-->

الفصل السابع والعشرون - ظلام البدر - دجى الليل

  

الفصل السابع والعشرون

حاول أن يتخلص من تلك الرغبة الجامحة في أن يتملكها تحت أي مسمى وبأي ثمن كان، حتى لو كان الثمن أنه سيغفر لها خيانتها مع كريم!

أيُعقل أن فتاة مثلها قد تسرق رجل من زوجته وأُسرته؟ أيُعقل أنها استغلالية؟ لا يبدو عليها ذلك، لقد رآها أمامه بمنزله طوال النهار، لقد درس تصرفاتها الطفولية، لقد كانت أسفله منذ دقائق وأكتشف براءتها بيديه وعيناه اللتان لن يكذبهما، لقد رآى جيداً ما يُثبت بكارتها، لقد شعر حتى بعُذرية قبلتها.. هي لم تبادله، نعم تشعر بالرغبة وقد رآها تتضح عليها وأستسلمت له ولكن لم تفعل شيئاً واحداً يدل على أن تلك الفتاة كانت مع رجل قبله!!

لمساتها لم تكن تدل على لمسات إمرأة تمتلك خبرة، لقد كانت مشتتة أسفله بمنتهى الشبق الشديد ولكن بطفولية.. هي حتى لم تلمسه ولم تعانقه، حتى نظراتها كانت مرتبكة وخائفة وخجولة ليس إلا..

تذكر كل كلماته لها واتهماته الباطلة بمعاشرتها لكريم!! أظلمها كل ذلك الحد؟ أحقاً افترى عليها لمجرد ظن خاطئ؟ خلل شعره الفحمي ومسح على وجهه وهو يحاول أن يجيب على تلك الأسئلة التي وجهها لنفسه.. ماذا سيفعل إن وجد نفسه مخطئاً؟! كيف حتى سينظر لتلك الزرقاوتان؟ لم يظلم أحد بحياته، لم يقع بموقف مشابه، واللعنة تلك الفتاة أصبحت تجري مجرى الدماء بعروقه!! لا يدري كيف يمرر يوماً دون أن يرى وجهها البريء!

زفر في آلم وتشتت، لقد سمعها وهي تُخبر كريم بأن يترك أخته.. ماذا كانت تعني وقتها إذن؟! كيف كان عليه التصرف؟ أكان عليه أن يجلس ويستمع لها فقط؟ ماذا لو كانت تدعي أو تكذب!!

وماذا عن تشبيهها له بيُسري؟ أيمكن أنها عادت إليها ذاكرتها وأكتشفت الآن ما فعله بها؟ كيف سيتحدث معها الآن؟ كيف حتى سينظر إليها لو أكتشفت حقيقته الشنيعة وعذابه الذي عذبها به؟

"كفاية بقا!! حرام اللي بيحصلي ده!" تمتم في آلم من كل تلك الأفكار التي لا تتوقف عن العصف بعقله ثم دلف أسفل المياة الباردة وهو يتذكر ملامحها وخجلها وإنعدام خبرتها منذ قليل لتلين شفتاه في ابتسامة عذبة ولكنه لم يكن يرى نفسه.. فتلك الإبتسامة لم يبتسم من قبل مثلها إلا عندما يُفكر بنورسين!

لقد كانت تتقبل كل ما يفعله إلي أن اعتلاها بتلك الطريقة واقترب من إتمام علاقة كاملة معها، لماذا تذكرت يُسري؟ ألهذا الحد هي بريئة للغاية؟ ألهذا الحد هي لا تعرف ولا تعلم شيئاً عن علاقة الرجل مع المرأة؟ أم اندفعت الذكريات السوداء بهذا العقل البريء؟

أغبي هو أم ماذا؟! أيُمكن أن تكون فتاة بمثل تلك السذاجة والبراءة بعالمنا الحالي؟! لا لا، فقط عقله يصور له ذلك لحفنة المشاعر التي واجهها منذ قليل! بالطبع تعرف كل شيء بين الرجل والمرأة وهذا فقط فعلته لأنها أول مرة لها مع رجل، ولكنه يتخيل ذلك ليس إلا.. زفر في حيرة وسأم وهو لا يعرف كيف يسيطر على عقله وماذا عليه أن يُصدق.. عقله الرافض لتلك الفتاة أم مشاعره التي تجعله منصاعاً لسحرها الذي لا يستطيع مقاومته!

هو يُريدها ويُصدقها ولكن شيء ما، شيء ما لعين داخله يجعله يتوقف، وكأنما هناك بداخله شيء يجذبه بعيداً عنها وهو يتجاوب معه، أسيدع شيئاً سخيفاً يبعده عنها؟!

لن يستسلم لنفسه ولن يستسلم لذلك الصراع بداخله، هو يتأكد أنه يريدها، وليذهب كل شيء آخر للجحيم، لن يكترث لأي شيء سوى وجودها بجانبه حتى لو كان عليه أن يخفيها بعيداً عن أعين الجميع، سيبدأ معها كل شيء من جديد وسيزيل شعور الإرتباك والخوف منها للأبد.. سيزيل حاجز الخوف ومن حظه أنها تناست كل ما حدث بينهما.. سيجعلها له حتى لو كلفه ذلك أيامه القادمة بأكملها وسيتأكد بكل الطرق الممكنة من خيانتها بأي شكل كان وأكمل تفكيره بصراعه ذلك الذي لا يستطيع التخلص منه..

