رواية جديدة عقاب ابن البادية مكتملة لريناد يوسف - الخميس 7/12/2023
قراءة رواية عقاب ابن البادية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية عقاب ابن البادية
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
تم النشر يوم الخميس
7/12/2023
المقدمة
توقف بالسيارة اخيرا بعد سفر طويل علي طرقات وعره ماراً بصحراء سيناءالشاسعه الي ان وصل الي هنا،، الى هذه الباديه التي تقع وسط محيط من الرمال الذهبيه التي تشبعت بحرارة الشمس حتي بدأ الوهج يخرج من جوفها ..
ترجل من السيارة ثم امر من فيها بالنزول قائلا : يلا ياعايده انزلي ونزلي آدم..
فتحت السيده باب السياره وترجلت هي والصغير ذات الست سنوات،
وما أن وضعوا ارجلهم علي الارض حتي أخذت السيدة تتلفت حولها بقلق، وقد دب الرعب في قلبها لما تراه،، فهي لاترى سوى صحراء يتخللها بعض أشجار النخيل وبضع خيمات متراصه، وبئر،
واشياء بدائية لا يوجد بها اياً من مظاهر التمدن او حتي بناءً واحدا،، فاردفت بصوت خائف :
محمود ايه المكان دا؟ هو معقول فيه حد ينفع يعيش هنا؟
لا لا يامحمود لا انا مش موافقه، يلا بينا نرجع،، احنا نسافر بره ونسيب البلد هنا خالص، ولا ان اللي قلتهولي دا يحصل ابدا..
هدر بها محمود بصوت عالي :
عايده احنا بنتكلم فأيه بقالنا شهر واتفقنا علي ايه؟ خلاص ياعايده انتهي وقت النقاش والقبول او الرفض،، ودلوقتي يلا اتفضلي قدامي..
نظرت عايده حولها مرة اخري، ثم نظرت الي صغيرها في شفقة بالغة وحدثت نفسها قائلة :
لله الامر من قبل ومن بعد،، منهم لله،، منهم لله.
قالتها ثم تقدمت ممسكة بيد الطفل الذي كان يطالع المنطقة من حوله مبتسما، فهذه التضاريس جديدة عليه كلياً،، فها هو يرى الرمال التي كان يراها فقط على تلفازه في افلام الكارتون،، والتي تختلف كثيرا عن رمال شواطئ البحار التي كان يراها حين يسافر مع ابويه للمصيف..
استمرا في التقدم ببطئ وصعوبه بسبب الرمال.. الي ان وصلا خيمة كبيره تليها مجموعة خيام اصغر منها، متوزعة على جوانبها بعشوائية، وعلي مسافات من بعضهم البعض..
ويال العجب الذي اخذ آدم!
فها هم اطفال يلعبون، ويلحق احدهم الاخر حول اشجار النخيل!
وهاهى جمال كثيرة منها الواقف ومنها النائم ومنها الساكن ومنها من يأكل!!
وهمس وهو يشد على يد امه ينبهها لشيئ ما :
مامي هوورس،، لتنظر امه في اتجاه اصبعه الصغير، فتجد خيولا مصطفة بجوار بعضها البعض تأكل .. واغنام وماعز كبيرة وصغيرة متفرقة في انحاء المكان،، وكلاب تجري خلف الاغنام المبتعده فتعيدها وتمنعها من الابتعاد اكثر..
ونساء تجلس امام قدوراً سوداء وضِعت فوق بناء حجري صغير يسمي موقد، وتحتها قطع من الخشب لتطهوا الطعام،، واخريات يتقدمن من بعيد من ناحية البئر حاملين جراراً من الماء فوق رؤوسهم..
فسحب آدم يده من يد امه وصفق وهو يرى هذا الكم الهائل من الحيوانات، والتي جعلته يعتقد انه في حديقة للحيوانات او في مكان جديد للنزهه مثلما يأخذه والده دائما للتنزه ويريه الاشياء الغريبه والجميله..
وقف محمود في مكانه وهو يري رجلا بدويا يتقدم منه سريعا وهو يستقبله بترحاب شديد وهو يهتف :سلامة الأسفار،، سلامة الاسفار.. ثم صافح محمود بعدها والذي رد عليه قائلاً :
تسلم يالغالي،، الله يسلمك من النار،، وش احوالك قصير؟
قصير : بأفضل حال بفضل الله الكريم.. قالها ثم بدأ بالصياح بصوت عالِ
شيخ منصور.. ياشيخ منصور.. حبيبك اجا ياشيخ،،
تعال ياحجي محمود تعال،، قرب هون اربض اربض،، انت والجماعه ليشك واقف يارجال؟ ..
