجوابات!
ضيقت ما بين حاجبيها وهي لأول مرة تستمع لتردد صوته بهذه الطريقة التي تحاول ألا ينجرف قلبها على اثرها بينما وجدته يهمس بمزيد من التلعثم:
- مش مهم انا شايف الموضوع ازاي، مش مهم بحس بإيه! مش مهم تعرفي اللي جوايا.. مظنش فيه حاجة تانية هتفيدك!
زجاج فحميتيه بات يلمع بقطراتٍ من غليان دمائه التي احتدمت بتذكر ما كان عليه وهو يكره بنفورٍ هائل أنه قارب على كونه قاتل، لقد تحول، تحول بشع.. وكل هذا من أجل إمرأة؟ من أجل ملامح؟ لماذا عليه أن يعشق بهذه القسوة؟ نعم هو يقسو على نفسه بالعشق.. وكأنه عقابًا فُرض عليه.. لماذا فعل بنفسه ذلك؟ لماذا حول كل الآلم بداخله لإنتقام خالص؟ ألم يكن يُكفيه أن يبكي ويصرخ وينتقم منها هي وحدها ويتركها وشأنها دون أن تحوله لرجل فاسد؟!
لُعن العشق.. ولُعنت النساء.. ولُعن هو نفسه!!
- مبقاش فيه غير شوية كلام بيحكوا قصة انتي بطلتها وعيشتيها معايا.. مفيش داعي نرجع للماضي يا روان بكل ما فيه!
تنهد بصعوبة ماثلت صعوبة حمله لتلك الكلمات من عقله واثقال لسانه بها ليقول في النهاية بخفوت:
- ناقص ده
ابتلع دفعة واحدة ما تبقى بحنجرته من جفاف رمادي المذاق على ما خلفه حريق الماضي الذي تأجج بقرائته لهذه الرسالة ثم نهض لتسقط بقية الأوراق أرضًا وقام بدهسها بقدميه وكأنه يخطو على ماضيه بأكمله، بل وكأنه يُعاقب نفسه بقهرٍ على كونه رجل فاسد!
اتجه نحو سلسلة مفاتيحه وأخرج منها مفتاح لديه نسخ قليلة منه وألقاه نحوها وهي صامتة تتابعه ثم نظرت للمفتاح الذي استقر بجانبها على الفراش وتوجهت عسليتيها نحوه لتراه يُشعل احدى سجائره ويستنشقها بنفس شحوب وجهه المُشابه لشحوب الموت!
بحثت بمقلتيها عن استلهام الصبر الذي من المُفترض أن بعده ستأتي اجابته أو تفسير عن هذا المفتاح ولكنه لم يتحدث فسألته بإقتضاب:
- ايه ده؟
رطب شفتاه الجافتان المعبئتان بطعم التبغ المُر وهو يُنكس رأسه واجابها بخفوت:
- خليه معاكي، يمكن في يوم تشوفي كل حاجة على حقيقتها، بعيد عن الكلام الحلو والغزل والجوابات!
انتبهت بكراهية لاذعة وهو يُفسر تمامًا ما تُفكر به، العشق والغزل، من أين له بمعرفة كل ما يدور بعقلها بهذا الوضوح؟ أهو محامي جيد للغاية حتى لا يترك ولو دليلًا واحدًا من الأدلة ولا يغفل عن عقله أن يؤيد نفسه بما يُبرهن على أنها لابد من السماح له بالمزيد من الإستنزاف العشقي الذي يستنزفه بها كل ثانية من يومها؟!
- ده، يمكن، او ممكن اوريكي اللي قافل عليه! احتمال.. في يوم من الأيام!
سقطت حروفه المتثاقلة وكأنه ينازع سكرات الموت وهو ينطق بمشقة اثناء تغلبه عليها لتنظر للمفتاح مرة أخرى لتقوم بربط كلماته بما القاه إليها، لو كان هذا المفتاح يؤدي إلي باب.. فما الذي يقع خلفه؟!
نفث دخانه وهو يحاول أن يستعيد نفسه ثم فكر كيف سيُحدثها، وبأي نبرة؟ نبرة قد يلجأ هو إليها ليحاول أن يستر خلفها ما يشعر به وهو يتذكر هذه الأيام التي تبدلت بها حياته، أرقه وهو يعمل مجبورًا أن يتخلص من هذا الشيطان، عقله الذي كان لا يتوقف عن التفكير، دماء تلك الفتاة التي اوشكت على الموت اسفل قدماه، خوفه وعدم امانه طيلة ليالي قاسية لو نما لعلم ذلك الشيطان الذي يحاول الإيقاع به ما يفعله من خلفه، صوره مع "يُمنى" تتواتر على رأسه.. يشعر برغبة في الصراخ والبُكاء على حد سواء، وبصحبتهما لا يجد سوى رؤية جسد دامي بصنع يديه ليُخفف عنه كل هذا الصراخ والبُكاء!
كان على صوته أن يأتي خاليًا من المشاعر حتى لا يقوم بإستنزاف المزيد من مشاعرها نحوه هي لا تستحق كل ذلك، هي ليس لها ذنب في هذا:
- الساعة خلاص قربت تخلص.. قومي وامشي.. اعملي اللي تحبيه يا روان!