--

"حجزتيلهم وسافروا!! وكمان شاهندة وجوزها؟!" ردد بغلٍ شديد وغضب

"في حاجة يا Mr. كريم؟!" تسائلت رنا بتعجب وهي تعلم بمدى قرابتهم، فلماذا يسألها بذلك الشكل عنهم؟! ليلتفت لها وهو لم يلاحظ حقاً أن نطق ذلك بصوت مسموع لينظر لها في غضب ملحوظ

"ازاي يسافر دلوقتي.. ده الـ Audit (فحص يعني ومراجعة) الإسبوع ده.. ازاي ينسى" لم يدرك كيف آتى له هذا الفكر فجأة هكذا

"طيب تحب أبلغه؟"

"آه بلغيه.. وأنا هاحضر الباقي مع هديل وزياد" أخبرها بإقتضاب ثم توجه للخارج وهو يتمنى بداخله أن صديقه بتلك اللجنة لا يزال موجوداً حتى يأتي..

لن يدع تلك الفتاة تنتصر عليه، هو يريدها بأي ثمن، سيكون رغماً عن آنفه وآنفها وآنف الجميع، سيتصرف بكل شيء فهو لطالما فعلها

"حبيبي عامل ايه؟ نسيتونا ولا ايه؟!" تحدث بهاتفه بنبرة مغايرة تماماً لنبرته منذ قليل

"لا بردو يا كريم باشا ننساكم ازاي"

"عايزة أقولك الدنيا معكوكة وحاسس إن المشاريع مش تمام.. ما تيجي تلقي نظرة كده.. مش عايز تاخد بطارك من بدر الخولي ولا ايه؟ ده كل الناس فاكرة كويس لما طلع قدامكم زي الشعرة من العجينة"

"يا عم أنت مش جوز أخته؟ أنت بتعمل في الراجل كده ليه؟" ضحك الطرف الآخر على الهاتف

"ما أنت عارف أنا مبحبش العك.. وهو فاكر إنه بقا خلاص أحسن حد في الدنيا ومفيش زيه، وبيبني وبينك كل ما أقوله على حاجة يرفضها.. يمكن لو جت منكم ينخ شوية بدل ما هو متفرعن كده!"

"ماشي يا سيدي.. عنيا.. يومين كده ونبقا عندكم!"

"تمام واحنا هنستناك"

أنهى مكالمته وهو يتنهد في حقد وفكر بأن يتحدث ليُسري ولكن تلك المرة لن يكون هيناً معه أبداً!!

--

لف المنشفة حول خصره بعد أن تناسى ذلك الشعور وتوجه دالفاً للغرفة ليرها لازالت على نفس حالتها وما إن سمعته حتى قربت تلك الأغطية منها وحاولت ألا تنظر له ليقترب هو منها جالساً على السرير لتشعر هي بالإرتباك والتوتر بل والخوف لتذكرها العديد من تلك الكلمات التي لا تنفك تنفجر برأسها وابتعدت قليلاً بجسدها ولكنه تلمس يدها في لطف وهي لا تزال تنظر بعيداً عن عيناه التي تموت خجلاً بمجرد فكرة أن عيناها ستلاقي خاصته!

"ايه.. قاعدة كده ليه؟!" همس وهو يتفحص وجهها الذي تحول للحمرة من مجرد كلمات بسيطة ولكنها لم تجبه وابتلعت بتوتر"بصيلي" آمرها لتفعل بعد ثوان بصعوبة

"مكسوفة من اللي حصل؟" حدق بعينيها لتزداد حمرة وجهها وأشاحت بنظرها بعيداً عن عتمة عينيه الثاقبتين وتعالت أنفاسها وهي لا تدري بما تُجيبه ليبتسم هو لملامحها البريئة..

"أنا.. أنا مش عارفة.. أنا بحاول أفتكر وزي ملامح بتيجي في راسي.. وبعدين اللي عملته معايا ده.. ده يعني حضرتك.." حمحمت وهي تتلعثم وتحدثه بمنتهى الصدق "أنت مش فاهم أنا صحيت رجعت براسي سنتين ورا ومش فاكرة حاجة و.. وأنا ساعات بحس إني مرتاحة معاك وساعات بخاف منك.. ومنين احنا متجوزين ويعني.. يعني.. مبننامش في سرير واحد وليه اتجوزنا بسرعة بعد موت ماما.. أنا مش فاهمة حاجة ومش متعودة إن راجل غريب يكون معايا وراسي بتوجعني دايمًا" انهمرت الكلمات في تأتأة من بين شفتيها وهي تنظر له في حالة انهيار شديدة ليتنهد هو وحاول أن يُطمئنها

"اهدي يا نورسين.. بكرة هتفتكري كل حاجة واحدة واحدة زي ما الدكاترة قالوا، انتي بس لازم توظبي على الأدوية والجلسات اللي بتروحيها.. وبالنسبة لإنك مش متعودة على وجودي، أي راجل ومراته بيحصل ما بينهم كده، وأكتر من كده كمان بس أنتي اللي مخلتنيش أكـ.."

"لأ لو سمحت!!" قاطعته ونهضت جالسه على ركبتيها وتساقطت الأغطية ليرى تلك الفتنة تهتز بعنف لحركتها تلك وابتلع وهو ينظر لتلك الصغيرة التي أشارت له بسبابتها في تحذير "أنا مش عايزة أسمع حاجة عن اللي حصل.. ومش هاتعمل قلة الأدب دي معايا تاني.. كفاية بقى قلة أدب! لو سمحت حضرتك أنا مبحبش كده" صاحت هي في طفولية وملامحها جادة بطريقة جعلته يندهش ويبتسم بآن واحد

"قلة أدب.. فين دي؟!" سألها بين ابتسامته وهو يتفقد ملامحها التي لم يرى أجمل منها من قبل