واشار لهم علي شيئ اشبه بالكرسي مصنوع من جريد النخل ثم نادى بصوت عالى..
معزوزه.. بنِت يامعزوزه..
اجابته فتاة ممن يجلسون حول المواقد يطهون الطعام وقد كانت تقريباً في العاشرة من عمرها :
ايه يايباه شو بتأمر
قُصير : حدري هون
فجاءت الفتاه اليه تهرول ووقفت تعدل في غطاء راسها فقل لها قصير معترضاً :
اتركي الغدفه يابنيتي مافي حدا غريب، مديدك سلمي بلاول ،، وعاودي حطي القوري عالنار وعجلي بالشاي لضيوفنا.
معزوزه : من هالعين يايوبه ،، قالتها ومدت يدها لمصافحة الجميع تباعاً، وما إن انتهت من المصافحه، حتي عادت مهرولة مرة اخري من حيث اتت..
دقائق معدوده وخرج من فتحة الخيمة شيخا كبيرا يتقارب في السن من محمود،، ولكن الاختلاف في اللحية البيضاء الطويلة، وملامح وجهه الحاده، التي زادت الرعب في قلب عايده ماأن رأته،، فأحتضنت ابنها خائفه وهي تنظر الى هذا الرجل المخيف،، وهمست لنفسها:
يارب لأ دا كتير يارب.. يعني لا مكان كويس، ولا ناس كويسه.. يارب لطفك..
وماأن خرج الرجل من الخيمة كليا حتي نظر لمحمود وصاح مرحبا :
ياهلا ياهلا بزوارنا،، ياهلا بأحبابنا ياهلا.. وتقدم من محمود واحتضنه فرد عليه محمود بنفس لهجته : هلا شيخ منصور الله ساعده..
منصور : سلم سواعده وبالخير واعَده
ابتعد عنه منصور ثم اومأ لعايده براسه مرحبا، ثم نظر للصبي واردف قائلا :
ايباااه،،هاد هو ياللي اعليه العين
رد عليه محمود بتنهيده : ايوه هو دا ابني آدم يامنصور
منصور : بارك الله بيه يااخي وحفظه الك بحفظه ورعايته..
ثم امال علي الصغير واشار له الي الاطفال قائلا : ياولد،، شايف الجمع هاك.. يلا اذهب والعب معهم راح تتنومس كثير.. العب بالصخال اذا بتحب كمان
نظر آدم لابويه وبمجرد أن اومأ له ابيه بالموافقه حتي تحرك مهرولا بإتجاه الاطفال..
وما إن فعل ذلك حتي وقفت امه وكادت ان تتبعه مهرولة خلفه، لولا ان منعها منصور بنبرته المحذره : اياك تتبعينه
نظرت له عايده ثم نظرت لزوجها مترجية، فخفض محمود عينيه ولم يعير خوفها اية اهتمام،،
علي الرغم من انه هو بذاته يشعر باضعافه،،
ولكن يجب ان يمثل هذا الثبات امامها وامام الجميع فلا خيار امامه غير ذلك..
جلس منصور ثم قال لمحمود : اربض يارجل انت وحرمتك، هاد وش نوحك؟
جلس محمود ومن بعده عايده وعيون الاثنان متعلقة بذاك البعيد، الذي انطلق في اللعب مع باقي الاطفال بسعادة لايعلم ان بعدها ستبكي عيناه دماً.. فتنهد محمود وردت عليه الاخري بتنهيدة مشابهه وهما يراقبانه بقلوب تنزف وجعاً،، وانتبه كل منهما حين جائت الفتاه بكاسات الشاي وقامت بوضعها بجانبهم قائلة :
بالهنا
محمود : تسلم ايدك يابنتي.. ابتسمت له الفتاه وانصرفت، ثم بدأ منصور في توزيع كاسات الشاي عليهم واخذ كاسته بالأخير، وبدأ الشرب وهو يراقب ملامح عايده وحركة عيناها التي تتبع صغيرها، ثم مال علي محمود فحدثه هامساً :
مرتك ماعندها جلد يامحمود وراح تتعب وتتعبك كثير..