لا.. لن يلعب لُعبته السخيفة تلك ليترك الفضول يلتهمها تاركًا ذرات دمائها وأنفاسها تتوسل للمزيد! هو من بدأ بهذه اللعنة، وهو الذي عليه أن يُنهيها.. بنفسه.. وبصوته وهو يقرأ عليها المزيد، وبكل اعترافاته أمام عينيها!
شاهدته بغيظٍ احترقت مُقلتيها به وهو يتوجه حيث الشرفة فنهضت بتصميم وهي تعقد ذراعيها ووقفت خلفه تشاهده وحدثته بلهجة آمرة لا تقبل النقاش:
- اقرا الجواب يا عمر!
سقطت كلماتها على مسامعه لينفث آخر ما تبقى من احتراق تبغه متمنيًا أن يخمد لهيب روحه المحترقة بهذه الزفرة ثم التفت إليها وكلمها بهدوء:
- انتي عيشتي التفاصيل بنفسك، مبقاش فيه حاجة متعرفيهاش!
تفقدته وتملكتها الريبة بكل ما قد يُخفيه عقله البارع بالكلمات وجهه ذو الملامح الجذابة المُشتت كلما قصر شعره أو اطال خصلاته لتهبط على جبينه أو بالغ في تركها للإسترسال ليعقدها عاليًا بصحبة لحيته القصيرة تارة والكثيفة تارة والحليقة لمراتٍ مما جعل كل ما تراه بوجهه تعيقدًا لا تستطيع التعرف خلال النظر إليه مع من تتعامل.. الرجل السادي؟ المحامي المرموق؟ الرجل الثمل الباكي؟ الرجل القاسي؟ أم هذا النبيل ذو عبارات الغزل الإحترافية التي تصيبها بفيضان العشق والمشاعر؟!
أي قناعٍ لعين يُريد ارتدائه اليوم؟ وأي عقل ساذج قد يتركه يُخفي عليها المزيد؟ لو كان هذا الرجل الماثل بقفص الإتهام أمام عسليتيها المحترقتين بالغضب الذي وُلدَ على خديعته النكراء سيُصبح طليقها بحكم نهائي، هي لن تتنازل عن إدراك المزيد من الأسباب التي تأمل بتضرع خفي داخلها أن تصيبها بكراهيته مثل ما اصابها بعشقه! تريد بمنتهى الإصرار أن تحصل على المزيد من الأدلة الدامغة لإعدامه من حياتها!
رمقته بثبات، بادلته النظرات الزجاجية، زجاج يختبئ خلفه ضعفه، وزجاجٍ تحتمي خلفه سذاجتها العاشقة له، الغضب فقط ما يُصيبه بأسهمٍ من تأنيب الضمير على افعالٍ كثير لا تُعد ولا تُحصى، وما تحاول هي الأخرى أن تعكسه بصلابة أمام شحوبة وجهه التي حاولت ألا تتعاطف معها وتشدقت بنبرة آمرة:
- أقراه يا عمر!
ابتسم هاكمًا على حاله، ابتسامة بكامل الإنكسار، حُزن تام على ما يجرى بحياته، ولكن ما الذي عليه قوله أمام اعين اصبح مولعًا بنظراتها، حتى ولو كانت زجاجية تقطر كراهية وغضب! هو كان يعلم جيدًا من هو، ويعلم ما يستحقه، وها هو آتيًا بسرعة جنونية كي يُهشمه قاضيًا على ما تبقى من تلك الصورة التي يحاول أن يقوم برسمها بأعين الجميع!
البقاء للأقوى، أليس كذلك؟! حسنًا.. لن يبقى سوى أن تحكم عليه بعض أن ترى ضعفه بشأنها.. فكل ما فات من عبارات عشقٍ غزلية قرأتها وهي بمفردها لن تماثل ما تبقى لأجلها هي وحدها.. كامل الصورة الضعيفة له، التخلص من ثياب القوة والرهبة والتراهات التي يصنعها لنفسه منذ سنوات.. الفتى الضعيف الذي غرق بالعشق سيجلس أمامها ليتوسلها بكلماتٍ لا تنتهي أن تُصدقه!
وعندما تُرفع الجلسة، لن يكون عليه سوى الرضوخ لحكم محكمة العشق التي ستتولاها هي بيدٍ تحترق بلهيب غيرتها العمياء ورفض انوثتها الطاغية بأن تكون مجرد بديلة لإمرأة سواها!
- زي ما انتي عايزة يا بنوتي!
آتت نبرته الخافتة بصحبة ملامحه الشاحبة لتتقهقر بنفورٍ لداخل الغرفة وهي تحاول أن تصد نفسها عن كلماته التي لطالما يُناديها بها وباتت آمرًا خاص لا تتشاركه سوى معه وكأن كلمته هي ما تُمثل لها معاني العشق والآلفة والسكينة ولكنها حاولت أن تحارب مشاعرها التي تُخبرها بأن تترك قلبها أن ينتصر أمام هذه الورطة التي تعايشها معه منذ الصباح..