"ايوة.. كل شوية تعمل حركات غريبة، ومرة تدخل الحمام معايا وتخليني استحمى قدامك وتلعب في جسمي.. وبتفضل قاعد من غير T-shirt قدامي.. ومن شوية عملت معايا حاجات قليلة الأدب.. أنا زهقت وبحذرك!! أنا مش بعمل الحاجات دي علشان أنا محترمة.. لو مبطلتش هـ.." تسارعت أنفاسها في انفعال وهي تنظر له ببراءة

"ايوة!! هتعملي ايه بقا؟!" عقد ذراعاه وهو يشاهدها بإبتسامة

"هـ.. هـ.. هاعمل كتير.. أنا ممكن أ.. اوف" صاحت بحنق وهي لا تدري ماذا حقاً تستطيع فعله معه وهو دائماً ما يخيفها بغضبه لتتحول ملامحها للحزن ليقترب هو لها لتصيح في رعب

"لأ لو قربت مني أنا هـ.." توقفت عندما وجدته يُقبلها من رأسها ويُربت على شعرها

"قومي استحمي والبسي عشان هنخرج نجيب حاجات" قاطعها لتندهش لمعاملته "وابقي البسي حاجة دايماً" أومأ لمفاتنها التي تناست أنه يشاهدهما يوضوح لتتسع زرقاوتيها في صدمة ثم وضعت كفيها الصغيران على وجهها لتُخفي إحراجها لتتعالى هو ضحكته مما تفعله تلك الصغيرة!

"بطلي قلة أدب بقا" همس بقرب أذنها ثم قبل احدى كفيها بغتة لتشهق هي في إحراج ونهضت تلم الشراشف حول جسدها لتخفيه من عيناه وانتقلت للحمام على الفور دون أن تنظر له..

أمسك بيدها التي ارتجفت بين يده ليلمحها بطرف عينه وهو يرى الإرتباك والخجل جليان عليها.. توجه بطريقه معها وهو يشعر بالسعادة وهو يسير معها هكذا بمنتهى البساطة.. هكذا هي، دائماً بسيطة ثم تأتي بنظرة من عيناها الساحرتان حتى تُصعب كل شيء عليه

لم ينس أياً من كلماتها، سترتدي الآن ما يراه لائقاً ومناسب، لن يُخاطر أبداً بإطلاق وحش غيرته العمياء، فهو قد يقتلها يوماً ما إذا وجد رجلاً ينظر لها بأي شكل من الأشكال..

توجها لأحدى المحلات التجارية وأخذ يختار لها العديد من الملابس وثياب البحر التي أقتنع أنها لا تكشف الكثير من جسدها الذي يأجج شهوته بعنف..

تنهد بينما أنتظرها لترتدي كل تلك الملابس حتى يراها عليها وتحصل على رضاءه، شرد في تلك الإبتسامة التي لمحها عندما قاما بالتجول واختيار تلك الملابس وعيناها التي جالت هنا وهناك في حماس لإكتشاف تلك الأماكن التي كانت جديدة عليها تماماً لتواجدها ببلد آخر..

شعر بالندم داخله وهو يُفكر كيف له أن يفعل بها كل ما فعله!! لو لم تكن تلك هي الفتاة البريئة لكانت فعلت الكثير!! فكر كيف له أن يُسامح نفسه لو أخطأ بحقها ولم تكن بعلاقة مع كريم؟! لربما أقنعها هو بحبه لها وهي أحبته؟! أي أنه لم تحدث بينهما علاقة ولكن تُحبه وأرادته أن يُطلق أخته ويتركها؟!

يتمنى لو يتوقف عن التفكير.. لا يستطيع أن يجيب تلك الأسئلة التي تنهال على عقله!! لقد سأم هذا حقاً.. إلي متى سيظل بهذا الصراع المرير؟! وهل حقا استعادت بعضا من الذكريات بعقلها؟!

"Oh dios, mio que chica"

فاق من شروده على تلك الكلمة التي خرجت من احدى الرجال ليسحق أسنانه في غضب عارم وتوجه نحوه ليدعه يعرف أن تلك "الفتاة" التي أُعجب بها للتو لديها زوج!

"eh, soy el marido de la chica, ¿hay algo que necesites"

تحدث له بالإسبانية ليدعه يرتدع وهو ينظر له في غضب شديد عاقداً حاجباه وعينا المُحذرتان قد أشعرت الرجل بالخوف ليتعجب الرجل لغضب بدر الدين الواضح

".perdón, pensé que ella está aquí sola"

أعتذر الرجل بلباقة وهو ينظر لبدر الدين في خوف وأخبره أنه ظن أنها وحدها هنا بينما حمحمت نورسين وهي لا تريد أن تتحدث له وهو غاضباً ليومأ لها عاقداً حاجباه لتتعجب هي لماذا حدث الرجل بذلك الشكل؟

"يالا هاتي كل الهدوم عشان نمشي.." صاح بحنق لها لتومأ هي بإقتضاب وهي تطلعه بزرقاويتيها في ارتباك وفعلت ما آمرها به حتى توجها ليخرج بطاقته ويحاسب على تلك الملابس وأمسك بيدها وتوجها مغادران المحل..

جلسا بأحدى المطاعم التي طلت على البحر مباشرة وبدر الدين لا يزال يشعر بالغضب من ذلك الرجل، لماذا لم يلكمه؟ لماذا لم يُخرج ذلك الغضب عليه؟ ظل مُحدقاً بزرقة تلك البحر أمامه وهو يحاول أن يسيطر على غضبه مما حدث!

فكرت هي كثيراً بأن تبدأ الحديث معه، ولكنها تخاف من أن يغضب عليها هي.. لا تدري ماذا به؟ لم تفعل له شيئاً.. ولكن عليها أن تعرف.. لقد سأمت غضبه ذلك ولن تنتظر أكثر من هذا!