محمود : كلنا هنتعب مش بس هي ياشيخ منصور
منصور : اشرب كاسة شايك وتقوم تاخذها وتمشي من هين سريع قبل ماينتبه الولد ليكم..
قالها وعاود شرب الشاي،،
اما محمود فوضع كاسته جانبا ووقف ناظرا الي عايده التي هبت واقفة ماان وقف ونظرت في اتجاه ابنها وهتفت بترجي :
ارجوك يامحمود ابوس ايدك بلاش..
منصور :ماعليشي ام آدم افراق لِحين افضل من افراق باقي السنين..
عايده : حرام ياناس والله حرام..
منصور : يلا يامحمود امشي وخذها قبل لا الصغير ينتبه واش جاك!
وما ان انهي منصور جملته حتي امسك محمود ذراعها وشدها منه غصباً تحت اعتراضها المستمر وعباراتها المستعطفة له ان يرحم حالها وحال صغيرها، ولكن هيهات ان يتسمع لها احد منهم،، فقد قضى الامر و اُصدر الحكم بنفي قطعة من روحها ولا يوجد للحكم معارضه او استئناف
وصل محمود بعايده الي السيارة اخيراً وبعد معاناة معها لكي تمشي معه،،
وكان منصور يمشي بمحاذاتهم هو وقُصير وقام محمود بفتح باب السياره ودفع عايده بداخلها بكل قسوة، واغلق الباب ثم ترك مهمة منع عايدة من النزول من السيارة لقصير،، الذي ثبت الباب بيديه القويتان فبائت كل محاولات عايده لفتحه بالفشل..
وقام هو بالالتفاف الى الجانب الآخر وصعد السياره وقام باغلاق ابوابها اتوماتكياً وما ان سمع قصير صوت القفل حتي ترك الباب وابتعد عنه مطمئناً فقد اُنهيت مهمته..
اقترب منصور من محمود وامال بجسده ليتقابل مع وجه محمود وهمس له مطمئنا وهو يري الخوف في عينيه :
بعيوني وليدك يارفيق الدرب لا تخاف اعليه،، والله وهالشارب ماراح يمسه سوء الا مايُعبرنى بلاول ،،
ولكن عند شرطنا.. لا تيجي عليه ولا تروح، والك اعليا اسلمك شاب مافي منه بكل القبايل..
محمود : وانا جايبه يامنصور وعارف ان مفيش مكان أءمنله من هنا.. ولا حد فالدنيا ممكن يخاف عليه ويحميه زيي ويمكن اكتر مني غيرك..
قالها وابتسم لمنصور وهز له منصور رأسه مؤيدا، ثم ابتعد عن السيارة،
لينطلق بها محمود،، بعد ان نظر نظرة اخيره الي ابنه يتودع منه،، وكاد قلبه ينفطر وهو يراه قادما من بعيد نحو السيارة يجري ويصرخ،، ولابد ان يبتعد عنه قبل ان يصله،،
وها هى صرخات عايده تهز اركان السيارة رداً على صرخات وليدها،،
وزلزلت قلبه وهي تتخبط وتنادي علي وليدها بكل مااوتيت من قوة،، فها هي تحرم للمرة الثانية من فلذات اكبادها، مرة بالموت، ومرة بالفراق، وفي الحالتين الشعور قاتل..
اما آدم فوقع يلهث على الارض بعد ان جري وصرخ كثيرا مناديا علي امه وابيه مترجيا لهم ان ينتظراه ،، وهو يراهم يبتعدون عنه تاركينه وحيدا في هذا المكان الغريب، فهرول اليه قصير وقام بحمله من وسط الرمال الساخنه،،
ووصل اليهم منصور وأشار لقصير بأن يتبعه الي الخيمه باالصغير،،
فنفذ قصير وتبعه حاملاً من تعلقت عيناه بحيث اختفى والداه وشهقاته تتوالى وتمنعه حتي من التنفس جيداً،، وهو ينتظر عودتهم فى اي لحظة فقد صور له عقله الصغير بأنهم نسوه ليس الا، وسيعودون قريبا لأخذه..
ولم يكن يعلم ان النسيان سيستمر لسنوات طويلة سيتعب من عدها لاحقاً
تصنيف الرواية
رومانسي، اجتماعي
السرد
باللغة العربية الفصحى
الحوار
بالعامية المصرية
❈-❈-❈
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