اتجهت لتجلس على الفراش من جديد بنفس البُقعة التي تقع بآخره وهي تشعر به خلفها يُمسك بالرسالة التي سيقرأها عليها وجلست وهي تنظر له عاقدة ذراعيها بتحفزٍ بينما وجدته ينظر لها بإستسلامٍ تام وشفتاه يحاولا أن يصوغا جملة مُفيدة ليقول بملامح متوسلة وعقدة حاجبان:
- ممكن تقعدي في مكان تاني؟
اجتمعا حاجبيها بالتقارب بإستغراب وهي لا تدري متى ستنتهي من حيله لتحدثه بنفاذ صبر:
- مش هتحرك حركة واحدة قبل ما تقرا الجواب وتخلصني! كفاية بقى حركاتك دي، مبقتش هاستجيبلها خلاص!
أومأ لها وهو يتنهد غير متخلصًا من خوفه لما ستستمع له وهو لن يتحمل نظراتها له وهي تراه يُخبر بتلك الكلمات وسيقرأ اطول خطاب كتبه لها ليقرر وهو يذهب خلفها ليحدثها بخفوت:
- ماشي.. خليني انا اقعد في مكان تاني!
تنهدت وهي تحاول أن تستلهم الصبر لأفعاله، لم تعد تكترث بما يقوله ولا بما يفعله، هي فقط تريد أن تنتهي من كل ما يربط بينهما، حتى ولو خلال قرائته لهذه الرسالة المتبقية، بصوته وهو يجالسها بنفس الغرفة، تبحث عن كامل ادلتها أمامه لتدين نفسها بحقيقة جلية، ألا وهي؛ أن الوقوع في عشق رجل مثله جريمة ارتكبتها بمنتهى السذاجة!
قد يظن الجميع أن الأصعب قد مر بالفعل وهي تبالغ بردة فعلها، ولكن أن تؤلم أنوثة فتاة؛ واليوم إمرأة وزوجة، كانت يومًا ما بالسابق لا تعرف سوى الكبرياء.. هذا ما لن تقبل تحمله حتى لو التقت السماوات السبع بأعماق محيطات الأرض!
اضجع خلفها وهو يُشاهدها بخوفٍ لم تره، على نفس الفراش، يستطيع رؤية الهالة اللهيبية تحيط جسدها ليسألها للمرة الأخيرة:
- أنتي متأكدة؟ ده اطول جواب فيهم ويمكن تملي من كتر الكلام!
شردت ببقعة خاوية لا يظهر بها سوى الكثير من كلمات أنامله التي خطها وتمنت لو أن كل ما بها كان حقيقي لتجيبه بخناجر مزقت حلقها آلما بنقلها لتلك الكلمات:
- يمكن الملل مقبول عن الكدب.. ولا ايه رأيك؟
امتنت أنه لا يرى ملامحها المُنكسرة وهي تقارب على ذرف الدموع من تلك المشاعر بداخلها وفضولها المميت كي تعرف ما يتبقى من حيلته البارعة التي تجعلها متهافتة على كل ما يخطه لتجد نبرته التي لا يقل عشقها لها عن عشقه هو نفسه سبيلًا لأذنها وهو يجيب سؤالها المستهجن بإقتضاب يخفي خلفه مشاعره المحتدمة من اظهاره لضعفه الموشك عليه:
بعد الخطاب التاسع، واثناء جحيم عذابي، لا زلت احاول الصمود بيومي السابع من ابتعادنا..
الفراق لعنة روان، غيابك عن عيني ومرمى بصري يؤلمني آلم لا استطيع تحمله فاق آلمي بثلاث اشهرٍ مكث بها طفل بائس بمفرده، آلم فاق كل ما تعرضت له.. لدرجة تجعلني لا اتمناه لأحد..
لُعن الفراق بين العاشقين ملايين المرات!
ولُعنت أنا بمقدار كل نبضة نبضها قلبي منذ أن وقعت عيناي عليكِ أيتها الفاتنة الصغيرة..
لا أجد ما يُرثيني سوى أن اتذكر كل لحظة بيننا، كل يوم، وكل مرة التقت بها عيني وعينك صغيرتي..
لم يعد هناك ما يجب عليكِ تحمله سوى السطر التالي.. والبقية ستكون اهون!
سكت لوهلة منظفًا حلقه من جديد ثم حدثها وهو يتمنى أن تنقذه من قراءة التالي وتُعرض عن تشبثها اللعين بمعرفة المزيد ليقول بهدوء:
- شوفتي.. نفس الكلام.. مفيش حاجة مختـ..
قاطعته بتصميم وصياح غاضبة آمرة اياه:
- كمل!
ملئ رئتيه ببعض الهواء عله يُعطيه المقدرة على المتابعة واستلهام الشجاعة المطلوبة وهو ينظر لها بتردد ليقول والخزي يصرخ بكل حرف نطق به بخفوت:
عندما رأيتك لأول مرة في حياتي، كنت على يقين تام أنني اكرهك، وسأكرهك، ولن يُضاهي كراهيتك في قلبي مخلوق.. كرهتك اكثر من كراهيتي ليُمنى..