"هو.. هو أنت مضايق ليه؟!" همست سائلة وهي تدعو بداخلها ألا يغضب عليها

"مسمعتيش الزفت ده قال ايه؟!" تحدث في غضب صارراً أسنانه بعد أن نظر لها بتلك الثاقبتان عاقداً حاجباه

"أنا.. معرفش أسباني خالص" زفر في حنق وضيق "أنا بحب الفرنساوي، وأعرف إنجليزي طبعاً.. لكن أسباني لأ!" استمع لما تقول وهو ينظر لها ولا يدري ما عليه فعله بتلك الفتاة التي أصبحت أكبر مشاكله

"ماما.." توقفت عن الحديث لبرهة عندما تذكرت إخباره لها بأنها ماتت ثم تابعت "ماما الله يرحمها كانت دايماً شايفة الألماني مهم عشان كده اتعلمته عشان خاطرها.." شردت بإبتسامة وبدا أنها تتذكر أمها وذكرياتهما سوياً "وهي اللي علمتني فرنساوي.. وحشتني أوي ونفسي أشوفها.." تجمعت الدموع بعينيها لتجده يُمسك بيدها

"لما نرجع هخليكي تزوريها" همس لها وقد تناسى غضبه تماماً

"بجد؟!" توسعت زرقاوتاها في حماس وتناست تماماً لمسته ليدها بتلك الطريقة فأومأ لها بالموافقة وهو سعيداً بردة فعلها وتلك الإبتسامة التي لأول مرة ترتسم على ثغرها بسبب شيء ما يقوله لها وظل ينظر لملامحها المتهللة وهو يسأل نفسه ماذا فعلت به تلك الفتاة!! "شكراً اوي بجد مش عارفة أقول لحضرتك إيه!" ابتسمت له لتتحول ابتسامته ليضحك هو في تهكم

"مش هتبطلي تقولي حضرتك وتكلميني برسمية ؟!" ارتبكت هي ثم أشاحت بنظرها للأسفل لترى ملامسته اياها ويدها تستقر بيده فجذبتها بخجل

"امال أقولك ايه يعني؟" تسائلت وهي تشعر بالإحراج ليبتسم هو لخجلها

"هي اللي متجوزة بتنده جوزها بألقاب ولا بتناديه بإسمه؟"

"بتناديه بإسمه.. بس.. بس أنا معرفكش وشكلك كبير و.. مش عارفة أعمل ايه وأنا مش عارفة يعني الجواز ده ازاي جه فجأة زي ما حضرتك بتقول" تحدثت بمنتهى العفوية ليغضب هو لما سمعه منها ونوعاً ما جُملتها أنعشت العديد من الذكريات المؤلمة برأسه ليعود لعقد حاجباه وترك يدها ثم مسح على وجهه وهو لا يدري أسيطلقها فعلاً وسيتركها بعد سنة، أم إنه لن يستطيع فعلها!

--


شعر بإنتظام أنفاسها بعدما أقنعها بأنهما عليهما النوم بجانب بعضهما البعض وأخذت الكثير من الوقت حتى تخلصت من ارتباكها الزائد وذهبت في النوم.

نظر لجسدها الذي كاد أن يسقط من على السرير وهي مبتعدة عنه ليبتسم على تلك البراءة التي لم يرها بفتاة مثلها.. فحتى ليلى لم تكن هكذا..

تنهد في حزن وآلم وأغلق عيناه متذكراً ليلى فنهض وتوجه للخارج ليتمشى قليلاً عله يستطيع التحدث معها مرة أخرى مثلما أعتاد دائماً..

"أنا منستكيش يا ليلى ولا أقدر أنساكي.. بس مش عارف البنت دي بتعمل فيا ايه؟ عنيها وضحكتها والطاقة الرهيبة اللي جواها ببقا واقف مبلم قدامها ومبقتش عارف اتحكم في نفسي لما بشوفها قدام عيني.. مش عارف إذا كنت اللي بعمله معاها ده صح ولا غلط؟ ومش عارف إذا كانت فعلاً معملتش حاجة ولا بتخدعني؟ أنا حاسس إني تايه أوي ومحتاجك.. محتاج أحكيلك على حاجات كتير.. تفتكري يا ليلى لو أنا كنت ظالمها طول الوقت ده ممكن تسامحني؟ يمكن علشان نسيت اللي حصل الأمور ما بيني وبينها هادية اوي؟ ممكن أنا أسامح نفسي أصلاً؟ ده أنا اللي عملته فيها معملتوش مع أي حد، وهي مش فاهمها، يمكن عشان صغيرة ولا هي نفسها مش فاهمة.. أنا تعبت أوي وطول الوقت حاسس إني مش عارف حاجة ولا عارف ابتدي بإيه ولا مين اللي غلطان، أنا ولا هي ولا كريم الكلب ده.. نفسي بس ارتاح لو مرة واحدة في حياتي.. ليه يا ليلى سيبتيني لكل ده؟!"

تمتم هامساً بآلم ثم أشعل احدى سجائره وجلس يتذكر تلك الأوقات التي كان يلجأ لها بها وذلك النسيم يعبث بشعره الفحمى لينظر لتلك السماء القاتمة التي شابهت روحه..

لقد كانت دائماً تستمع له، تناقشه بكل شيء، وحتى لو لم تستطع المساعدة كانت تحتضنه ليشعر هو بالخلاص من كل ما يعاني وكأن بمجرد ملامستها له تمتص كل تلك الآلام منه وفجأة يشعر بأنه أفضل.

دمعت عيناه في حزن وهو يتذكرها بينما شعر بتشتت شديد لينهي سيجارته التي ألقاها بمنفضة جانبه ثم آخذ يسير مجدداً وهو يخلل شعره في تفكير ليشعر بعدم القدرة على التصرف في كل ما يواجهه..

تفقد هاتفه بجيبه فهو لم يعرف أي شيء عن العمل الذي تناساه طوال اليوم ليرى احدى الرسائل من رنا بل وتذكر أنه لم يتفحص بريده الإلكتروني، ووجد الرسالة تخبره بحضور المراجعين لفرع الشركة الرئيسي ليتمتم في ملل متآففاً

"أهو ده كمان اللي كان ناقص.."

توجه لغرفته بعدما أرسل لرنا حتى تغير تاريخ العودة لأقرب موعد ممكن لهم جميعاً فهو بالطبع سيحتاج وجود حمزة بجانبه وشاهندة كذلك وبالتأكيد لن يترك نورسين وحدها هنا.

أعد حقائبهما سوياً ليبتسم في غير تصديق وهو يرى أنه من يعد لها أشياءها ثم تفقد تلك الملامح الملائكية النائمة ليقترب منها يتفقدها في شغف والعديد من الإستفهامات تتردد بداخله ليشعر بالضياع والتشتت مجدداً..

أفاقه من شروده بها ما وصله على هاتفه لتأكيد حجز المواعيد غداً صباحاً في العاشرة ليتوجه خارج الغرفة ليخبر كلاً من شاهندة وحمزة وطرق الباب عليهما لأكثر من مرة حتى فتحت شاهندة التي بدا عليها آثار النوم..

"ايه يا بدر خير.." همست بصوت ناعس

"معلش صحيتكوا.. فيه Audit الاسبوع ده.. لازم نرجع بكرة الصبح"

"ايه؟! Audit؟ ده مش معاده خالص.." تعجبت شاهندة التي بدأت نبرتها في العودة لطبيعتها

"انتي عارفة ملهومش مواعيد.. عموماً أنا غيرت التذاكر والطيارة بكرة الساعة عشرة.. يعني نكون في المطار على تمانية ونص كده" أومأت له في حزن لأنها كانت تنتظر تلك الإجازة بفارغ الصبر ولكن لم يمهلها القدر!

"يالا تصبحي على خير.."

"وأنت من أهله"

--

جلس الجميع بغرفة الإجتماعات وتوتروا وكل شيء كان على قدمٍ وساق، لم يستطع بدر الدين التركيز بكل شيء، تلك التي خلبت عقله يشاهدها على شاشة هاتفه بينما العديد من الأعمال المتراكمة سمعهم يتحدثون بها ويهمهمون حوله وهو بعالم آخر تماماً..

لا يستطيع إلا أن يُفكر بإبتسامتها، ملامحها، خوفها، براءتها المتناهية، ذلك الطعام الذي تبرع به، رسماتها المُتقنة، لم يعد عقله يُفكر بسواها..

شعر بخوفا مميتا ما إن تذكرت وخسر كل ما يحيا به وتلك المشاعر الذي تيقظت بداخله وقد ظن أنه لم يعد يشعر بمثل تلك الأحاسيس ولكن آتت تلك الفتاة لتبرهن له أن مخطئ تماما

"بدر.. أنت معانا؟!" صاحت شاهندة في تعجب لعدم تركيزه معهم ورفضه لترك مكتبه بينما جلس الجميع على طاولة الإجتماعات وزاد كثرة تحديقه بشاشة حاسوبه على مكتبه بينما تآففت هديل ليومأ لها بإقتضاب ولكنه لم يلاحظ ذلك الذي خطط بمنتهى الدناءة لكل شيء وهو يتناول مفاتيحه المتروكة على طاولة الإجتماعات وأخذها بخِفة ليخفيها بأحدى جيوبه ثم استأذن فجأة من الجميع متحججاً بإتصال وصله من احدى المواقع.

قرر بدر أن يدع هاتفه جانباً وآخذ يستمع لحمزة الذي يؤكد له أن كل شيء بخير وأنه ليس عليه أن يقلق فالحسابات مطابقة وكل شيء يبدو منضبطاً فقط يتبقى العهد البسيطة بخزينات المواقع الشركات ولن تأخذ مراجعتها وقت يُذكر.

أكدت له هديل أنها لن تدع الزوار المختصين بالمراجعة دون التجول معهم بنفسها حتى ولو أرادوا التجول بكل المواقع فهي مستعدة تماماً لذلك كما أنها ستتأكد من حركة المخازن بنفسها.

"خد دول تطلعلي عليهم نُسخ في ثواني وتكون قدامي.." همس كريم لأحدى العاملين بالشركة الذي أومأ له في تفهم واحترام وتوجه على الفور ممتثلاً آمره بينما كريم ابتسم في تهكم وهو يقترب مما أراده منذ شهور.. "أما نشوف بقا يا عيلة.. أنا ولا بدر بتاعك" تمتم بداخله وظل منتظراً لمن أرسله ليصنع له نسخة على مفاتيح بدر الدين.

--

زفر في إرهاق وخلل شعره الطويل في ضيق.. لم يمر سوى ساعة وها هو يشعر بالسأم من كل ذلك، يشعر نوعاً ما بالإمتنان لمغادرة كريم المفاجأة لأحدى المواقع.. لقد أصبح لا يريد النظر بوجهه ويتمنى لو يتخلص منه، لولا فقط أنه زوج أخته وأباً لهؤلاء الأطفال لما تركه للحظة بجانبهم!!

توجه ممُسكاً بهاتفه عندما نهض الجميع لإستراحة بسيطة وكأنه ود لو يفر ليتواجد معها، تلك التي أججته بالإشتياق لها، لم يعد يريد أكثر من رؤيتها طوال الوقت حتى لو كلفه هذا كل ما يملك سيفعلها ليبقى بجانبها دائماً.. فكر بأن يتحدث إليها ولكنه تذكر أنه يتم إرسال كل ساعة من التسجيلات إلي بريده الإلكتروني فذهب ليتفقده..

فتح شاشة حاسوبه وهو يتفقد آخر التسجيلات المُرسلة إليه ليُمتع نظره من تحركاتها العفوية في له شديد وابتسامه لم تغادر ثغره بينما وصله مكالمة من احدى الحراس ليُجبها في ثوان

"بدر بيه.. جوز اخت حضرتك جه وقال إنه هيوصل حاجة وماشي على طول" جحظت عيناه عندما استمع لذلك ليوصد حاسوبه قاطعا التيار عنه ثم هرول للخارج بسرعة..

دلف بسيارته ثم انطلق بسرعة ذاهباً لكليهما، فهو الآن سيكتشف كل شيء، إمّا براءتها وإمّا خداعها!!! ولكن أليس عليه أن يُبلغ الحراس بضرورة تواجدهم بسرعة مع نورسين.. أيشعر بالخوف عليها أم أنه يتمنى أن يكتشف ما إن كانت تخدعه طوال تلك الفترة الماضية؟!

يشعر بالخوف الشديد، لا يدري هل خوفه هذا لأجلها من أن يؤذيها كريم، أم منها ومم سيكتشفه وسيعرفه عن براءتها، أم خائف من نفسه ومما سيفعله؟! ماذا إذا كانت تخدعه كل هذا الوقت هو أيضاً؟ أوقع بحب تلك الفتاة؟

لا يدري ما الذي يُفكر به بمثل تلك اللحظة وشعر بالتشتت الشديد ولكن عرف أنه يجب عليه الوصول الآن وإلا قد يحدث مالا يُحمد عقباه!!

"حد بسرعة يروح يوقف تحت الأوضة ولا المكان اللي فيه نورسين وكريم وتسمعلي كل كلمة بالحرف بتتقال وأعرفها على ما أجيلك!! بسرعة" صاح في هاتفه بعد أن واتته تلك الفكرة فالتسجيلات مرئية فقط ولا يستمع لأي أصوات بها!!

"أنت مين!!" صاحت في تعجب بعد أن التفتت بسبب استماعها لتلك الضحكة الغريبة التي اختلفت عن ضحكة بدر الدين

"ايه يا حلوة.. فكرتي لما تتجوزي بدر الدين بيه هسيبك ولا هيحميكي مني؟" ابتسم نصف ابتسامة في خبث ثم بدأ في الإقتراب منها

"أنت.. أنت دخلت هنا ازاي؟! انت مين أصلا؟" صاحت في خوف وحاولت الإبتعاد عنه آخذة خطوات للخلف وأنفاسها بدأت في التعالي في وجل

"مش مهم دخلت ازاي.. المهم انتي عملتي كل ده ازاي.. مش كان ما بيننا اتفاق؟! وبعدين كده يا نور عاملة نفسك متعرفنيش.. للدرجادي بدر نساكي أنا مين؟" ضيق عيناه في ابتسامة وهو ينظر لها بخبث فشعرت بالإرتياب منه

"أنا.. أنا.. أنا والله ما أعرف أنت مين؟ وازاي دخلت هنا!! أرجوك لو سمحت متقربش أكتر من كده، أنا معرفش حضرتك" حدثته في ارتباك وهو يقترب نحوها

"ده أنتي طلعتي شاطرة أهو وبتعرفي تكدبي.. بقى متعرفنيش؟!" حدثها في غير تصديق ضاحكاً في سخرية

"صحيح.. خطة ذكية.. تتجوزي بدر الدين، تطلعيلي بقرشين حلوين، وتبعدي عن جوز أمك الوسخ.. وفي نفس الوقت تفضلي قريبة من شاهندة ونجوى!! واهو راجل مش متجوز ومش هتقابلي مشاكل معاه.. لا بصراحة برافو عليكي، عرفتي تلعبي على الكل!!" صفق بيديه لتشعر نورسين بالوجل الشديد من طريقته الغريبة وهي لا تدري ما الذي يتحدث عنه ذلك الرجل

"ما قولتلك اني هديكي اللي نفسك فيه وهعيشك مش ناقصك حاجة بشرط محدش يعرف.. قولتلك إني بحبك.. قولتلك إني عايزك في الحلال.. كنتي عايزة ايه تاني أكتر من كده؟ بدر احسن مني في ايه عشان تختاريه هو وتسيبيني أنا.." تحدث في غل وحقد شديدان بينما نظرت له مشدوهة بما تسمعه منه

"أنا مختارتش حاجة.. ومعرفش والله أنت مين ولا بتتكلم عن إيه، أنا مش عارفة أتجوزت ازاي، أنا بجد مش فاكرة" صاحت بصدق وتوترت بشدة وهو يقترب منها بينما تحاول هي الإبتعاد عنه وتذكرت كل ما حدث منذ استيقاظها ذلك اليوم الذي وجدت نفسها به مع رجل غريب يدعي أنها زوجته

"لو سمحت امشي أطلع برا، أنا، أنا معرفكش ومعرفش أنت بتقول إيه، يا إما هندهلك الـ Security يطلعوك برا!!" تعالت أنفاسها وهي تصرخ بوجهه

"لا تصدقي خوفت" ضحك بكل ما أوتي من قوة وأقترب منها لتشعر هي بالخوف وحاولت الجري لغرفتها حتى توصدها عليها ولكنه تابعها حتى لحقها ودفع الباب حتى سقطت هي أرضاً ونجح في فتح الباب لينظر لجسدها المستقر على الأرض بوقاحة

"ودلوقتي بقى وريني هيطلعوني برا ازاي" انخفض ليقترب منها ليعتليها وهي مستقرة أرضاً

"ابعد عني.. أرجوك كفاية كل اللي بتعمله وتقوله، أنا معرفكش" صرخت وهي تبكي ولكنه لن يتوقف لأي سبب كان..

"أنتي لسه هايحصلك.. لما بدر بيه يشوفك في حضني ويعرف إني نمت مع مراته" تحدث بأنفاسه المتلاحقة وهو يحاول أن يُقبلها رغماً عنها لتحاول هي تحريك رأسها يميناً ويساراً لتتفادى قبلاته القذرة وتدفعه بكل وا أوتيت من قوة لتبكي رغماً عنها.. وفجأة عادت آلام رأسها وشعرت بتشويش عندما أقترب منها وبدأت الذكريات المشوشة لتعود إليها لتتذكر من هو كريم

"مش عايز صوتك يطلع عشان لو حد عرف حاجة هنتفضح احنا الاتنين سوا، وفي الآخر أنا راجل وأنتي ست والكل هيشك فيكي مش فيا أنا وهيفتكروا انك انتي اللي سمحتيلي ادخل اوضتك في ساعة زي دي وهمّ نايمين!" آمرها بنظرة محذرة

"هشيل ايدي واسمعيني للآخر وبعدين قرري" تحدث لها ليخفض كف يده في بطئ بينما نظرت هي له في توتر وخوف من مفاجأته له بغرفتها في منتصف الليل وتثاقلت أنفاسها ليكمل هو

"وعموماً أنا جايلك في حاجتين.. الأولانية إن جوز امك بيخطط لحاجة مش سهلة وواضح عليه إنه انسان طماع ومادي جداً ومش بعيد يبيعك للي يدفع أكتر" نظرت له والدموع كادت أن تنهمر من زرقاوتاها عند سماع كل ذلك عن يُسري الذي لم تتوقع أن يكون بهذه الدناءة

"الحاجة التانية اني هقدر احميكي منه كويس بس لو طاوعتيني وعرفتي تنفذيلي اللي أنا عايزه" تحدث في خبث وهو يتطلع ملامحها التي شرد بها لثوان ثم مد إبهامه ليتحسس شفتاها الكرزيتان في جرأة ليفرقهما ليشعر بأنفاسها المرتعدة الرقيقة.

"أنت.. أنت.. عايز ايه بالظبط؟" سألته هامسة في خوف

"يعني عايز اللي جوز أمك كان عايزه.." نظر لها في وقاحة يتفحص جسدها وساقيها المكشوفتان أسفل ذلك الرداء القصير ثم ابتلع وهو يتفقد ثدييها الظاهر بعضا منهما من ملابس النوم خاصتها في شهوة ووقاحة

"بس في الحلال طبعاً.. ولو اتجوزتيني محدش هيقدر يقربلك.. لا بدر ولا يسري وهنتجوز على سنة الله ورسوله وقدام الناس كلها، بس محدش هيعرف حاجة عن كل ده في البيت هنا!" أكمل بعد أن حدق بزرقاويتيها

"أنت اتجننت! اكيد اتجننت! أنت راجل متجوز ومراتك حامل وعندك أولاد، ازاي تفكر تفكير زي ده و..."

"هشششش.." قاطعها ليقترب منها لتشعر بالخوف وحاولت الابتعاد عنه حتى لامس ظهرها رأس السرير خلفها "أنا عارف إن شاهندة وحماتي بس اللي يعرفوا حقيقة اللي حصل في المستشفى، لكن تخيلي لو بدر الدين عرف.. مش بعيد يفكر إنك أصلاً عاملة مسلسل وحوار عليه ومتفقة مع يسري إن شاهندة تشوفكم بالطريقة دي عشان تيجي تعيشي هنا وبعدها بسهولة تدخلي العيلة هنا عشان تلهفي مبلغ محترم!" ابتسم نصف ابتسامة في خبث لم تلانمس عيناه لتندهش هي في صدمة وتوتر بنفس الوقت

"متفقة ايه.. ده كلام فارغ.. أنا.. أنا.. استحالة أفكر فيـ.."

"لو اتجوزتيني هدفع لجوز أمك اللي هو عايزه، وهبعدك عن قرف بدر.. فكري كويس وقرري وإلا بدر هيكون عارف عنك كل حاجة ومش بعيد يرميكي في الشارع بالذات لما يتأكد إنك متفقة مع جوز امك.. وساعتها يا إما الرجوع ليسري يا إما الشارع" قاطعها وهو ينظر لها بإبتسامة

"أنا متأكد إنك شاطرة وذكية وهتختاري صح.. متخلنيش مستني كتير.." نظر لجسدها بأكمله ثم مرر سبابته على فخذها المكشوف لترتجف هي للمسته وتحشرجت الكلمات بحلقها "تصبحي على خير يا قمري" نهض مبتسماً لتنظر هي له في احتقار ثم تركها وتوجه للخارج لتتبعه هي موصدة الباب بالمفتاح.

"حرام عليك.. ابعد عني.. أرجوك كفاية بقا اللي أنت بتعمله ده" صرخت به وبدأت قدرتها في التباطئ وهي لا تستطيع مقاومته خاصةً أنها تخيلت للحظة أن بدر الدين قد يرتاب بأمرها ما إن رآها معه.. فتلك الأحاديث التي اندفعت لرأسها في آلم مبرح وضحت كثيرا معنى تلك الملامح المخيفة التي لطالما تذكرتها على وجه بدر الدين وكانت تعصف برأسها من حين للآخر دون أحداث.. ثم عادت لتتذكر المزيد..

"... برضو.. هتقولي كده تاني..أنتي ليه مش عايزة تقدري إنك عايزك وبحبك.. أنا مبقتش بحب هديل، زهقت منها ومن حياتي معاها، إنسانة استغلالية وطماعة، أنا بحبك أنتي يا نور، كفاية بُعد عني.." شعر بالصدمة عندما سمع ذلك

"يبقا تسيبها، تسيبها وتبعد عنها، متفضلش معاها وتظلمها.. كل اللي بتقوله أصلاً مش مبرر إنك بتحب حد.. مينفعـ.." توقفت من تلقاء نفسها عندما رآت بدر الدين يحدق بعينيها بنظرة مرعبة جعلتها ترتجف وأقشعر جسدها بأكمله وتعالت نبضات قلبها وابتلعت بخوف تام!

شعرت برأسها تتهشم والآن أدركت لماذا تشعر بالخوف من بدر الدين، هو يظنها أنها كانت على علاقة بكريم إذن!! ولكن لا هي لم تفعل أي من ذلك!!

"بدر بيه، حضرتك لازم حد يجي يتدخل بسرعة.. هي بتصوت فيه وشكله كده هيتهجم عليها" استمع بدر الدين لواحد من رجال الحراسة الذي هاتفه

"خلاص أنا جاي.. ثواني وأكون عندك" أخبره وهو يشعر بالغضب الشديد مما سمعه وأنهى المكالمة

"يا وسخ يا حيوان!!" صاح بين أسنانه المتلاحمة وهو يقود بجنون.. لقد تبقى ثواني فقط حتى يصل منزله، تمنى ألا يعتدي عليها، تمنى أن يستطيع اللحاق بهما قبل أن يفعل بها شيئاً.. لو حدث لن يسامح نفسه أبداً..

ظل يتخيل صراخها وبكائها الذي هشمه آلماً هو الآخر، يشعر بالغضب.. لو فقط وصل سيقتل كريم بكلتا يداه ولن يدعه ليتنفس مجدداً..

أخيراً استطاع في الوصول ليدلف بسرعة ولكنه توقف من تلقاء نفسه قبل أن يتوجه نحو غرفتها وكأنما شُلت قدمه!! للحظة تذكر كل ما فعله بها وبكل ما اتهمه بها.. عرف أنه لن يستطيع النظر بتلك العينان ما إن واجهته بظلمه لها..

"نورسين.. نورسين" صاح بصوتٍ عالي النبرة وهو يتوجه نحو غرفتها وآخذ يتأنى قدر المستطاع حتى يغادر كريم وأخرج هاتفه

"نورسين أنتي فين؟!" صر أسنانه وهو يعلم أن ذلك الحقير على وشك المغادرة وسُيفلت دون أن يقتله بيديه "نورسين!" صاح مرة أخرى ليستمع كليهما له لتشعر هي بالفزع بينما توقف كريم وهو يحاول أن يلتقط أنفاسه المتلاحقة وتفقد الغرفة بسرعة بعينيه ليجد احدى النوافذ بها

"أنا هامشي دلوقتي.. بس في يوم من الأيام هخليه يشوفك وأنتي في حضني.. وبرضاكي يا نور!!" ابتسم لها ثم فر مذعوراً من صوت بدر الدين الذي سمعه يقترب منهما ولكنه لم يعلم أنه على علم بكل ما حدث لتنهض نورسين في خوف شديد من صوته الذي لأول مرة تسمعه يناديها بإسمها بهذه الطريقة، وهي تبكي وتحاول التوقف وتجفيف دموعها حتى لا يُلاحظ هو ولا تدري هل علم بدر الدين عما حدث وسمعهما أم ماذا سيفعل معها لو عرف أنها قد رآت كريم مجدداً..

"راقبوا الشباك من غير ما الكلب ده ياخد باله واوعوا يشوفكوا.. بيخرج منه ولا لأ؟" حدث بدر الدين احدى الحراس هامسا بهاتفه ليجيبه الطرف الآخر

"آه يا بدر بيه بيخرج أهو" أنهى المكالمة ثم عاد ليناديها

"نورسين.." ناداها مجدداً وهو كاد أن يبكي من فرط خوفه من مواجهتها فهو يعلم أنه لطالما كان جبانا ولكنه تحكم في سيطرته على نفسه وخاصةً بعد معرفته بمغادرة ذلك الحقير كاللص تماماً وآخذ يتوجه بخطوات يحاول ألا يُسرع بها لغرفتها أمّا عن شعوره بالخوف من النظر لعيناها ومواجهتها بعد كل ما عرفه فقد بعثره داخلياً لأشلاء وهو يُفكر ماذا سيفعل معها الآن!!..

يُتبع..

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث 

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس 

الفصل السابع 

الفصل الثامن

الفصل التاسع

 الفصل العاشر

الفصل الحادي عشر 

 الفصل الثاني عشر 

الفصل الثالث عشر

الفصل الرابع عشر

الفصل الخامس عشر

الفصل السادس عشر

الفصل السابع عشر

الفصل الثامن عشر

الفصل التاسع عشر

الفصل العشرون

الفصل الحادي والعشرون

الفصل الثاني والعشرون

 الفصل الثالث والعشرون 

الفصل الرابع والعشرون 

الفصل الخامس والعشرون

الفصل السادس والعشرون

الفصل السابع والعشرون

الفصل الثامن والعشرون

 الفصل التاسع والعشرون

الفصل الثلاثون

الفصل الحادي والثلاثون

الفصل الثاني والثلاثون

الفصل الثالث والثلاثون

الفصل الرابع والثلاثون

 الفصل الخامس والثلاثون

الفصل السادس والثلاثون

الفصل السابع والثلاثون

الفصل الثامن والثلاثون

 الفصل التاسع والثلاثون

الفصل الأربعون

الفصل الحادي والأربعون 

الفصل الثاني والأربعون 

الفصل الثالث والأربعون 

الفصل الرابع والأربعون

الفصل الخامس والأربعون 

الفصل السادس والأربعون